التوسط والتوازن | مجالس الطيبين | أ.د علي جمعة

التوسط والتوازن  | مجالس الطيبين | أ.د علي جمعة - مجالس الطيبين
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه أيها الإخوة المشاهدون والأخوات المشاهدات في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا ومرحبا بكم في حلقة جديدة من حلقات مجالس الطيبين في هذا الشهر الكريم علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم التوازن في الأمور كلها وجلس في سيرته يربي أصحابه وأمته من بعدهم، هذا المعنى أننا ينبغي أن نسير في حياتنا دون إفراط أو تفريط، دون مغالاة أو
ترك وتقصير، فنزهنا عن القصور والتقصير وأمرنا بالطريق الوسط، ووصف الله سبحانه وتعالى أمة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم بأنها أمة وسطا وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر الرجال بالرفق بالنساء، المرأة تأتي وتشكو زوجها وامرأة أخرى تأتي فتشكو زوجها وثالثة تأتي فتشكو زوجها فيأمر الرجال بالرفق بالنساء والرحمة بهن ويقول خيركم لأهله
وأنا خيركم لأهلي فلما يقول ذلك يلاحظ أمرا عجيبا أن الأمر قد انعكس وتأتيه الصحابة لتشكو من أزواجهن فيا رسول الله إن امرأتي فعلت وفعلت وعندما أمرتها لم تطعني وعندما غبت لم تحفظني وعندما أردت الخير منعتني وهكذا عندما يعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فتأتي المسألة إلى الطرف الآخر فيكون هناك إذن تطرف في
المسألة تعتقد المرأة عندما ينصرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها تفتري على الزوج وأنها تعمل على الإضرار فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول تكفرن العشير ناقصات عقل ودين من أجل أن يوقف هذا أي أن هذه النصوص لم تقل مجردة وإنما قيلت من أجل إحداث التوازن يعني أنت الآن أمرنا الزوج أن يكون خير زوج لك فلا بد أن تكوني خير زوجة، أيكفرن بالله يا رسول الله قال لا بل تكفرن العشير الرجل يقوم لإحداكن بكل شيء فإذا رأيت منه شيئا قلت ما رأيت منك خيرا قط كذلك رسول
الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا أن نتعامل مثلا كما ذكرنا في حلقة سابقة مع الكلاب، رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع لنا صورة كاملة لقضية الكلاب: أولا نحن لسنا أعداء للكلاب، ثانيا الكلاب يستفاد منها، ثالثا الكلاب أمة من أمم الله سبحانه وتعالى ولذلك يجب المحافظة عليها وفي مقابل ذلك فإن الكلاب مما تمنع دخول الملائكة إلى البيت أي أن هناك توازنا، ولذلك عندما نكون مثلا ونسأل
ونحن في بلاد استخدمت الكلاب للمكفوفين فالأعمى يكون معه كلب مدرب من أجل أن يرشده ومن أجل أن يوقفه أو يمنعه من أي خطر من حوله، جاءني سائق تاكسي في شيكاغو وقال لي الآن هذا الكلب نجس وأنا لا أريد أن أقل الأعمى الذي يقوده الكلب، أقول له ليس هذا من الإسلام في شيء، يجب عليك أن تعاون هذا الأعمى وأن تقله مع كلبه، وذلك بأن تجعل الكلب على مذهب الإمام مالك طاهرا، ولذلك تسير الأمور، لكنه
يقف ويقول له إنني أختار أن هذا الكلب نجس وعلى ذلك هي تترك الكلب وهذا مستحيل لأن هذا الكلب هو حياته هو عيناه يا إما لا أتركك يبقى إذا أنت الرجل لا تصلح بأن تكون إنسانا مسلما طيبا في المجتمع الذي حولك هذه جريمة أنت تركت تارك الآن جريمة أنت الآن متطرف في هذا الفهم فعندما نستعمل الكلاب كما أجاز رسول الله، قالوا له: والله يا رسول الله إذا كان الكلب هذا هو الذي تمنع الملائكة من دخول البيت، فماذا عن كلب الغنم؟ قال: إلا كلب الغنم، قالوا له: فماذا عن كلب الزراعة؟ قال: وكلب الحرث، قالوا له: فماذا عن الكلب الحارس؟ قال: والحراسة، فاستثنى من الكلاب التي تكون في أماكن مفتوحة
من أجل مزرعة أو من أجل فيلا في حديقة أو من أجل قطعة أرض أو من أجل بناية فالكلاب تقوم بالحراسة والكلاب تقوم بإبعاد الذئاب عن الغنم والكلاب تقوم بالحراسة ولكن ونحن نلاحظ ذلك في المكان المناسب أما بعض الناس فقد وصل بهم الحال يربون مجموعة كبيرة من الكلاب تزعج الناس بالنباح وكذلك تخيف الأطفال وتخيف الناس ويمكن أن تعتدي عليهم وكذلك تنبعث منها رائحة كريهة جدا لأنها في مكان محدود ولأنه ليست فيها شروط
