الأربعون الغمارية في شكر النعم | المجلس الأول | أ.د علي جمعة

الأربعون الغمارية في شكر النعم | المجلس الأول | أ.د علي جمعة - حديث
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. في هذه الجلسة المباركة نقرأ ما سطره مولانا الشيخ عبد الله بن الصديق الغماري في تأليفه "الأيام الحاملة والعين الغمارية". نقرأ ما تيسر منه ونواصل إن شاء الله كل أسبوع شيئاً حتى ينتهي وعد. الأحاديث في هذا الكتاب ستة
وأربعون حديثًا أخذها من كتاب الشكر للحافظ بن أبي الدنيا ولخصها ورتبها مقتفيًا بذلك أثر من كتب أربعين حديثًا في سائر المناحي، منهم من كتب أربعين حديثًا في موضوع بعينه، ومنهم من كتب أربعين حديثًا في أصول الإسلام كما فعل الإمام النووي، ومنهم من كتب حديثاً عن أربعين شيخاً، ومنهم من كتب أربعين حديثاً في أربعين بلداً، ومنهم من كتب أربعين حديثاً، وهكذا وطالت الكتابة في هذا، آخذين ذلك
من قوله صلى الله عليه وسلم: "من حفظ على أمتي أربعين حديثاً حُشر يوم القيامة مع العلماء"، وهو حديث في سنده ضعف، ولذلك ولما اشتهر عليه. ابن أبي الدنيا من إيراد الحديث بأسانيدها وفي بعض الأحيان لا يشير إلى سندها. تكلم الشيخ عن جواز العمل بالحديث الضعيف وأن علماء الحديث قد اشترطوا شروطاً ثلاثة في هذا المقام. قال أولها أن يكون ضعف الحديث غير
شديد، إذاً فالحديث الضعيف الذي يؤخذ به ويُحتج به أن يكون غير شديد أما من فعل مثل الأستاذ ناصر الدين الألباني برد الضعيف كله فهذا كلام الذي يعرفه السلف، فإن البخاري رضي الله تعالى عنه ألَّف الصحيح الذي أصبح في الآفاق مصدراً معتمداً عليه عند جميع المسلمين بإجماع، وكذلك الإمام مسلم، إلا أن الإمام البخاري ألَّف أيضاً الأدب المفرد وألَّف التاريخ الصغير. والأوسط والكبير، وألَّف في القراءة خلف الإمام، وألَّف في رفع اليدين في
الصلاة، وألَّف في أفعال العباد، وألَّف كثيراً من المؤلفات التي أورد فيها الضعيف لأن الضعيف يُؤخذ به إذا لم يكن شديد الضعف. فلما جاء الأستاذ ناصر وكأنه رحمه الله تعالى استسهل المسألة، ففرَّق السنة، فأخذ ما قَبِلَه ورفض للأمة فوائد كثيرة سار عليها السلف الصالح، وعندما سألناه وناقشناه قال إن هذا هو مذهب البخاري، فاحتججنا عليه بتخريج البخاري للأحاديث الضعيفة في كتاب الأدب المفرد، وقرأناه على المشايخ بالأسانيد المتصلة،
فقال: "مسلم كذلك، فلمسلم كتاب الوحدان وفيه أحاديث ضعيفة، بل إن مقدمة صحيحه فيها كلام"، ولذلك كان الذي ينسب مسلم قديماً يقول أخرجه في المقدمة حتى يميز بين ما أخرجه في صلب الصحيح وما أخرجه في المقدمة. قال أبو شامة، فأتينا له بنصوص من أبي شامة تبين أنه لم يكن كذلك. قال أبو بكر بن العربي، فأتينا له من أبي بكر بن العربي ما يقدح هذا الكلام. قال ابن حَزْمٌ لا يوجد في كتاب المُحَلَّى ما يَقْدَحُ في هذا الكلام، فلم يَبْقَ لهُ أحدٌ إلا
نفسه، هو فعل هذا مخالفاً لجميع الأمة عبر القرون من الأئمة الأعلام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وهذا الشرط متفق عليه كما قال الحافظ العلائي والإمام التقي السبكي، ومثال الضعف الشديد أن يتفرد أي كاذب أو متهم به أو من فحش غلطه فحش غلطه فحش غلطه. هذه نسميها من أفعال السجايا، يعني صار الفحش له سجية. فالفرق بين الفتح والكسر والضم في الأفعال أن الضم يستفاد
منه السجايا. تقول: كرُم، أي صار الكرم له سجية. شجُع، أي صارت الشجاعة له سجية. فحُش، أي كثر. فحشه حتى صار له سجية والعياذ بالله تعالى أو كثرت غفلته أو ظهر فسقه ونحو ذلك. ثانيها أن يكون الحديث مندرجاً تحت أصل عام من أصول الشريعة، يعني ما دام الحديث يندرج تحت أصل عام ولو كان ضعيفاً وليس شديد الضعف نأخذ به. فعندما يأتي حديث يتكلم فيقول إن... الله يحب
من أحدكم إذا عمل عملاً أن يتقنه - حديث ضعيف، ولكننا نأخذ به لأن الإتقان مرغوب فيه في الدين. أما عدم الإتقان فهو أمر سلبي مردود حتى عند جميع العقلاء. أن تُتقن عملك، وقال تعالى: "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون". إذاً، كل شخص يتقن عمله، لا يا أخي والله هذا حديث ضعيف، ثم ماذا بعد ذلك؟ إذًا فلماذا لا نتقن العمل؟ والله لِمَ لم يقل "يا
أيها الذين آمنوا أتقنوا العمل"؟ آه، هذا مغفل حقًا، إنه عمل يدل على الغفلة. المنهج الذي سار عليه الأستاذ الألباني رحمه الله تعالى كان هكذا، يقول لك: نعم، المذكر (السبحة)، فالسُبحة بدعة! إنا لله وإنا إليه راجعون! كيف تكون بدعة؟ كيف والسُبحة واردة عن فاطمة بنت الحسين، وواردة عن أبي هريرة، وواردة عن سعد بن أبي وقاص. وفقدان الدليل لا يعني بطلان المدلول، ولكن ماذا نفعل وهذا هو الضجيج العالي الآن في مواقع التواصل. صححه
الألباني. مسألة خطيرة ليست صحيحة، لم يصححها العلاء ولا ابن حجر ولا غيرهما، لم يصححها الألباني حتى صار وكأنه مصدر آخر، حتى أن الألباني في بداية حياته كان يقول: "أخرجه البخاري وهو صحيح"، يعني صححه. فيصير الذي صححه ليس البخاري، بل الذي صححه الألباني. شيء يُعَدُّ وكأنه مهزلة، كما إذا كان إحداث شيء ليس في قواعد الشرع ما يشهد له، كحديث ابن عباس مرفوعاً: "من وقع على بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة"، رواه أحمد والأربعة. فهذا الحديث مع ضعفه ليس
في قواعد الشرع ما يشهد له، وهذه مسألة حدود ومسألة دماء، فلا نأخذ بها في هذا الحديث لأنه ليس مندرجاً بالرغم. أنه ضعيف فقط ليس مندرجاً تحت قاعدة شرعية وأصل عام يتيح له أن يتصرف في دماء المسلمين. ثالثها: ألا يعتقد العامل به ثبوته عن سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لأنه لا يقع في نسبة ما لم يقله إليه. يبقى أنني عندما آخذ حديث الإتقان أعمل به لأن ذلك... مندرجاً تحت أصول الشرع وليس متأكداً من نسبته لسيدنا صلى الله عليه وآله وسلم. ذكر هذين
الشرطين الإمامان الكبيران عز الدين بن عبد السلام وتلميذه تقي الدين ابن دقيق العيد. ولا يخفى أن أحاديث هذه الأربعين تتعلق بفضيلة من فضائل الأعمال وخصلة من سنيّ الخصال هي شكر النعم الذي دلت. قواعد الشرع ودلائله على طلبه من عموم الناس، وكفى دليلاً قوله تعالى: "فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون"، فالله أمرنا بالشكر: "لئن شكرتم لأزيدنكم"، فينبغي العمل بما كان ضعيفاً من هذه الأحاديث، بل يتأكد لاستيفائه الشروط المقررة، على أن ما كان منها شديد الضعف يجب تركه عملاً بالشرط. الأول المتفق عليه والله الموفق
لا رب غيره ثم يورد الحديث الأول عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ما أنعم الله على عبد نعمة في أهل أو مال أو ولد فيقول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، فيرى" هناك آفة دون الموت يعني إذا جاءتك نعمة فقل "هذا ما شاء الله لا قوة إلا بالله"، وتعوّد عليها كلما أكرمك الله سبحانه وتعالى بنعمة أو آتاك من منّه، فقل "ما شاء الله لا قوة إلا بالله"، فإن
الله يجعل ذلك حصنًا حصينًا من حولك يقيك السوء. فإذا كان... الأمر كذلك فإن السوء المصروف عنك لا علاقة له بالأجل والموت، يعني يُصرف عنك كل السوء إلا الموت. هذا متعلق بالأجل، والحديث له طرق تقويه، فهو ليس ضعيفاً جداً. أوردها السيوطي في الدر المنثور. الحديث الثاني عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: دخل عليّ النبي. صلى الله عليه وآله وسلم فرأى
كسرة ملقاة فمسحها وقال: "يا عائشة، أحسني جوار نعم الله عز وجل، فإنها قلما نفرت عن أهل بيت فكادت أن ترجع إليهم". يعني أنه وجد كسرة خبز فلم يستهن بها، وكان صلى الله عليه وسلم فيما صح من الحديث يقول: "أكرموا الخبز ولا تستهينوا بنعمة الله، ولذلك فمن يرمي الأطعمة هكذا فإنه لا يجوز. بل يحيى
بن عطارد القرشي عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا أبو يحيى لم يكن صحابياً فهذا حديث مرسل، يعني التابعي يقول: قال رسول الله لا يرزق الله عز وجل عبداً الشكر فيحرمه الزيادة لأن... الله عز وجل يقول: "لئن شكرتم لأزيدنكم". قال الشيخ: "هذا مرسل لكن له طرق تقويه، منها
عن ابن مسعود مرفوعاً: من أُعطيَ الشكر لم يُحرم الزيادة لأن الله يقول: لئن شكرتم لأزيدنكم، ومن أُعطيَ التوبة لم يُحرم القبول لأن الله سبحانه وتعالى يقول: وهو الذي يقبل التوبة عن عباده". إذاً... فنشكر كلما جاءت النعم لأن الله سبحانه وتعالى وعدنا أن يزيدنا منها إن نحن شكرنا. الحديث الرابع: عن الحسن قال: سمع نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم رجلاً يقول: "الحمد لله بالإسلام"، فقال: "إنك لتحمد الله على نعمة عظيمة".
قلت: قال الشيخ هذا مرسل وفي إسناده ضعف يعني. سيدنا الحسن توفي النبي وهو صغير ولذلك فهو مرسل أيضاً لأن الحسن يروي عن النبي أحاديث كأنه رآه أو أمسك به أو نحو ذلك لكن ليس هكذا فهو سمعه من الصحابة. سمع النبي رجلاً قال: الحمد لله بالإسلام -يعني على الإسلام- فقال: إنك لتحمد الله على نعمة عظيمة. وكانت الصحابة لم يمن الله علينا بعد نعمة الإسلام إلا كذا وكذا فكانت نعمة الإسلام بالنسبة
لهم هي مفتاح كل خير ومغلاق كل شر. عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في هذا الحديث الخامس قال: دعا رجلٌ من الأنصار من أهل قباء النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم، فانطلقنا معه. أي دعاه إلى وجبة الغداء أو العشاء، أي إلى طعام. فانطلقنا معه، ذهبوا مع النبي. فلما انتهى من الطعام وغسل يده أو قال يديه - انتهوا من الأكل وغسلوا أيديهم - قال سيدنا: "الحمد لله الذي يُطعِم ولا يُطعَم،
مَنَّ علينا فهدانا وأطعمنا وسقانا وبالإحسان ابتلانا". ابتلانا يعني أردفنا وتابعنا، نعمة الحمد لله غير مودع ربي ولا مكافئا ولا مكفور ولا مستغن عنه، الحمد لله الذي أطعم من الطعام وسقى من الشراب وكسا من العري وهدى من الضلالة وبصَّر من العمى وفضلنا على كثير ممن خلقه تفضيلا، والحمد لله رب العالمين. قلت: إسناده صحيح. يقول الشيخ أن هذا الحديث إسناده صحيح الحديث السادس عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله
عليه وآله وسلم أنه كان يقول: "اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وفجأة نقمتك، وتحول عافيتك، وجميع سخطك". قال الشيخ: وإسناده صحيح. الحديث السابع عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله. صلى الله عليه وآله وسلم يُؤتى بالنعم يوم القيامة والحسنات والسيئات فيقول الله عز وجل لنعمة من نعمه خذي حقك من حسناته فما تترك له حسنة إلا ذهبت بها. قلت: إسناده ضعيف.
هذا الحديث معناه أن النعمة التي لا تُشكر عليها تغضب منك، ففي يوم القيامة يجسد الله المعاني كأن. يقول سيدنا علي: "لو كان الفقر رجلاً لقتلته"، لكن الفقر ليس رجلاً. فيجسد هذه المعاني فيجعل النعمة مجسدة، والسيئة مجسدة، والحسنة مجسدة في صورة تراها لا تعيشها، إنما تراها. فيقول للنعمة: "خذي حقك منه، لأنك أتيتِ إليه وأخذكِ ولم يوفِ المقابل وهو الشكر". الحديث الثامن عن
عقبة بن عامر. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا رأيت الله عز وجل يعطي العباد ما يشاءون على معاصيهم إياه فذلك استدراج منه لهم". قلت: إسناده حسن. يعني إذا أحياناً نرى الفاسق والباغي والطاغي ربنا يرزقه بسعة فتقول: هل هذا علامة رضا؟ ليست النعم علامة رضا، إنما النعم. علامة فضل من الله وحجة من الله على عباده. الحديث التاسع: عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "أربع
من أُعطيهن فقد أُعطي خير الدنيا والآخرة: قلب شاكر، ولسان ذاكر، وجسم على البلاء صابر، وزوجة لا تبغيه خيانة". في نفسها ولا ماله، فإذا رزق الله الإنسان هذه الأربع فقد حاز الدنيا والآخرة، لأن القلب الشاكر واللسان الذاكر من موجبات الجنة، ولأن البدن الصابر والزوجة الصالحة من موجبات الدنيا والآخرة. الحديث العاشر: عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أن رجلاً
كان يأتي النبي صلى الله عليه وآله. وسلم فيسلم عليه فيقول النبي كيف أصبحت فيقول الرجل إليك أحمد الله أو أحمد الله إليك يعني الحمد لله فكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو له ربنا يفتح عليك ربنا يغفر لك ربنا كذا إلى آخره فجاء يوماً فقال له النبي كيف أنت يا فلان قال بخير إن شكرت فسكت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال الرجل: يا رسول الله، كنت تسألني فتدعو لي، وإنك سألتني اليوم فلم تدعُ لي. قال: إني كنت أسألك
فتشكر الله، وإني سألتك اليوم فشككت في الشكر. يعني الرجل قال: بخير إن شكرت. حسناً، أنت شكرت أم لم تشكر؟ لا نعرف، على الشك. هكذا ديكهت كان يقول ماذا أحمد الله إليك خلاص شكر ها هو وهذه لا بخير إن شكرت قال له طيب خلاص عندما تصبح تشكر إذاً ففي كل مرة كان يدعو له إلا في هذه المرة قال الشيخ هذا مرسل
صحيح الإسناد والله تعالى أعلى