إحترام الحيوان | مجالس الطيبين | أ.د علي جمعة

إحترام الحيوان | مجالس الطيبين | أ.د علي جمعة - مجالس الطيبين
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه أيها الإخوة المشاهدون وأيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومرحبا وأهلا بكم وسهلا في هذه الحلقة من حلقات مجالس الطيبين نجلس معكم اليوم في قيمة جديدة من القيم الإسلامية التي تركها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي يحتاج إليها الناس في المشارق والمغارب، ومن هذه القيم قيمة الاحترام التي لها وجوه كثيرة تحدثنا عن بعضها في حلقات سابقة، أما اليوم فمعنا حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه وأرضاه عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال إياكم أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر، فإن الله إنما سخرها لكم لتبلغكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس، وجعل لكم الأرض فعليها فاقضوا حاجتكم. بعض الناس في عكاظ وفي غيرها من أسواق العرب يركبون الدابة أو يقفون عليها من تمكنهم في التعامل مع الطبيعة ومع الدواب ويخطبون الناس. على هذه الحالة وهم على الدابة والدابة تئن تحتهم لا تستريح فإذا برسول
الله صلى الله عليه وسلم يعلمهم قيمة احترام الدواب فيما لا يتناهى في قيمة احترام الأشياء والدواب والحيوان ويجعل هذا احتراما للبيئة التي خلقها الله سبحانه وتعالى حولنا شيء غريب عجيب هذا الدين الذي يأمرنا أن نحترم دابة ويقول لنا إذا أردت أن تجلس ساعتين وثلاث ساعات وتخطب الناس وتحدث أحاديث وما إلى ذلك فعليك أيها الإنسان أن تجلس على الأرض، التي خلقها الله سبحانه وتعالى لتتحمل منكم هذا كله، ولكن أن تقف على الدابة أو تركب الدابة وتجلس بالساعات من غير حاجة إلى ذلك فهذا عليه وسلم
هو الذي جعل التعامل مع الحيوان دليلا على دخول الجنة أو النار، هو الذي كان يقول: دخلت امرأة النار في هرة حبستها، لا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض. النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي كان يقول: دخلت امرأة بغي من بني إسرائيل الجنة في كلب رأته عطشانة فسقته فأدخلها الله به الجنة وغفر لها ما كان من عمل، هذه ليست إهانة بالكبيرة إنما الرحمة هي من قلوب الرحماء ولذلك أكد على هذا المعنى أننا نحترم هذا الحيوان واحترامنا لهذا الحيوان هو جزء من ديننا عن
عبد الله بن جعفر رضي الله تعالى عنه أربعة قال أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه ذات يوم فأسر إلي حديثا لا أحدث به أحدا من الناس وكان أحب ما استتر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته هدفا أو حائش نخل قال فدخل حائطا لرجل من الأنصار فإذا جمل فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حن وذرفت عينه هذا الجمل حن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزلت الدموع من عينيه النبي
صلى الله عليه وسلم كان طاقة حب طاقة من الحب النبي صلى الله عليه وسلم كان شعلة من الحنان فكانت تراه الكائنات فتحن إليه فهذا الجمل المقهور عندما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل إلى البستان، والحائط يعني بستان يعني حديقة، كان فيها هذا الجمل. فلما رأى رسول الله ذرفت عيناه، الحيوان الأعجم ذرفت عيناه، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فمسح ظهره، أي مسح الدموع من عينيه هكذا. عليه الصلاة والسلام يعلمنا، أننا نفعل هكذا مع الحيوان فسكت
أي خطره هدأ، الجمل نحن نتحدث عن الجمل الآن لسنا نتحدث عن الإنسان فما بالك بالإنسان فسكت فقال من رب هذا الجمل من صاحب هذا الجمل رب أي صاحب مالكه اذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه لمن هذا الجمل فجاء فتى من الأنصار فقال لي يا رسول الله هذا ملكي أنا فقال ألا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها فإنه شكا إلي أنك تجيعه فيبقى إذن الجمل سيدنا رسول الله نبي وينكشف
له ما لا ينكشف لنا ينكشف له لغة الطيور لغة الحيوان لغة كذا على سبيل المعجزة كما حدث لسليمان مع الهدهد ومع بقية الحيوانات فهذا شأن ثابت للأنبياء فقط فالمهم أن نأتي للعبرة من الحديث وهي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين لنا كيف نتعامل مع الحيوان نرى إلى الآن بعض الناس الذين قلبت في قلوبهم الرحمة رأيت طبيبا ورأيت واحدة من السيدات الفاضلات طبيب متخصص في يعالج قردا لأن
يده التوت فآلمته، فجاءت به السيدة وهي لا تعرف القرد ولا تربي قرودا ولا شيئا، وإنما وجدت حيوانا فيه حياة فاحترمته، فأتت به من أجل العلاج فعالجه، وتعجبت من أنه يبكي ويتألم ويرتاح مثل الإنسان، والنبي صلى الله عليه وسلم تعجب الصحابة من هذه الأحاديث التي ذكرها فقال لهم إن في كل ذات كبد رطبة صدقة، ذات الكبد التي هي الثدييات، التي ليس لها كبد وهي الحشرات، فكل شيء له كبد يحتاج أن يشرب ماء ويحتاج مثل
الخروف ومثل القطة ومثل الكلب ومثل القرد، في كل ذات كبد رطبة صدقة، فواحد يقول لي فماذا عن الخنزير؟ ليس مخلوقا ما هو حياة نعم ولكن الله حرمه قال نعم ربنا حرم أكله ولكن إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة انظر إلى التوازن يعني أمرنا بإحسان الذبح وبإحسان حتى لو أردنا أن نقتل صرصارا فلا بد علينا أن نقتله ليس فيها تعذيب له لو أردنا اصطياد حيوان وأردنا أن نقتله فلا نقتله بصورة فيها تعذيب خاصة التعذيب بالنار أو
شيء من هذا القبيل بل نحسن القتل ونحسن الذبح الذي هو في الأشياء المأكولة والأشياء غير المأكولة التي منها الكلب والخنزير والقرد وكذلك أيضا لو كان من الأرحام لو قتلناها لقتلناه ولكن بطريقة مناسبة أباح النبي قتل الكلب الضار العقور الذي يسبب العدوان على الإنسان والمصاب بهذه الأمراض ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم علمنا كيف نتعامل التعامل المحترم مع الحيوان فهيا بنا مرة أخرى لنحترم أنفسنا ولنحترم مشاعرنا ولنعود إلى هذا الجمال الذي تركه لنا الرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول إن
الله جميل يحب الجمال، هذا الجمال في النفس الذي يؤدي إلى احترام الآخرين ويؤدي إلى الثقة بالنفس واحترام الذات ويؤدي أيضا إلى احترام الكائنات لأن لها حقوقا تجعل الإنسان يحترم الإنسان، إذا كان هو يحترم الجماد ويحترم الحيوان فكيف لا يحترم أخاه الإنسان يحترم بناء الرب إلى لقاء آخر من الغد إن شاء الله، نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.