التسامح في الفكر الإسلامي ودوره في خدمة الإنسانية | أ.د علي جمعة | أبو ظبي 23 - 09 - 2019

التسامح في الفكر الإسلامي ودوره في خدمة الإنسانية | أ.د علي جمعة | أبو ظبي 23 - 09 - 2019 - أ.د. علي جمعة
التسامح واجب، واجب. إذا كان أعظم العظماء الخالق عز وجل يسامح، فنحن بشر خُلقنا، ما نتسامح؟ نحن بشر كنا إخوانًا، كنا إخوانًا. الذي يميل إلى هذا الطريق أو يميل إلى ذاك أو يميل إلى ذاك، المصيب هو أخوك والمخطئ أخوك. طيب لماذا لا نساعد المخطئ ونُعيده إلى
الصواب ونسامح؟ المخطئ إذا أخطأ يجب أن يفهم أننا والله نعينه ولا نتركه ولا ننبذه، بل نساعده حتى يجد الطريق الصحيح. أي إنسان يساعده إنسان آخر لا ينساه، وإن نسيه صديقه يقول له: "نسيت هذا الإنسان الذي ساعدك في ذلك الوقت الذي كنت فيه متعباً". فلا بد أن يرجع
لك الإسلام سلامًا للعالمين، وهو لا يقصد المسلمين فقط بل يقصد كل العالمين الذين على وجه الأرض. لكننا كعرب تعلمنا دائمًا أن نقول نحن على صواب. ترى أن هناك أناسًا واضحين على صواب في الطرف الثاني من الكرة الأرضية، والطرف الآخر على صواب أيضًا. أنا متفائل جدًا بالخمسين سنة القادمة مع العلم. إننا نعيش في منطقة غير مستقرة، منطقة صعبة فيها تحديات وفيها وجهات نظر مختلفة، لكنني لدي قناعة أن بلادنا التي نراها اليوم مثل النور المضيء في أرض مظلمة، قدوة للآخرين، قدوة حسنة.
فدولة الإمارات بغض النظر عن التحديات في المنطقة، إلا أنها قدوة حسنة لمنطقة الشرق الأوسط. رسالة إيجابية خرجت من منطقة الشرق الأوسط إلى العالم، ولكننا نحاول أن نرسل رسائل إيجابية تصل من الشرق إلى الغرب، من أقصاه إلى أقصاه. بسم الله الرحمن الرحيم، حضوراً للأكارم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نيابةً عن سعادة الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أرحب بكم في هذه الأمسية
الطيبة المباركة وفي هذه المحاضرة والتي هي بعنوان التسامح في الفكر الإسلامي ودوره في خدمة الإنسانية لفضيلة الشيخ الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف في جمهورية مصر العربية. حصل فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة على دكتوراه في أصول الفقه من كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر. عام ألف وتسعمائة وثمانية وثمانين، وماجستير في أصول الفقه من الكلية نفسها عام ألف وتسعمائة وخمسة وثمانين، وليسانس من كلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر عام ألف وتسعمائة وتسعة وسبعين، كما حصل على بكالوريوس التجارة شعبة المحاسبة من
جامعة عين شمس عام ألف وتسعمائة وثلاثة وسبعين. وقد شغل فضيلته العديد من المناصب من بينها عضو هيئة كبار العلماء منذ إنشائها إلى الآن ومفتي الديار المصرية من عام ألفين وثلاثة حتى عام ألفين وثلاثة عشر وغيرها، واشترك فضيلته في وضع مناهج الشريعة الإسلامية وإنشاء كلية الشريعة والقانون في دول عدة، كما عُيِّن مشرفاً مشاركاً في جامعة أكسفورد وجامعة هارفارد لمنطقة الشرق الأوسط في دراسات الإسلامية والعربية وأشرف على العديد من المشروعات البحثية حول السنة النبوية والاقتصاد الإسلامي والعلاقات الدولية في الإسلام وكذلك في المشروعات المتعلقة بالرد على
المتطرفين والإرهابيين. حاز فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة عدداً كبيراً من الجوائز والأوسمة وشهادات الدكتوراة الفخرية ولفضيلته نحو ثمانين. إصداراً بالإضافة إلى إشرافه على رسائل علمية في جامعات داخل جمهورية مصر العربية وخارجها وموسوعات إسلامية وعلمية والمشاركة في تحرير العديد من المجلات العلمية ونُشر لفضيلته مئات المقالات والبحوث في الصحف والمجلات المحلية والعالمية وألقى كثيراً من المحاضرات وحضر العديد من الندوات والمؤتمرات العلمية حول العالم كما أن لفضيلة الأستاذ للدكتور علي جمعة دور فعال في خدمة المجتمع حيث أسهم في إنشاء العديد من مؤسسات
وجمعيات المجتمع المدني وهو رئيس مجلس أمناء مؤسسة مصر الخير وغيرها. الآن أدعو فضيلة الدكتور علي جمعة لإلقاء محاضرته فليتفضل مشكوراً. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه. ومن والاه أبدأ بشكر واجب وتحية عطرة إلى سمو الشيخ خليفة رأس الدولة في الإمارات العربية المتحدة ونائبه سمو الشيخ محمد
بن زايد وفقه الله لكل خير، ثم أثني بالشكر الجزيل للأستاذ الدكتور جمال وهذا المركز الذي أثبت نفعه ووجوده ولا زال، وفي هذا العام يتم ربع قرن من حياته التي أصدر فيها كثيراً من الإصدارات النافعة وقام فيها بكثير من المحاضرات التي ملأت الأرض نفعاً وعلماً وتربية وسلاماً.
أتوجه إليكم جميعاً وأحييكم أول ما أحيي بتحية الإسلام، هذه التحية الجميلة التي أقف عندها كثيراً وأتأملها فأتعجب، فأقول لكم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فهذا شعار الإسلام أن نبدأ. الناس بالوحدة وقبل أن نبدأ الأكوان أيضًا. فإذا انتهى المسلم من صلاته فإنه يسلم بهذه التحية، فيقول عن يمينه وعن يساره، وكأنه ولو كان
وحده يسلم على الأكوان وما فيها من خلق الله: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته". هذه التحية التي سميت بها دار. الجزاء في يوم اللقاء، فاسم الجنة دار السلام. هذه التحية التي سمى الله بها نفسه، فكأننا نذكره سبحانه وتعالى في أثناء تعاملاتنا ولقاءاتنا وبدئنا وختامنا. فالله هو السلام، هذه
التحية التي تدل على هذا الاطمئنان والأمن وعلى هذا الخلق الكريم، لأن السلام ضد الاضطراب والحرب. السلام هو المبتغى حتى أن... الله سبحانه وتعالى أباح لنا الحرب من أجل الوصول إلى السلام لأن السلام هو الدائم ولأن الحرب إنما تكون لغاية وغرض نصل بها إلى مرحلة السلام. واليوم نلتقي في هذه الليلة المباركة التي نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلها في ميزان حسناتنا
جميعاً يوم القيامة وأن يجعلها من مجالس العلم. التي وعد الله أنها تحفها الملائكة وتتنزل فيها السكينة وتغشاها الرحمة ويذكرنا الله سبحانه وتعالى فيمن عنده. في هذه الليلة نلتقي على خُلُقٍ كريم جعله رأس الدولة ودولة الإمارات عنواناً على هذا العام الذي كاد أن ينصرم، عام التسامح. وإذا نظرنا إلى خُلُق التسامح، سنراه تفصيلاً في حياة سيدنا. صلى الله عليه وآله وسلم كيف
أنه مبهر ومذهل وكيف أن مواقفه صلى الله عليه وآله وسلم لا تعلم المسلمين وحدهم بل إنها تعلم الناس أجمعين من آمن ومن لم يؤمن من صدق ومن لم يصدق إنها طريق لعبادة الله أو تهيئه إنها طريق لتزكية النفس أو تهيئ لها إنها طريق لعمارة الأرض أنها تفعل ذلك أو تهيئ لذلك فلا يكون لدى أحد من الناس
حجة بعد الذي تركه لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأثر هذا في المسلمين من لدن الصحابة ومن بعدهم من الأولياء والأتقياء والعلماء والمفكرين وإلى يومنا هذا يشرح الله سبحانه وتعالى صدر الحكيم. لهذه الأخلاق التي تركها لنا المثال الأتم صلى الله عليه وآله وسلم وهو الذي يقول إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق، وهو الذي وصفه ربه في كتابه "وإنك لعلى خلق عظيم"، وهو
الذي قال "أحسن الحسن الخلق الحسن"، وهو الذي قال "اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن". الناس بخلق حسن من هذه الأخلاق التي تمثل دائرة منيرة بداخلها أخلاق العفو والصفح والتسامح، وهو ما نراه في كتاب ربنا وفي سنة نبينا وفي فكر مفكرينا عبر التاريخ، وهو الذي نحاول أن نلم شعثه حتى نبني منه أداة
نتعامل بها مع الواقع لعمارة الدنيا ولنفع الناس من خلال العبادة. الله من خلال تزكية النفس "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" "قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها" "هو أنشأكم في الأرض واستعمركم فيها" أي طلب منكم عمارتها، فهيا بنا في هذه الرحلة لنرى هذا الخلق الكريم الذي هو عنوان لهذه السنة المباركة والذي هو عنوان لبرامج العمل التي تصدر من تلك الدولة المباركة دولة الإمارات العربية وإمارة
أبو ظبي من أجل الوصول إلى هذه الغاية الشريفة من عبادة الله وعمارة الكون وتزكية النفس التسامح. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري: "أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً". قد يمر هذا الحديث على قارئ صحيح البخاري ولا يلتفت إليه، وهذه مشكلة من المشكلات الخمس التي نريد أن ننبه عليها في هذا اليوم أننا
نقرأ بالتجزئة، نقرأ بعض النص ولا نقف عنده، نقرأ بصورة سطحية تمر بالألف، نألفه فلا نلتفت إلى أهميته ولا إلى مكانه في بناء الصورة. "أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً" يمر معنا هكذا وكأنها مسألة. عادية وهي تحتاج إلى برنامج عمل وإلى منهج تعليم وإلى سياق تربوي حتى نصل إلى أن نكون أحسن الناس خُلقاً، ومن
الذي سيحكم علينا بحسن الخلق؟ الناس عندما يرون منا راحة نفسية وتعاملاً رائقاً عالياً إنسانياً، هم الذين سيقولون عنا أننا أحسن الناس أخلاقاً. نحن لا نصف أنفسنا بهذا لأن... الله نهانا عن ذلك فقال: "ولا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى". إنما عندما يذكر ذلك الناس نصدقه لأنه بنى ذلك على معاملة وعلى مواقف وعلى حقيقة واقعية. المشكلة الأولى
أننا نقرأ ولا نقف نتدبر، ولا نرى ما الذي يمكن أن يصل بنا إلى هذا المراد الذي أراده منا رسول. الله صلى الله عليه وسلم وأراده منا الله وأراده منا هذا الدين: كن أحسن الناس إيماناً بأن تكون أحسن الناس إسلاماً، بأن تكون أحسن الناس خُلقاً. ومن غير ذلك فأنت لست أكمل المؤمنين ولا أنت أحسن الناس أخلاقاً. حديث آخر يخرجه البخاري: "إن من أحبكم إليّ أحسنكم
أخلاقاً" وفي رواية... وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحسنكم أخلاقاً. الدين واسع، ففيه الصلاة، وفيه الصيام، وفيه الحلال، وفيه الحرام، وفيه الظاهر، وفيه الباطن، وفيه أشياء كثيرة، لكنه يختار كلمة جامعة. هذه الكلمة الجامعة أن أقربنا إليه يوم القيامة وأن أحبنا إليه ليس هم المتوضئون ولا المتطهرون، مع أهمية الوضوء والطهارة وأنها شرط. لا تصح الصلاة إلا به، ولا يهتم المصلون بذلك مع أهمية الصلاة. ولكن هناك مدخل آخر
ينبهنا إليه، فيجب علينا ألا نقرأ دون أن نسأل أنفسنا: كيف نصل إلى هذا؟ هل نحن هكذا؟ ما الذي ينقصنا؟ وبهذه الأسئلة نضع برنامجاً عملياً للتعليم وللتربية وللتدريب ولإنشاء الملكات، نستطيع به أن نكون أحسن. سألوا النبي صلى الله عليه وسلم: "يا رسول الله، ما أكثر شيء يُدخل
الجنة؟" فقال: "تقوى الله وحسن الخلق". فعندما يرتاح الناس معك ويرونك كالزهرة في جمالها وعطرها، فهذا يسرع بك إلى الجنة. وعندما يشعر الناس بأنك لست كذلك، فأنت بعيد عن القلوب، وحينئذٍ لا تكون قريباً من الجنة. مودة كثيرة. من أهل الكتاب من يود لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند
أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق. إن هؤلاء حاقدون يحسدون، وبما أنهم يعلمون الحق فعلينا أن نقاتلهم، أي أن نفعل فيهم الأفاعيل هؤلاء حتى يأتي الله بأمره. إن الله على كل شيء قدير. وأقيموا الصلاة. وآتوا الزكاة، ما هذا؟ هذا شخص حاقد يريد أن يردني عن ديني وهو يعلم أنه باطل، فكان ينبغي أن أثور عليه، لا،
فاعفوا واصفحوا. التسامح تسامح يُؤذِن بحسن الخلق، تسامح يُؤذِن بالعفو والصفح. أخرج أبو داود قال صلى الله عليه وسلم: "ما من شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق". قليلاً هكذا يعني يوم القيامة تُكتب الأعمال وتوزن، فأنا صليت الليل كله وذكرت النهار كله وصمت الأيام كلها، فكُتب كل
