أعمال تدخل صاحبها الجنة | أ.د علي جمعة | حديث الروح

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. استمرارا مع حديث الإمام النووي رحمه الله تعالى ورضي الله تعالى عنه، وقد وصلنا إلى الحديث التاسع والعشرين من أربعينه المباركة. عن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه وأرضاه قال: قلت يا رسول اللهم أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار، وكان الصحابة الكرام حريصين على هذا السؤال، وهذه الأسئلة رسمت
للمسلمين عبر التاريخ الإسلام في صورته الصحيحة كدين وكنظام أخلاقي وكدين رباني من عند الله رب العالمين لعبادته ولعمارة الأرض ولتزكية النفس، قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد سألتني عن عظيم وأنه ليسير على من يسره الله عليه، وذلك أن هذا السؤال هو المبتغى والهدف لكل إنسان يريد أن يدخل الجنة ويريد أن يدخل الجنة من غير حساب، يريد أن يرضي الله سبحانه وتعالى باعتبار أن الدنيا إنما هي دار للتكليف وللامتحان
وأنه يريد أن ينجح في هذا الامتحان. والله سبحانه وتعالى جميل ويسر على عباده سألتني عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه اعبد الله ولا تشرك به شيئا وأقم الصلاة وآت الزكاة وصم رمضان واحجج البيت ثم قال ألا أدلك على أبواب الخير التي تنفذ منها إلى الخير كله الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار وصلاة الرجل
في جوف الليل قال ثم تلا تتجافى جنوبهم عن المضاجع ثم قال ألا أخبرك برأس الأمر كله وعموده وذروة سنامه قلت بلى يا رسول الله قال رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد ثم قال ألا أخبرك بملاك ذلك كله بالمفتاح الذي تستطيع أن تفعل هذا كله بيسر وسهولة فقلت بلى يا نبي الله فقال فأخذ بلسانه الشريف صلى الله عليه وسلم وقال كف عليك
هذا يعني أمسك عليك لسانك يعني اللسان وما يتكلم به الناس فيقعون في الكذب في الافتراء في الغيبة في النميمة في شهادة الزور في البهتان في أقوال لا ترضي الله سبحانه وتعالى ولا يلقي أحدنا إليها بالا فتهوي به في نار جهنم سبعين خريفا، هذه مصيبة كبرى ولذلك أمرنا بالصمت وبالتدبر وبالبعد عن اللغو. كف عن هذا وأمسك بلسانك الشريف، فقلت يا نبي الله أوإنا لمؤاخذون بما نقول وبما نتكلم؟ فقال ثكلتك أمك يا معاذ، وهذه عبارة عربية معناها التفت
انتبه فإن ما تقوله خطير، ثكلتك أمك أي مت كما يقول أحدنا في لهجتنا العامية اليوم، يخرب بيتك وهي كلمة عربية معناها الحث، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم في رواية أخرى إلا حصائد ألسنتهم؟ نعم إن اللسان هو المدخل الصحيح لكي تصلي بالخشوع ولكي عبادا ربانيين تستعملون هذا اللسان في الذكر فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفروا، تستعملونه في الدعاء، في الأمر بالمعروف، في النهي عن المنكر، في العلم والتعلم. رواه الإمام
الترمذي في سننه وقال حديث حسن صحيح. فاللهم انفعنا بما علمتنا، وإلى لقاء آخر أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.