التوبة | مع حديث رسول الله | برنامج مجالس الطيبين موسم 2010 | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون والأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من حلقات مجالس الطيبين مع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. نعيش هذه اللحظات المباركة في هذا الشهر الكريم، رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كل ابن آدم خطّاء"، والخطّاء كثير الوقوع في الخطأ والخطيئة، وخير الخطائين التوابون. فأمرنا أن نتوب وأن نتوب من قريب، ولذلك
فالشرع الشريف في سماحته وجماله وحلاوته جعل هناك ما يسمى بمكفرات الذنوب، هيا بنا نستمع إلى... رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يشرح لنا تلك المكفرات التي تعطينا الأمل، فكل ابن آدم خطّاء وأخطاؤنا كثيرة، ولكن هناك أمل يشرحه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق الأمين. عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول... الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات
لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر، وفي رواية "إذا اجتنب الكبائر". من الذي يجتنب الكبائر؟ هو المكلف الذي يجعل من الصلوات الخمس وينوي بها أن تكفر ذنوبه فيما بينها، فيصلي الفجر ثم يرتكب بعض الذنوب لأن كل ابن آدم خطّاء يقع في ينسى وما سُمّي الإنسان إلا لنسيانه، ينسى كثيراً فتأتي صلاة الظهر وتكفر عنه، هذا رواه مسلم، ويأتي فيفعل الذنب ولكن العصر يكفره، والمغرب يأتي بعد العصر فيكفر، وهكذا. وليس هناك أمة في الأرض تصلي لله
خمس صلوات في اليوم، وهذا فرض على كل من انتمى إلى هذه الأمة، الصغير والكبير. الشاب والشيخ، الرجل والمرأة، جميعهم سواء في أمة الإسلام. فالصلوات مكفرات لما بينها، وهناك تكفير أسبوعي من الجمعة إلى الجمعة. وذلك لأن الجمعة فرض على كل ذكر بالغ من أمة النبي صلى الله عليه وسلم إذا خلا من المرض والعوائق والسفر ونحو ذلك. فهذه فرصة، وهي ليست فرضاً على المرأة، للمرأة أن تصلي الجمعة، وإذا واظبت على صلاة الجمعة كانت الجمعة إلى الجمعة مكفرات لما بينهما، وكذلك صيام رمضان، فرمضان
إلى رمضان مكفر لما بينهما، يأتي رمضان فيكفر سائر السنة التي فاصل
مصر.
محطات، وهذه المحطات فيها تكفير للذنوب وقبول للأعمال ومحو للسيئات. مجتنب الكبائر، رواية مسلم، مجتنب الكبائر يعني يجتنب. الإنسان منا يقترف الكبائر، وهنا أشار الحديث إلى أن هناك كبائر، وإلى أن هناك بالتلميح صغائر. فما الفرق بين الكبيرة والصغيرة؟ الفرق بين الكبيرة والصغيرة أن الكبيرة توعد الله صاحبها بالنار والخلود فيها،
أما الصغيرة فليست كذلك. الكبيرة فيها لعن من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من... لكن الصغيرة تجد أنها حرام ولكنها ليس فيها لعن. الكبيرة ترى فيها نصاً بأنها كبيرة. يعني كيف نعرف الكبائر؟ الكبائر نعرفها بأن النبي نص على أنها كبائر: "اتقوا السبع الموبقات: الشرك بالله، عقوق الوالدين، التولي يوم الزحف، السحر"، يعني هكذا أشياء عظيمة. لماذا نقول على هذه كبائر؟ لأن... النبي صلى الله عليه وسلم قال إنها كبيرة أو موبقة، ومنها اللعن، فالنبي عليه الصلاة والسلام لعن القتات
الكذاب الذي يفتن بين الناس. إذن هذه الفتنة كبيرة، أو الخلود في النار مثل قضية القتل العمد العدواني، فإن الله سبحانه وتعالى جعل جزاءه النار خالداً فيها، إذاً هذه علامات من علامات. الكبيرة أن ينص عليها رسول الله أن يكون فيها لعن أو أن يكون فيها عذاب بالنار، لكن الصغيرة غير ذلك. بعض الناس حاول أن يعد الكبائر ليحذر منها، فبعضهم قال الكبائر سبعة، وبعضهم قال الكبائر تسعة، وبعضهم قال الكبائر سبعون، وبعضهم قالوا: والله ما نحن عارفون الكبائر ما هي بالضبط،
لا تستصغر الله الكبائر في الذنوب حتى نحصي الذنوب كلها، فالإنسان لا يجلس ليقول هذه كبائر وهذه صغائر. لا تحتقر صغيرة، فإن الجبال تتكون من الحصى. المرء لا يعود نفسه على فعل الصغائر، بل يبتعد عن الذنوب كلها وكفى. ذلك أسهل، فهذه الصغيرة إذا أصررنا عليها وكثرت الصغائر، يمكن أن فتصير كبائر، ولذلك الحكيم هو من يبتعد عن كل الذنوب، وقالوا: أخفى الله ثمانية في ثمانية، أخفى ثمانية أشياء في ثمانية أشياء، أخفى ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، وأخفى ساعة الإجابة في يوم الجمعة، وأخفى
ساعة الإجابة في الثلث الأخير من الليل، وأخفى اسمه الأعظم في سائر الأسماء. الحسنى وأخفى السبع المثاني في القرآن العظيم وأخفى الصلاة الوسطى في سائر الصلوات الخمس وأخفى ولي الله في الناس حتى تحترم الناس كلها ولعل فيهم الذي احتقرته هذا لعله يكون وليًا لله سبحانه وتعالى وأنت لا تدري ولا تتكبر على خلق الله لأنه قد يكون الذي تكبرت عليه مرضيًا عنده. من الله، ولذلك لا يتكبر المرء ولا يتعالى، وقد أخفى الله الكبائر في سائر الذنوب كما أخفى الله ليلة القدر في رمضان.
ولذلك فعل الله هذا من أجل أن يسعى الإنسان للذكر بجميع الأسماء الحسنى، ولقيام العشر الأواخر من رمضان، ولقيام ثلث الليل الأخير، وللاهتمام بيوم الجمعة وما فيه من النبي صلى الله عليه وسلم يقول عن جابر بن عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جارٍ على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات". الصلوات الخمسة مثل أن يكون الشخص يغتسل خمس مرات في اليوم، هل يُبقي ذلك من أوساخه شيئاً؟ قالوا أيكون ذلك من ضررنا شيء؟ هل بعد أن يغتسل المرء خمس
مرات في اليوم يبقى فيه شيء من الأتربة أو شيء من العوالق؟ أبداً، بل يكون نظيفاً مئة بالمئة. قال: "الصلوات الخمس" ويقول: "أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمساً، ما تقول ذلك يبقى من..." ضرنه قالوا لا يبقى ذلك من ضرنه شيئاً. قال: فذلك مثل الصلوات الخمس، يمحو الله بها الخطايا. رواه البخاري ومسلم. الضرن هو الأوساخ والقذارات والأتربة والأشياء العالقة بالجسم، الأشياء غير النظيفة. فالاغتسال خمس مرات يومياً ينتج عنه نظافة دائمة، فالمسلم في آخر النهار
إذا نوى. هذه النية، نية أن الصلوات تكفر وتغسل. أنوي هذا وهذا يدعونا إلى أن نقول: لا بد عليك أن تتمسك بالصلوات الخمس، لأن التمسك بالصلوات الخمس هو عبارة عن تمسك بهذا الاغتسال من الخطايا. ابتعد عن الخطايا، ستقع فيها نسيانًا. الصلوات الخمس مكفرات لما بينهن. إلى لقاء آخر، أستودعكم
الله والسلام. عليكم السلام ورحمة الله