إلا رسول الله | خطبة بتاريخ 2007 05 25 | أ.د علي جمعة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ونبيه وصفيه وحبيبه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين، اللهم صل وسلم عليك يا سيدي يا رسول الله في الأولين وفي الآخرين، اللهم صل وسلم على سيدنا محمد
في العالمين، اللهم صل وسلم على سيدنا محمد في كل وقت وحين، اللهم صل على سيدنا محمد يا رب العالمين في الملأ الأعلى. وإلى يوم الدين وعلى آله الأطهار وأصحابه الأخيار وأتباعه الأبرار، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان يا أيها الذين آمنوا
اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله وإن خير الهدي هدي سيدنا محمد رسول الله وإن شر الأمور محدثاتها فكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، تركنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، تركنا وقد جاءنا بالنور المبين من رب العالمين وأخرج الناس من الظلمات إلى النور، تركنا
ولم يبتلنا بما تعجز العقول عن فهمه حرصا علينا فلم نرتب ولم نهم، ونحن قلة نخاف أن يتخطفنا الناس من كل مكان، على يمين مكاننا الفرس وعلى يسارنا وفي شمالنا الروم ومن تحتنا الحبش وكلهم يترصدون بالإسلام وبالمسلمين وفي داخل الجزيرة هناك اليهود وهناك المشركون وهناك المنافقون. تركنا ونحن ينبغي علينا أن نخاف من الناس وأن نخشاهم وأوصانا
عليه الصلاة والسلام ألا نخاف إلا من رب الناس وإلا نخاف من أحد في العالمين وأن نبلغ دينه كما ارتضاه لنا أخرجنا الناس من الظلمات إلى النور ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة وذهبنا شرقا وغربا حتى وصلنا في أقل من مائة عام إلى الأندلس ففتحناها وأزلنا ما فيها من ظلم وجبروت وإلى الهند فدخل الناس فيها في دين الله أفواجا من غير إكراه ومن غير حمل لأحد على أن يترك هويته ولا لغته ولا ملبسه ولا مأكله ولا ثقافته غزوا
العالم بالخير بالمعروف وبذل علماء المسلمين الجهد الكبير فرأيناهم قد وضعوا المنهج للتوثيق لتوثيق القرآن الكريم ولتوثيق السنة المشرفة ورأيناهم قد وضعوا الأدوات لفهم هذا الدين بلغة عربية صحيحة فصيحة ورأيناهم قد استنبطوا الأحكام وناقشوا الأدلة بتنوع وحرية وانطلاق ذهني ملؤوا العالم خيرا، لم نسمع منهم أنهم يستبطنون السخرية من رسول الله صلى الله عليه
وسلم ولا من الأئمة الأعلام ولا من مصادر الشريعة الغراء، لم نسمع منهم إلا أنهم احترموا العلم والعلماء واحترموا صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أحدهم في حرية ذهنه وفي استنباطه واجتهاده من المصادر الشرعية المرعية، كان إذا خالف واحدا من أكابر الصحابة قال: ذلك مبلغ علم عمر رضي الله تعالى عنه، ذلك مبلغ علم عائشة رضوان الله عليها، ذلك مبلغ علم عبد الله بن مسعود إلا أن عبد الله بن عباس قد خالفه يحتمي به لم نر قلة الأدب وسوءه وقلة
الحياء والسخرية التي يستبطنون بها الكفر والنفاق يكفرون بالله وبرسوله وبكتابه ويخرجون من هويتهم يرمون أنفسهم في أحضان كل ناعق ومنافق إلا في عصر نكد كهذا العصر الذي نعيش فيه فيعتدون على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا يكفيهم ذلك فإن رسول الله ليس هو المقصد الأهم بل إنهم يعتدون على رب العزة جل جلاله ويؤلفون الروايات الخرافية ويتكلمون بالقبيح من القول ويذهبون ببركة الإيمان من الناس ويشوشون على العقل كيفية التفكير المستقيم ثم بعد ذلك رمتني بدائها
وانسلت هؤلاء العلماء الذين عاشوا يدافعون عن العقلية العلمية وعن المنطق في أجمل صورة، يتهمون بعد ذلك بأنهم لا يعرفون العقل، ولذلك كلمناهم وناقشناهم وأتعرفون العقل أنتم؟ وما العقل؟ العقل عرفوه بأنه نور إلهي يلقيه الله سبحانه وتعالى في قلب الإنسان، ونتساءل هل تشعرون أيها الفاسقون الفاجرون بنور في قلوبكم؟ يضحكون ويسخرون ويسألون وما هذا النور إذا كان الله سبحانه وتعالى قد حرمك من نور
العقل ولم تشعر بحلاوة الإيمان فعلا فلا تجادل، ومن يجادل فإن الله سبحانه وتعالى قد حجبه عن الحق وحجبه عن الأنوار ولم يكشف له الأسرار، فمن أنت؟ لقد تحولت إلى ما لا يزيد عن جنيهين نشتري بهما المواد التي سيؤول إليها جسدك بعد أن خيبت نفسك بهذا الهراء، أما الذي ألقى الله في قلبه نورا فهو الإنسان المكرم الذي قد خرج من أسفل سافلين بالإيمان والعمل الصالح. عرفوا العقل بأنه الأحكام الثلاثة وسيدي أحمد الدردير، ولاحظوا
لاحظوا التخلف سيدي أبو البركات أحمد الدردير، وما دمت قلت سيدي ولم أقل سيدي فنحن من المتخلفين إذا سيدي أبو البركات أحمد الدردير وهو يعرف لنا العقل في منظومته اللطيفة الخفيفة التي وضعها حتى يعلم الصبيان حتى إذا ما كبر أحدهم وأمسك بالقلم فإنه لا يضل ولا يتكلم ويهرف بما لا يعرف يقول أحكام أو أقسام حكم العقل لا محالة هي الوجوب ثم الاستحالة ثم الجواز ثلاثة الأقسام فافهم منحت لذة الأفهام
في بيتين يذكر أن أقسام أحكام العقل ثلاثة الواجب والممكن والمستحيل ثم يأتي الشراح الذين يشرحون للأطفال ما يقوم به تفكيرهم المستقيم ليبين أن العقل البشري يمكن له أن يتصور فإذا ما أمكن له أن يتصور شيئا فهو من الممكنات ويسمى بالممكن العقلي، ويمكن ألا يستطيع أن يتصوره فيسمى بالمحال أو المستحيل العقلي، ويمكن
أن يرفض العقل انفكاك هذا من ذلك فيسمى بالواجب العقلي. لو أنك أغمضت عينيك وتخيلت شخصا يطير في الهواء فهل تستطيع؟ نعم أستطيع. هل رأيت ذلك بعينيك أن أحدهم قد طار أمامك في الهواء؟ غير أنه لم أر إذا فهو ممكن عقليا لأنك تستطيع أن تتخيله، هل تستطيع أن تتخيل اجتماع النقيضين؟ أن أكون هنا ولست هنا في الوقت نفسه، أغمض عينيك
وتخيلني أمامك على المنبر وفي الوقت نفسه تخيل أنني لست موجودا، لا يمكن ويستحيل أن يتصور الإنسان اجتماع النقيضين، كيف تتصورني وتتصور عدمي في الوقت نفسه لا يمكن فيسمى اجتماع النقيضين بالمحال العقلي، هل يمكن أن نتصور أن الإله غير مبدع وغير حكيم؟ لا يمكن لأن الألوهية في حد ذاتها معناها القدرة والإرادة والعلم والحكمة والإبداع، فلا يمكن لأنني لو تخيلت أن الإله ليس بحكيم وكلمة إله معناها حكيم فمعناها أن الحكيم ليس بحكيم وأن
القادر ليس بقادر وهذا محال عقلا فضده واجب عقلا علمنا العلماء منذ طفولتنا كيف نفكر علمونا المناهج والأدوات وأنشأوا علما أسموه أصول الفقه أسس الفهم نقرأ النصوص ونفهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بشرا قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي فكان في دائرة البشرية لأن الله نص على ذلك علموهم كيف يفهمون المصادر ولكنه يوحى إليه ولكنه
صلى الله عليه وسلم أتاه الملك وهو في مضارب بني ساعدة فشق عن صدره الكريم وأخرج منه علقة سوداء وملأه حكمة وإيمانا وفزع النبي الطفل ببشريته بسبب بشريته فزع ما هذا الذي يلعب في صدره ويشقه ويملؤه ويأخذ شيئا فجاءت حليمة وجاء زوجها فوجدا الطفل وقد اصفر وجهه الشريف وسمعا من ابنهما أن أحدهم قد شق صدره وفعل فخافا عليه واعتقدا
أن أحدا من الناس قد اعتدى على الطفل وأنه قد يموت فتفحصاه فلم يجدا فيه شيئا لأن هذا أمر معجز فهل يمكن أن يتصور العقل ذلك يمكن هل هناك فائدة نعم إعداد ذلك الجسد لنزول الوحي وما الوحي كان ينزل عليه فتبرك الدابة يعني وهو على الجمل لا يستطيع أن يتحمل ظاهرة الوحي فكيف بذلك الجسد لا بد أن يعد ذلك الجسد إعدادا آخر هل هذا من المنطق في شيء هو المنطق بعينه هل هذا يعتمد على أدلة مروية موثقة
هي كذلك أليس هذا هو العلم والجهل هو من يرفض المصادر ويرفض النقل ويرفض المنهج ويرفض الأدوات ويرفض اللغة من أجل أنه مادي يريد كل شيء خارج نطاق الأمر الإلهي فما الذي يجعلنا نثير ذلك إنه الإيمان إنه فهم النصوص إنه المنهج إنه العقلية المؤمنة التي تفتخر بعلمها أمام العالمين أمام أعداء الإسلام وأمام أصدقاء الإسلام وأمام المسلمين وأمام المنافقين وأمام العالمين نحن نفتخر بعلمنا وبإيماننا وبنبينا وبقرآننا وبأحاديثنا
نفتخر بأننا لم نعبد محمدا نفتخر بأننا لم نصنع له تمثالا نقدسه ونضعه أمامنا نصلي إليه نفتخر بأننا قد وفقنا بإذن الله تعالى إلى الصلاة عليه ولا يصلي أحد على أحد في العالم سوى ما يفعله المسلمون بنبيهم صلى الله عليه وآله وسلم، نعم نعتقد أن الله قد وفى له ما وعد وأعلى ذكره، وهل هناك سبب آخر يجعل الحادثة تتكرر عند الكعبة قبل رحلة الإسراء والمعراج مرتين؟ نعم إن خروج الجسد البشري من غلاف الجو يحطمه
الضغط الجوي قد اختل أو انتفى، فكيف به وقد اخترق السموات السبع العلى، وكيف به وقد وصل إلى العرش؟ لا بد أن جسده قد تهيأ تهيؤا آخر، كيف قطع كل هذه المسافة ورجع أسرع من سرعة الضوء؟ لا بد أنه قد تهيأ لذلك ممن شأنه أن يقول للشيء كن فيكون وأمره بين الكاف والنون لا يتخلف عنه أحد سبحانه وتعالى، وهل يحدث هذا لكل أحد؟ وهل يتكرر هذا في كل أحد؟ إنه وحيد فريد صلى الله عليه وسلم، فما هذا المنهج الذي تبنيناه وتبناه علماء
الأمة عبر العصور؟ إنه العلم، الحفاظ على المصادر، مناهج البحث، أدوات البحث. طرق البحث شروط الباحث وعندما فعل الله فيه هذا وهيأه للإسراء والمعراج وللوحي ظهرت على جسده الشريف ملامح ذلك ولم يخرجه ذلك عن بشريته كيف هذا لقد رأيناه وهو يواصل الأيام ذوات العدد من غير شرب ولا أكل حتى أن الصحابة أرادوا أن يقلدوه في هذا المعنى باعتبار البشرية لأنه هو بشر وهم بشر ويريدون أن يقلدوه، ضحك وقال إنما
لست كهيئة أحدكم، أبيت عند ربي فيطعمني ويسقين. ما هذا؟ هذا منطق وعلم، فأبوا لم يكفرهم لم يمتحنهم بما تعيا العقول به، بل جعلهم يجربون فكان أحدهم يتساقط في نصف النهار لأنه قد واصل وأراد أن يقلد الجسد الذي ليس هو كمثله بدعوى الاتحاد في البشرية وتبين له أنه ليس هناك وأن هذا الفريد الوحيد صلى الله عليه وآله وسلم يمثل قصة أخرى في البشر ولا يخرجه هذا عن بشريته رأيناه وهو يقول تنام عيني ولا ينام قلبي
رأيناه وهو يرى الجن بعيني رأسه في حين أن الشافعية يقولون من ادعى منكم أنه يرى الجن على هيئتهم ردت شهادته فهو فاسق ورسول الله يراها، ما الذي حدث في حدقة عينه حتى يتمكن من أن يرى ما لا يراه الناس؟ إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم، ما الذي حدث في إدراكه وعقله حتى يرى الملائكة على هيئتهم؟ خرجت فإذا جبريل يسد بجناحيه ما بين المشرق والمغرب، الأسافل يقولون في
ظاهرة الوحي لعله أن يكون مصروعا، وهل المصروع يأتي بكتاب مثل هذا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؟ وهل المصروع يهدي البشرية ويؤيده الله هذا التأييد العجيب الغريب فيكثر من نسله ويحفظ كتابه ويبارك قبره ويعلي ذكره؟ ويكثر من أمته وأتباعه ويهدي به الناس هكذا أين عقولكم أيها الذين طهر الله جسده ظاهرا وباطنا فلعابه
الشريف رد به عين قتادة فكانت أحسن عينيه، ودمه الشريف مصه مالك بن سنان بعد جرحه بموجب بشريته التي لم يخرج منها في أحد فقال له رسول الله امجه قال كيف أمج يا رسول الله فابتلعه وازدرده تبركا والتماسا لدمه الذي كان يعرف أنه طاهر وليس كدماء أحدنا فيما حرم الله علينا الدم والبول والغائط وجعلها من النجاسات بل حرم الله علينا التقيؤ والنفث أن نزدرده مرة ثانية للاستقذار والسؤال في أصل
العقيدة والدين هل شيء من رسول الله صلى الله عليه وسلم مستقذر بابي هو وأمي العلم يقول لا وينبغي أن يكون لا ولذلك رأى بعض الشافعية أن النبي صلى الله عليه وسلم كان حريصا على الاستبراء من البول وكان ينادي بابن مسعود أو بأنس أو بغيرهم ممن يعينه لإحضار الماء حتى يتطهر من هذا وهذا يدل على أن هذا الشيء ليس بطاهر، ثم بعد ذلك لما جمعوا الأدلة ورأوا بقية المذاهب تقول بطهارته ظاهرا وباطنا، أجمعوا جميعا على أنه طاهر في الظاهر والباطن، ولم يعد أحد بعد
ذلك بعد البحث والعلم والاستدلال والدليل يقول بذلك، فإن العلم يعرف بالأدلة كما تعرف الشهور بالأهلة، فقد بان لهم هلال العلم وثبت عندهم. حكم يختص بجسد رسول الله الفريد العجيب الغريب الراقي النقي صلى الله عليه وسلم أحدهم يقول ولأنه قد تعرض لغير علمه كشفه الله علماء الأزهر يخرجون عن المعقول عن عقله ويخالفون القرآن الذي نص على نجاسة البول وهل القرآن نص على نجاسة
البول أصلا وما هذا التخبط وجهه من أنه لم يقرأ القرآن أبدا ولم يحفظه ولم يفهمه، فنسب إليه ما ليس فيه. لقد أخذنا النجاسات والطهارات عن سيد الخلق فقال لنا إن ميتة البحر طاهرة نأكلها وإن ميتة البر نجسة نبتعد عنها، واختلف العلماء في استنباط بول ما يؤكل لحمه فذهب الشافعي إلى نجاسته وذهب مالك إلى طهارته واتفقوا على أن النجس منا طاهر منه
صلى الله عليه وسلم ومن سائر الأنبياء لأن الأنبياء ينزل عليهم الوحي شريعة من أين نأخذ أدلة الشريعة من أذهان الكتاب الذين لم يقرؤوا القرآن ولا السنة ولم يدركوا حتى معنى العقل ولم يفهموا أبدا كيفية الاستنباط ولم يعرفوا أبدا ما الذي يقولونه وما المآل إليه أم إننا نتبع منهجا لا ننكر فيه شق الصدر ولا المعجزات ولا الإسراء ولا المعراج ولا الوحي، منهج نفهم به الكتاب والسنة متسقا،
منهج لا يؤدي بنا إلى احتقار الجيل الأجل والأئمة الأعلام والهوية لا نخرج منها، نحن نحمل إسلامنا ونعرف أعداءنا وأصدقاءنا وهم لا يعرفون فإنا لله وإنا إليه راجعون، نحن استؤمنا على أمانة لا نتركها أبدا إلا أن يشاء الله شيئا. يا رب سلم نحن لن نحرف ديننا من أجل أن نلتمس رضا أعدائنا. نحن ندعو الله سبحانه وتعالى أن نظل على الطريق في حالة
نحب فيها رسول الله جسده وعقله وروحه وهديه وقرآنه وسنته وصحابته وأهله وقومه نحبه من قلوبنا من أرواحنا من عقولنا نحبه حب الصحابة له هذا الحب الذي ملأ الدنيا وهدى الناس هذا الحب الذي جعلنا أمة هي أكثر أمم أهل الأديان على الأرض الآن بالرغم من كل البلاء الذي تعرضنا له ومن كل المذابح التي تعرضنا لها ومن كل الإبادة الجسدية التي تعرضنا لها فإن الإسلام يدخل في قلوب العباد عقلا
وروحا وحبا حتى أن أحدهم بهدى الله ينتقل من الكفر إلى الإيمان ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، اللهم صل وسلم عليك يا حبيبي يا رسول الله، علموا أبناءكم حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ادعوا ربكم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول
الله وآله وصحبه ومن والاه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده صدق وعده نصر عبده أعز جنده وهزم الأحزاب وحده وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ونبيه وصفيه وحبيبه وخليله اللهم صل وسلم عليه كما يليق بجلالك يا رب العالمين اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وعلى أصحاب سيدنا محمد وعلى أزواج سيدنا محمد وعلى أتباع سيدنا محمد وعلى ذرية سيدنا محمد وسلم تسليما كثيرا. سأل بعض الناس ما الذي يجعلكم تثيرون تلك المسائل الآن؟ نحن لم نثر شيئا ولكن
هذا النزاع بين الذين يدعون إلى الكفر وبين الإسلام بعد المعركة السياسية وانهزامهم فيها وبعد الخيبة الاقتصادية التي عرف الناس حالهم فيها فإنهم يريدون فتح مواجهة أخرى بينهم وبين الإسلام يريدون أن تتخلى المؤسسة الدينية عن سلطانها والجهل لا يعرفون أن المؤسسة الدينية قد تركت سلطانها منذ أكثر من مائتي عام منذ عصر محمد علي وما فعله بعمر مكرم وحتى الآن ليس للمؤسسة الدينية مشاركة لا في
التعليم ولا في السياسة ولا في الاقتصاد ولا في أي قرار كان فما الذي يريدون أن نتركه ليس أصلا معنا شيء حتى نتركه ليراجعوا أنفسهم وليجدوا أنهم يدعون الناس إلى الكفر عبر هذه السنين ولم يكفر الناس شيء غريب، ولكن لماذا لم يكفر الناس بالرغم من كل هذا العناء والبلاء وهجران القوم؟ لماذا لم يكفر الناس؟ لأن الناس شعرت بحلاوة الإيمان، وإذا خالط الإيمان القلب وخالطت بشاشة الإيمان القلب فإنه لا يتركه أبدا،
حتى إذا أكره فإنه سوف يكره بلسانه وقلبه مطمئن بالإيمان. يا عمار، الناس تحب الدين تحب الله ورسوله وهذا الهراء الذي يقال حرب لله ورسوله يزيد الناس حبا في الله ورسوله والحمد لله رب العالمين فما الذي تنقمونه على علماء الدين وما الذي يستطيعون أن يتركوه حتى تهدأ بالكم هم لا يعرفون الإجابة هم وجدوا الشعب متعلقا بعلماء الدين فشنوا على علماء الدين وعلى الدين الحرب والدروس ابتغاء أن يبعدوا الناس عنهم والناس لا ترضى بهذا ولا تريده
فافعلوا ما شئتم قل موتوا بغيظكم ولكن هل ستكون هذه آخر المعارك أبدا إن هناك قائمة ما زلنا سنشكك في الوحي ونشكك في المصادر ونشكك في العلماء ونشكك في التراث ونشكك في العقلية ونشكك وهكذا كلما انتهينا من معركة شغلونا أنفسهم في معركة أخرى، نريد أن نخرج الناس من الأمية التي فشلنا في القضاء عليها بعد خمسين سنة عن طريق القرآن الكريم، لكن ذلك يخيف، كيف نتخذ القرآن الكريم وسيلة للخروج من الأمية إلى الفكر المستقيم،
نريد أن نقضي على البطالة وأن نجعل الشباب لا يشعرون بالضياع، كيف هذا؟ لا بد أن نشغلهم بمسائل هنا وهناك وأن لا نمكن علماء الدين من قيادة البلاد والعباد إلى ما فيه خيرهم، فإن هذه الحال يرضى عنها كثير من الناس أن يكون لدينا فقه وجوع الذي يقول فيه رسول الله: "والله لا يؤمن، والله لا يؤمن والله لا يؤمن من بات شبعان وجاره جائع، نعم نريد أن يكون هناك أطفال الشوارع حتى تنفرج وتنفجر الأزمة. كيف؟ هؤلاء
الأطفال هم الذين أدخلوا الشذوذ إلى البلاد وإلى العباد، والشذوذ أصبح في بعض البلدان حقا من حقوق الإنسان ويقف الدين وعلماء الدين ضد الشذوذ، فلا بد من تنحية الدين تنحية علماء الدين حتى يكون الشذوذ مقبولا بيننا، حسبنا الله ونعم الوكيل، سيغنينا الله من فضله ورسوله، لكننا نترك ديننا، ابحثوا عن غيرنا، لكننا نستسلم هكذا، لقد حرمنا في سبيل الله فليكن هذا جهادنا، أنتركون رسول الله؟ فما الذي يبقى لنا بعد
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بينكم؟ وبين ذلك خرط القتاد أيها الناس تمسكوا بدينكم انشروا في كل مكان رأيا عاما ضد هذا الفساد وضد هذا المنهج المعوج وضد هذه القلوب المريضة وضد هذه الألسنة القذرة قاطعوا هذه الصحف أظهروا غضبكم لرسول الله وقولوا إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم لن يكون هذا هو الأخير وإذا إن سكتنا ستتوالى علينا من المسائل
والبلايا ما يحير الناس وكثير من الناس لا يعلمون ولكن أكثر الناس لا يعلمون، هلم بنا يضع أحدنا يده في يد أخيه فهذه أزمة أمة وليست أزمة طائفة منها، هلم بنا نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ونظهر العقل العلمي الذي علمنا إياه أبو حنيفة وغيرهما من الأئمة الأعلام، هلم بنا نتمسك بقرآننا وديننا وأحاديث نبينا صلى الله عليه وسلم، ونكثر من الصلاة عليه سرا وجهرا بالليل وبالنهار حتى يعلم كل الناس أننا نحب
ديننا ونحب ربنا ونحب نبينا صلى الله عليه وسلم وأننا نعتقد فيه ونؤمن به ونعزره ونوقره، فهو فريد وحيد عجيب غريب. صلى الله عليه وسلم يا سيدي يا رسول الله، اللهم اغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار، وأرنا الحق حقا واهدنا لاتباعه وأرنا الباطل باطلا وجنبنا اتباعه، اللهم اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم، اللهم اجمعنا على الخير في الدنيا والآخرة يا رب العالمين. لنا ولا تكن علينا، ارحم أحياءنا وأمواتنا وحاضرنا وغائبنا. اللهم يا رب
العالمين حرر لنا القدس الشريف من يد المعتدين، ورد الأرض إلى أهلها من غير حول منا ولا قوة. هذا حالنا لا يخفى عليك، وعلم قلوبنا بين يديك، فهب مسيئنا لمحسننا واغفر لنا جميعا، واحشرنا تحت لواء نبيك. يوم القيامة واسقنا من يده الشريفة شربة ماء لا نظمأ بعدها أبدا، ثم أدخلنا الجنة من غير حساب ولا سابقة عذاب ولا عتاب، وأدخلنا يا رب العالمين الجنة ومتعنا بالنظر إلى وجهك الكريم، اجعل الحياة زيادة لنا في كل خير واجعل الموت راحة لنا من كل شر، اللهم نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم، اشغلهم بأنفسهم يا رب العالمين عن الإسلام والمسلمين، اللهم
وحد بين قلوبنا وافتح علينا فتوح العارفين بك، وافتح علينا من خزائن فضلك ورحمتك ما تحبب به الإيمان في قلوبنا وتزينه لنا، اللهم كره لنا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين ومن المهتدين ومن المتقين ومع القوم الصادقين يا رب العالمين، وصل اللهم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، وأقيموا الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.