اجتنبوا الموبقات | مجالس الطيبين | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون، أيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا وسهلا بكم في حلقة جديدة من حلقات مجالس الطيبين، نعيش فيها في هذا الشهر العظيم مع سيدنا رسول الله. صلى الله عليه وآله وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يحذرنا من كبائر تصيب المجتمع بكل مصيبة، ولذلك أسماها بالموبقات لأنها تهلك المجتمع
وتهلك الناس لو شاعت وذاعت وظهرت. هذه الموبقات موجودة في كل عصر وموجودة في كل مصر، في كل بلد وموجودة في كل الناس في جميع الأديان. في حتى أصحاب الأديان وأصحاب الإلحاد هي موجودة ولكنها موجودة في كل ذلك بدرجات مختلفة، المطلوب محاصرتها، المطلوب أن تكون تحت النبذ، يعني الإنسان لو وقع فيها يعرف أنه وقع في خطيئة وليس أنه وقع في شيء طيب جميل ينبغي عليه أن يدعو
الآخرين إليه وينبغي عليه أن يفتخر به. أبدا هذه نجاسات موبقات يجب أن نصفها بأنها جرائم وأنها معصية وأنها مهلكات، والنبي صلى الله عليه وسلم في حديثه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم اجتنبوا السبع الموبقات، أي في هذا الحديث حدد هذه الموبقات المهلكات المعاصي الكبائر التي تصيب المجتمع. بالغ الضرر حددها في سبعة فقالوا يا رسول الله وما هن؟
تأمل الصحابة تحب أن تتعلم من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت قليلة السؤال لا تسأل والنبي صلى الله عليه وسلم يشجعهم على هذا يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن حين ينزل القرآن تبدو لكم عفا الله عنها فكان الصحابة والنبي يقول لهم اتركوني ما تركتكم فقد أهلك الذين من قبلكم كثرة سؤالهم لأنبيائهم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريصا كل الحرص على أن يقللوا من الأسئلة ولذلك فإن ابن عباس يقول إن الصحابة سألوا سيدنا رسول الله ثلاثة عشر سؤالا فقط جميعها موجودة في القرآن الكريم "يسألونك ماذا ينفقون" "يسألونك عن الشهر الحرام" "يسألونك عن الخمر والميسر" "يسألونك عن المحيض قل هو
أذى" "يسألونك" وهكذا ولكن كانوا ينتظرون أن يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا حتى إن بعضهم قال كنا لا نسأل رسول الله صلى عليه وسلم فكنا ننتظر الأعرابي العاقل وما هو كثير من الأهل البدو يعني عندهم حماقة في الكلام وعندهم ترتيب أولويات قد يكون مختلا ولذلك نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التبدي عن أن نحن بعد أن نكون في الحضر نأخذ بعضنا ونذهب إلى البادية لأن البادية أنقص من كان أهل الحضر يحبون أن يأتي الأعرابي العاقل، والأعرابي عندما يكون عاقلا يصبح حكيما لديه مساحة في عقله للتأمل والتفكر
والتدبر، يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عما لا يعرفه، إذ إنه لم ينه عن الأسئلة، فكانوا يحبون أن يأتي رجل غريب من الأعراب فيسأله فيجلسون يستمعون إلى الإجابة رسول الله يقول لهم مثل هذا فلا يتركون السؤال عنه والاستفسار، اتقوا السبع الموبقات. هذا جيد، فما هي السبع الموبقات يا رسول الله؟ قالوا يا رسول الله وما هن؟ قال الشرك بالله، والشرك هذا يعني يضيع قضية الكون ومراد الله من خلقه، يعني يجعل الإنسان غير مؤمن. ويخلط كثيرا بين الأمور ويضيع
الحقائق والسحر رقم اثنين السحر والسحر له وجود فعلي عند أهل السنة وله حقيقة واقعة إلا أنه أضعف بكثير جدا مما بدأ الناس يتخيلونه ويبنون عليه أشياء كثيرة وفي البخاري أن أحدهم وكان اسمه لبيد بن الأعصم سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصابه شيء من الحمى يعني شيئا كهذا مثل فيروس كالإنفلونزا وبعد ذلك تزول بإذن الله، أما أن يقول لك أحدهم هذا أنا مسحور منذ ثلاثين سنة فلا يوجد شيء اسمه كذلك أن يكون مسحورا منذ ثلاثين سنة، فالسحر هذا أثره ضعيف إن كيد الشيطان كان ضعيفا ولا يفلح الساحر حيث
إن هذا السحر ضعيف ويزول بأقرب طريقة، أما شخص يقول لي أنه قرأ القرآن كله ولم يذهب منه هذا الذي يظنه سحرا، فهذا ليس بسحر، هذا مرض عضوي ينبغي عليه أن يذهب إلى الطبيب من أجل علاجه، ولكن السحر أمر مؤثر، لماذا؟ لأن الذي يذهب أو التي تذهب من أجل أن يعمل سحرا لتحقيق شيء ما في عقله أو عقلها، هذا الإنسان يعتمد على غير الله، هذا الإنسان يريد إلحاق الأذى بالناس، هذا الإنسان لا يعرف حقيقة الحياة. هناك أشياء مؤذية كثيرة، فأنا يمكن أن أفكر أن أمسك سكينا وأضرب بها أحدا، فالسكين موجودة. في الكون وإنني أصيب بها أحدهم أيضا
موجود في الكون، لكن هذا ذنب لأنني إذا فعلت ذلك ارتكبت ذنبا وجرحت شخصا، هكذا معصية، ولذلك فهذا الذنب سيترتب عليه أولا الأذية وثانيا الأذى، ولا نقول إنه هذا غير موجود في الكون، هذا موجود في الكون، لكن هذا الوجود يحرم استعماله. لما فيه من ضرر ولما فيه من معصية ولما فيه من أذية تقع بالغير، ويضاف في السحر أنه اعتمد على غير الله سبحانه وتعالى من شياطين الجن والإنس وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق. الموبقة الثالثة
القتل، والقتل هذا مصيبة كبيرة، القتل هذا معناه أنه قد هدم بنيان الرب. كما ورد في حديث أخرجه أبو الشيخ الأصبهاني: ملعون من هدم بنيان الرب، يعني كأنه سمى الجسد البشري هذا بنيان الرب، ربنا الذي بناه وخلقه بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته فهذا بنيان الرب، فإنك ذهبت فهدمته، وهذا الهدم هو القتل بغير حق، والحق هذا يكون عن طريق يكون عن طريق أحكام تستوجب شرعا أن نعاقب هذا الإنسان من أجل مصلحة المجتمع، أما القتل هكذا وقد شاع جدا
في السنة الأخيرة قضية القتل وتسرع الناس في القتل، قتلوا من أجل ربع جنيه وقتلوا من أجل أن يسرقوا ليشربوا مخدرات وقتلوا من أجل أن يغتصبوا فتاة صغيرة وقتلوا من أجل عشيقها، ما هذا؟ هذا لأنهم يستهينون بعملية القتل، يجب علينا أن نراجع أنفسنا لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم عظم شأن القتل جدا وحدثنا أن هناك عابدا، وأن هناك شخصا قتل تسعة وتسعين نفسا فذهب إلى عابد وسأله قائلا له: إنني قتلت تسعة وتسعين نفسا قتلت وماذا فعلت؟ قال: لا توبة لك. ما كانوا سوى
دجاج فراخ تسعة وتسعين نفسا فقتله فأكمل به المائة وذهب إلى عالم. فالعالم وهو يعرف سنن الله في الاجتماع وسنن الله في النفس قال له: من ذا الذي يمنعك عن التوبة؟ تب إلى الله، ولكن في نقطة يجب أن تنتبه في أرض قوم سوء، الناس الذين معك هؤلاء الذين تركوك تقتل مائة نفس دون أن يقتلوك ودون أن يعاقبوك، هؤلاء ناس غير صالحين، هؤلاء ناس سوء الذين أنت ساكن في وسطهم. اذهب إلى أرض كذا فإن فيها أقواما يعبدون الله، فذهب فمات فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب اليوم النقطة التي نريد أن نركز عليها أن هؤلاء
لما سكتوا عن هذا القتل فإنهم يعني كانوا قوما غير صالحين، الحديث فيه أيضا أكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات، وهذه سنكملها في حلقة قادمة إن شاء الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.