البر والأثم | أ.د علي جمعة | حديث الروح

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مع حديث سيدنا النبي المصطفى والحبيب المجتبى، نقرأ الحديث السابع والعشرين من الأحاديث الأربعين النووية، وهو يمكن أن يكون تحت عنوان البر والإثم، وهما ضدان، فالبر ضد الإثم والإثم ضد البر عن النواس بن سمعان الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع
عليه الناس. رواه مسلم. وأيضا عن وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا وابصة جئت تسألني عن البر، النبي صلى الله عليه وسلم كشف حاله، وابصة جاء يسأل ويضمر في نفسه أنه سيسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر، فلما واجهه قال يا وابصة جئت تسألني عن البر، هذه الأشياء كانت تثبت قلوب الصحابة ويرون في النبي أنه الله قد كشف له الكون فيزداد إيمانه فقال نعم يا رسول الله قال يا وابصة استفت
قلبك البر ما اطمأنت إليه النفس والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك حديث حسن رويناه من طريق إمامين أحمد بن حنبل والإمام الدارمي رضي الله تعالى عنهما وذلك بإسناد حسن إذا البر حسن الخلق والنبي يقول عن نفسه إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ويقول فعليك بحسن الخلق ويقول أحسن الناس حسن الخلق الحسن جاء النبي صلى الله عليه وسلم يدعو أمته والعالم كله إلى حسن الخلق وأغلب ما ورد عنه
أكثر من ستين ألف حديث أغلبها في حسن بالتفصيل فإن هذه فقط هي أدلة الفقه من الأحاديث، أدلة الفقه وثمانية وخمسون ألف حديث في الأخلاق والآداب. النبي صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الشفافية بمعناها الشرعي لأن الشفافية أصبحت الآن معناها عند الناس أن تجاهر بالمعصية وأن تستهين بالناس وأن لا يضرك الفجور ولا عظائم الأمور وليست هذه الشفافية التي علمنا إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم، الشفافية أن تكون صادقا مع قلبك، مع
الناس، مع ربك قبل ذلك وبعد ذلك، ولذلك فهذه الشفافية تجعل نفسك تضيق من الإثم، فالإثم عند المؤمن يتردد في النفس، تخجل منه، الحياء يمنعك أن ترتكبه، لا تحب أن ينكشف، فهذا هو الإثم وأن استفتاك الناس وتحدثوا، ما الذي تجده؟ تجد نفسك لا بأس عليك أن تتحدث وأن تقول بشفافية، أم إنك تريد أن تلف وتدور وتخادع وتمكر وتكذب؟ إذا كان هذا حاله، إذن هذا هو الإثم. الفطرة
السليمة ترفض الإثم. البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع على الناس شفافية لكنها ليست شفافية المعاصي فإن الله يغفر للجميع إلا للمجاهرين قالوا ومن المجاهر يا رسول الله قال الرجل يقع في الذنب بالليل فيقوم في النهار ويقول فعلت كذا وكذا هذه ليست شفافية هذا فجور هذه قلة حياء وليست شفافية الشفافية أن تبرئ أعمالك مما تكره أن تبرئ مما تخاف أن يطلع عليه الناس
فينتقصوك أن تبرئ أعمالك من الخسائس والسفاسف، هذه هي الشفافية الصحيحة. يحاول كثير من الناس في عصرنا أن يحولوا مفهوم الشفافية الراقي إلى مفهوم من الفجور والعياذ بالله تعالى، ونسأل الله السلامة. اللهم استرنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك يا أرحم الراحمين. إلى لقاء آخر أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته