التيسير والبساطة جـ 1 | مجالس الطيبين | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه أيها الإخوة المشاهدون أيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومرحبا وأهلا بكم في حلقة جديدة من حلقات مجالس الطيبين في شهر رمضان المعظم النبي صلى الله عليه وسلم من معجزاته أنه علم الناس بالبساطة وعلمهم البساطة وهي الآن من القيم العالمية الكبرى التي يسعون لتعليمها للأطفال والشباب والناشئة في كل مكان من القيم التي أقرتها اليونسكو
والنبي صلى الله عليه وسلم والحمد لله تركنا على المحجة البيضاء ولذلك عندما يأتوننا بخطة هي خطة رشد يعظمون فيها حرمات الله فيها إلى القيم التي نحن نوافق عليها كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله لا تأتيني قريش بخطة يعظمون فيها الحرم، وفي رواية حرمات الله، وفي رواية الرحم، إلا أجبتهم إليها، فنحن نقبل هذا وندعو العالمين أيضا إلى ذلك، ونعرف أن هذا الدين يحتاج إليه كل الناس بهذه الواضحة الجلية المباشرة المحددة التي منها قضية هذه البساطة أراد النبي صلى الله عليه وسلم بأمر ربه أن نكون في
طهارة فعلمنا الوضوء، يحسنه كل أحد، الفلاح في الحقل يتوضأ وإن نهى عن الإسراف وقال إن الإسراف منهي عنه والتبذير منهي عنه وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا، لو أن لدينا نهرا فإنه أيضا سيكون هناك الإسراف في الاستعمال، فعلم الناس ببساطة الطهارة وعلمهم الاقتصاد، وكان يتوضأ صلى الله عليه وسلم بالمد ويغتسل بالصاع، أشياء قليلة أي
يتوضأ بكوب واحد ويغتسل بأربعة أكواب، فقال أحدهم: لا يكفيني، إنني صاحب شعر فقال كان يكفي من هو أشعر منك يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبي جحيفة رضي الله تعالى عنه قال آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة يعني ليست متجملة لزوجها متبذلة بأعمال المهنة كما يقولون أو المهنة كلاهما صحيح فقال لها ما
شأنك قالت أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاما لننتبه إلى أن سيدنا سلمان الفارسي وهو يتكلم هذا الكلام مع أم الدرداء كان رجلا كبيرا جدا في السن حتى قيل إنه في هذا الوقت كان فوق مائة وعشرين عاما لأن رحلته الطويلة في البحث عن الحقيقة حتى وصل إلى المدينة وصلها وهو ابن مائة وعشرين على أقل الأقوال هناك أقوال أنه أكثر من ذلك فحسب يعني بعضهم يقول كيف يجلس أبو الدرداء عند أمه كيف يجلس سلمان عند أبي الدرداء وكيف يدخل
على زوجته وكيف هكذا أبو سلمان الفارسي حينئذ كبير في السن ورجل عجوز ويعاملونه معاملة الأب ولذلك لم يتردد في أن يسألها ما لك ما لك ما بك ما لك هكذا ألا تنتبهين لنفسك لماذا فقالت له أخوك أبو الدرداء يعني قرر أن يترك الدنيا ليس له حاجة في الدنيا فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاما فقال كل قال فإني صائم سلمان صنع له طعاما ابني مائة وعشرون سنة لكن عنده همة وقوة جسدية فذهب وصنع طعاما لأبي الدرداء لما رجع قال له كل هو يعرف أن أبا الدرداء
صائم فقال أبو الدرداء إني صائم قال ما أنا بآكل حتى تأكل أنا لست ضيفك وأقعد عندك ما أنا بذاهب إلا عندما تأكل قال فأكل فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم للصلاة يعني قال نم هكذا بجانبنا فنام طيب وهذا يدل على ماذا يدل على حب أبي الدرداء لسلمان يدل على هذه الأخوة الصادقة يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لما آخى بين سلمان وبين أبي الدرداء كانت يعني كانوا يفهمون كانوا يفهمون معنى الأخوة معنى كبير جدا أيضا بدأنا نفتقد وبدأ الناس يستغرب
بعضهم بعضا الأخوة كانت فيها شهامة كان يحمل همه كان لا يتركه وكان يتناصح معه والدين النصيحة ولكن رأينا أبا الدرداء وكأنه ببساطة سلمان أفطر وهو صائم، أفطر، نام وهو يريد أن يقوم الليل ومستعد له ومرتب نفسه، نام حتى لا يكسر بخاطر أخيه، فنام ثم ذهب ليقوم فقال نم، فلما كان من آخر الليل قال سلمان قم الآن فصل، فصلى فصليا، سلمان قام متوضئا وصليا الركعتين قبل الفجر هكذا لكن لن يبقى مستيقظا طوال الليل، فقال له سلمان إن لربك عليك حقا ولنفسك
عليك حقا ولأهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال النبي صلى الله عليه وسلم صدق سلمان لو لاحظنا هذا الحديث لوجدناه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم الذي علمه سلمان من قبل والذي رأى سلمان أن أبا الدرداء يخالفه فأبلغه إياه وكأنه من عنده حتى يكون الأمر لا يتضمن إلزاما من رسول الله صلى الله عليه وسلم بل هو نصيحة أخ لأخيه ثم أراد له أن يؤكد هذا المعنى وأن يؤكد أن هذا الكلام من تعليم النبي صلى الله عليه وسلم فأخذه وذهب به إلى النبي وذكر هذا فقال صدق سلمان إذن
فالنبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا البساطة وهو الذي يقول لكنني أقوم وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني هذه هي السنة النبوية الشريفة تمثل أعلى نقطة في المنحنى في منحنى كهذا مثل الجرس يسمونه منحنى الجرس له أعلى نقطة بعد ذلك إذا استمررنا سننخفض وليس سنرتفع سنبقى في علو فهذا المثال النبوي إذا زدنا عليه فإننا ندخل في التعقيد وندخل في الانحطاط وليس في العلو البساطة أمر بسيط وكان النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن التكلف فنهانا عن التكلف وقال هلك
المتنطعون وكان يقولها ثلاث مرات وعن أنس رضي الله تعالى عنه يقول جاء ثلاثة رهط إلى بيت النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم كيف هي فلما أخبروا كأنهم استقلوها فقالوا هذا نبي ومعصوم وهذه حاجة قوية ما هذا جدا فاتفقوا مع بعضهم البعض على أن يقوموا الليل وأن يتركوا نساءهم وأن يصوموا النهار فالنبي صلى الله عليه وسلم قال هذا الحديث الذي ذكرناه من رغب
عن سنتي فليس مني وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، الدين يغلبه، إذا أردت أن توسع على نفسك وتسأل وتبحث وما إلى ذلك فلن تصل إلى النهاية، ولكن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا يعني الذي تقدر عليه فاعمله وأنت سائر ببساطة وأبشره وأستعين به بالغدو والرواح وشيء من الدلجة أي أستعين به بصلاة الجماعة وأستعين به بقيام الليل ركعتين هكذا
قبل الفجر طبعا لو قسنا أنفسنا على هذا لوجدناه أننا متأخرون عنه جدا ولكن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث أحد أصحابه للدعوة أو للتعليم أو لكذا إلى في بعض أمره كان يقول له النصيحة النبوية للبساطة بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا فالبشرى والتيسير وعدم التنفير وعدم التعسير هي النصيحة النبوية والوصية النبوية له صلى الله عليه وسلم وهو يعلمنا البساطة قالت عائشة رضي الله
تعالى عنها صنع النبي صلى الله عليه وسلم شيئا ترخص فيه وتنزه عنه قوم فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه فوالله إني أعلمكم بالله وأشدهم له خشية إلى لقاء آخر أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته