أفيقوا يرحمكم الله | الحلقة الرابعة | أ.د/ علي جمعة

أفيقوا يرحمكم الله | الحلقة الرابعة | أ.د/ علي جمعة - أفيقوا
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه. ومن السيرة، بناءً على أنهم قالوا هذه الرواية لا تثبت بقواعد المحدِّثين، هل هناك اختلاف بين المنهجين في السيرة والحديث في تناول الغاية أو الاحتجاج في أمور السيرة؟ ظهر في مثل هذه الأيام الأخيرة بعض... الناس لا يردّون الروايات التي تذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد وُلد مختوناً ومسروراً، بدعوى أن هذا لم يسجد، وهذا
يسأل عن توثيق السنة وتوثيق السيرة وهل هناك فارق بينهما. قواعد النقل واحدة سواء كان المنقول هو القرآن الكريم أو كان المنقول هو السنة من الأحاديث أو... المنقول كان هو السيرة النبوية الشريفة إلا أننا لاحظنا أن السيرة وكأنها تحكي مواقف وتحكي أحداثاً وتحكي حياة بخلاف السنة التي تحتاج عندما نقرأ الحديث أن نجمع
رواياته وأن نتأمل في راويه متى أسلم وأن نربط بعضها ببعض وأن نبحث عن أسباب ورود هذه الأحاديث وهذا أمر شاق تدرب عليه. الكبار من المحدثين كالنووي وابن حجر والسيوطي وأمثالهم والذي كرس نفسه للسنة المشرفة بكليته وجلس يدرسها لاحظ أن السيرة تفسر كثيراً مما في الحديث وأن الحديث بمفرده وحده قد لا يُفهم على مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومبتغاه،
ومثال ذلك مثلاً أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت تأتيه النساء يشكين الرجال في قسوتهم أو شدتهم على النساء، فكان النبي يأمر الرجال بأن يعاملوا النساء بالحسنى وبالرفق واللين، فكانوا يلتزمون بذلك، فتتمرد النساء على الرجال حتى يأتي الرجال يشكون من النساء أنهن قد غلبنهم. لقد غلبت النساء الرجال في الحياة ولم يعد
الرجل يستطيع أن يقود البيت. أو يأمر المرأة بشيء، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يبين للنساء فضل الرجال وفضل الزوج والأب، وهكذا ليصنع توازناً. في النهاية موجود هذا التوازن في القرآن: "خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة"، هذا هو الأساس، "إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون". فإذا نظرت إلى القرآن: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال
عليهن درجة. إذا نظرت إلى القرآن: "الرجال قوامون على النساء" بباء السببية "بما فضل الله بعضهم على بعض" وبباء السببية "بما أنفقوا من أموالهم". فجعلها مسببة، والتسبيب هنا جعل قوامة الرجل مسؤولية، فهو لا بد عليه أن يكون هو الأفضل. قال تعالى: "ولا..." لا تنسوا الفضل بينكم. قال رسول الله: "اليد العليا خير من اليد السفلى". فالمجموع يظهر منه شيئاً طيباً يرتضيه بنو الإنسان كلهم عبر العصور. ولو أننا أخذنا حديثاً واحداً ونزعناه من
سياقه لوجدنا: "لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لغير الله، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها". فإذا سمعت هذا الكلام امرأة... من كندا فإنها تنفر لأنها لم تعلم بقية المنظومة وأن هذا قيل في سياق وسياق، وأن المقصود هو إحداث السكن والمودة والرحمة، والمقصود هو حفظ الأسرة، والمقصود هو تربية النشء، والمقصود هو راحة البال وسعادة الدارين. لو أنها فهمت هذا في التوازن وفي السياق لا تلتفت إليه، ولو أنها
قد... انتزعت هذا انتزاعاً كما يفعل رجالنا الآن، ينسون كل السنة وكل السيرة وكل القرآن. ولو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحدٍ لغير الله، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. اسجدي إذاً. ما هذا؟ أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟ وهكذا الفهم المختل. أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض؟ فالسيرة قامت بدور كبير جداً. من بيان أسباب الأحاديث وبيان ربط فسيفساء إن صح التعبير، الفسيفساء هي
الحجارة الصغيرة التي نضعها على الحائط لترسم لوحة فنقول عنها فسيفساء. الفسيفساء هي قطع هكذا من البورسلين توضع بعضها بجانب بعض بألوان أو غير ذلك، فتكوّن لوحة "لا إله إلا الله محمد رسول الله" أو ترسم لوحة هكذا، وهذه الفسيفساء تجدونها. في المساجد المملوكية توجد زخرفة للمحاريب، وكذلك الفسيفساء التي تعني أن القطعة الواحدة من الحجارة الصغيرة هذه لا تعني شيئاً بمفردها، أو لم تعطك النتيجة النهائية، لكن كما يقولون في الإنجليزية "بانوراما"، فالبانوراما عندما تجتمع معاً تعطيك شيئاً وتفهم
منها أشياء. وهكذا فإن السيرة النبوية والقرآن الكريم والحديث لها قواعد للنقل فيها. واحدة من النظر في الأسانيد والنظر في المتون والنظر في المفهوم العام الذي نُقِل بالتواتر وبالإجماع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم نقض هذا كله عن طريق هذه الضوابط، ففي القراءات اشترطوا لصحة الرواية وتواترها أن تكون منقولة بسند صحيح متواتر، وأن توافق وجهاً من وجوه العربية ولابد. إذا فلا بد من السند لأن القراءة سنة متبعة،
ولو فرضنا أن هناك قراءة كانت متواترة ثم لم يتوفر عليها العلماء لنقلها بطريق التواتر، فإنها تخرج عن حد التواتر وتسقط بالرغم من أنها كانت في يوم من الأيام متواترة. ويضرب ابن الجزري على هذا مثالاً وهو مثال قراءة ابن قتيبة وقراءة... كان ابن قتيبة فيها إمالة فاحشة، الإمالة كما تقول: "والضحى والليل إذا سجى، ما ودعك ربك وما قلى، وللآخرة خير لك من
الأولى". أما الفاحشة فهي كما وردت عن ابن قتيبة وكانت متواترة إلى أن تلقاها ابن الجزري إليه، ووعد أن يقرأ بها فلم يفعل. يعرفها أحد وانتهت وآخرنا هو سيدنا محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن الجزري شمس القراء. هذه القراءة أنه كلما وجدت "لا إله إلا الله" في القرآن تنطقها هكذا. كانت واردة مقروءاً بها، تلقوها عن سيدنا صلى الله عليه وسلم "لا إله إلا الله" ويسمونها بالإمالة. الفاحشة لأنها
غير مستساغة للذهن، لا إله إلا الله، هي جميلة هكذا، معتادون عليها. فإذا، هذا عندما تأتي السنة، فنبحث في الأسانيد ونبحث في المتون، ويبحثون أيضًا في أسباب الأحاديث. ولذلك نرى أن الأئمة الأربعة قد تركوا أحاديث في البخاري، لماذا؟ لأنهم قد أدركوا أسبابها وأدركوا اختلاف الناس فيها وأدركوا. تعارضها مع القرآن أو مع السنة أو نحو ذلك رووها بأسانيدها بل وصححوها لكنهم عند الأخذ بها لم يأخذوا بها، من
ذلك أن الكلب والحمار والمرأة تقطع الصلاة وهو في البخاري، إلا أنه قد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث الفضل بن العباس قد صلى وكان يجري بين يديه الكلب والحمار وتمشي المرأة، فأخذوا بهذا وتركوا ما في صحيح البخاري، وفي صحيح البخاري أن رضاع الكبير يُحرِّم، فأبقاه البخاري كما هو، وهو مذهب عدة من الصحابة منهم السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها، إلا أن الأئمة الأربعة لم يأخذوا به وأخذوا بغيره،
أنه إنما الرضاعة من المجاعة ولذلك حصروها في السنتين من عمر الطفل، وأيضاً في القرآن تأييد لذلك لمن أراد أن يتم الرضاعة، وكذلك رأينا حديثاً أخرجه الترمذي وهو حديث "فإن شربها في الرابعة فاقتلوه". الخمر إذا جاءنا شارب الخمر نقيم عليه الحد مرة ثم الثانية ثم الثالثة، لكنه لو جاء في الرابعة نقتله وهو... معارضٌ
بأحاديث كثيرة من أحاديث نُعيمان أنه كان يأتي حتى قال عمر: "دعني أقتل هذا المنافق". قال: "لا، إنه يحب الله ورسوله" رضي الله تعالى عنه. وكذلك الجمع بين الصلاتين بدون عذر، وهو حديث ابن عباس في الصحيحين، إلا أن الأئمة الأربعة لم تأخذ بذلك وجعلت قوله تعالى: "إن الصلاة..." كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا هي الأساس، ولم يبح الأئمة الأربعة أن نجمع بين الظهر والعصر ولا بين المغرب والعشاء. إذًا، هناك أحاديث صحيحة لكنها عند المجتهد قد تتعارض مع
آية أو مع حديث، فيوقف العمل بها ويتركها رواية، لأن الإسلام أكبر منه، أكبر من المجتهد وأكبر من الراوي، فالإسلام أكبر. من البخاري وأكبر من الناس أجمعين، أكبر من الزمان، الإسلام كلمة الله للعالمين. مضت أيام وجاءت أيام، وعرفنا كلام الأئمة ما معناه، وعندما ذهبنا إلى بلاد الأمريكيين تبين لنا أننا لا نقيم الصلاة إلا بالجمع، وإذا أردت أن تقيم الصلاة من غير جمع تركت الصلاة، فصلينا على النبي كي لا... يجعل على أمته من حرج، وأمته العالمون
أمة الدعوة وأمة الإجابة، كما هنا في الشرق الأوسط. ماليزيا قادرة على تحمل ذلك، لكن هؤلاء ماذا نفعل بهم؟ هل نلزمهم ببلادنا بجوها وطقسها وأحوالها؟ أم أننا نرشدهم إلى السنة؟ ووجدنا أناساً يدخلون في دين الله وهم على عقيدتهم السابقة، يتبنون طفلاً كبيراً وأصبح ابناً. للمرأة في العرف والعادة وأصبح ابناً للرجل هكذا حتى أن اسمه هو اسمه منسوباً إليه، وقلنا لهم إن التبني حرامٌ، ماذا نفعل في الولد هذا؟ أنطرده خارج البيت؟ أم أنه مع مَن تُسمى بأمه هو ابنها؟ أم أجنبي عنها يحرم عليه
الخلوة بها؟ فأرشدناهم إلى إرضاع الكبير، فجاءت الله. هذا له أهمية مزدوجة، له أهمية وعندما دخلنا إلى الصومال وكان حالها بائساً، الشخص منهم لم يرَ اللحم بعيني رأسه منذ سنوات، وجاء اللحم فوضعوه في الإناء - يعني في الوعاء - حتى ينضج، والذباب هكذا أمم من الذباب حوله، تعفن وهكذا، وبعضها سقط في الإناء، تنجست أو لم تتنجس، فتذكرنا حديث. قال
البخاري: "إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كاملاً ثم ليخرجه، فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر دواء". ونقول مرة أخرى: اللهم صلِّ على رسولك الكريم. هذا هو الفرق بين من يتكلم بغير علم ويريد أن يشطب وأن يرفع وأن يحذف، وبين من اهتم بالدعوة إلى الله ويحب الله. ورسوله ويريد لهذا الإسلام أن يكون دينًا يحبه الناس وألا يكون صادًا في نفس الوقت عن سبيل الله، وفي نفس الوقت لا يخرج عن القواعد ولا عما تعود عليه من إسناد
الأحكام إلى الأدلة، ولذلك كلما رأينا هؤلاء الذين يقدحون مرة في البخاري ويشتمون مرة إمام الأئمة الشافعي. ويفعلون ما يفعلون، نحن نعلم أنهم ليسوا على الحق. لماذا؟ لأنهم يتكلمون بجهالة، ولأنهم لا يتكلمون من منطلق حب الله ورسوله، ولأنهم لم يجربوا الدعوة والاختلاط بالناس، ولأنهم لا يحبون تصحيح صورة الإسلام في العالمين. وصورة الإسلام في العالمين كان حريصاً عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أنه... رفضَ أن يقتلَ المنافقين بعد إذن الله له فيهم وقال: "لا يُقال
أنَّ محمداً يقتلُ أصحابه" وهم منافقون، وسيأتي يوم القيامة فيراهم وهم قد أُخذوا إلى النار فيقول: "يا رب، أصحابي أصحابي"، فيقولون: "صَهْ يا محمد، إنك لم تدرِ ماذا أحدثوا بعدك". وكل هذا في الصحيح، فالحاصل أن قواعد التوثيق واحدة. في القرآن وفي السيرة وفي السنة إلا أنه لا بد للعالم من أن يتعمق وأن يجمع شتات المسألة أمامه وأن يتفكر ويتدبر في المآلات وفي المقاصد الشرعية وفي المصالح المرعية وفي لغة العرب ويتدبر أسباب النزول ويرى هل هي جزء من العلة أو أنها خارج
هذه العلة وبعد ذلك كله يبدأ في إخراج الحكم ويتتبع هذا الحكم في صور مختلفة عسى أن تكون قد خفيت عليه خافية، ثم بعد ذلك كله يقول: يا رب. فإذا كان قد أخطأ حينئذٍ فله أجر، وإذا أصاب فله أجران. وفي الدارقطني: إذا أخطأ فله أجران، وإذا أصاب فله عشرة. نحن مع رواية الدارقطني. لكي يفتح الله علينا هكذا، فهي رواية الدارقطني أنه إذا أصبنا فلنا عشرة، حسناً وجميلاً، فضل الله واسع، وإذا أخطأنا فله أجران. إذاً هذا هو ما تعلمناه عن مشايخنا قبل ظهور
النابتة من المتطرفين المتشددين الذين خرجوا عن نهج رسول الله فسموا بالخوارج، ومن العلمانيين الليبراليين الفاسقين الداعرين الذين أرادوا. أن يهدموا الدين وأن يزيلوا معالمه وهما وجهان لعملة واحدة لأنهما يصفان الإسلام بما ليس فيه، هذا يصف الإسلام بالعنف والقتل والإفساد والدم، وهذا يصف بنفس الصفات ولكن هذا قال: "إذًا فأفعل" وهذا قال: "إذًا لا أفعل وأكفر بالإسلام"، فهذا كفر لصورة مشوهة وهذا كفر أو فسق لصورة. مشوهة، هذا هو الحاصل،
ولذلك كان الشيخ أحمد بن الصديق الغماري يقول: "نتتبع الرواية ولو كانت في سيرة البكرية"، هكذا كان يقول. سيرة البكرية سيرة موضوعة من أولها إلى آخرها، مثل القصص الشعبية، ومثل ما نُسج على عنترة بن أبي شداد، ثمان مجلدات، سيف بن ذي يزن، وهو كان من تُبَّع. اليمن ثمن مجلدات الأميرة ذات الهمة، ثمن مجلدات حمزة البهلوان، وهكذا. هذه قصص شعبية، هذه أساطير، والظاهر بيبرس، كل هذه أساطير، ومنها ما نُسج على سيدنا علي الفتى
الغالب علي بن أبي طالب، وما حدث مع رأس الغول المهول، وهكذا أشياء، وتجدونها في الأسواق، لكن كلها خرافات. فكانت سيرة البكري. أبي الحسن البكري كذلك كلها خرافات لا أصل لها. إذاً فالسند هو السند، ومن هذه الأسانيد ما يتشددون فيها لو كانت في الأحكام، في الدماء، في الفروج، في معالم الحلال والحرام، ومنها ما يتهاونون فيه إذا كانت من مكارم الأخلاق، أو كانت من وصف الواقع والحال، ومن ضمن هذا ما... يُنسب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم من فضائل ومكارم
ومعجزات، فإنه أهل بذلك، ولذلك لو جاء الأمر بسند ضعيف يُقبل عندهم ويكون مقبولاً للرواية وللتناقل. لماذا؟ لأنه ليس فيه أصلاً أحكام بالحلال والحرام، أو أحكام ستضيع أموال الناس أو فروجهم أو نحو ذلك، فيأتي في بعض الروايات. أنّ النبي صلى الله عليه وسلم عندما دخل غار ثور وهو في جنوب مكة أثناء الهجرة ذهب إليه المشركون فوجدوا عنكبوتاً قد وضع بيته حول فتحة الغار ووجدوا حمامة قد
باضت هناك أو شيء من هذا القبيل، وهذا بسند ضعيف ورد بأسانيد ضعيفة ويذكره أصحاب المدائح وأنه من معجزات النبي. النبي أو شيء من هذا القبيل، فالثاني الذي خلاص هو لا بد أنه يعني ليس لم يأخذ ما عليه السلف كله، إنما أخذ توثيق السنة. نعم، كل الناس تقول أنه ضعيف، لكن المشكلة أنه ضعيف فلا يؤخذ به ويصبح حراماً علينا أن نتلوه وأن نذكره وأن نقول ونقول الحمامة. باضت العنكبوت أو لم تبض، ماذا يعني؟ وما علاقة ذلك بصلاتي أو بيعي أو شرائي أو زواجي أو طلاقي أو
مثلاً شهادتي أمام القاضي؟ وما الذي حدث بناءً على ذلك في العلاقات الدولية أو العلاقات الأسرية أو الاقتصاد؟ ما الذي حدث؟ والله لم يحدث شيء، ولكن هذه... عقلية هكذا تريد أن تحذف شيئاً ما من التاريخ، وعلى ذلك سيُحذف كثير جداً من الأخلاق. فإنه مثلاً من الحديث الضعيف "إن الله يحب من أحدكم إذا عمل عملاً أن يتقنه"، وترتيب ما في أدمغة هؤلاء أنه حديث ضعيف، إذاً فإتقان العمل ليس مأموراً به في الإسلام. إتقان الع-
جيلٌ بعد جيلٍ، إذا نفعل ما نشاء من غير إتقانٍ ولا حاجة، الله هو الذي يُتقِن ويُدخلك في متاهات. يا بني، هذا من جانب الأخلاق أنك أنت تُتقن العمل. قال تعالى - دعنا من الحديث - "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون". فكيف تفعل فعلاً لا إتقان فيه؟ يقول: نعم، أجل، هات. الآية هذه ولكن الحديث هذا باطل ويُحدِث نوعاً من أنواع الجدل. لا نحن نقول الحديث ضعيف لكنه
يُؤخذ به لأن الحديث الضعيف يُؤخذ به في فضائل الأعمال. قال ابن حجر: ويُؤخذ به بشروط، أولاً: ألا يكون في الباب غيره، ثانياً: ألا يخالف أصلاً من أصول الدين، ثالثاً: ألا نعتقد جازمين. أن هذا من كلام رسول الله احتمال، لكن لا أجزم بذلك. رابعاً أن يكون في فضائل الأعمال وليس في الأحكام والدماء والفروج ونحو ذلك. وهكذا أجبنا، توكلنا. تفضل بقضيتك حول السنة والشيعة. ما هو التعامل
الصحيح في هذه القضية بين السنة والشيعة؟ الشيعة مذهب من المذاهب الإسلامية، إلا أنهم قد اختلفوا معنا. في أمور شديدة لم نقبل أن تمر هكذا، فالشيعة اختلفوا معنا في قضايا أولها قضية تعبيرهم بتحريف القرآن. ففي كتبهم، خاصة في القرون الماضية، استعملوا هذا التعبير أن القرآن محرف. وكلمة "محرف" عندنا تعني أن هناك نسختين، ونحن لم نرَ
نسختين للقرآن. هذه النسخة التي معنا لم نرَ غيرها. النسخة المقابلة التي قد حُرِّفت عنها أو النسخ لم نرها. القرآن هو القرآن منذ عهد النبي وإلى يومنا هذا، يدل على ذلك المصاحف المنتشرة في كل مكان في الشرق وفي الغرب وفي الشمال وفي الجنوب. وقد حاول الألمان أن يتلقفوا هذا الكلام من الشيعة فأنشأوا قبل الحرب العالمية الثانية معهداً كبيراً. جمعوا فيه أربعين ألف نسخة مصحف واشترطوا أن تكون من أزمنة مختلفة ومن أماكن مختلفة وتحقق لهم
هذا، وجلسوا يبحثون في المقارنات بين هذه النسخ فلم يجدوا فيها شيئاً من التحريف. ولما انتهوا من أكثر من ثمانين بالمائة من هذه الأربعين ألفاً، أصدروا تقريراً باللغة الألمانية حُفظ في المكتبة الوطنية ببرلين. وهذا التقرير يثبت أنهم قد انتهوا أنهم أولاً جمعوا هذه النسخ وأنها بلغت أربعين ألفاً، وأنهم انتهوا من المقارنات، وأنه لا يوجد بينها إلا ما يوجد في أخطاء النساخ. يعني "لا ريب فيه" مكتوبة "لا زيت
فيه"، وما معنى "لا زيت فيه"؟ لا معنى لها، وليس هذا تحريفاً أصلاً. هذه نقطة سقطت ولم يلتفت إليها راعيها. عذابي أصيب به من أشاء فوجدوها من أساء، ولكن وجدوها من أساؤوا. إذاً هي من أساؤوا لأنها لو كانت أساء لكانت بالفتحة. فهم مدركون أن هذا ليس تحريفاً وأن هذا من قبيل خطأ النُّسَّاخ. ووضعوا هذا التقرير في برلين في المكتبة الوطنية ببرلين. وهو محفوظٌ إلى اليوم هناك، ومن قَدَرِ الله -ولله أقدارٌ وحِكَم- جاءت قنابل الحلفاء فضربت
هذا المعهد بالذات وأحرقته بما فيه من النسخ. لماذا؟ الله أعلم، سنعلم يوم القيامة، يخبرنا الله ماذا الذي حصل. هل هناك شيء حصل هنا جعل ربنا يخسف بهم الأرض؟ لكن التقرير موجود إلى يومنا هذا. إذا فتحريف القرآن كلام صعب لا نقبله. ثانياً قضية سب الصحابة الكرام، فإنهم في كتبهم الأولى سبوا الصحابة كثيراً رضي الله تعالى عنهم. وكنت قد كتبت مقالة في الأهرام قلت فيها أنهم يكادون لا يعتبرون إلا خمسة من الصحابة، فرد
علي أحد أئمة الشيعة وقال: "لا، نحن خمسة فقط". قلتُ له "حسناً، سأقول دائماً تسعة فيما بعد". الصحابة مائة وأربعة عشر ألفاً، والوارد إلينا بأسمائهم تسعة آلاف وخمسمائة، والرواة ألف وسبعمائة وتسعون. هؤلاء الرواة ليس فيهم منافق وليس فيهم من هو مطعون فيه. هؤلاء الرواة انتهى أمرهم. أنت تقول تسعة عشر، حسناً، مائة. طيب والباقي في أزمة هنا وهي سب الصحابة والأمر الثالث التقية وهم بذلك يستحلون
الكذب، ولقد أخذت جماعة الإخوان الإرهابية هذه الخصلة منهم أنهم يكذبون لله عبادة لله لأننا لسنا منهم، فلا بد أن يخفوا حتى يصلوا إلى الحكم، فاستحلوا الكذب والعياذ بالله تعالى، حتى أن هذا الكذب كما قال رسول الله. الله! لا يزال أحدكم يكذب ويكذب حتى يُكتب عند الله كذاباً. سيطر الكذب على أذهانهم في الآراء، يكون لأحدهم رأي فيكون رأياً كاذباً لأنه تعود على الكذب. وهذا في قضية اتصال حسن البنا بالشيعة، حيث خاصمه محب الدين الخطيب الوهابي وقاطعه بعد أن اتصل بالشيرازي والكاشاني
وغيرهما في المدينة المنورة ثم... بالصديق القومي هنا في مصر فمحب الدين خاصمه، قالوا: أبداً، أنت الآن وكأنك تُجيز التقية. فقال: أبداً، حتى نصل إلى الحكم وحتى نصل إلى كذا، لا بد من شيء من هذا القبيل. القضية الرابعة التي بيننا وبينهم هي قضية البداء، والبداء معناه أن الله يغير رأيه، يغير رأيه. والقضية الخامسة... ونحن عندنا الله عليم بالكليات وبالجزئيات وبكل شيء. القضية الخامسة هي قضية عصمة الأئمة، هم
يعتقدون في الأئمة: سيدنا علي، ثم الحسين، ثم علي زين العابدين، ثم محمد الباقر، فجعفر الصادق، فموسى الكاظم، فعلي الرضا، فكذا إلى آخره الاثني عشر، أنهم معصومون كشأن سيدنا النبي فلا يخطئون أبداً وليست. العصمة عندهم أنهم من المحفوظين، هذا نوافق عليه أنه لم يرتكب ذنباً قط. الإمام النووي لم يرتكب ذنباً قط، الشافعي لم يرتكب ذنباً قط، الرفاعي والشاذلي لم يرتكبوا ذنوباً قط. المحفوظ شيء والمعصوم شيء آخر، المعصوم معناه أنه لا يخطئ وأنه مصدر للتشريع، وهو كذلك عندهم، هذه
الخمسة هي. الأساس أنهم عندما جاءوا إلينا في بدايات القرن الماضي، القرن العشرين، أرادوا أن نتحاور ونتناقش، وكانت هناك مسائل كثيرة مثل زواج المتعة، ومثل أنهم يجمعون بين المرأة وخالتها وبين المرأة وعمتها لعدم اعتمادهم على حديث البخاري في التحريم، ومثل أنهم يصلون بطريقة معينة ولا بد أن يكون السجود على التربة، مثل أنهم يعتبرون الإمام من أصول العقيدة مثل أنه أشياء كثيرة، لكن يمكننا أن نسكت عنها مع عدم اعتقادنا فيها، ومع أننا لنا
رأي آخر إلا أننا نتعاون. أما هذه الخمسة فلا تعاون فيها ولا تفاهم، لا بد أن ترجع عنها. وقد جاءت وفود في إثر وفود، فجاء شرف الدين الموسوي والدعوة. وهذا ما لم يتحقق لدينا أنه قد قابل الشيخ سليم البشري شيخ الجامع الأزهر شرف الدين الموسوي. بدايته "شين" شرف الدين "شين"، وسليم البشري بدايته "سين"، والشيعي بدايته "شين" مثل شرف، والسني بدايته "سين" مثل سليم.
فادعى شرف الدين لأننا لم نجد في أوراق سيدنا الشيخ سليم البشري شيئاً مما قاله. فادّعى أن هناك مراجعات ومفهمات وحوارات قد جرت بينه وبين الشيخ سليم، ولما نشر هذا الجزء من المراجعات نشره بالشين والسين، شين قال كذا، سين قال كذا، شين قال كذا، سين قال كذا. طيب، شيعي وسني ومال إلى الشيعة، وكان الشيخ من كبار العلماء، ومما كان أنه كان يحفظ البخاري. بأسانيده
الشيخ سليم وكأنه كان طالباً في الصف الأول الابتدائي، هكذا صوره شرف الدين. قال: "أنا كنت أتحدث مع أحد علماء السنة فقلت وقال، قلت وقال"، الكتاب كله في صورة حوار. وبعد وفاة الشيخ سليم طبع شرف الدين الكتاب، وقال: "سليم عندنا هذا وعندنا هذا وعندنا هذا" لئلا يقول لك. هذا أنتم ليس لديكم، ولا لدينا، ووسائق، كله بالوسائق. فالشين أصبحت شرفاً، والسين أصبحت سليماً. هذا نظنه أنه كذب، ولكن أُثيرت
في هذه شرف الدين عندما جاء، والصدوق القُمّي عندما جاء، والشيرازي والقاشاني، وهكذا وفود كثيرة هجمت علينا في النصف الأول من القرن العشرين، وقابلت المشايخ وحددوا هذه النقاط. الخمس أن هذا الذي لا نقبل، أما بقية النقاط فهي خلافات، حتى نكاح المتعة وما شابه ذلك، هي خلافات فقهية لا تستدعي شيئاً، وإن كنا لا نقول بذلك ونرى أن نكاح المتعة هذا زنا، ولكن أيضاً حسناً، لك رأيك وأدلتك وترى أنه ليس زنا وأنه ممكن، وهذه قضية تُبحث. فقهية أي فروع لكن هذه الخمسة غير، لا نقبل في هذا الزمان. كان
هناك مفتي روسيا، مفتي روسيا، وكان رجلاً لديه هذه المنطقة روسيا وما حولها. هكذا يتقنون اللغات سريعاً، فكان يعرف العربية والفارسية والتركية والروسية وهكذا. هذا الرجل كان اسمه موسى جار الله، ونحن في مصر نقول... موسى جار الله، موسى جار الله، والشيخ موسى جار الله كان على اتصال بالأمراء من العائلة
المالكة المصرية. وأمراء العائلة المالكة المصرية كانت لهم أصول وبيوت في تركيا في إسطنبول، فكانوا يلتقون به. وكان هو، باعتباره مفتي المسلمين، على علاقة قوية بمفتي الأتراك. موسى جار الله ذهب وجلس سنة. في الحوزة في قم أيها القاضي بقم قد عزلناك فقم. ذهب إلى هناك موسى جار الله وجلس سنةً يحضر الدرس ويسجل حتى أتى بعشرين سؤالاً يرى أنها هي الأسئلة الفاصلة بيننا وبين
الشيعة. وذهب إلى أئمة الشيعة في الحوزة العلمية، ذهب إلى محسن الأمين وقال: خذ أجب لي على هؤلاء ماذا؟ هؤلاء السيد الأمين رحمه الله نظر إليها هذا كلام أهل السنة ارمه. فذهب إلى فلان وعلان وتركان من علماء الحوزة وكلهم لم يجب، وظل شهوراً يتردد ويطلب الإجابة فلم يجبه أحد. فسافر إلى تركيا ومرض هناك، فلما مرض عرف به أصدقاؤه من الأمراء المصريين فأرسلوا
إليه من أجل العلاج وجاء. رحمه الله هنا في مصر وجمع وهو تحت العلاج كتابه الذي يشرح فيه قصة رحلته وقصة العشرين سؤاله وسماه "الوشيعة في الرد على دين الشيعة"، وتوفي رحمه الله في مبرة محمد علي، ومبرة محمد علي تجدونها عند كوبري الملك الصالح على يساركم، وهي لا تزال تعمل إلى الآن في هذا المكان. توفي الشيخ موسى جار الله رحمه الله تعالى ودُفن في مصر، وطُبع كتابه هذا عند محمد الخنجي. وكانت مكتبة محمد
الخنجي موجودة في شارع عبد العزيز، أما الآن فقد تحولت إلى بيع التلفزيونات والمراوح. وهكذا كان محمد أمين الخنجي يتبع طريقة معينة وهي أنه لا يرفض شراء الكتب، فكانت تُعرض عليه المكتبات وغيرها. فيشتريها وينفق فيها أموالاً، فكان يقول رحمه الله: "لا أنفق جنيهاً إلا وقد رزقني الله عشرة جنيهات". فلا يضعها في جيبه، بل يذهب ليشتري بها كتباً ويخزنها في هذه الطوابق، وهي طوابق كبيرة طويلة كما ترى، هل تفهم ما أقصد؟ وهي باقية إلى الآن، رحمه الله تعالى. وكان هكذا يعتاد أن ينفق في... الكتاب وكان لا يجادل
في الثمن، يقول لك: "أنت تريد في هذا كم؟" كل عشرة جنيهات يعطيك العشرة جنيهات وانتهى الأمر. فكان من أصحاب الأخلاق. طُبعت الوشيعة ثم طُبعت الوشيعة بعد ذلك مرات، إلا أنها العشرين سؤالاً كأنها تركز في الخمسة هذه. طيب، فشرف الدين بعد ما أصدر المراجعات بالشين والسين نُشرت. الوشيعة والوشيعة تقول إننا قد أرسلنا إليكم عشرين سؤالاً وأنتم لم تجيبوا، والمنظمة الشيعية رأت أن السكوت على هذا خطر، فبدأ العلماء ومنهم شرف الدين يجيبون على أسئلة موسى جار
الله، فألف شرف الدين كتاباً أسماه "الأجوبة على أسئلة جار الله"، اسمه هكذا "الأجوبة على أسئلة جار الله"، فأجاب بالتالي قال. نحن معكم ها ابتداءً، نحن معكم ولكن لا تظلمونا. الإخوان بالضبط، الإخوان بالضبط. طيب، أنتم معنا ولا تظلمون، حسناً، حاضر، آمين. قال: نحن ما قلنا بالتحريف، قلنا
طيب نفتح الكتاب. أي كتاب؟ أي كتاب ألفه الشيخ النوري؟ والشيخ النوري ألف كتاباً اسمه "فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب". ماذا نفعل إذن؟ ها أنتم قلتم أشياء عجيبة، والله أشياء غريبة، مثل الإخوان بالضبط. قلتم إن أخطاء الكبار كبيرة، فقلنا لكم: "يعني أنتم تقولون أن النوري أخطأ؟" قالوا: "نعم أخطأ، والنوري
عالم كبير ومرجع". قالوا: "نعم". فبدأنا نبحث عن الكلام كما بحثنا عن سيد قطب، فتبين أن أجراس... الكنائس وكذلك تبيّن أن الفالنتاين، نعم فصل الخطاب خطأ، فوجدنا أن علماء الشيعة قد غضبوا من النوري من فصل الخطاب، قلنا الحمد لله، نعم إن علماء الشيعة غضبوا على النوري عندما ألّف فصل الخطاب، ثم
فوجئنا أنهم غضبوا عليه ليس من أجل الكتاب، بل من أجل أنه قد جمع. جمع كل المصادر التي تثبت التحريف في مكان واحد يعطي حجة للخصم. يعني أنكم موافقون على وجود تحريف لكنكم لا تريدون الاعتراف به وتحاولون إخفاءه، فجاء الله وفضحكم على يد كبيركم العدل. ماذا يقول؟ أريد أن أفهم فقط. وكتاب "فصل الخطاب" طُبِع منه خمسمائة نسخة. بطريقة الحجر والطبع بالحجر يستلزم كتابة باليد، والطبع بالحجر يجعل
النسخ قليلة نادرة، فسحبوها من الأسواق وأحرقوها. إذاً فنحن نتكلم على وهم. من قال أن هناك أصلاً كتاباً اسمه "فصل الخطاب"؟ أين هو "فصل الخطاب"؟ ماذا قال في "فصل الخطاب"؟ أتفترون علينا الكذب؟ اذهبوا هكذا وفتشوا، فذهبنا إلى دار الكتب نفتش. لم نجد كتاب "فصل الخطاب"، ذهبنا إلى مكاتب السعوديين فلم نجد "فصل الخطاب"، لا إله إلا الله. حسنًا، بحثنا في إنجلترا، وأيضًا في الكونجرس الأمريكي، مكتبة الكونجرس كبيرة، لكننا لم نجد "فصل الخطاب". وفي
يوم من الأيام جاء رجل كان اسمه محمد غيث وقال لي: "أنا عندي بعض الكتب للبيع"، فذهبت فوجدت "فصل الخطاب". قلت له من أين جئت بهذا؟ قال: هذا موجود، كان العبادي رحمه الله يملك هذا الكتاب. قلت له: بكم تبيعه؟ قال: بثلاثين جنيهاً. قلت له: لكنه يساوي أكثر. قال: لكنني أريد فيه ثلاثين جنيهاً فقط. قلت له: هذا ليس كتاباً نادراً، بل هو كتاب منعدم النظير. قال: أنا أعرف ذلك. أريد ثلاثين جنيهًا والبيع كله بثلاثمائة واشتريتها والحمد لله وهي
في مكتبتي ها هي. كل شيء بالوثائق، كل شيء بالوثائق يا عمي. جلست أقرأ فيها فوجدت... أنا قلت لكم الحجر مكتوب بماذا؟ بريّاد. فوجدت أول شيء، أول كلام في فصل الخطاب قال تعالى: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون". قلت: آه. هؤلاء ليسوا حافظين أصلاً، فهذا يقول لك: "أنا نزلنا"، وهي في الآية: "إنّا نحن نزّلنا الذكر وإنّا له لحافظون". يعني التحريف من البداية:
"إنّا نزلنا الذكر وإنّا له لحافظون". المهم، الحاصل أن شرف الدين اعتذر وقال: "يا جماعة، نحن لا نقول بالتحريف، ولا حتى النور"، وهو يجمع لكم كل هذا. نعني بالتحريف تحريف الكتاب. طيب، ماذا تعني؟ قال: نعني القراءات الشاذة. أليس لديكم قراءات متواترة معتمدة يُقرأ بها في الصلاة؟ قالوا: نعم لدينا أيضاً، وهناك قراءات الحقيقة أنها غير مقروء بها في الصلاة لأنها - يا جماعة - قراءات شاذة. فهذا هو تحريف القرآن، محاولة لتحريف القرآن لكنها لم
تنجح، التي هي طريقة. ما هي القراءة الشاذة في تسعين قراءة شاذة؟ فأجاب شرف الدين في الأجوبة على جار الله أنهم لا يعنون بالتحريف إلا القراءات الشاذة. قلنا لهم: إذا كنتم تعنون بهذا المصطلح ذلك، فقد أخطأتم في الاختيار فقط، ولكن يعني تحل المشكلة، ويبقى أننا لا نقول تحريف القرآن بعد ذلك، وإنما نقول قراءة شاذة. كما اختاره العامة أو الجمهور في هذا الشأن واتفقنا على هذا، بعد ذلك عندما حصل التقريب بين المذاهب اتفقنا على ألا نستعمل أيها الشيعة كلمة التحريف، لأن هذا يضعف موقف المسلمين أمام المستشرقين
والهجمات الغربية وما شابه ذلك، واتفقوا على هذا وأقروا به لأنهم ادعوا أن هذا إنما هو من قبيل الشذوذ وليس من قبيل التحريف بمعناه الشائع كما حدث في الكتب السابقة، وما شأن الصحابة؟ قالوا أبداً: "أنتم فاهمونا خطأً". قلنا لهم: "نحن نحب أن نفهم بشكل صحيح". قال الصحابة الكرام المبجلون أصحاب الرسول: "يا أخي، ما هذا؟". حسناً، ماشٍ. قالوا: "ولكن نسألكم: هل هم معصومون؟". قلنا لهم: "لا، ليسوا..." معصومين يُؤخذ من كلامهم ويُرد وكذا إلى آخره، لا، هم ليسوا أصحاب عصمة وليس عندنا أنهم أصحاب عصمة. ومالك يقول:
كل أحد يُؤخذ من قوله ويُرد إلا صاحب هذا القبر الشريف. وسنرى العصمة بعد ذلك، من الذي يقول بالعصمة. نحن لا نقول إن الصحابة معصومون والصحابة نخالفهم ونقول هذا مبلغ. هذا مقدار علم عائشة، وهذا مقدار علم عمر، وهذا مقدار علم علي. نحن فقط نلتزم بالأدب والاحترام. قال: هناك ثلاثة أمور يجب أن تنتبهوا إليها، الأمر الأول: تكفير الصحابة، الأمر الثاني: سب الصحابة، الأمر الثالث: انتقاد الصحابة. ثلاث دوائر، ويا أخي نحن لا نقول بتكفير الصحابة ولا بسب الصحابة، نحن نقول... بانتقاد الصحابة صحيح يمكن لشخص أن يتطاول أو يتكلم بطريقة
غير مؤدبة أو نحو ذلك، أما التكفير والسب فنحن لا نقول به. قلنا لهم: حسناً، نحن سنتغاضى عن التراث وكل عصر له آذانه، فلنتفق من الآن على ألا تكفروا الصحابة في كلامكم وألا تسبوا الصحابة في كلامكم. قالوا: وهو كذلك، واتفقوا على هذا. طبعاً الاتفاقات لم تتم مع شرف الدين وإنما تمت مع الصندوق القومي لأن الصندوق جاء وفتح مجلة هنا وذهب إلى علماء الأزهر فتعاون معه الشيخ محمود شلتوت والشيخ منصور رجب والشيخ عبد الله المشد والشيخ محمد محمد المدني والشيخ عبد العزيز عيسى وكلهم أصبحوا من
أصحاب المناصب بعد ذلك والشيخ أحمد حسن الباقوري وهكذا وعلى رأسهم وكان يعني كبيرهم الشيخ محمود شلتوت، هو كان القائد لهذه الفرقة لأنه كان كبيراً في السن، أكبرهم سناً، وهو بعد ذلك أصبح شيخاً للأزهر، وهو من تلاميذ محمد عبده أيضاً. الشيخ محمود شلتوت فقال: نعمل جمعية اسمها التقريب بين المذاهب الإسلامية ونصدر مجلة يكتب. فيها السنة والشيعة ونحل المشكلات التي بيننا وكان على رأس هذه المشكلات تلك الخمسة التي انتهوا فيها إلى هذا الحد أنه يا جماعة لا تقولوا تحريف القرآن فاتفقنا على ذلك ولا تسبوا أو تكفروا الصحابة إنما الانتقاد
انتقد مثلما تريد لأننا نقول أنهم غير معصومين لكن من أهل التبجيل والتوقير والاحترام والقداسة إلا أنهم غير معصومين. ثالثاً البداء، قال: نحن لا نقول بالبداء. صدر رد هكذا: نحن نقول أيضاً بالنسخ، أن الأحكام تُنسخ، فلعل أحدهم عبر عن أن الله يغير رأيه يعني بالنسخ. قلنا له: حسناً، دع هذا المصطلح "البداء" الذي يعني أنه بدا له فغير رأيه، لأن ربنا ليس كذلك حاشا واتفقنا على هذا، والرابعة التقية، قالوا: "أبداً، ما نحن نكذب، نحن لسنا كاذبين". حسناً، لكن
ما هذه التقية إذن؟ قالوا: "هذه حكاية مذهب الخصم، حكاية مذهب الخصم". قلنا: "لا، لست أفهم، لست أعرف ما المقصود بحكاية مذهب الخصم". قال: "يعني كنا تحت وطأة الحكام الظالمين وكذا إلى..." وفي النهاية يأتي شخص ويسألني ما رأيك في حسني مبارك، وكان حسني هو الرئيس، فعلمت على الفور أنه من جهاز مباحث أمن الدولة، فقلت له: "إنه أفضل رئيس في العالم". أنا لم أقل له إنه أفضل رئيس في العالم. يعني: "هل تعتقد أنه أفضل رئيس في العالم؟" فلم أفصح عن مذهبي حتى لا... أُضرَب ولا أُهان ولا أموت ولا كذا، فحكاية مذهب الخصم الذي
سيسأله، فأنت تأتي لتقول لي وتُحَدِّق بعينيك هكذا، أنا أخاف يعني. الكذب ليس حلالاً، قال: "لا، ليس حلالاً، أعوذ بالله، ليس حلالاً"، والتقية ليست كذباً، "لا، ليست كذباً، هذه حكاية مذهب الخصم" أتفهم؟ طيب، والعصمة، نعم العصمة. عن الحفظ يعني محفوظين، قلنا لهم: "لا، أنتم لا تقولون هكذا ولا عقيدتكم هكذا. أنتم تقولون أنهم حجة معصومون وكلامهم حجة، يعني أنبياء، يعني ماذا؟ يعني موحى إليهم أم ماذا؟ ما الذي وراء كونهم حجة؟" قال: "لا، أنتم لم تنتبهوا". طبعاً انتبهنا جيداً. قالوا: "الأصل
أن سيدنا..." الشيخ جعفر الصادق قلنا له عليه الصلاة ما هو هذا من البيت حبيبنا يعني جعفر الصادق عليه السلام قال كل ما ذكرته عن رسول الله فعن آبائي عن رسول الله. إذاً أي شيء هو ينطق به رواه عن آبائه عن رسول الله، فالحجة في رسول الله. قلنا لهم حسناً. إذا كان الأمر كذلك والحجة في رسول الله ما تقولون قال رسول الله، فما دام الأمر هكذا، وما دامت كل شيء يخرج من فم جعفر الصادق هي في
حقيقتها أحاديث مروية بالسند المعتبر، يعني عندما يقول لك جعفر: حدثني أبي محمد الباقر، قال: حدثني أبي علي زين العابدين، قال: حدثني أبي. الحسين بن علي قال: حدثني أبي علي بن أبي طالب قال: حدثني سيدنا رسول الله، هذا هذا هذا سند، يعني سند عليه كان عليه من شمس الضحى نوراً ومن فلق الصباح عموداً، ما فيه إلا سيد عن سيد حاز المكارم والتقى والجود. ماذا تقولون؟ قالوا: لا، لن نقول شيئاً، لماذا؟ فهو كذلك. لم يقل: حسناً، إذاً أنتم تعتبرون أن ما خرج من فم جعفر هو ما خرج من فم
رسول الله، ولا تريدون أن تكذبوا أكثر وأكثر، فتقولون هكذا أن هذا ما رويته. قالوا: نحن نعتقد هكذا أن كل ما خرج من فم جعفر ما هو إلا أحاديث مروية بالسند المتصل عن... رسول الله فهذا كان موقفهم من الخمس مسائل، بعضها كما ترون قد يكون لهم وجه فيه، وبعضها قد يكون تجاوزه الزمان، وبعضها يتكلمون فيه معنا وليس بحجة راسخة. ولذلك إذا وافقوا على هذا - وهم رسمياً موافقون، هم رسمياً موافقون - يعني الحوزة العلمية رسمياً موافقة،
وبدأ تقي الدين الحكيم ونحوه. ومغنيه والجواد مغنية إلى آخره يكتبون أبا بكر رضي الله عنه لأول مرة في التاريخ، وبدأت هذه الرسائل تظهر ويظهر فيها الترضي عن الصحابة الكرام حتى أبي بكر وعمر، ولكن هناك نار، هناك نار تحت الرماد تظهر من غير المنضبطين بالحوزة العلمية. الحوزة العلمية سياسة تُظهر ما تشاء وتخفي ما. يشاء فإذا بولد من الكويت اسمه ياسر الحبيب وهو الكريه يظهر ويُحدِث قناة اسمها فدك ويسب فيها السيدة عائشة عليها السلام. ها أنتم
إذن، أين الله؟ إذن أين مجهود المائة سنة الماضية؟ ها هذا هو. لقد كنا لمدة مائة سنة ثم فجأة يتبرأ منه السيستاني، ونلعب الآن هذه اللعبة. أناس تشتم. وأناس تتبرأ وأناس تقول وأناس تكذب وأناس تعيد إلى آخره، إذاً فنحن أمام مذهب له تاريخ سيء وله حاضر زئبقي مثل الزئبق، لا تستطيع الإمساك به. أي أنك كلما حاولت أن تمسك به فإنه مراوغ يتفلت من يديك. ونحن نرى أن اجتماع الأمة
أفضل من افتراقها ولكن مع التنبه الشديد لأن محاولة التشييع هي محاولة خبيثة تجر الأمة إلى القتال أردنا أو لم نرد، فلا بد علينا أن ننصحهم في الدين أن اربعوا على أنفسكم وأن التزموا بما اتفقتم عليه، وإلا فهي المفاصلة ولا شيء سواها، وإلا عاد علينا جميعاً
ذلك بالبطلان. فهذا هو ملخص ما هنالك والله. أعلم