التيسير والبساطة جـ 4 | مجالس الطيبين | أ.د علي جمعة

التيسير والبساطة جـ 4 | مجالس الطيبين | أ.د علي جمعة - مجالس الطيبين
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه أيها الإخوة المشاهدون أيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا ومرحبا بكم في حلقة جديدة من حلقات مجالس الطيبين في هذا الشهر المعظم المبارك الكريم وكنا نتحدث في حلقة سابقة عن خلق البساطة وهو من الأخلاق النشيطة العالمية الحية التي تدرس الآن ويدعو إليها جميع العالمين في الأرض وهو من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وهو متشعب في حياتنا على المستوى الفردي وعلى مستوى المجتمع وعلى
مستوى الجماعة وعلى مستوى الدولة وعلى مستوى الأمة نحتاج إليه والنبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا إياها في مواقف كثيرة واليوم تتبين لنا هذه القيمة وهذا الخلق فعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أنه كان يقول ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة ولا أتم من النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان ليسمع بكاء الصبي فيخفف مخافة أن أمه أخرجه البخاري فالنبي صلى
الله عليه وسلم كان يتم صلاته لكنه كان يخفف الصلاة لأن وراءه الشيخ ووراءه المريض والضعيف ووراءه المرأة التي ترعى بيتها أو ترعى طفلها ولذلك كان إذا سمع بكاء صبي خففها وقد لوحظ هذا التخفيف كان يقوم بالليل وحده حتى تتورم قدماه صلى الله عليه وتناقشه السيدة عائشة في ذلك وتقول يا رسول الله ألم يغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال أفلا أكون عبدا شكورا لكنه مع هذه القدرة الفائقة لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على العبادة وهو الذي كان يقول لبلال
أرحنا بها يا بلال وهو الذي كان يقول وجعلت قرة عيني في الصلاة، فإنه صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع بكاء صبي خففها. إذا هذه البساطة مطلوبة حتى في العبادة، فإذا دخلنا خلف إنسان يطيل الصلاة ولا يجوز له أن يطيل ويخالف سنة الرسول إلا مع قوم محصورين هو متفق معهم على هذه الإطالة، أما في المساجد المفتوحة المطروقة التي يأتي إليها جميع الناس وليس هناك اتفاق بين الإمام والمأمومين فإنه ينبغي عليه أن يتبع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تجد أيضا
من مظنة فقه الرجل هكذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم من مظنة يعني من علامة من علامات فقه الرجل إن من علامات فقه الرجل طول صلاته وقصر خطبته في الجمعة، وكانت صلاته الطويلة لا تتجاوز أن يقرأ بـ"سبح اسم ربك الأعلى" و"هل أتاك حديث الغاشية"، أي صلاة لا تستغرق أكثر من سبع دقائق، فإذا كانت الخطبة أقصر من ذلك، فكم كانت مدة الخطبة؟ كانت خمس دقائق والآن نجد بعض الخطباء يطيلون ويطيلون وكأنها فرصة قد وجدوا فيها
أناسا يستمعون إليهم، شخص يقول لي إن الناس لم تعد تذهب إلى المساجد وهذا خطأ، فسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى بالاتباع في كل حال، هذه المعاني والبساطة التي تحتوي على معان مهمة ورأيناها عبد الله بن شداد عن أبيه قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى صلاتي العشاء، صلاتي العشاء التي هي المغرب والعشاء يسمونها صلاتي العشاء، وهو حامل حسنا يحمل الحسن بن علي أو حسينا لأنهما كانا يعني كأنهما يشبهان بعضهما البعض، سنهما متقارب، فتقدم رسول الله
صلى الله عليه وسلم فوضعه، ثم كبر للصلاة فصلى، فسجد في أثناء صلاته سجدة أطالها. قال الراوي الذي شاهد عبد الله بن شداد عن أبيه، فالراوي وهو شداد قال: رفعت رأسي لأن السجدة طالت، وإذا بالصبي على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد، فعدت إلى سجودي فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قال الناس يا رسول الله إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر أو أنه يوحى إليك قال كل ذلك لم يكن ولكن
ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته اللهم صل وسلم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، إن المتأمل في تعامله مع الطفولة يخرج بقاعدة أن الطفولة توقف الأحكام، وهو على المنبر يرى الحسين أو الحسن يتعثر في ثوبه فينزل من على المنبر حتى يحتضنه من أجل أن يشعر الطفل بكم كبير من الحنان والأمان، يقطع الخطبة والخطبة فريضة، يقطع الخطبة كثير من العلماء يعتبرون الخطبة جزءا من الصلاة، ولذلك عند
الشافعية لا نفصل بين الخطبة والصلاة، وعند الشافعية يشترط الوضوء للخطيب، فيجب أن يكون متوضئا ليس فقط لأنه سيدخل في الصلاة بل لأن الخطبتين جزء من الصلاة. الطفولة تسقط الأحكام، وهذه قاعدة تأتي من البساطة التي كان رسول الله صلى للأمة ومن البساطة عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت كان كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم كلاما فصلا واضحا لا غمغمة فيه كلاما فصلا يعني كل كلمة وحدها وكل جملة واضحة يفهمه كل من سمعه لا أحد يقول له ماذا تقول لأنه كان
واضحا بساطة هناك بعض الناس منهم من يتقعر في الكلام ومنهم من يعقده حتى تتعجب ولا تفهم منه شيئا، ولكنه صلى الله عليه وسلم كان يتحدث بالكلام المفهوم حتى أنه كان يكرره ثلاث مرات. فعن أنس رضي الله تعالى عنه أنه كان إذا سلم ثلاثا وإذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا حتى يسمعها الحاضرون يستوعبوها وحتى يتأكد السامع مما سمع وكان يقول كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع، بل لا بد له أن يتوثق فعلمهم بذلك التوثق في بساطة. وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة في الأيام كراهة السأم علينا، يعني لم يكن يعظهم كل يوم وكل ساعة، يأمرهم وينهاهم ويضيق عليهم، بل إنه كان يتركهم الأيام ذوات العدد دون أي موعظة ودون أي تكليف ودون أي تضييق عليهم حتى لا يسأم الإنسان منهم ولا يمل. بعض الناس يريد أن يتدخل فيما بين جلدك ولحمك ويحاسبك ويراقبك ويشعرك أنك تحت المراقبة. الدائمة له وهذا ليس من أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم، رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعلمنا البساطة وبعض
الناس يظن أن هذه البساطة تهاون وحاشا لله وحاشا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعلمنا التهاون، بل إنه كان يعلمنا البساطة فأمرنا إذا ما جئنا من السفر لا ندخل على بيوتنا وأزواجنا بل ينبغي علينا أن ندخل إلى المسجد فيصل الخبر إلى الزوجة من الأطفال ومن غير ذلك أن الزوج أتى من السفر قال حتى تنتشط الشعثاء وتستحد المغيبة يعني تتجهز لزوجها تتجمل تتزين ولذلك أمرنا ألا نفاجئ وإلا وهذه المفاجأة يفعلها بعض الناس لأنه لا يثق
في زوجته أو لأنه يريد أن يعلم وهو يشك دائما ويريد أن يعلم شيئا فرسول الله صلى الله عليه وسلم لا الهوينا ليس هكذا يا سعد تورد الإبل عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل أهله الإدام ما عندكم غموس الإدام الذي هو شيء قليل نغمس فيه عسلا أو جبنا أو طبيخا أو أي شيء نأكل به الخبز مثلا فقالوا ما عندنا إلا خل، والخل قابض قليلا حامض فدعا به فجعل يغمس به ويقول نعم الإدام
الخل نعم الإدام الخل، لكن اليوم لو أن أحدا رجع ولم يجد المشمر ولا كذلك إلى آخره يقيم الدنيا ولا يقعدها وهذا خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا البساطة يجب علينا أن نكرر هذه المعاني المتشعبة مرة في الطعام ومرة في العبادة ومرة في العلاقات الاجتماعية ومرة مع الزوجة ومرة مع الأطفال ومرة في المسجد ومرة في العبادة وهكذا لا بد أن نتعلم أنها ملكة ضابطة للحياة أن يكون المؤمن هينا لينا سهلا مبشرا وإلى لقاء آخر أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله