أساس العلاقة بين الشيخ والمريد | الدروس الشاذلية | حـ 24 | أ.د علي جمعة

الفرق بين طاعة المريد للشيخ الصوفي وطاعة المسيحي لرجل الدين بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. العلاقة بين المريد والشيخ كالعلاقة بين الابن وأبيه، كالعلاقة بين
التلميذ وأستاذه، فهي علاقة قائمة أساساً ليست على الطاعة إنما على الحب، ولذلك فعلى بقدر حب المريد وتعلقه بشيخه تتم هذه الطاعة. لو كنت تحبه حقاً لأطعته، إن المحب لمن يحب مطيع. فهناك فرق بين الطاعة التي هي الامتثال والتقيد بكلام الشيخ، وبين أن يفعل المريد هذا حباً في الشيخ، ثقةً في الشيخ، تجربةً مع الشيخ، ويرى أن كلام الشيخ إنما هو كلام يشابه. كلام الحكيم لتلميذه والأب لابنه، فهنا التشبيه بين العلاقة ما بين المسيح
وكاهنه أو قسيسه. إن كان يحبه ستكون العلاقة مختلفة، وإذا كان لا يحبه فإن العلاقة ستكون غير تلك العلاقة التي بنيت على الحب. هذا في كل الدنيا وفي كل العلاقات، ما كان مبنياً على الحب ففيه عفو فيه. تسامح فيه رحمة فيه طاعة فيه عدم ثقل لأنه يحبه، فهذه هي العلاقة بين المريد والشيخ، ينبغي أن تقوم أساساً على الحب. أما قضية الطاعة فهي قضية ثانوية، قضية ناشئة عن هذا الحب، وليست قضية هي مدخل هذه العلاقة. الطاعة ليست
مدخل العلاقة بين المريد والشيخ، ومن هنا... وكما أنها ليست العلاقة بين الأب وابنه مدخلها الطاعة، نرى أن الأب يعفو عن الابن في حالة المعصية. لماذا؟ لأنه رغم أنه لم يطع، فإنه لم يهدم بهذه المعصية العلاقة، لأن العلاقة أصلاً مبنية على شيء هو أوسع وأمتن وأسبق من هذه الطاعة وهو الحب. فكذلك افترض أن المريض قد خالفا أو لم يفعلا أو كسلا، فالعلاقة قائمة وقائمة على الحب لأن الحب دائم، أما الطاعة فبقدر ما استطاعا. اتقوا الله ما استطعتم.