هذا. إنما عندما كُتب، كُتب على ما يشبه الأوراق، فعمل ألف ورقة. أما حسن الخلق فسيُكتب على ما يشبه الذهب المعدن النفيس، فيأتي في الوزن أضعاف أضعاف أضعاف هذه. الأوراق البسيطة التي كثر عددها وخف وزنها أثقل شيء في الميزان. حسن الخلق، كيف نفعل هذا ونحوله إلى برنامج عمل؟
إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم، يعني لنفترض إنساناً يصوم كل يوم ولا يترك ليلة إلا وقد قامها، والثاني لا يفعل هذا لكن أخلاقه حسنة، وهذا الخلق. الحُسْنُ يجعل يومَ القيامةِ بدرجةِ هذا الصائمِ القائمِ أو يفوقُ، انظر إلى هذا التسامحِ الذي علّمه لأصحابهِ. المقدادُ بنُ الأسودِ قال: "يا رسولَ اللهِ، أرأيتَ
إن لقيتُ رجلاً من الكفارِ الوثنيينَ الذين يريدونَ أن يقاتلوا المسلمينَ؟" كلُّ القتالِ في بدايةِ الأمرِ كان في المدينةِ، جاءَ الكفارُ إلى بدرٍ، جاءَ الكفارُ. إلى أحد جاء الكفار إلى الخندق حتى يزيلوا هذه العصبة من الحياة، فقاتلتهم فقاتلني، فضرب أحدهم يدي بالسيف فقطعها. إذا قُطعت يدي وأنا أقاتل هذا الوثني المعتدي دفاعاً عن النفس، ثم لاذ مني بشجرة فقال: "أسلمت لله". أفأقتله
يا رسول الله بعد أن قالها؟ قال صلى الله عليه وسلم: "لا". تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال، أخرجه مسلم. ما هذا؟ هل التفت أحد منا إلى أن هذا يغير حياتنا؟ إلى أن هذا حديث واحد لكنه يجعلنا ننظر نظرة أخرى إلى هذه الحياة الدنيا وإلى ما نحن فيه وإلى ترتيب الأولويات. ترتيباً آخر. وهنا تأتي المشكلة الثانية. المشكلة الأولى كانت السطحية في
القراءة. المشكلة الثانية أننا نكاد أن نؤمن ببعض الكتاب ونكفر ببعض. "أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض، فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا، ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب، وما الله بغافل عما تعملون". إذاً. جئنا بقوله فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شيء قدير، قال: هذا أيام العفو والصفح، وما الذي يبقى؟ قال: الذي يبقى: وقاتلوا
في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين. حسناً، هذه الآية مبهرة، "وقاتلوا" وليست "اقتلوا"، في سبيل الله وليس في أي سبيل آخر. سبيل أي شيء آخر من الهوى، من الانتقام، من رد العدوان، من أي شيء. "الذين يقاتلونكم" وليس أي أحد، شخص يأتي ليعتدي علينا فنقاتله، شخص يريد القتال فنقاتله، مثل كل الحروب المشروعة. "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم"، ثم هذه النهاية
العجيبة للمسألة: "ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين". في هذه الأجواء نفكر في عدوان أو عدم عدوان أو غير ذلك، حتى في هذه الأجواء نفكر في هذا. إذا كنا نريد إعمار الأرض، وحتى تلك الحروب وهذا القتال إنما هو من أجل السلام وليس من أجل شيء آخر. خيركم من يُرجى خيره ويُؤمن شره، وشركم من لا يُرجى خيره ولا... يؤمن شره، فلما قلنا لهم هذا الخلق فاعفُ واصفح باقٍ إلى يوم القيامة وليس
منسوخاً، لكن ذكّرونا بأن هذا إيمان ببعض الكتاب، يؤمنون بـ"اقتلوا المشركين" لكن لا يؤمنون بما قبلها ولا بما بعدها ولا بما هو غيرها، ويدّعون هذا بعقلية غريبة في فهم النص، إذاً فهذه مشكلة ثانية وهي. مشكلة التجزئة الأولانية السطحية والثانية التجزئة، أنظر في المدينة المنورة ضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أربعة أمثلة في حياته. مبعث
رسول الله كان ثلاثة وعشرين سنة، وكان عمره عند البعث أربعين سنة، وانتقل إلى الرفيق الأعلى وهو ابن ثلاثة وستين عاماً، داخل في الرابعة والستين. فترك لنا نموذجاً في مكة كيف... يعيش المسلم في وسط أناس يكرهون الإسلام ويحاربونه ويمنعونه ويقتلون من أسلم إذا كان تحت سلطانهم. كيف يعيش وعاش أربعة عشر سنة حتى عجزوا عن مواجهة كل هذا الضغط
وكل هذا البلاء، فأذن للهجرة إلى الحبشة. فسافر نحو ثمانين من الصحابة إلى الحبشة، ولما سافروا إلى الحبشة أصبح هناك نموذج. آخر يتمثل فيه دولة ليس بينها وبين الإسلام مشكلة لكنها ليست مسلمة، فأصبح المسلم يعيش في دولة توافق على وجود الإسلام وتوافق على أن يقيم المسلمون شعائرهم، ولكن لا توافق على أن تكون هي مسلمة تطبق مقتضيات الإسلام. نموذج آخر، فلما ذهب إلى المدينة أنشأ نموذجاً ثالثاً،
المدينة فيها يهود. وفيها نصارى وفيها وثنيون، وكان المسلمون تسعين في العدد. مرحباً سيدي الشيخ علي، كيف الحال؟ أهلاً وسهلاً، أهلاً وسهلاً، بارك الله فيك سيدنا. فالنبي صلى الله عليه وسلم ضرب لنا مثالاً كيف نعيش في التعددية. بعد ذلك، وبأحكام قضائية ولخيانات حدثت
ومخالفة للدستور الذي هو صحيفة المدينة، خرج الناس من. المدينة فبقيت المدينة وأسلم الناس وأصبح المسلمون فقط في المدينة، فأصبح كيف يعيش المسلم في دولة كلها مسلمون. إذًا هناك أربعة نماذج، لكن المصيبة الثالثة هي الاقتصار على نموذج واحد فقط وهو السنة الأخيرة من حياة رسول الله، وكأن الثلاثة والعشرين سنة ليست حجة، وكأن الإسلام لا يصلح أن لا يكون إلا في بلادٍ كلها مسلمون ويُمنع دخول غير المسلمين فيها، هذا كلامٌ مخالفٌ للواقع، مخالفٌ للتاريخ، مخالفٌ للجغرافيا، هذا كلامٌ
مخالفٌ للفكر، هذا كلامٌ مخالفٌ للتسامح، هذا كلامٌ مخالفٌ لأصل الديانة وللخُلُق الكريم. عندما جمعنا أحاديث رسول الله وجدناها ستين ألف حديث، منها ألفا حديث في كل الفقه من. من أوله إلى آخره ألفان على ستين، يعني ثلاثة في المائة، والباقي سبعة وتسعون في المائة. في ماذا؟ في الأخلاق، في التسامح. القرآن ستة آلاف آية، ستة آلاف ومائتان وستة وثلاثون آية. كم آية في الأحكام؟ ثلاثمائة. ثلاثمائة على ستة آلاف يكون واحداً على عشرين، يعني خمسة في المائة. والخمسة والتسعين أخلاق مرتبطة بالعقيدة، والله
لا يؤمن من بات شبعان وجاره جوعان وهو يعلم، والله لا يؤمن من لم يأمن جاره بوائقه. فإذاً، ربط الأخلاق بالعقيدة، هذا الربط بالعقيدة خمسة وتسعين في المائة من الشريعة. فإذا بنا في ترتيب أولوياتنا، وهذه المسألة الرابعة: السطحية والتجزئة والاقتصار. نأتي إلى... المسألة أو المشكلة الرابعة هذه وهي الانتقاء، إذا نرى شيئًا حتى لا يداهن الوقت،
إنما كل ذلك مكتوب في الكلمة التي أعددتها لكم، والوقت معكم يسير سريعًا. هذا الذي حدث مع هبار بن الأسود، رسول الله صلى الله عليه وسلم تهاجر له ابنته زينب الكبرى وهي حامل، وهبار حقود لا يريد. أمرَ زينبَ أن تسيرَ فهيّج الناقةَ حتى سقطت زينبُ عليها السلام وهي حاملٌ من فوق الناقة، فأجهضت ومات الولد. ويسير في العرب يسبُّ رسولَ الله،
فأهدر النبيُّ دمه. لم يُهدر دمه انتقاماً، بل أهدر دمه قضاءً لأنه قتل هذا الجنين ابن زينب، فجزاؤه القصاص، فواجبٌ عليه إقامة هذا الحكم القضائي الذي صدر. ضده فيأتي هبار بن الأسود مسلماً في يوم الفتح مطأطئاً رأسه ويقول: "يا رسول الله، لقد أسلمت"، فيعفو عنه وهو الذي كان سبباً في إجهاض الولد وسبباً أيضاً في موت زينب بعد ذلك في المدينة المنورة. ماتت زينب في حياة رسول الله بسبب هذه الواقعة التي حدثت.
نحن أمام تسامح مبهر للنبي صلى الله عليه وسلم، كانت عنده جارية اسمها ريحانة، أكرمها إكراماً عظيماً حتى أنه عرض عليها الزواج فقالت: "لا، أنا أفضل أن أكون في ملك اليمين بدلاً من الزواج، فقد أكون مشغولة أو نحو ذلك وتكون هناك مسألة". فقال: "حسناً"، وعن الإسلام قالت له: "لا، أنا غير مقتنعة بالإسلام". فظلتْ في بيته على يهوديتها إلى أن غضب رسول الله وحزن أنها لم تُسلم. كان يبدو أنه يرى فيها أنها خسارة ألا تكون مسلمة، فكان حزيناً وهو في مجلس مع الصحابة، شاغلاً
باله بهذا الأمر. فقال: "من الذي دخل الآن خلفي؟ أراه ثعلبة". كان ثعلبة خادماً عند ريحانة التي هي في... بيتي تأكل منه وتشرب وهكذا وهي على يهوديتها لم تفعل شيئاً. تسامح، ظل رسول الله متسامحاً بأساليب عجيبة غريبة في كل المستويات الفردية والأسرية ومجتمع المسلمين. ظل متسامحاً في الحرب، ظل متسامحاً في السلام، ظل متسامحاً مع أهل مكة: "اذهبوا فأنتم الطلقاء". ظل متسامحاً مع عقيل بن أبي طالب الذي باع بيوته. وهو في الهجرة فقالوا أين تنزل يا محمد، قال: ترك لنا عقيل من رباع ما هو باع. كل شيء ولم يحقق
مع ربيع مع عقيل ولم يرد الأموال ولم يفعل أي شيء. المسامحة لا تكون إلا من ذلك الرجل المؤيد الذي هو الأسوة الحسنة. لقد كان لكم في رسول الله. أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً، هذا هو الذي سيجعل هذا الإنسان المؤيد بتأييد الله. وإلى الآن كتابه باقٍ، أمته باقية، وهي التي حاربها الروم والفرس والتتر والصليبيون والاستعمار الحديث، وهي قائمة باقية تزيد حتى أصبحت منذ عشر سنوات هي الرقم الأول في الديانات في. العالم أصبحت أمته وأصبحت كعبته قبلته
وأصبح كتابه وأصبح أهله. كل أهل ماتوا ولم يبق إلا الحسن والحسين، وكل أولادهم ماتوا ولم يبق إلا زيد الأبلغ والحسن المثنى وعلي زين العابدين فقط لا غير. ومنهم ملايين مالئين من البيت الشريف، ما هذا؟ هذا تأييد، ومن أين هذا التأييد والتسامح؟ من أين هذا الحب لهذا الذي سمعنا صوته لحكيم العرب رحمه الله تعالى وهو يلخص لنا بكلمة من القلب هذا التسامح، كيف لا نبيع إخواننا وأننا نسير في هذا المسار الناصح
الذي سلكه في حياته فاستحق الحب إلى الآن، كل الناس في الأرض يحبون هذا الحكيم الذي سميناه وما زلنا. نسميه بحكيم العرب الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رضي الله تعالى عنه وأرضاه. هل كان كثير الصيام والصلاة وما إلى ذلك؟ لا، كان حسن الخلق فسبق بخلقه قبل أي شيء آخر مع وجود هذه الأشياء. أسعد بلقائي معكم في هذه الليلة المباركة وأرجو أن أكون قد طفت ببعض ما أردت أن أقوله. أقول لكم إن هناك مشكلة حقيقية في فهمنا
للنصوص وفي تعاملنا معها، تجعلنا دائماً غير قادرين على الانطلاق ولا على وضع الأمور في نصابها. الأخلاق تمثل خمسة وتسعين في المائة من الشريعة، وبهذه الأخلاق سوف نسود العالم، ومن غيرها فلا أمل فينا. شكراً لكم، شكراً لفضيلة الشيخ الدكتور علي جمعة على... هذه المحاضرة الطيبة، نفتح الآن باب المناقشة والمداخلة، فأرجو أن تكون مختصرة. تفضل أخي العزيز. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سلام حيث الله، أنا باحث سوري، قاسم السلامة. الحقيقة
في مسألتين وجدتهما في العالم الإسلامي، هي أن الأخلاق كما تفضلتم أساسية في كل شيء، وقمة الأخلاق التسامح، فأنا أتساءل كيف... يصبح قدوة للمسلمين أو عالماً من علماء المسلمين أو مربياً من مربي المسلمين، ولا يوجد لديه أدنى شيء من هذه الصفات أو من صفة التسامح. والقاعدة الأخلاقية تقول: علم الحال أبقى من علم المقال. وللأسف الشديد في العالم الإسلامي يوجد علماء وأئمة لكن بالقيل والقال وليس بالحال. فهذا التناقض وضع المجتمع الإسلامي في حالة فظيعة من التناقض وفي حالة فظيعة من الحقد فيما بينهم. المسألة
الثانية أن الشريعة أساسها الأخلاق والتسامح، ولا يوجد في بنود الشريعة أو ما يطبق في دور القضاء شيء اسمه التسامح، إنما القصاص، ومفهوم القصاص هو الانتقام والقتل وإلى آخره. فطلبي هو: هل يحتاج... أئمة وعلماء المسلمين إلى إعادة تأهيل صفة التسامح أم نبقى بهذا التناقض وبهذا التناحر؟ شكراً لكم. قضيتان مهمتان للغاية لاحظهما الإمام أبو حامد الغزالي وهو الفارق بين ما ينبغي أن يكون
وبين ما هو حاصل عند طائفة المتصدرين الذين غالباً ما يكونون متصدرين في العلم، فألّف كتابه الماتع "إحياء علوم الدين" وعندما... أراد المرتضى الزبيدي النهضة مرة أخرى في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، فإنه وجد قبله برنامجاً لهذه النهضة يتمثل في اللغة العربية عند عبد القادر البغدادي الذي ألف خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب. عبد القادر عندما ألف هذه المؤلفات كان الغرض أن تصبح اللغة وعاءً للفكر المستقيم. وجهان لعملة واحدة هي بداية النهضة، لكن المرتضى
الزبيدي رأى أنه يجب أن يضيف إلى ذلك أمرين: الأمر الأول التوثيق لأن هذه حضارة توثيق، والأمر الثاني هو التربية التي تصل بنا إلى عدم وجود هذه الفجوة بين ما هو واقع وما هو مرغوب فيه أو ينبغي أن يكون، فألّف كتابه تاج. العروس الحاوي من جواهر القاموس وألّف كتابه إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين مرة أخرى وأصبح يجلس للتحديث من أجل التوثيق. برنامج مرتضى الزبيدي هو كان سبباً عند كثير من المفكرين
لدخول الفرنسيين مصر للقضاء على هذه المدرسة قضاءً جسدياً، وظن نابليون أنه يقتل خمسة كل يوم من علماء الأزهر. من المسه المرتضى الزبيدي، فلما انتهى بمدة سنة قتل ألف وثمانمائة شخص، سافر إلى فرنسا وترك الحملة لأنها قد فعلت ما أرادت. هذا وبالله التوفيق. هل هنا أيضاً مداخلة أخرى؟ تفضل دكتور. السلام عليكم ورحمة الله، شكراً لفضيلتكم على هذه المحاضرة الطيبة، وأشكركم أيضاً على الإشارة إلى دولة الإمارات. العربية المتحدة وإلى شخص المغفور له الشيخ زيد رحمه الله، وهنا إشارة بسيطة أو
إضافة إلى أن التسامح في دولة الإمارات العربية المتحدة يشكل ركيزة أو ركنًا أساسيًا من فلسفة الحكم في دولة الإمارات العربية المتحدة، وهذه الفلسفة لم نتحدث عنها ولا نزكي أنفسنا مثلما أشرت، ولكن ما لا بد من الإشارة إلى أن فلسفة التسامح هنا هي فلسفة مترجمة إلى أفعال. دولة الإمارات العربية المتحدة فتحت أبوابها لكل الجنسيات في العالم ولكل ديانات العالم دون تمييز أو تفريق. من يأتي إلى دولة الإمارات يشعر بمعنى التسامح الحقيقي، ويبني حوارات اجتماعية وثقافية واقتصادية دون أن تكون. هناك عقد في هذه العلاقات الإنسانية التي تربط بين المقيمين في دولة الإمارات،
بل هناك الكثيرون لم يأتوا هنا من أجل العمل وإنما أتوا لأن دولة الإمارات العربية المتحدة تتميز بهذه القيمة الحضارية الإنسانية، قيمة التسامح، لأن يشعر هذا الإنسان بأنه يعيش في مناخ وفي أجواء اجتماعية تتسم بهذا. المعنى الحقيقي للتسامح: دولة الإمارات ترجمت أيضاً معنى التسامح مع مختلف دول وشعوب العالم بتقديمها للمساعدات. إن قيمة التسامح تفرض على هذه الدولة أن تقدم مساعداتها العينية والمالية لمختلف شعوب الأرض بغض النظر عن ديانات تلك الشعوب أو عقائدها أو مرجعياتها. هذا يؤكد على أن التسامح بالفعل قيمة حضارية. إنسانية تأصلت في هذا الشعب وفي هذا المجتمع، مجتمع دولة الإمارات العربية المتحدة، في علاقاته
الإنسانية مع مختلف شعوب الأرض. وعندما أتى بعض النفر إلى الشيخ زايد، رحمه الله، محاولين أن يقولوا له: "لقد فتحت أبواب الدولة لكل من هب ودب"، قال: "الأرض أرض الله". والمال مال الله ومن يأتينا حياه الله، هذه القيم الحقيقية التي ترجمها صاحب السمو المغفور له الشيخ زايد رحمه الله، وتسير عليها القيادة السياسية حالياً، ونحن نؤمن بها كشعب لأنها أصبحت مغروسة في أذهاننا وفي قلوبنا وأفئدتنا. هذا ما أردت الإشارة إليه، شكراً. وبهذا تقدمت الإمارات، وبهذا بقي غرس زايد. إلى يوم الناس هذا، وبهذا كل يوم وكل عشرة سنوات تتغير وجه هذه المنطقة. من تلك البركة نأخذ
مداخل أخرى. تفضل أخ عزيز. شكراً أخي مراد. لو سمحت يا شيخ، عندي لك سؤال واحد: بالأمس طرحوا في أبوظبي مبادرة وهي إنشاء مدينة للأديان الثلاثة التي هي الأديان الإبراهيمية الثلاث، تم طرح ويتم... طُرِحَ مرةً ثانيةً في الأمم المتحدة في الجمعية العامة أنه سيتم إنشاء ثلاثة مبانٍ في هذه المدينة: المبنى الأول هو مسجد، والمبنى الثاني كنيسة، أما المبنى الثالث فلا أعرف ما اسمه لكنه المكان الذي يعبد فيه اليهود. حسناً، أردت أن آخذ رأيك في هذا الموضوع من الناحية الشرعية والفقهية. إن رأيك مثل
رأيي، موجود في مصر القديمة عند مسجد عمرو بن العاص. المسجد موجود فعلاً وهو مسجد عمرو بن العاص وهو أول مسجد بُني في هذه المنطقة في مصر. وتوجد كنيسة معلقة ويوجد المعبد اليهودي أمامهم، وعندما دعا السادات إلى أن يُنشأ بيت واحد للديانات الثلاث، تكلم أهل الديانات الثلاث. رفض اليهود ورفض المسيحيون ورفض المسلمون، فجاءه أحدهم وقال له: "يا رئيس، الله يرحمه، أنت ما هو موجود بالفعل". قال له: "أين؟" قال له: "في منطقة عمرو بن العاص". فتحولت منطقة عمرو
بن العاص وما حولها إلى ذات نفس الفكرة التي تتحدث أنت عنها الآن في مصر وفيها. عدد قد يفوق عشرة في المائة كما تكون الإحصاءات كثيرة جداً من الكنائس التي بجوار المساجد وأيضاً لما كان عدد اليهود في مصر الآن أربعة وستين شخصاً كلهم سافروا إلى فلسطين بعد نكبة ثمانية وأربعين لكن الذين تبقوا وتمسكوا بالوطن مات كثير منهم وبقي منهم إلى الآن نحو ستون شخصاً هؤلاء، فكانت توجد معابد كثيرة لليهود. هذه المعابد تم شراء بعضها وأصبح جمعيات خيرية، وبعضها أصبح مساجد، وبعضها أصبح
شركات عندما لم تجد فرصة لأداء مهمتها العبادية. فأنا أريد أن أقول لحضرتك إن التاريخ الإسلامي في هذا التجمع، أن تكون البنايات بجوار بعضها البعض، وعندنا هنا في المحاضرة مما لما يعني الحق بذكره كيف أن الله سبحانه وتعالى "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات"، يعني كان من الممكن أن يؤثر هذا الحاصل في بناء دور للعبادة مختلفة بجوار بعضها البعض، فهذا لا شيء فيه، والتاريخ واقع على الأرض بذلك. شكراً لك شيخ، أنا أعلم تاريخياً أن... المسلمون لم يهدموا كنائس ولا مقرات عبادة لأي ديانة، ولكن
الآن يُطرح موضوع وهو، كما تعلم سماحتك، أنه في الدول التي هي أصحاب هذه الديانات يجري تحويل هذه المعابد إلى استخدامات أخرى، حيث تُباع أرض المعبد وتُحوَّل المعابد إلى مستشفيات أو أماكن تجارية أو مقار للأعمال، وهذا ما يُقال. أنَّ في دولِ الخليجِ تُعمَّرُ هذهِ المَعابدُ، بينما هم في دُوَلِهم جالسونَ يَهْدِمونَها ويُخْلونَها ويبيعونَها في غالبِ الأحيانِ. مَنْ الذي يبيعُ؟ يعني صاحبُ الكنيسةِ جالسٌ يبيعُ كنيسةً في أمريكا وفي أوروبا. يبيعُها لِمَنْ؟ يبيعُها كاستثمارٍ، يبيعُها لِمَنْ يَدفعُ، نعم، لِمَنْ يَدفعُ. الآنَ الكلامُ يُطرَحُ أنَّ أهلَ الخليجِ جالسونَ يَدفعونَ. من مالهم حتى يعمروا للذي يجلس يبيع أرضه؟ طيبٌ، حسناً، الرجل الخليجي اشترى كنيسة وحوّلها إلى مسجد، أم حوّلها إلى ماذا؟
لا، لا، ليس هذا الكلام الآن. هو أجنبي في أمريكا مثلاً، هو أمريكي باع الكنيسة. حتى لا يسرق الوقت منا بعد المحاضرة، تعال حتى أفهم منك ما السؤال الذي تريده. شكراً لك يا شيخ. في النهاية أنت عالم علم وأنا لا أملك من العلم شيئاً. شكراً لوقتك. إذا سمحتم لي، الوقت انتهى في نهاية هذه المحاضرة، وباسم سعادة الأستاذ الدكتور جمال سند السويني مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أتقدم بجزيل الشكر والتقدير إلى فضيلة الأستاذ الدكتور علي. جمعة عضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف في جمهورية مصر العربية، ولكم أيها الإخوة والأخوات، ونلتقي بكم في فعالية أخرى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.