تربية هذا العدد من الكلاب بعض الناس اشتكوا قالوا هذا شخص أعد شقة وفي عمارة وفيها ثلاثون أربعون كلبا الثلاثون أو الأربعون كلبا هؤلاء يحتاجون إلى عناية ورعاية حتى لا تظهر رائحتهم وتؤذي الجيران وحتى لا يحدث الضجيج فلا ينام الإنسان بالليل والنهار وهذا إفساد للبيئة لأنه وضع الشيء في غير محله لأنه وضع الشيء من غير شروطه وهذا يحتاج إلى مزرعة للكلاب وتوجد مزارع للكلاب ومزارع تكون خمسة وأربعين فدانا نربي فيها هؤلاء الكلاب الثلاثين من أجل الكلاب الآن تساعد في اكتشاف
المخدرات تساعد في اكتشاف المجرمين كلاب تساعد في الحراسة تساعد في اكتشاف الحريق وتساعد في اكتشاف المتفجرات يعني إن هذه كفاءات عالية جدا في الكلب نستفيد بها ولكن بشروطها كلية الشرطة وهي تربي الكلاب عاملة مقاييس لتربية الكلاب صحيح يبقى هو هذا المقصد الشرعي أن نحن كل شيء نعمله بالشروط الخاصة به من غير إفراط ولا تفريط من غير تقصير ولا قصور من غير عدوان ولا تخاذل نعمله بشروطه فعندما أتكلم عن موضوع
لا نذهب به إلى يعني عندما أنصر السيدات لست أنصرهن على بالعكس أنا أريد الأسرة المتوازنة، عندما أتحدث وأقول يا جماعة انتبهوا هذه الكلاب جائزة لإرشاد الأعمى وللكشف عن المخدرات وكشف المتفجرات وللحراسة وللحرث وللأغنام وهكذا إلى آخره، ولا يجوز لنا أن نهلك الكلاب ولا يجوز، والكلاب طاهرة عند مالك. ثم يأتي إلي أحدهم يربي خمسة أو ستة كلاب في شقة لا تتجاوز المائة متر ويخيف به جيرانه ويؤذي به جيرانه من ناحية الرائحة ويؤذي به جيرانه من ناحية الصوت والضجيج ويؤذي به جيرانه من ناحية أن هذا الجار قد يعتقد نجاسته كالشافعية والحنفية والحنابلة ففي مذاهب كهذه وهذا
الكلب يخرج فيعضه أو يلعب معه الكلب أشد التصاقا بالإنسان التوازن، النبي صلى الله عليه وسلم دائما قال لنا بهذا التوازن وأنه عندما فكر أن يقضي على الكلاب لأنه رأى جبريل قد تأخر عن موعده من أجل جرو، هذا الجرو الذي هو الكلب الصغير، والكلاب لها أسماء كثيرة جدا في لغة العرب حتى أن هناك لطيفة من اللطائف جرت مع أبي العلاء المعري، أبو العلاء المعري كان يمشي وهو ضرير
فاصطدم بأحدهم هكذا، فقال له ألا تبصر يا كلب، الرجل اعتدى عليه هكذا على الفور يبدو أنه لم يكن أو يعني، فقال أنا لست كلبا وإنما الكلب من لا يعرف للكلب أربعين اسما في لغة العرب، قال للكلب أربعون اسما في لغة العرب قال نعم وذهب فسماها له، هذه الرواية هذه القصة وصلت إلى الإمام السيوطي يعني الذي لا يعرف أربعين اسما للكلب في لغة العرب يوصف بهذا الوصف يا أبا العلاء المعري أليس هذا أيضا عيبا، فالمهم أن الإمام السيوطي ألف كتابا منظومة أسماها التبري
من يعني أن الرجل أبا العلاء المعري هذا تجاوز وأنا سأذكر أسماء للكلب وأنا أعرفها فأنا لست كما وصفنا بكلب وذكر فيها سبعين اسما للكلب في لغة العرب ومن ضمن هذه الأسماء زارع ومن ضمن هذه الأسماء واسق وواشق وسبع كانوا يطلقون على الكلب سبعا وجر وهو ابن الكلب ضمن هذه الأسماء كاسب وصياد وكان التبرؤ من معرة المعري هذا هو فقط يثبت شيئا معينا وهو أن العرب كانت إذا أحبت شيئا أو كرهته خافته أكثرت من أسمائه فكان العرب يخافون الأسد فوضعوا له أسماء كثيرة يخافون البحر فوضعوا
له أسماء كثيرة ثلاثين اسما للبحر يحبون الكلب فوضعوا له أسماء كثيرة فالنبي عليه الصلاة والسلام عندما تحدث في قضايا الكلاب هذه تحدث من أجل إحداث التوازن وليس من أجل موقف مسبق للإسلام ضد أي كائن من الكائنات بهذا الكلام الذي ذكرته في هذه الحلقة قد يفصل ويفسر بعض الكلمات التي قلناها في حلقة سابقة مع مراعاة الوقت وسرعة الحلقة ولكن يجب علينا أن نصل بأنفسنا إلى التوازن وأن نفهم النصوص بكاملها حتى لا نؤمن ببعض الكتاب ونكفر ببعض أو حتى لا نأخذ
بحديث ولا نأخذ بالحديث الآخر وبذلك يحدث نوع من الخلل تحت دعوى أننا سمعنا فتوى من هنا أو رأيا من هناك ونكون مثل هذا الذي رفض أن يركب الأعمى مع الكلب وهذا مرفوض في الشريعة أو الآخر من الطرف الآخر الذي يربي الكلاب في البيت بدون شروط التربية لأن هذه تحتاج إلى مكان وتحتاج إلى أموال وتحتاج إلى شروط وتحتاج إلى عناية ورعاية حتى لا تؤذي الآخرين فهذا مخطئ وذاك مخطئ لأنهما لم يتعاملا مع الشرع الشريف بالتوازن الذي علمنا إياه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ندعو الله رب العرش
الكريم أن يكرمنا في هذا الشهر وأن يفتح علينا وأن يفهمنا مراده من دينه وأن يجعلنا إخوة متحابين في الله وأن نترك بعض رغباتنا وبعض شهواتنا من أجل الآخرين لأن الجار أخو الجار. ولأن الرجل سند المرأة والمرأة سند الرجل ينبغي علينا أن نعيد الحب إلى حياتنا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته