أمتنا أمة وسط | خطبة جمعة بتاريخ 2009 -11 - 13 | أ.د علي جمعة

أمتنا أمة وسط | خطبة جمعة بتاريخ 2009 -11 - 13 | أ.د علي جمعة - خطب الجمعة
وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ونبيه وصفيه وحبيبه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين، فاللهم صل وسلم على سيدنا محمد في الأولين وصل وسلم على سيدنا محمد في الملأ الأعلى إلى يوم الدين وصل وسلم على سيدنا محمد في كل وقت وحين. وصل وسلم على سيدنا محمد في العالمين، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق
منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما أما بعد فإن أحسن الحديث كتاب الله وإن خير الهدي هدي سيدنا محمد رسول الله وإن شر الأمور محدثاتها الحمد لله الذي جعلنا من أمة المصطفى والحبيب المجتبى حيث شرفنا وكلفنا وبشرنا وحذرنا وبين لنا ربنا
سبحانه وتعالى يقول في شأن هذه الأمة وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا هذه الأمة الوسط هي أمة علم ولذلك يقول لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة وهي أمة أخلاق ولذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ويصفه ربه فيقول له وإنك لعلى خلق عظيم وهذه أمة
عمل وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وهذه أمة إجابة استمعت فوعت فسعت فأجابت هذه هي الأمة الوسط علم وعمل وأخلاق وسلوك وهذا واضح كل الوضوح في كتاب الله وفي سنة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي سيرته وفي كل ركن من أركان الإسلام فيه هذا العلم وفيه هذا العمل وفيه هذا الخلق وفيه
العمارة وفيه العبادة وفيه التزكية وهذه أيام أظلتنا ونحن في أشهر الحج ويبدأ الحج في أشهره من شوال فيجوز من بداية شوال وبعد غروب آخر يوم من رمضان أن يلبي المسلم بالحج إلى بيت الله العتيق وأمامه شوال وأمامه ذو القعدة وأمامه تسعة أيام من ذي الحجة وبذلك فهذه أشهر الحج والحج أشهر معلومات هذه
أشهر الحج يسر الله الحج على الناس في عصرنا هذا كما يسر عليهم العلم وكما يسر عليهم الولاية له سبحانه وتعالى أما تيسير العلم الذي فرضه الله علينا وقال فيه رسوله الكريم طلب العلم فريضة على كل مسلم فالمقارن بين عصرنا والعصور الأولى يجد أننا قد تمكنا من العلم فهل من متعلم لقد كان العلماء السابقون في جهد لكنهم كانوا من الكبار كانوا
كالجبال ولما سهل علينا العلم فرط فيه كثير منا وإنا لله وإنا إليه راجعون الحجة علينا ولا بد علينا من أن نرجع إلى العلم الذي سهله الله بعدما فرضه علينا لم يكن هناك كهرباء ولا أوراق بهذا الكم ولا طباعة ولا حبر ولا أقلام بهذه الكيفية كان العلماء ينشئون كل ذلك إنشاء وبالرغم من ذلك ألفوا المؤلفات ودققوا في العبارة ونقلوا الدين غضا طريا لمن بعدهم وقاموا بواجب وقتهم وبذلوا النفس والنفيس وارتحلوا
على الخيل والحمير والإبل من بلد إلى بلد طلبا للعلم فأين هذه الهمة في أمة محمد يسر الله لنا الهداية والتوفيق صلى الله عليه وسلم يقول سيأتي على الناس زمان أجر العامل فيهم كأجر خمسين منكم قالوا أمنا أم منهم يا رسول الله قال بل منكم فإنكم تجدون عونا على الخير وهم لا يجدون وهذا العصر الذي نعيش فيه أصبحت العبادات سهلة وقريبة فهل من ذاكر لله وهو يقول لهم فاذكروني اذكروني واشكروا لي ولا تكفروا، ويقول والذاكرين الله كثيرا والذاكرات، ويبين
لنا النبي كيف نذكر ربنا فيبين لنا أسماءه الحسنى، ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها، ويبين لنا الكلمات العشر الطيبات: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله وإنا لله وإنا إليه إنا لله وإنا إليه راجعون وحسبنا الله ونعم الوكيل أستغفر الله توكلت على الله والصلاة على المصطفى صلى الله عليه وسلم والذي يقول لابن أبي أوفى فيها ويسأله أبي بن كعب اجعل لك مجلس ذكري كله يا رسول الله قال إذا أوفيت وكفيت وإذا صليت على النبي المصطفى فأنت تذكر على سيدنا محمد
سهل لنا الأمور فهل من ذاكر وهل من مدكر إذا الحجة علينا سهل لنا الأمور في أن نبني مسجدا مثل هذا وكان النبي يقول وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فالمسجد ليس فقط للعبادة بل هو للعلم وللإصلاح بين الناس وللتكافل الاجتماعي لمعان كثيرة رأيناها في بناء المساجد حيث قدموا الساجد قبل المساجد والإنسان قبل البنيان، رأينا تلك المساجد التي تلحق بها المستشفيات وتلحق بها مجالس العلم ومجالس القضاء ومجالس الفنون والآداب، رأينا
هذه المساجد كمسجد السلطان حسن وابن طولون والأزهر الشريف وغيرها من مساجد المسلمين في أركان الأرض، هذا المسجد الذي يجب أن يكون منطلقا ويجب فيه أن نهتم بالإنسان قبل البنيان وبالساجد قبل المساجد أراد منا النبي صلى الله عليه وسلم في الحج أن نتذكر أننا من الأمة الوسط التي أمرت بمحاسن الأخلاق والتي أمرت بالنظافة والتي أمرت بالعلم والتي أمرت بالرحمة يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ما يجب على كل حاج وهو ذاهب في رحلة الحج أن يتذكر لأنه من الأمة الوسط، من أمة
سيد الخلق، من أمة سيدنا محمد. إن الله نظيف يحب النظافة، ويقول الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء. ويقول حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان ولا بد فثلث لطعامه. وثلث لشرابه وثلث لنفسه، ويقول كن في الدنيا كعابر سبيل أو كأنك غريب، ويقول في دعائه كما ورد عن الصالحين: اللهم اجعل الدنيا في أيدينا ولا تجعلها في قلوبنا، وعلمنا ربنا ونحن في الحج أن نسأله الدنيا وأن نسأله الآخرة، فهناك من الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة
من خلاق، ولكن ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. أمه وسط هكذا ترك لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الفريضة التي جمعت بين فرائض الإسلام كله، فجمعت بين الصلاة والنفقة المالية وذكر الله والدعاء وقراءة القرآن والنذر والكفارات والصيام وزادت على ذلك الطواف ببيت الله العتيق كالملائكة يطوفون حول العرش العظيم والسعي بين الصفا والمروة والوقوف بعرفات والخروج عن عادة الناس ومعتادهم بالإحرام الحج ميسور
أتذكر مرة أنني ودعت والدي في المطار للحج ولم أعد إلى البيت إلا وقد وجدتهم قد وصلوا إلى الأراضي المقدسة فاتصلوا بي فلم يجدوني لأنني في الطريق أهذا شيء معقول من تيسير الحج إلى هذا الحد، أطلق الدنيا من قلبك أيها الحاج وأيها المسلم، انتهز الفرصة وتب إلى الله، انخلع من معاصيك، اذكر الله ذكرا كثيرا وسبحه بكرة وأصيلا، ربنا يعرض عليك المائدة مائدة الرحمة فكل منها بعلم وأدب وخلق وسمو وعلو
نريد بذلك وجهه الله وإنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ادعوا ربكم الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على سيدنا محمد المصطفى وعلى آله وأصحابه النجباء وأشهد أن لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ونبيه وصفيه وحبيبه فاللهم صل وسلم عليه كما يليق بمقامه عندك يا أرحم الراحمين، صل وسلم وبارك عليه واجزه عنا خير
ما جزيت نبيا عن أمته، فقد تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، واللهم يا ربنا بارك في هذا البنيان واجعله كما أراده رسول الله صلى الله عليه وسلم. للعبادة وللتزكية وللعمارة وجاز من أقاموه خيرا على هذا، اللهم اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم، إنك أنت الأعز الأكرم، اغفر لنا ذنوبنا واستر عيوبنا ويسر غيوبنا واهدنا فيمن هديت وعافنا فيمن عافيت وتولنا فيمن توليت وبارك لنا فيما أعطيت وافتح علينا فتوح العارفين بك، اللهم يا ربنا.
آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، خفف عنا، اشف مرضانا، ارحم موتانا، اجعل جمعنا هذا جمعا مرحوما وتفرقنا من بعده تفرقا معصوما، ولا تجعل فينا شقيا ولا محروما، هب مسيئنا لمحسننا واغفر لنا جملة واحدة يا أرحم الراحمين، نحن في حاجة إلى غفرانك ورحمتك ولست في حاجة إلى مؤاخذتنا فاغفر لنا ما كان من عمل، اللهم يا ربنا وفقنا إلى ما تحب وترضى وانقلنا من دائرة سخطك إلى دائرة رضاك ومتعنا بالنظر إلى وجهك الكريم، اللهم نعوذ بوجهك من كل سوء ومن عذاب جهنم، احشرنا تحت لواء نبيك يوم القيامة، اسقنا من يده شربة ماء لا نظمأ بعدها أبدا اللهم اشفع له فينا
واغفر لنا ذنوبنا وانفعنا به في الدنيا والآخرة اللهم وحد بين قلوب أمة سيدنا محمد ورد علينا قدسنا اللهم يا رب العالمين من غير حول منا ولا قوة ترى ضعفنا وتعلم ما نحن عليه يا أرحم الراحمين فاغفر لنا وقو إيماننا ومكننا الأرض ووعدنا على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، اللهم يا رب العالمين اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم، إنك أنت الأعز الأكرم. اللهم يا ربنا صل وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم إلى يوم الدين، وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر. والله يعلم ما تصنعون