احذروا نزول العذاب | خطبة جمعة بتاريخ 2006 03 24 | أ.د علي جمعة

احذروا نزول العذاب | خطبة جمعة بتاريخ 2006 03 24 | أ.د علي جمعة - خطب الجمعة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ونبيه وصفيه وحبيبه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين فاللهم صل وسلم على سيدنا محمد في الأولين وصل وسلم عليه في الآخرين وصل وسلم عليه في العالمين وصل وسلم
عليه في كل وقت وحين وعلى آله الأطهار وأصحابه الأخيار وأتباعه الأبرار إلى يوم الدين واجزه عنا خير ما جزيت نبيا عن أمته وانتفعنا به في الدنيا والآخرة، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا، يا أيها يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم
ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله وإن خير الهدي هدي سيدنا محمد رسول الله وإن شر الأمور محدثاتها فكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة وبعد فإن الله سبحانه وتعالى لما خلقنا لم يتركنا عبثا، هدى عقولنا وأرسل رسلا من لدنه وأنزل كتبا حتى نعلم ماذا نفعل في هذه الحياة الدنيا، أوضح لنا حقيقة الموت وما بعده فأجاب البشرية عن مسألة تحيرها من أين نحن فقال أنا الخالق
الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، وماذا نفعل هنا؟ نأتمر بالطاعة فنقف عند أوامره وننتهي عند نواهيه، وماذا سيكون غدا؟ ننتقل ونرجع إليه سبحانه وتعالى للحساب للثواب أو العقاب، فمن وفقه الله سبحانه وتعالى فهو الموفق ومن هداه فهو المهتدي ولن تجد من دون الله وليا. ترك لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل الأمر واضحا جليا، ولكن بعد أن ابتعد البشر
عن هدي الله، أخذوا يبحثون في الأرض وفي السماء عن الإجابة: من الذي خلق؟ وما الذي نفعله هنا؟ وماذا يكون بعد الموت؟ ورأينا في الأسابيع القليلة الماضية أن شابا قد حاول أن يكتشف شعور الموت وما في لعبة تسمى لعبة الموت فمات ولم يعد لأنه متشكك فيمن خلق، لأنه بعيد عن دينه وهو يشرح له الحقائق لأنه حائر تائه لا يجد
له قضية في هذا الكون يعيش من أجلها ولا يجد لنفسه برنامجا يسير عليه وقالوا إن هذا اللاعب اللاهي كان متفوقا وكان ذكيا والأمر لا يتعلق الأمر بذكاء وغباء ولا بتفوق وفشل، وإنما يتعلق بإيمان وقلة إيمان، وبتربية وقلة تربية، وبدين وقلة دين. الأمر يتعلق بكلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين يقول لنا: إذا أذنب أحدكم نكتت في قلبه نكتة،
فإن تاب ونزع واستغفر محيت تلك النكتة، وإن أقام على المعصية على القلب ران فتصبح النكتة السوداء تعظم وتعظم حتى تغطي على القلب فتفصل بين العبد وربه واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وتحول بين العبد وكونه هذا الكون لا يدرك حقائقه ولا يعرف منتهاه ويشعر
بالعبثية في حياته وبحب الاستكشاف والتجريب فيما يؤدي به إلى الهلكة وليس بمكتشف شيئا فإن الله سبحانه وتعالى هو صاحب الحياة والموت وهو الذي جعلهما ابتلاء لبني الإنسان أرى الناس وهم يسارعون في المعصية ويبدأ الإعلام كل حسب ثقافته وكل حسب مراده في هذه الحياة الدنيا فيحذر بعضهم من لعبة الموت ويدعو آخرون إليها أرأيتم العبث إلى أي شيء وصلنا إليه وأن هذا هو الذي
يولد في الإنسان حرية الإبداع وحرية الاستكشاف وحرية الانتحار وحرية الهلاك أرأيتم إلى أي حد وصل هؤلاء إن المعصية إذا تمكنت في أمة فإن الأصل أن الله يهلكها بأصناف الهلاك ولكن أمة محمد صلى الله عليه وسلم قد عصمت من الاستئصال ببركة سيد الخلق صلى الله عليه وآله وسلم إنما يبقى شيء من العذاب ينزل على العباد يقول سيد الخلق لنا إذا
عمت المعصية فإن الله يرسل على الناس عذابا فقالت أم سلمة وفيهم الصالحون يا رسول الله قال وفيهم الصالحون إذا سينزل العذاب ويعم على الصالح والطالح أما الطالح فمعروف وأما الصالح فلأنه لم يتبرأ ولم يأمر بالمعروف ولم ينه عن المنكر وسكت على البلاء حتى استشرى وانتشر وفيهم الصالحون يا رسول الله قال وفيهم الصالحون يصيرون إلى أمر الله ويبعث كل يوم القيامة على نيته فيحشر الله الطالحين
مع الطالحين والصالحين مع الصالحين ولكن في الدنيا يصيبهم العذاب فكلا أخذنا بذنبه يعني بسبب ذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا الأمراض إنفلونزا الطيور البلاء الذي لم يكن في أمم قد سبقت كالسرطان والإيدز نعم هي كائنات ولكنها مذكرات تذكرك للعودة إلى الله تذكرك لأن تفر إليه هي كائنات من خلق الله وبقدر الله والله
سبحانه وتعالى له حكمة في كل شيء يخلقه من خير وانظر فهذا رحمة تدعو الناس إلى العودة إلى الله لا إلى الفرار منه بل إلى الفرار إليه ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا بهم الأرض ومنهم من أغرقنا وما ظلمهم الله وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل
العنكبوت اتخذت بيوتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون، نعم فكر بسيط ساذج يحاول فيه أحدهم أن يستكشف الموت عن طريق أن يشنق نفسه ويحاول بعد أن يدخل في الإغماء أن ينقذه أصحابه، فلم ينقذوه، ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا. فأخذناهم بما كانوا يكسبون أي بسبب ما كانوا يصنعون ويذنبون ويستمرون
في هذا الطغيان الفكري وفي هذا الوضع القلبي الرديء مع الله سبحانه وتعالى أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وربنا غيور لا يحب الشريك فمن اتخذ في قلبه هوى مع الله تركه الله وشأنه ونحن لا نستطيع أن نعيش إلا بالله ومع الله ولله يجب علينا أن نستيقظ وأن ندرك أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن ندرك شقاء
المعصية ومتاهة الفكر وحيرة القلب وأن الإسلام يخرج الناس من الظلمات إلى النور ومن ضلالات هذا الباطل إلى طاعة الله سبحانه وتعالى أيها الناس هذا كتابنا وهذه اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون، هذا هو منهج الله الذي ارتضاه لنا أن نقرأ الكتاب وأن نسترشد به وأن نقيم الصلاة وأن
نتمسك بها وأن نكثر من ذكر الله تعالى حتى تطمئن القلوب. إلا بذكر الله تطمئن القلوب، ادعوا ربكم يا رسول الله فوزاد فحكمه وزقاقه، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده، وأشهد
أن سيدنا محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة وأدى نصح للأمة وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين، بأبي أنت وأمي يا سيدي يا رسول الله. أيها الناس أكثروا من الصلاة على سيد الخلق بالليل والنهار، فهو بابنا إلى مولانا وهو قدوتنا في حياتنا الدنيا وشفيعنا في الآخرة. فاللهم يا رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم، إنك أنت الأعز اللهم اهدنا فيمن هديت وعافنا فيمن عافيت وتولنا فيمن توليت وبارك لنا فيما أعطيت واصرف عنا شر ما قضيت، اللهم اجعل جمعنا هذا جمعا مرحوما وتفرقنا من بعده تفرقا معصوما ولا تجعل فينا شقيا ولا محروما، اللهم آتنا في
الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار انصروا الإسلام والمسلمين واخز بفضلك وأمرك أمر الشرك يا أرحم الراحمين، اللهم يا رب العالمين رد علينا القدس ردا جميلا، اللهم يا الله يا رحمن يا رحيم يا قهار يا جبار يا رؤوف يا غفور اغفر لنا ذنوبنا وانصرنا على أنفسنا واهدنا واهد بنا، اللهم يا ربنا استجب دعاءنا وباعد باعد بيننا وبين خطايانا كما باعدت بين المشرق والمغرب ونقنا من خطايانا بالماء والثلج والبرد وباعد بيننا وبين خطايانا كما تشاء وترضى يا أرحم
الراحمين واحشرنا تحت لواء نبيك يوم القيامة واسقنا من يده الشريفة شربة ماء لا نظمأ بعدها أبدا ثم أدخلنا الجنة من غير حساب ولا سابقة عذاب عتاب ومتعنا بالنظر إلى وجهك الكريم واجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا وجلاء همنا وحزننا اللهم اقض حوائجنا وحوائج المسلمين ارحم موتانا وحاضرنا وغائبنا واقض حوائجنا واشف مرضانا وسدد الدين عن المدينين وفرج كرب المكروبين والمأسورين يا أرحم
الراحمين وانفع بنا وبلغنا دينك وافتح علينا فتوح العارفين بك وصل اللهم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم أقيموا الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون
    احذروا نزول العذاب | خطبة جمعة بتاريخ 2006 03 24 | أ.د علي جمعة | نور الدين والدنيا