الإجتهاد | برنامج الرد الجميل | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم إخوتي وأخواتي في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أهلا ومرحبا بكم معنا في لقاء جديد من برنامج الرد الجميل. إخوتي وأخواتي، في تطور حياة المجتمعات الإنسانية في كل زمان ومكان تبرز قضايا جديدة ونوازل متعددة تتطلب معالجات وحلولا تتناسب مع طبيعتها وأثرها في حياة الناس والاجتهاد هو الوسيلة الوحيدة لإيجاد هذه الحلول وتقتضيه ضرورات الحياة المعاصرة وتمليه علينا وتدعونا إلى أن نمارسه وننهض بأعبائه ونتحمل المسؤولية إزاءه من دون أن نخضع لضغط الواقع على حساب التفريط في القواعد العامة للشريعة الإسلامية وثوابتها الراسخة فالاجتهاد لا يكون اجتهادا حقيقيا مجديا ونافعا ومؤثرا في حياة المجتمع الإسلامي إلا إذا جرى في دائرة المقاصد
الكلية للشريعة الإسلامية وانبعث من الإيمان بصلاحية هذه الشريعة الإسلامية لكل زمان ومكان، لذلك كان الاجتهاد فريضة دينية وضرورة حياتية. فما هو الاجتهاد وما هي أهميته في حياة الأمة؟ وما الاجتهاد الذي نريده لعصرنا؟ ومن هو المجتهد؟ وهل له شروط؟ وضوابط وما الفرق بين الاجتهاد وبين التجديد في الخطاب الديني، هذه الأسئلة وغيرها نتعرف عليها بإذن الله تعالى على مائدة الرد الجميل. إخوتي وأخواتي، يسعدنا ويشرفنا حضور العالم الجليل الأستاذ الدكتور علي جمعة مفتي جمهورية مصر العربية. مرحبا بكم فضيلة الدكتور، أهلا وسهلا بكم ونشكر فضيلتكم على تلبية الدعوة لبرنامج الرد الجميل كل عام وأنتم بخير وفضيلتكم بألف خير أستاذنا، أي أن نبدأ أولا بتحديد المفاهيم، مفهوم الاجتهاد من وجهة نظر فضيلة المفتي.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. عرف الأصوليون أصول الفقه بأنه معرفة دلائل الفقه إجمالا وكيفية منها وحال المستفيد ويقصدون بحال المستفيد حال المجتهد الذي يستفيد الأحكام الشرعية المرعية من أدلتها التفصيلية والمجتهد لا بد منه في الإسلام لأن الإسلام هو الدين الخاتم انتهى الوحي بانتقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى وبعده صلى الله عليه وسلم لا بد من نبي مقيم في هذه الأمة تعطي الأحكام للأفعال البشرية والنبي صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين
لا نبي بعده ولا رسول، الله وخاتم النبيين انتهى الأمر على هذا. إذن لا بد من شخص يقوم مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ويرث منه أن يعطي هذه الأحكام الشرعية لا من تلقاء نفسه لأن الحاكم هو الله ولا من عند نفسه لأنه لا يتلقى وحيا جديدا ولا من عند نفسه لأنه لا إله إلا الله يعني لا شريك في هذا الحكم مع الله سبحانه وتعالى إن الحكم إلا لله هو الحاكم سبحانه وتعالى عند جميع المسلمين بجميع طوائفهم سلفا وخلفا شرقا وغربا وليس في ذلك خلاف بين أحد من المسلمين، يظن بعض الناس أن هناك خلافا بين أهل السنة والمعتزلة مثلا الذين قدموا العقل واعتبروه وكذلك، أبدا هذه قضية التحسين
والتقبيح للأفعال لا علاقة لها بوصف الحكم الشرعي، فالمعتزلة أيضا تقر بأن الله هو المشرع، أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يعطي أي فعل إنساني له حكمه ولدينا آلية، هذه الآلية يستعملها المجتهد إما أن يستنبط من النص مباشرة من الكتاب ومن السنة بعد أن يطمئن إلى توثيقهما، فتوثيق الكتاب أن هناك قراءات عشر متواترة هي الأصل وأن ما فوق ذلك أو غير ذلك لم يثبت بسند متصل صحيح متواتر ولذلك هي خارج عن الحجية، بعض الناس يستأنس بها، بعض الناس ينزلها منزلة الحديث الآحاد، هناك تفاصيل في ذلك في مواضعها، ولكن القرآن بقراءاته العشر والقراءات المتواترة، القرآن
يعني هو يكون القرآن بقراءاته العشر كأنه شيء واحد ببنية واحدة حجة، والسنة وضع المسلمون أكثر من عشرين علما لضبط السنة النبوية الشريفة حتى نميز الصحيح من غير الصحيح، حجة، ثم إن غير الصحيح له شروط بالأخذ به: أن يخلو الباب من حديث فيه، ألا يعتقد في ذاته أنه ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يكون في فضائل الأعمال والأخلاق، ألا يكون في الفروج أو الدماء أو شيء من هذا القبيل بل يكون في مكارم الأخلاق وشروط وضعها العلماء للأخذ بالحديث الذي هو خارج نطاق الصحيح نعم
إلا أن يكون موضوعا فهذا ليس حديثا أصلا وتسميته حديثا إنما هي مجاز وليس حقيقة كذلك الإجماع لا نستطيع أن نخرج عن الإجماع كذلك القياس إلى منضبطة عميقة تساوي الاجتهاد أو كأنها الاجتهاد أو أن أغلب أعمال المجتهد إنما يكون في القياس كما قال الإمام الشافعي في الرسالة والاجتهاد هو القياس يعني كما أن النبي صلى الله عليه وسلم علمنا فقال الحج عرفة لكن طبعا الحج يشتمل على أشياء كثيرة ولكن عرفة هو الركن الركين هو الركن الأساس بالرغم من أن طواف الإفاضة أيضا ركن، وبالرغم من أن الإحرام ركن ولكن هذا العرفة يعني يميز الحج عن العمرة، وعرفة هو يوم محصور ولذلك فيه مشقة، وعرفة يوم
فاضل هو محل نظر الله ومحل استجابة الدعاء، حتى قال الحج عرفة، أو قال مثلا الدين النصيحة، طبعا الدين واسع ولكن النصيحة هي الأهم فالمجتهد هو ذلك المستنبط للأحكام الشرعية المرعية بعد بذل الجهد فيها بطرق مختلفة، إما عن طريق الاستنباط المباشر وإما عن طريق استعمال آلية القياس، وهذا المجتهد له شروط ينبغي أن يكون مسلما وينبغي أن يكون أيضا عالما باللغة العربية، عالما بالكتاب، عالما بالسنة، عالما بمواطن الإجماع، عالما بآلية القياس وعالما بكيفية الترجيح عند التعارض الظاهري الذي قد يبدو للمجتهد، وهذا العلم يجعله يسير في الطريق الصحيح لأن لديه كفاءة وملكة،
وأيضا لديه تقوى، وهذه هي الشروط الإجمالية للمجتهد. المجتهدون يختلفون قوة وضعفا باختلاف قوة التصور. يقول الإمام الغزالي في حقيقة القولين إن التصور المبدئي لدى كل مجتهد يجعله أعلى من المجتهدين الآخرين فقد نجد أن هناك مجتهدا ولكن نجد أن هناك من هو أعلى منه اجتهادا بتمكنه من هذه الأدوات من ناحية وبقوة تصوره لإدراك الواقع وتداعيات الحكم الذي سوف يحكم به، فإن المجتهد بعد الوصول إلى الحكم يجلس يتخيل لو أنه أصدر للناس هذا الحكم هل سيترتب على ذلك المصالح وتدرأ المفاسد وتحقق المقاصد الشرعية ويستقر حال الناس
أو أن العكس سيكون فإن مفاسد كثيرة ستحدث ومصالح كثيرة ستضيع ومقاصد كثيرة ستضيع عندئذ لا بد أن يراجع نفسه مرة بعد مرة حتى يتبين له أين الخطأ الذي ارتكبه في سلسلة الأفكار والتداعيات التي فعلها وهي تداعيات وأفكار علمية ولكن قد يموه عليه في بعضها فيصل إلى هذه النتيجة التي عندما تداعت أفكاره وتخيل ما الذي ستكون مآلات هذا الحكم فوجدها أنها تتعارض مع مقاصد الشريعة أو مع مصالح الناس حينئذ يرجع مرة أخرى يعيد الاجتهاد لأن الشريعة لا تتضارب بعضها مع بعض ولأن الشريعة ليس في أحكامها ما يقرر على المصالح بالبطلان ولأن الشريعة ليس في أحكامها ما يؤدي إلى
الفساد أو إلى تضييع مقاصد الشريعة العليا نفسها ولذلك المجتهد من تقواه قبل ما يخرج للناس بحكم فإنه يتفكر مرة وأخرى وثالثة وعلى قدر القوة الإبداعية والتصور المبدئي عند المجتهد تكون درجته في الاجتهاد نحن لدينا في الإسلام أكثر من ثمانين مجتهدا دونت اجتهاداتهم في كتب الفقه منذ عهد الصحابة، وهذا لا يعني حتى أننا نترك الصحابة لأن الصحابة أكثر من ذلك، فبعد الصحابة يوجد ثمانون مجتهدا دونت آراؤهم، فلماذا تصدرت مثلا المذاهب الأربعة أو الثمانية؟ لماذا بقيت إلى يومنا هذا الحنفية والشافعية والمالكية والحنابلة والجعفرية والزيدية والإباضية يوم الناس هذا لأن هؤلاء الناس
كانوا في عنصرين جعلاهم كذلك أنهم أقوى تصورا من غيرهم فتكلموا في أغلب الفقه، والقضية الثانية أن هناك تلاميذ أبرارا قد حملوا هذا وحموه ونقلوه وفرعوا عليه وخدموه، ولذلك كان الشافعي يقول كان الليث أعلم من مالك إلا أن أصحابه ضيعوه. كلمة كان أعلم. من مالك يعني كانت قوة التصور عند الليث وأدواته من الاطلاع على الكتاب والسنة واللغة وما إلى ذلك والإجماع واستعمال القياس إلى آخره كان أعلم من مالك إلا أن مالكا وجد مدرسة تحمل فكره وتنقحه وتدلل عليه وتوصل به إلى الناس والليث لم يجد من أصحابه
ذلك بل كان أصحابه خمول أو عندهم انكفاف عن هذا الأداء المبدع، فهذا هو المجتهد في الإسلام. المجتهد في الإسلام هو متصل بفكرة، عقائدية عند المسلمين، يعني ليست فكرة أفكار الناس، لا، إنما هي بقضية مهمة عند المسلمين وهي خاتمية الرسالة. فلأن الرسالة خاتمة، هناك مجتهد. فضيلة مفتي الديار المصرية الأستاذ الدكتور علي جمعة دخل الواقع أو ربط الواقع بالاجتهاد في نظر المجتهد، هل لا بد أن يدرس ويعرف ويقوم بدراسة الواقع دراسة جيدة حتى يتمكن من إصدار الفتوى المنبثقة من كتاب الله أو من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؟ هناك نوعان من الأحكام: نوع مطلق ونوع نسبي. النوع المطلق
لا علاقة له بواقع ولا بغيره فعفوا من فضيلتك تقصد الاجتهاد، الأحكام أحكام شرعية الأحكام لها نوعان نوع مطلق ونوع نسبي، النوع المطلق هو هوية الإسلام مقررات أجمع عليها وتجاوزت الزمان والمكان والأشخاص والأحوال وهذه الأربعة هي جهات التغيير الزمان المكان الأشخاص الأحوال لكن هناك ما قد تجاوز هذا كله وهذا هو المطلق هذا لم ينسب إلى زمان ولا إلى مكان ولا إلى أشخاص ولا إلى أحوال هذا مثل الصلاة مثل صيام رمضان مثل الحج مثل وجوب إخراج الزكاة مثل وهكذا وبعد ذلك يأتي يقول لي حسنا لكن أنا مريض لا أستطيع القيام في الصلاة أقول له نعم فأصبحت تجلس
طيب ولكن القيام ركن من أركان الصلاة عفا الله عنك يعني هذه أصبحنا هنا ندخل هذه التغيرات الأربعة أنا في زمن حرب ولست في زمن سلم أو في زمن ضرورة ومجاعة ولست في زمن عادي أنا في مكان لا يطبق فيه شرع الله أو في مكان يطبق فيه شرع الله يختلف هنا تبدأ تختلف الأحكام فإذا كان المجتهد يفتي للناس فإنه يراعي الواقع أما إذا كان يبين الأحكام المطلقة فإنه يبينها وهي مطلقة عن الزمان والمكان والأشخاص والأحوال والمجتهد إذا راعى الواقع فهو أمام ثلاثة أشياء نحن الآن نقوم برحلة في ذهن المجتهد الشيء الأول
المصادر الشرعية والمصادر الشرعية عنده تنقسم إلى قسمين، قسم هو عبارة عن الأدلة والحجج وهو الكتاب والسنة، وقسم آخر هو نتاج المجتهدين الآخرين التي يمكن أن يستأنس بها أو تنفتح له المعاني من خلالها وهو تراث إنساني ويمكن تغييره ومخالفته، أما الأول فلا يمكن تغييره ولا مخالفته وهو الكتاب والسنة نسميها المصادر. القضية الثانية قضية الواقع، والواقع له عوالم أربعة: عالم الأشياء، وعالم الأشخاص، وعالم الأحداث، وعالم الأفكار. لا بد للمجتهد أن يغوص في كل عالم ويعلم ما القواعد الضابطة لهذا العالم وكيفية العلاقات البينية بين كل عالم والعوالم الأخرى. القضية الثالثة: كيف يربط
بين عالم وآخر المصادر وبين الواقع وهذه يدرس فيها المجتهد ويراعي المقاصد الشرعية والمصالح المرعية وقضايا الإجماع وقضايا اللغة ودلالتها وقضايا المقال ألا يضر بالشريعة بالنصوص الشرعية فهو يعمل كأنه يعمل جسرا ما بين المصادر وبين الواقع وهذا الجسر يراعي فيه هذه الأشياء التي ذكرناها بارك الله فيكم إخوتي وأخواتي نلقاكم بعد ذلك هذا الفاصل القصير
فاتجهوا إلينا إخوتي نحن معكم ومازلنا على مائدة الرد الجميل وملف الاجتهاد وما تحتاجه الأمة إليه نود أن نجدد التحية والترحيب بفضيلة مفتي الديار المصرية الأستاذ الدكتور علي جمعة أستاذ الدكتور نأتي إلى الاجتهاد وأهمية الاجتهاد بالنسبة للأمة من وجهة نظر فضيلتكم الاجتهاد كما ذكرنا هو لأن الإسلام هو دين خاتم وبعد أن ختمت النبوة فلا بد للناس من معرفة الأحكام الشرعية لأنه لكل فعل بشري حكم شرعي ولذلك تعريف الحكم عند الأصوليين يقول الحكم الشرعي هو خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء
أو التخيير أو الوضع فانظر خطاب الله متعلق بأفعال المكلفين أفعال المكلفين لا تتناهى وذلك أن كل عصر له ظروفه وله أحواله وله بيئته والناس تختلف مشاربها وثقافتها وعقولها ففي النهاية سنجد أن الأحداث غير متناهية بالرغم من أن النصوص متناهية يقول الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني ولما كانت الأحداث غير متناهية وكانت النصوص متناهية احتجنا إلى القياس واحتجنا إلى الاجتهاد أنه يجعل الإسلام قادرا على أن يعيش في كل عصر وأن يعيش في كل مصر، أي في كل بلد، وهذا
هو طبيعة الإسلام الأولى وهو أنه نسق مفتوح. الإسلام لم يأت لجنس معين أو لنسل معين كما لو كان مثلا جاء إلى العرب فقط، بل جاء إلى العالمين وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين وفي الفاتحة الحمد لله رب العالمين عالمية الرسالة تجعل أننا نخاطب بالإسلام الستة مليارات الذين على وجه الأرض الآن حسنا ولكن هؤلاء مختلفو المصالح والمشارب والثقافات إذن فلا بد أن يعيش في أوساطهم من الإسلام بطريقة تتفق مع حياتهم وتتفق مع عصرهم وتتفق مع مصالحهم وهكذا صحيح فلا بد من الاجتهاد، أهمية الاجتهاد أن الإسلام لا يعيش في العصر إلا بالاجتهاد، ولذلك لما ظهرت بوادر أن بعضهم استثقل الاجتهاد أو أن
بعضهم أنكر الاجتهاد، جاء الإمام السيوطي فقال يا جماعة أبدا هذا الاجتهاد باق وباق ولا بد أن يكون فرضا في كل عصر. وألف كتابه الماتع الرد على من أخلد إلى الأرض وجهل أن الاجتهاد في كل عصر فرض، فهذا الكتاب الذي جمع فيه السيوطي كلام الأئمة عبر السنين أن الاجتهاد في غاية الأهمية وأنه لا بد منه وإننا نحتاجه وأنه من فروض الكفاية، حتى أن السيوطي نفسه قال أنا مجتهد فقالوا له طيب أنت مجتهد في أي شيء؟ قال: أنا لم أقلد الشافعي، هو كان شافعي المذهب في التدريس وفي التأليف وكذلك إلى آخره، قال: أنا اجتهدت في كل مسائل الفقه ووصلت
باجتهادي إلى آراء معينة مدللة، فنظرت فوجدت هذا الذي ذهبت إليه هو الذي ذهب إليه الإمام الشافعي، فبدلا من أن مذهب آخر اسمه السيوطي قال أبدا أنا قلت أنا الشافعي فوجدت نفسي قد خالفت الشافعي في سبع عشرة مسألة، سبع عشرة مسألة فقط وجدتها رأيا ضعيفا في المذهب أيضا أي أنه حتى لم يخرج عن المذهب فقال إذن هناك فرق بين المذهب الذي يستعمل في التعليم والذي يستعمل في القضاء يستعمل في كذا وبين الاجتهاد وقد يتوافق المجتهد مع مجتهد آخر بالرغم من أنه لم يقلد وإنما توافق ووافقه في جميع المسائل ولذلك أيضا ورد عن ابن دقيق العيد ما قلدنا الشافعي ولكن وافق
اجتهادنا اجتهاده وورد كثيرا عن أتباع المذاهب أنهم قالوا هذه العبارة أن هذا عبارة عن اجتهاد أيضا فالاجتهاد فرض في كل عصر وله أهمية كبيرة وأهميته تتمثل في أن الإسلام سوف يعيش في كل عصر بمعنى أن الاجتهاد هو حقيقة مرونة الشريعة الإسلامية وهو الذي يجعلها قادرة على أن يظل الإسلام فاتحا ذراعيه للبشر للهداية ومستجدات الحياة، كل مستجدات الحياة هي تحت الاجتهاد والاجتهاد هو الذي يبين موقف الشريعة الإسلامية منها فضيلة المفتي، إذا كان هذا الاجتهاد وأهميته وما حاجة الأمة إليه وأنه موجود في كل مصر وعصر كما يقال، أي اجتهاد نريده لعصرنا الحاضر؟ نحن الآن دائما لسنا
سنخترع هذه العجلة، نحن معنا تاريخ أربعة عشر قرنا أدى فيه علماؤه في لكل عصر واجبه، فهناك ما يسمى بواجب الوقت، إذن فنحن الآن ينبغي علينا أن نبحث عن واجب الوقت. ما الذي حدث في القرون الأولى؟ الذي حدث في القرون الأولى أن المسلمين فتحوا البلدان وأن الناس دخلوا في دين الله أفواجا وأنهم احتكوا بحضارات وبثقافات هناك في روما وهناك في فارس. هناك في الهند والصين، هناك في المغرب وفي الأندلس احتكوا بعقول أخرى وثقافات أخرى وحضارات أخرى، فما الذي فعلوه؟ إنهم استطاعوا أن يعرضوا الإسلام من خلال مقررات الكتاب
والسنة ومن خلال العقيدة الإسلامية والأخلاق الإسلامية، صاغوها مرة أخرى بطريقة استطاع أن يفهمها أهل الأندلس واستطاع أن يفهمها أهل الهند واستطاع أن يفهمها أهل فارس ودخلوا في دين الله أفواجا استطاع أن يفهم أهل مصر بحضارتهم العريقة الفرعونية والمتنوعة إذا فالقضية هي أن واجب الوقت أن نستوعب العصر وأن نقدم الإسلام من خلال مقررات الكتاب والسنة والعقيدة الإسلامية والأخلاق الإسلامية للعالم بصورة لافتة للنظر بصورة تلفت الأنظار الآن عمليات تشويه كثيرة منها مقصود، كثيرة منها جاءت من تراكمات التاريخ، تشوه صورة الإسلام في العالمين. تأتي بالإنسان وتقول له يا أخي هناك دين يعبد الوثن ويسجدون أمام حجر اسمه
الكعبة، وهناك دين يعبد محمدا، وهناك دين عنيف يريد أن يريق الدماء، وهناك دين يكره الناس، وهناك دين خال من الحب ومن الرحمة وهنا فالإنسان عندما يسمع هذا عن شيء وذهبوا واضعين عليه عنوان الإسلام فإنه يخاف ويقول لا أنا لا أريد أن يكون هذا هو الإسلام بل يتحول إلى عدو له وهذا هو الذي يحدث الآن عندما يؤلفون فيلم الفتنة أو عندما يأخذون بعض الأفعال الإسلامية أو بعض الأفعال الذين لا يعرفون الإسلام يقومون بأفعال سلبية ويجعلونها تمثل هذه الصورة، وهناك تشويه لصورة الإسلام، فما واجب العصر؟ إن واجب العصر أن أبين حقيقة الإسلام، وأبين أن الإسلام بدأ
في خطابه للعالمين بكلمة "بسم الله الرحمن الرحيم"، فحرام بعد ذلك أن تنكر علي الرحمة عندما يكون اسم رسولي رسول الرحمة عندما أكون السلام هو تحيتي والسلام هو آخر كلمة في الصلاة والسلام هو دار السلام وهي الجنة والسلام اسم من أسماء الله وبعد ذلك تقولون عني إنني دين لا يحب السلام إذن من الواجب في الوقت الحاضر أن ينبغي علينا أن ننشئ ما يسمى الآن بالنموذج المعرفي كلمة التراث والنموذج المعرفي، ما النموذج المعرفي؟ صيغة عقيدتك تقول إننا نؤمن أننا مخلوقون لخالق، هذه تفرق بيننا وبين الملحدين، الملحدون يقولون لا، هذا الكون هكذا، تفرق في العلوم الاجتماعية وفي العلوم الإنسانية وفي التحيز في العلوم الكونية، تفرق في كل شيء، وأننا
نؤمن بالوحي، افعل ولا تفعل في برنامج وبرنامج واضح جدا أن لدي في الإسلام صلاة وصوم وحج وزكاة، افعل ولا تفعل، فيه حرام وفيه حلال، وإننا نؤمن أيضا بالمطلق والنسبي، وإننا نؤمن بيوم القيامة، وإننا نؤمن بالقداسة، في بعض المذاهب لا تؤمن بالقداسة، نحن نقدس الكعبة ونقدس المصحف ونقدس سيدنا النبي ونحترم أبانا وأمنا ونقبل أيديهما في ثقافات لا تفعل ذلك، أنا أفعل ذلك وأدافع عن ذلك ولدي قداسة ولا أخجل من أن لدي قداسة في هذا. بل إن النموذج المعرفي، هذا النموذج المعرفي مكون من ثلاثين نقطة، نحن ذكرنا منها خمس أو ست من أجل
الوقت. فعندما أصوغ عقيدتي مرة أخرى بهذه الطريقة، بطريقة أفهمها لافت للنظر أنني عندما آتي لأقول له: على فكرة أنا أدرس الإلهيات والنبوات والسمعيات، يقول لي: والله أنا لا أؤمن بالإلهيات ولا أريد النبوات ولا أنا مستعد لأن آخذ السمعيات، ولكن عندما أبين له أن لي نموذجا معرفيا في مقابل نموذجه المعرفي وأن له رأيا سوف يتحكم في إقدامي وإحجامي سواء في مجال السياسة أو في مجال الفلك أو في مجال الطب أو في مجال العلوم الكونية أو العلوم الإنسانية والاجتماعية هو يستمع إليه لأن يقول الله هذا يسمونه هو بالإنجليزية نموذج هذا النموذج الخاص بك مختلف لو أنني أحضرت العقيدة الخاصة بي التي أحفظها
في الجوهر من إلهيات ونبوات وسمعيات ما يجب وما يستحيل وما يجوز وأعطتها له بهذا التكوين فهو يرفضها، ولكن لو أعطتها له بتكوين آخر يسمى النموذج المعرفي فهو يقبلها لأن عقله هكذا. علماؤنا الأشعري والماتريدي والشافعي وكل هؤلاء حولوا الإسلام إلى هذه الصياغات القابلة للفهم لدى الحضارات فدخلوا في دين الله. أفواجا نحن نريد أن نفعل ذلك بأن نحول مرة أخرى عقائدنا لا نغير عقائدنا وإنما نجدد طريقة العرض والتكوين والتقديم والتأخير، هناك ترتيب للأولويات ولذلك هذا هو واجب الوقت أستاذنا أي كما فهمنا من فضيلتكم في بداية الحلقة الإمام السيوطي الإمام الشوكاني الدهلوي أي لم يخل عصر من العصور من الاجتهاد
ومن المجتهدين أسأل فضيلتكم لماذا لم نعد نسمع عن مجتهدين جدد في الأصول حاليا كما ذكرت لكم عن هؤلاء الناس وعن غيرهم مثلا يعني عن السيوطي لماذا لم يدع السيوطي الاجتهاد فيعزم على أن ينشئ مذهبا جديدا باسم السيوطي لأنه وجد نفسه في أغلب الفروع إلا في سبعة مسألة موافقة للإمام الشافعي ولذلك أنا عندما آتي وأبحث نحن لدينا في المسائل الفرعية في الفقه الإسلامي مليون ومائتا ألف فرع فقهي تحت أيدينا في الكتب في مغني المحتاج الذي نقوله هذا التقسيم الخاص بالدكتور عبد الفتاح الحلو والدكتور عبد المحسن التركي للمتن الخراقي ألفا
