الإيمان باليوم الأخر - درجات المعرفة #20 | د. علي جمعة

الإيمان باليوم الأخر - درجات المعرفة #20 | د. علي جمعة - التفكير المستقيم, درجات المعرفة
أهلاً بكم في إطار حلقتنا المتواصلة مع فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة. الحديث متواصل في الحوار، حوار العقل وحوار الإيمان، في درجات المعرفة: معرفة العقل ومعرفة الإيمان وأركان الإيمان. ننتقل إلى ركن آخر وركيزة أخرى من ركائز الإيمان وهي الإيمان باليوم الآخر، بعد أن آمنا بالله وملائكته وكتبه ورسله، نتحدث...
عن اليوم الآخر، هذا اليوم من منظور الشرع ومن منظور العقل، كيف يدرك العقل البشري والعقل المسلم خصوصاً هذا المفهوم. أرحب بفضيلة الإمام العالم الجليل الأستاذ الدكتور علي جمعة. أهلاً بكم مولانا، أهلاً وسهلاً، مرحباً مولانا. اليوم الآخر وفلسفته، لأنه أحياناً يوجد أناس في الحقيقة يستصعبون هذه الفكرة وهم مؤمنون كافة الأركان ولكن حينما تأتي فكرة سنبعث ونحاسب تجد أن في القلب شيئاً وكأنه لا أقول شكاً ولكن لست فاهماً. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. اليوم الآخر هو الضابط المعرفي لحركة البشر، عندما خلق الله البشر أراد منهم أن يعبدوه
وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون رضًا منهم أن يعمروا الأرض، هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها، أراد منهم أن يزكوا أنفسهم، قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها. ما الذي يدفع الإنسان إلى أن يلتزم بهذا مع وجود الخصائص التي خلقها الله فيه من أجل القيام بهذه. من ضمن هذه الخصائص الوظيفية النسيان. فالإنسان لو لم ينسَ، لن يستطيع أن يسامح. والإنسان لو لم ينسَ، سيخاف خوفاً شديداً. ولن يستطيع أن يتاجر وهو قد خسر من قبل.
وسيؤرقه الذنب، فلن يستطيع أن يُحسّن علاقته مع الله. لابد له أن ينسى. ومن أول من نسي؟ سيدنا آدم. "وعهد إلا أول الناس، أول شخص نسي، من أول البشر؟ لقد سُمي الناس بالناس لأنهم ينسون، هل تنتبه كيف؟ حسناً، هذه خصيصة خلقها الله فينا، وهي خاصية النسيان. ألن أنسى أنا يوم الآخرة؟ نعم، "فذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين". إذاً لا بد أن يفهمني ويذكرني ويكرر ويزيد في التوضيح. لأنَّ طبيعتي حتى أستطيع أن أُكمل الغفلة، وطبيعتي حتى أستطيع أن
أُكمل التفلت، وطبيعتي على ذلك، ولذلك توجد أشياء ودوافع عندي حتى أعرف كيف أستمر في العمارة أو في العبادة أو في التزكية أو غير ذلك إلى آخره، فأنا خُلقت في الاحتياج إلى الأكل والشرب والنوم، وخُلق فيَّ الاحتياج إلى أنيس يعني أتآنس به لأن الوحدة قاتلة، كل هذه الخصائص البشرية خلقها الله في الإنسان ليعمر بها الأرض، ولذلك كي يعينه أنشأ له يوماً آخر وقال له: انتبه، هناك جنة ونار، وفي كل حين سنذكر الناس، ويذهبون يوم الجمعة فيذكرهم الخطيب بأن هناك جنة وناراً، إياك أن تفعل الشر. إن الله يغضب
عليك، فاحذر أن تترك الخير، وإياك أن تتأخر عن الخير لئلا يرضى الله عنك، لأن الله قد ادخر لك شيئاً طيباً في يوم القيامة. لا تنسَه، ومتى سيستمر وراءه بهذا الشكل ليؤدي له مع خصائصه ووظائفه شيئاً كبيراً ينضبط به، ولذلك قلنا إن اليوم الآخر هو الضابط على وجه الأرض آتي هنا أحب أن أشرب خمرًا، ويأتي ليقول لي عقلي وضميري ونفسي، تحدثني وتقول لي أن هذا سيغضب الله عليك، وأنك ستحاسب عليه يوم القيامة. فلا أشرب وأقول تبنا إلى الله، لن أشرب ولن أفعل هذه المعصية. تخيل أن البشر ليس لديهم
هذا، وقد كان. ليس عندهم هذا الفهم أو هذا الضابط المعرفي، فيصبح الأمر كما يقال: "اللعب بما تكسبه"، أي "أحيني اليوم وأمتني غداً"، وهي حياة الغابة والفوضى وكل هذا الكلام، لأنه لن ينظر إلا إلى الجانب الترابي في الإنسان الذي يشترك فيه مع البقر والحجر، فهم أيضاً مصنوعون من تراب. ما الفرق الذي بيني وبين هؤلاء؟ لا شيء. هو العقل، هو الروح، والتعلق بالله وبالتكليف وبالأمانة التي ائتمننا الله عليها. حسناً، وهذا تذكر. وكيف مع كل هذه الخصائص التي أعيش فيها والوظائف
التي كُلفت بها، يبقى لا بد من يوم آخر أرجع فيه إلى الله سبحانه وتعالى فينبئنا بما كنا. فيه نختلف، وينبئنا بالحقيقة المطلقة، وينبئنا بالثواب وبالعقاب، ويتجلى علينا بالعفو. فإن قضية أن الإنسان يُحاسب هذه تمثل الضابط المعرفي كما تقول حضرتك. كثير من الناس للأسف لا يفهم هذا العمق. أحد الكتاب الصحفيين الكبار يقول: "يا رب، أنا لا أريدك أن تعاملني برحمتك، أنا..." أريدك أن تعاملني بعدلك، هذا لا يفهم شيئًا، هذا ليس منتبهًا لأي شيء، كما كنا ونحن طلاب صغار ونقول ماذا في هذه الحكاية؟ الماحي في جميع النواحي، ماذا أنت
تقول؟ يقول له عاملني بعدلك، يعني هو واثق من نفسه جدًا، وحين تمسك هذا الإنسان تجد أنه... يقع في المعصية ويقع فيه القصور والتقصير تجده لا يصلي مثلاً. كيف يعاملك بعدله؟ حسناً، أعطاك عينيك، سيحاسبك عليهما، أعطاك أذنيك، أعطاك أشياء كثيرة. "وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها". ماذا ستفعل؟ ماذا تقول له: "يا رب"، يعني عندما يكون قليل الأدب ماذا يقول له؟ يا رب، أي عندما يكون الشخص قليل الأدب، ماذا يقول له؟ يا رب عاملني بعدلك وإحسانك معًا، فيكون بذلك قليل الأدب لأن هذا هو محض الفضل والإحسان. إنه لا يشعر بمنّة الله عليه، بل هو متكبر، ولكنه تكبّر هذه المرة على
الله. إن اليوم الآخر هو الضابط المعرفي لسلوك الإنسان في الحياة الدنيا ضابط معرفي بمعنى أنه يدفع ويمنع، يدفعني إلى الخير ويمنعني من الشر، هذا هو الإيمان باليوم الآخر. الحقيقة يا مولانا، المفترض هنا أن الإيمان باليوم الآخر يمكن للمرء أن يعتقد أنه قد يعطي بُعداً سلبياً لحياة الإنسان، يعني مسألة الخشية، مسألة الخوف، مسألة الرهبة، ولكن على... المقصد منه في النهاية أن يعطي الإنسان جزءاً إيجابياً وتأثيراً إيجابياً في حياته، الدفع والمنع، أي يدفعه للخير ويمنعه من الشر. لكن انتبه أن الإنسان إذا خرج عن حد الاتزان في نفسيته
وعقليته اهتزت شخصيته، "وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً"، الوسط. كان يقول: "ما هذا؟ كان من أواسط الناس"، فما معنى "وسط الناس"؟ أصبح يعني أعلاهم، ومن أين أتى هذا المعنى؟ "وسط" تعني شيئاً في المنتصف، لكن "وسطاً" معناها أعلى. قال: "نعم، لأنك عندما تصعد الجبل وتمشي كيلومترين وتصل إلى قمة الجبل، فأنت في المنتصف، لأنك عندما تريد أن تمشي إلى الاثنان كيلو هما فأنت في أعلى الجبل عندما تكون في وسطه. أين وسط
الجبل؟ أعلاه قمته. حسناً، أنت الآن فوق، في الجبل. ما النتيجة التي تحصل عليها؟ النتيجة التي أحصل عليها هي أنني أرى الوادي. طيب، الناس واقفة في الوادي كله، هل هم يرونك؟ لا، يعني أنت تراهم مختبئ أنت عنهم، لا وأنت في أعلى الجبل ستكون مكشوفاً لهم، ينظرون إليك وتنظر إليهم. يعني أنت شاهد ومشهود، أي اسم فاعل واسم مفعول. هل يوجد في اللغة العربية كلمة تجمع الاثنين معاً: شاهد ومشهود؟ نعم، "شهيد". فصيغة "فعيل" تصلح للدلالة على الفاعل أو الدلالة على المفعول، الدلالة
على المفعول. كيف يكون حبيب بمعنى محبوب، وقتيل بمعنى مقتول؟ وكيف تكون الدلالة على الفاعل؟ مَن يُحب يكون عليماً، أي عالماً. هل تنتبه إلى أن عليماً يعني عالماً؟ وجبير هو الذي يضع الجبيرة، وهو جابر، فتصلح هنا وتصلح هناك. فهو يقول: "وكذلك جعلناكم أمة وسطاً"، أي في أعلى الجبل، "لتكونوا شهداء"، وشهداء مثل علماء جمع عليم، فقهاء جمع فقيه، خبراء جمع خبير، وليس جامع عالم، وليس جمع شاهد، وليس جمع فاقه، وليس جمع خابر. هذا خبير، شهيد، عليم، فقيه، وهكذا.
إذن إذا "فعيل" تصلح لماذا؟ للشاهد والمشهود. ما هذا؟ هذه دقة متناهية في الاستعمال اللغوي والدلالة الحضارية، وكذلك جعلناكم أمة وسطا. ما السر هنا في أن تكونوا شهداء؟ شهداء يعني شاهدون ومشهودون. أن تكونوا في حالة الشهادة المتبادلة. أيعني هذا أن نعتزل العالم ونكفّر الناس ونذهب لنضربهم بالقنابل؟ لا، فهناك علاقات ستكون بين الشاهد والمشهود. فهو يراني ويراني بصورة معينة أراد الله أن يبلغها له، وأنا أراه وأرى أحواله وأسميه أمة. الدعوة لتكون شهداء على الناس، فنحن إذاً
نتبع من؟ يعني ننفذ من؟ يعني نريد أن نتزين مثل من؟ ويكون الرسول عليكم شهيداً أيضاً، شهيداً يراكم وترونه. لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً. إذاً هذه القضية، قضية أين نحن من؟ هذا الخلق طيب. أستأذن حضرتك، بعد الفاصل، فكرة العدل هنا: يقول أحدهم "والله، طيب، الكافر اليوم قد عاش خمسين أو ستين سنة كافراً، أفيُعذب إلى ما لا نهاية؟ أين العدل؟ ألا يُعذب خمسين أو ستين سنة كما كفر خمسين أو ستين سنة؟ أين العدل في الآخرة؟" بعد الفاصل أهلاً
بحضراتكم مرة أخرى مشاهدينا، وحديث ممتد مع فضيلة الدكتور، وحديث العقل وحديث الإيمان حول اليوم الآخر. فضيلة الدكتور أهلاً بحضرتكم مرة أخرى. مرحباً بك، أهلاً بكم. مولانا، العدل في اليوم الآخر، أين هو العدل؟ يعني نجد أن شخصاً عاش عمراً طويلاً كافراً أو مشركاً وقبل وفاته حَسُنَ. الخاتمة من الله سبحانه وتعالى، من آمن بالله في آخر يومين أو شهرين أو حتى ساعة سيدخل الجنة، في حين أن شخصاً آخر كفر لمدة طويلة ولكنه لم يؤمن وسيُعذّب إلى ما لا نهاية، فأين هو حساب العدل؟ أنا لا أريدكم أن تقلقوا لأننا بيد ربنا، والله غفور حكيم عادل، ولا يظلم ربك أحداً، هل انتبهت كيف؟ وقال
في الحديث: "الظلم ظلمات يوم القيامة"، "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً". فلذلك لا تخافوا من هذا الأمر، لا نخاف منه إطلاقاً لأننا مع الله، والله سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء، عندما سُئل الشيخ ابن تيمية عن هذه قالوا له: "هل هذا يعني أنهم خالدون فيها أبداً هكذا؟ أي فقط لأنه كفر أو لم يفعل أو لم يصلِّ أو ارتكب معصية؟" فقال لهم: "لا، هذا في قول عن سيدنا عمر. كان ابن تيمية ذا اطلاع واسع وكان يبحث في الكتب وما شابه ذلك،
وكانت لديه ذاكرة قوية". فقال هناك قول منسوب لعمر يذكر أن النار ستفنى، فكيف يكون معنى "خالدين فيها أبداً"؟ قال إن "أبداً" تعني أنهم سيبقون فيها أحقاباً، أي مدداً طويلة، ولكن في النهاية، من رحمة الله، ستفنى. قبله كان سيدي محيي الدين بن عربي - سيدي محيي الدين هذا اطلع على فلسفات الأرض كلها، وليس واستوعبها وهضمها وفكها وعرف، أي رآها كلها وعرف دقائقها والأسئلة الخاصة بها، فأتى لنا بشيء أعمق مما قدمه الشيخ ابن تيمية. ها هو الشيخ ابن تيمية يقول ماذا؟ ابن العربي يقول إن ربنا رحيم، وهو في النار ماذا سيفعل؟ سيصنع
العذاب. كلمة "العذاب" هذه مكونة من كم حرف؟ العين... والذال والباء قال طب أليست هذه هي حروف العذوبة عذب طيب لو تخيلنا أنه استعمل هذه الحروف والألفاظ من أجل الدلالة على معانٍ كونية من أنه سبحانه وتعالى سيصير العقاب عذباً على من يتلقاه، أيكون في ذلك رحمة أم لا؟ قلنا له: لا، هذا بهذا الشكل يكون فيه رحمة. هذا يعني أن الرحمة تخللت العقوبة. قال: نعم. قلنا له: والله مثل ماذا؟ نريد أن نتصور المعنى. قال: مثل الجمل عندما
يكون مصاباً بالجرب (وهو مرض جلدي يسبب للجمل حكة)، فيريد أن يحك جلده، فتجده - يا للأسف - يبحث عن شجرة ويقف بجانبها ليحك جلده فيها حتى يخفف حكة باللهِ تعالى، فالجمل ينزف دماً من جلده من شدة الحكّ، فيتألم وهو سعيد أشد السعادة، مبتهج من الحكّ لأنه يريده، ومتألم من التمزق الذي يحدث في الأنسجة. قالوا: انظر كيف جمع بين الألم واللذة! كان في الماضي المرأة عندما تحمل تصيبها حالة غثيان وتتقيأ، أي أنه
يوجد كائن... بداخلها وجالس يعني يتفاعل معها وهي سعيدة غاية السعادة مع ما تتحمله من هذه المشقة والوهن وهذه الحالة، وبعد ذلك تأتي لتلد صرخة من فوق وصرخة من تحت وتصرخ وهي سعيدة جداً، كيف يعني؟ لا أعرف أنا كيف. هل أنت منتبه؟ هذه تعاين الموت. فإذا ضرب ابن عربي أمثلة للجمع هذا ليس عذابًا كما يفهم أغلب الناس، أي أنه عذاب بمعنى افتراء عليه، كأن شخصًا يفتري على الآخر. حاشاه، فهو رحمن رحيم، وهو عفو غفور. حاشاه، فهو ليس
من هذا النوع. هذا فيه توافق كوني مع هذا، ويأتي النبي عليه الصلاة والسلام ليشير لنا هكذا من. بعيدًا عن هذه المعاني اللطيفة، فيقول أن ضرس أحدهم في النار الضرس بحجم جبل أُحد، يعني أن الجسم يختلف عن الجسم ومقاومته الطبيعية، وكون ضرسه بحجم جبل أُحد معناه أنه يتحمل الألم. فيسأله أيضًا ابن عربي وأتباعه وغيرهم، طيب لماذا إذًا يقول عذاب مهين، عذاب عظيم، عذاب. الأليم عذاب، يعني أوصاف العذاب ليست سهلة. يعني ذهبوا فرددنا عليهم بقوله تعالى: "ذلك يخوف الله به عباده، يا عبادي فاتقون". يعني هذا ليس مصنوعاً لإظهار الانتقام، لا، هذا مصنوع من أجل
موعظة الإنسان كي يمتنع عن الشر وأن يفعل الخير. هذه جزئية مهمة يا مولانا، يعني. خُلِقنا وما نحن إلا بشر، وحتماً سنخطئ، وخالقنا يعلم أن كل ابن آدم خطّاء، وخير الخطّائين التوابون. وهكذا هم الناس، فهناك من يبحث عن العلل، لكنك لو قرأت الكلام كله متصلاً ببعضه "من ذلك يخوف الله به عباده"، ستعرف أن الله سبحانه وتعالى وضع هذه المعالم من أجل الدفع والرفع يقولون أو المنع فالدفع والمنع هو الذي يجعل الإنسان على ذكرى يمتنع فيها، لا يخاف، لا ينهار، أو لا ينكر إلى آخره. واجهنا في حياتنا الدنيا هذه الأمثلة، وجدنا بعض
الناس يأتي ويقول: والله أنا مصدق كل شيء، ولكن مسألة أن ربنا يعذبنا هذه لا تدخل عقلي، وخالداً. فيها طب يا أخي دعها يومين أو ثلاثة يا أخي، دعها "لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة"، "قل أتخذتم عند الله عهداً"، يعني هل لديكم عهد بذلك؟ انظر إلى الاستهانة، يعني انتبه أن الذي يقول هكذا كأنه يريد الاستهانة بالغرض الأساسي لهذه القصة كلها، وهو أنني أفعل ذلك من أجلك. لا تستسهل المعصية ولا تتجرأ على المعصية، ليس من أجل أن أعذبك وإنما من أجل أن أمنعك من المعصية وأدعوك إلى الخير. فلما عرضت عليه قول عمر وقول ابن تيمية وقول كذا، قال: "لا، هكذا صحيح". يعني المشكلة
التي بينه وبين هذا الأمر هي أنه يرى أن الله الرحيم ليس عرف غرض الكلام، فإذا عرفه ذهب الخوف وصلى وحسُن إسلامه. هنا يا مولانا تزول فكرة الخوف من الآخرة بأن الآخرة هي لإصلاح الدنيا وليست فقط للعذاب، هذا هو المراد من الحديث. نعم هي لإصلاح الدنيا بنص القرآن، هي للدفع والرفع بنص القرآن. نعم هي ذلك، يخوِّف الله به عباده، "يا يعني هذه مسألة وليس هناك في القرآن أبداً آية عذاب إلا ومعها الرحمة، الله لا يوجد... ولكن الناس لا يتدبرون، "أفلا يتدبرون القرآن". للأسف، "نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم". لا يوجد "نبئ عبادي أني
أنا العذاب الأليم" وانتهى الأمر هكذا، هذا غير موجود. شيء مثل هذا يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء، نعم أي أنه لا يوجد عذاب إلا ومعه أن الرحمة والمغفرة والقبول والتجاوز وغيرها إلى آخره، لا يوجد. فإذا عُرض هذا عند المتدبر والمتأمل الذي لا يقرأ القرآن قراءة عابرة، وإنما يقف عند الأمور ويربط بين المعلومات ويُعمل العقل بدرجات معرفته إلى المعاني العليا سيتضح أن هذا من أجل أن تستقيم الدنيا حيث أن اليوم الآخر هو الضابط المعرفي لحركة الإنسان المحترم، بارك
الله فيكم، أهلاً وسهلاً، جزاكم الله خيراً، الله يحفظ حضرتك، نشكركم مشاهدينا الكرام، إلى اللقاء، شكراً