مسألة ألفان فهي مبنية هكذا أن الألفين يبقى تحتهما مسائل كثيرة وكل مسألة تحتها فرعية كثيرة حتى تصل إلى المليون ومائتي ألف التي أقول عنها ولكن عندما نذهب إلى مسائل التي هي عناوين فإننا نجد أن عندنا الألفين مثلا يعني الألفين أو ثلاثة آلاف لأنه ليس المغني فقط بل هو الكتاب الوحيد فأنا لو أمسكت وجلست أبحث فيها وأجتهد كي أصل إلى أنني معي من الألفين ألف وتسعمائة وخمسين أنا موافق عليهم وفي خمسين غيرت رأيي فيهم لي رأيي المستقل وفي أيضا خمسين جدد أصبحنا في مائة أمام مليون ومائتي ألف فلا أقول أنني مجتهد انتبه كيف لا يا فضيلتك أنا لي رأيي هنا في مائة مسألة
ولي رأيي مبني على وسائل الاجتهاد فإذا قد يوجد الاجتهاد دون يعني ضجيج حوله فالموجود في أيامنا هذه هذا النوع من الاجتهاد من غير ضجيج حوله من غير أن نحن نقول أن فلانا هذا مجتهد القضية الثانية لسبب لماذا يعني لا يكون هناك مثل السيوطي أو الشوكاني أو كذلك على فكرة الشوكاني كان حيا والسيوطي كان حيا لم يكونا كذلك هذا نحن قلنا عنهما هذا الكلام بعد أن ماتا لا نعترف أن واستأذن ولكن كانا مجتهدين في العصر الذي كانا يعيشان فيه ولكن لم يقل أحد عنهما أنهما مجتهدان ولم يصدقهما أحد وعندما لمحوا لكن هكذا إن
هؤلاء مجتهدون زالوا منهم فالقضية هي أنه من الذي قال عن السيوطي أنه مجتهد هو أشار إلى أنه مجتهد في التحدث بنعمة الله الناس الذين بعد ذلك قالوا نعم هذا السيوطي قال والشوكاني قال والدهلوي قال وهكذا إلى آخره فبعد هذا بعد العصور التي بعدنا عندما إلينا تبقى تقول علينا ستقول إن فلانا له رأي هنا نحن ما زلنا إلى الآن نقول هذا ابن القيم له رأي في هذه المسألة ونأخذ به هذا ابن تيمية له رأي في هذه المسألة ونأخذ به ليس فقط عالم تأخذ به مؤسسة أو تأخذ به دولة في قوانينها من أجل أخذت رأي ابن تيمية أو ابن القيم بعد وفاتهما، فابن تيمية سجن ومات وهو مسجون، وابن القيم حكم عليه تقي الدين السبكي في مسألة المسابقة وهكذا.
إذن بعد ذلك سيقال هذا الكلام وسيكتشف أن فعلا نتاج المائة سنة الأخيرة هذه حدثت فيها اجتهادات معتبرة كثيرة. نتوقف عند نقطة أو تساؤل. الفرق بين التشدد والحداثة والاجتهاد ملف مفتوح نتحدث حوله ونتحدث مع أستاذنا وعالمنا الجليل الأستاذ الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية، فضيلة أستاذنا الدكتور علي جمعة، أي أن هناك من يخلط بين التشدد
والحداثة والاجتهاد، فهل هناك فروق بين كل مصطلح؟ بالطبع الحداثة هذه، حالة اعتمدت فيها العلوم التجريبية والعلوم التجريبية عندما جاءت الحقيقة أنها خالفت المفهوم في العلم عند المسلمين، فالعلم عند المسلمين إما أن يكون علما عقليا أو نقليا أو طبيعيا أو تجريبيا أو حسيا، هذه أنواع العلوم، والعلم معناه الإدراك الجازم المطابق للواقع الناشئ عن دليل، هذا عند المسلمين، ولكن عندما جاءت العلوم التجريبية واعتمدت كمصدر للمعرفة أطلقوا عليها في الإنجليزية "ساينس"، وعندما جاءوا ليترجموا "ساينس" ذهبوا إلى ترجمتها إلى علم بالرغم من أنها أصبحت الآن كلمة علم بمعنى "ساينس" اختزل فيها المعنى العربي، المعنى
العربي أوسع، كلمة علم عند العرب تشمل الساينس وتشمل غيرها وتشمل المعرفة أيضا، هؤلاء الناس عندما أنشأوا الساينس عندهم في أواسط القرن التاسع عشر أصدر خطابا بابويا اسمه باسنت، وكلمة باسنت تبدو كلمة لاتينية كانت هي أول كلمة في الخطاب. إنهم يسمون الخطاب بأول كلمة باسنت، خطاب باسنت هذا حرم فيه سبعين علما قال هذا حرام لماذا؟ الكيمياء حرام والفلك حرام والطب حرام والفيزياء حرام، سبعون علما محرما. من الباب من الباب حرام ما فيها سبعون علما لأن هذه حداثة نحن نريد أن نصل إلى المذهب حداثة ومن وجهة نظر العالم كله
العالم كله يقول هيا بالحداثة فما بال القديم إذن ما هو حادث وقديم مقابل وقديم القديم تبقى العلوم الكنسية صحيحة والحداثة هي الاعتماد لا على الكتاب ولا على الاعتماد على القرارات البابوية، إنما الاعتماد يكون على هذه العلوم التي تكشف لنا الحقيقة. فقال لهم لا، هذه تكشف الحقيقة ولا أنا لا أعتمد عليها، ولذلك أنا لست مع الحداثة وأصدر كتابه بعام يحرم سبعين علما قائلا لا ليس كذلك. بعد ذلك حدث تراجع في هذه التحريمات. في القرن العشرين لا تهمها هذه قضية أخرى ولكن القضية أننا نريد أن نبحث عن كلمة حداثة ما معناها أن الناس الذين هناك ملوا من الدين الناس الذين هناك أوجدوا مصدرا للمعرفة آخر لا يكون معتمدا على الدين الذي
يقول بالوحي ونحن لسنا عارفين لم نر هذا الوحي ما هو إلا أن يكون معتمدا على الحقائق الحسية، هيا بنا نخرج من دائرة الاعتماد على الإيمان ونجعله أمرا شخصيا، كل واحد يؤمن على هواه، وهيا بنا نبدأ الاعتماد على الحقائق الحسية المرئية التي هي معتمدة على هذه العلوم السبعين التي أدرك البابا خطورتها على الإيمان المسيحي فحرمها، أنا بالنسبة مختلفة تماما أنا أقول إن لدينا قراءتين قراءة القرآن وقراءة الأكوان اقرأ باسم ربك الذي خلق أول شيء أقرأ الأكوان أقرأ الأكوان عن طريق هذه العلوم السبعين أنا في صف هذه العلوم السبعين لست ضدها وبعد ذلك اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم هذا موقفي من ذات الحداثة التي هي العلوم
هذه التي هي اعتماد العلوم للوصول إلى الحقائق وأقول إن كتاب القرآن وكتاب الأكوان صدر من عند الله ألا له الخلق والأمر فهذا من عالم الأمر وهذا من عالم الخلق تبارك الله رب العالمين ولذلك لا تناقض بين القرآن وبين نتائج هذه العلوم أنا سأقرأ الاثنين وسأستوعب الاثنين كليهما من عند الله ولذلك هذا صدر منه أمرا وهذا صدر منه خلقا الذي هو الكون، ولذلك ليس هناك تعارض أصلي فأنا لست محتاجا إلى هذا التحريم الخاص بالعلم ولا محتاج لأن أقلق لأن لدي هذه العلوم كلها. عندما تمادى الناس هنا في الحداثة هذه التي هي الاعتماد على مصدر العلوم وتركوا الإيمان المسيحي وليس الإيمان الإسلامي أي
إلحاد منهم من الإلحاد فأصبحت الحداثة عنوانا على هؤلاء الفارين من الدين فبعض الناس يتحرجون عندنا أن تكون هذه هي الحداثة لأن صارت هناك تداعيات من هذا الإلحاد أنا لا أقول بالإلحاد ولا أقول بالانحراف عن الإيمان وأقبل العلوم وأرفض من الحداثة كل ما انحرف عن طريق الله سبحانه وتعالى، أما قضية التجديد فالنبي صلى الله عليه وسلم ترك لنا حديثا وقال إن الله يبعث على رأس كل مائة عام من يجدد لهذه الأمة أمر دينها، ولذلك نرى الناس يبحثون عن ذلك المجدد ومن يكون، ففي القرن الأول قالوا إنه عمر ابن عبد العزيز في القرن الثاني قالوا إنه الإمام الشافعي لماذا عمر بن عبد العزيز عمر بن عبد العزيز أجاد تطبيق الشريعة في
الواقع فوصل بالدولة إلى مرحلة الرفاهية والرخاء فأصبح يبحث عن الزكاة والذهاب لا يجد أحدا مستحقا للزكاة الشافعي لماذا يجعلونه مجددا لأنه أنشأ الرسالة وبين لنا كيف يفكر المجتهد وبين لنا كيف يؤصل ما في الكتاب والسنة من قواعد وما في أذهان الصحابة من تطبيق، هذه عملية، هذه نقطة فارقة في التاريخ، في القرن الثالث قالوا أبو الحسن الأشعري لأنه استطاع ترتيب البيت من الداخل لمواجهة الفلاسفة والأديان الأخرى والملاحدة وجميع الخلق، فأسبغ قدرة للإسلام عظيمة عرض نفسه على العالم ولذلك انتشر الإسلام في القرن الرابع يقولون ابن
فورك وهكذا يبدأ في القرن الخامس يقولون أبو حامد الغزالي لماذا لأنه ألف إحياء علوم الدين الذي أعادنا مرة أخرى إلى منظومة كادت أن تنسى وهي الأخلاق لقد أصبحنا الآن متمسكين بالطقوس وبالشعائر الخارجية وهي خمسة في المائة الدين وأطرق خمسة وتسعين في المائة وهي الأخلاق المرتبطة بالعقيدة، أنا أصبحت الآن وكأنني قد نسيت الإنسان الحبيب الرحيم الخلوق، والنبي يقول إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق. عاد مرة أخرى منظومة الأخلاق حتى يحدث إحياء، انظر إلى الكلمة إحياء، فإذا هؤلاء وهكذا أخذ المجدد، فالتجديد هذا هو عبارة عن ترتيب من الداخل هو عبارة عن ماذا؟ ليس هناك ابتداع، التجديد هو نوع من أنواع ضخ الدم في الجسد من
أجل أن يقوم ما نسميه تارة النهضة وتارة الصحوة وتارة كذا وكذا إلى آخره. سيدنا عفوا، دون مقاطعة كلام فضيلتكم، لكن هناك من يرى أن التجديد ينافي طبيعة الدين الإسلامي وقواعده. الدين الإسلامي سدا للذراع ومخافة أن يأتي العلمانيون ببث سمومهم وإبعاد الناس عن مصدر القرآن الكريم وسنة النبوة المطهرة، إذا فهذا تجديد خاص به هو، يعني ليس هو التجديد الذي دعا إليه الدين ولا التجديد الذي تكلم عنه العلماء، هذا تخوف شخصي لا على اعتبار فضيلتكم كذلك أن الدين ثابت لا يتغير هذا من وجهة نظرهم أي ونحن في التجديد لا نغير نحن في التجديد لا نغير وإنما نعيد ترتيب البيت أي أن لديك الآن بيتا فيه ثلاث غرف وصالة فجعلت غرفة للضيوف وهناك غرفة للنوم وهناك غرفة للطعام وهناك غرفة
للمعيشة وهكذا وبعد ذلك غيرتها غيرت الأوضاع إن في عمارة أمامك نشأت أو بموجب فهل هذا في تغيير لما في الداخل أبدا أنت لم تغير مكانك ولم تغير أثاثك وإنما غيرت الترتيب الذي يجعل الوظيفة أكثر هذه الشقة لها وظيفة فيجعل هذه الوظيفة أكثر تأثيرا ويجعل هذه الوظيفة أقرب إلى التمام هذا التجديد يأتي الغزالي لما عندما جدد الشافعي وعندما جدد السيوطي وعندما جدد ابن فرج وعندما جدد الأشعري لم يأتوا ببدعة، ولم يهدموا الدين بل على العكس جعلوا في جسد الأمة الإسلامية ما دام جديدا أحياها ونهض بها وجددها وجعلها تعيش إلى يومنا هذا وتجعلنا أنا وأنت نجلس في
هذا المجلس والإخوة المشاهدين إلى هذا ما فعله عمر بن عبد العزيز والشافعي والغزالي وأمثال هؤلاء الأكابر، إذا كان هذا تخوفا شخصيا بتعريف شخصي يظن فيه أن التجديد معناه التغيير، فأبدا التجديد معناه الدم الجديد عندما يأتي إلى الجسم، وليس معناه تغييرا لأنه ذات الجسم، فأسأل فضيلة مفتي الديار المصرية عن رؤيتكم لإخراج فقه إسلامي معاصر يتناسب مع مستجدات الأمور وعصرنا الحاضر، حضرتك نحن لدينا مجامع بدأت، المسلمون يكونون مجامع وأول مجمع نشأ هو مجمع البحوث الإسلامية، عندما تطلع على قرارات إنشائه وما كان قد جرى فيما قبل إنشائه من مفاهمات وكذلك يتضح لك أننا على النهج السليم،
هذا المجمع مجمع البحوث الإسلامية في تكوينه وفي بحوثه وفي مؤتمراته التي عقدها وهي نحو ثلاثين مؤتمرا حتى الآن وفي قراراته وفي توصياته يجيب على هذا السؤال وبعد ذلك نشأت سنة إنشاء المجامع بمستويات مختلفة وفي أماكن مختلفة فلما جاءت منظمة المؤتمر الإسلامي أنشأت لها مجمعا فقهيا هذا المجمع الفقهي حريص على أن يجمع من كل الدول الستة والخمسون عالما الذين يمثلونها يمثلون هذه الدول بحيث تتفق الفتوى ولا تتشدد فلدينا مجمع رابطة العالم الإسلامي لدينا في مكة لدينا مجامع في الأردن وفي العراق كل هذه الأشياء أصبحت
الفتوى لا تصدر عن شخص هكذا الفتوى التي من هذه المجامع التي هي من العلماء بل أصبحت تصدر عن إدراك للواقع عن طريق الخبراء الذين في المجامع وأصبحت تصدر عن علماء وهؤلاء العلماء يمثلون كافة أركان الأمة وهذه أيضا تصدر بعد بحث طويل ومناقشات ومعرفة للوضع مجمع الهند مثلا وأنا عضو في مجمع البحوث وعضو في مجمع الفقه وعضو في مجمع الهند وهكذا فكل هذه الإجابات موجودة لكن الناس غير قادرة على الوصول إليها ولذلك المطلوب الآن أن ننزل بهذا الإنتاج إلى جماهير الشعب قد تكون الفضائيات سرقت بعضا من هذا ولذلك من المهم أن
ننزل كلام هؤلاء الناس إلى الناس إلى الشعوب ويعرفوا أن الفقه ما زال ملكنا وأنه يواجه العصر بكل مقتضياته أستاذنا نختتم الحلقة بسؤال عن أذكره أن الله تبارك وتعالى يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد لهذه الأمة أمر دينها، ومعنى هذا هل تظل الأمة ترقب بعين الأمل من يجدد لها هذا الإيمان، أم لا بد من تفعيل دور العلماء في كل الاتجاهات وكل الأمصار؟ إطلاقا، إن قضية الانتظار هذه غير موجودة. في الفقه الإسلامي المسلمون لا ينتظرون أحدا، المسلمون يعملون وعندما يكرمهم الله سبحانه وتعالى بهذا المجتهد فإنهم يضعونه في مكانه المناسب من الإجلال، ومن الاتباع لاجتهاده الجديد، ومن تعظيم شأنه
وأنه رجل مقبول عند الله سبحانه وتعالى، منحة من عند الله سبحانه وتعالى، لكن قضية الانتظار هذه غير موجودة. في الفكر الإسلامي خاصة عند أهل السنة والجماعة، إخوتي لا يبقى لنا إلا أن نتقدم بخالص الشكر والتقدير إلى ضيفنا وعالمنا الجليل الأستاذ الدكتور علي جمعة مفتي جمهورية مصر العربية، سائلين الله عز وجل أن يجزيه عنا وعنكم خير الجزاء. إخوتي شكرا لحضراتكم على حسن المتابعة، نستودعكم الله. نهاية الرحمن والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته