الحفاظ على البيئة | مجالس الطيبين | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون، أيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا وسهلا بكم في حلقة جديدة من حلقات مجالس الطيبين في هذا الشهر الكريم. الإسلام أمرنا أن نحافظ على البيئة. والبيئة الآن يهتم بها العالم كله، الإسلام بين لنا شيئا مهما وهو أن هذا الكون الذي حولنا يسبح وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم، الإسلام
بين لنا أن هذا الذي حولنا من كون يسجد لله رب العالمين الشمس والقمر والشجر والنجم وكل شيء من العقلاء وغير العقلاء يسجدون سجود حال لله رب العالمين، إذن فالبيئة من حولنا محل احترام في الإسلام. الإسلام يقول يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين. الإسلام يقول ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويظهر التدين والتمسك ويشهد الله على ما قلبه حتى هو وهو
يتكلم مع الناس يقول يشهد الله على أنا كذا وكذا وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل إذا علامة الإفساد بغض النظر عن الظاهرة الصوتية والكلام والدعاوى وشهادة الله على ما في قلبه هو إهلاك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم وبئس المهاد. الإسلام يجعلنا نتعامل مع البيئة بأسس واضحة لم نؤلفها ولم نقل إننا - أي كلما فكر العالم في الخير وفي عمارة الدنيا وفي رقي الإنسان
وفي رفاهيته نقول إن الإسلام قال هذا. نعم لأنه قال هذا وليس لأننا ندعي ما ليس فيه، النبى عليه الصلاة والسلام يأمرنا بالرحمة المتناهية بالحيوان ويقول إنهم كانوا قديما يستعملون الفرس والحصان، ويستعملون الجمل والإبل في التنقل وبعضهم كان يستعمل الحمار أو في بعض الأماكن هناك عند غير العرب يستعملون اللاما فيقول إياكم أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر، فالإنسان أصبح يأتي جالسا على الجمل ويجلس يخطب ويتكلم مع الناس والجمل
متعب من هذا الحمل فالنبي عليه الصلاة والسلام نهى عن ذلك وقال له انزل واخطب كما تشاء على الأرض فإن الله سبحانه وتعالى إنما سخرها لكم لتبلغكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس وجعل لكم الأرض فعليها فاقضوا حاجتكم تريد أن تتكلم تريد أن تخطب تريد أن تتصل مع الناس ليس من فوق البهيمة الضعيفة المتألمة التي تبلغك والحمد لله أنها تبلغك إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس وعن عبد الله بن جعفر
رضي الله تعالى عنهما قال أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه ذات يوم أردفنى تعنى وضعني خلفه سيدنا رسول الله راكب الدابة وقد وضع خلفه عبد الله بن جعفر وكان شابا صغيرا فأسر إلي حديثا لا أحدث به أحدا من الناس وكان أحب ما يستتر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته هدفا أو حائش نخل قال فدخل حائطا لرجل والحائط يعني بستان يعني حديقة من الأنصار فإذا جمل عندما دخل وجد جملا فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم الجمل رأى النبي حن وذرفت
عيناه الجمل لما رأى سيدنا النبي أي تحنن هكذا وعيناه دمعتا فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فمسح دمعه من الرفق واللطف الخاصة بسيدنا رسول الله فسكت فبدأ الجمل يهدأ لما مسح النبي عليه ومسح دمعه فقال من صاحب هذا الجمل لمن هذا الجمل؟ فجاء فتى من الأنصار فقال لي يا رسول الله أنا صاحب هذا الجمل قال له أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها فإنه شكا إلي أنك تجيعه
وتؤذيه فاستجاب الشاب وهذه معجزة من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم والأنبياء كانت تكلمهم الطيور كالهدهد لما كلم سليمان وتكلمهم الدواب وتكلمهم هذا لأنه صلى الله عليه وسلم إنما هو رحمة للعالمين ولكن الذي يخصنا من الجانب الآخر من هذه المعجزة هو الأمر بالعطف على الحيوان يبقى إذا لما يأتي أحد يقول لي سأقيم جمعية اسمها الرفق بالحيوان، نعم هذا من الدين وإننا نريد أن نضع قوانين تحرم إهانة الحيوان وتحرم التعامل معه بقسوة، نعم هذا من الدين، النبي
صلى الله عليه وسلم مر عليه بحمار قد وسم في وجهه يعني أن أحدا كواه في جبهته وسم يعني ختم يعني علامة كانوا يصنعون الختم أو العلامة هذه بالنار ويأتي ليكتوي فتظهر علامة عليه وكلمة وسم التي هي العلامة التي تأتي من التعذيب هذا فقال أما بلغكم أني قد لعنت من وسم البهيمة في وجهها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعني بيننا وبينه رمز أنه إذا لعن شيئا فهو من الكبائر، لأنه عندما يلعن سيدنا رسول الله فعلا من الأفعال
فمعنى ذلك أن هذا الفعل من الكبائر، ولذلك فوسم الحيوان هذا من الكبائر أو ضربها في وجهها أى انظروا إلى الناس الذين يتعاملون مع الحيوان وكيف أن هذا الأمر محرم بل ومن الكبائر أيضا بيئة يحافظ عليها يحافظ على الماء يحافظ على الجماد يحافظ على الطير يحافظ على الحيوان حتى قال صلى الله عليه وسلم ألا إن في كل ذات كبد رطبٍ صدقة فقالوا أولنا في البهائم صدقة يا رسول الله قال نعم صدقة لنا صدقة فيهم سننال
أجرا وثوابا عليهم البيئة سيدنا رسول الله بكل عناصرها يحافظ عليها مرة كان في فتح مكة وفتح مكة كان في مثل هذه الأيام يعني في العشرين من رمضان فسيدنا رسول الله وهو مار وجد كلبة ومعها أولادها حديثو الولادة فكل واحد ممسك بثدي من ثديها فالنبي عليه الصلاة والسلام خاف عليها لئلا
يدوسها الجيش وهو سائر، هي وأولادها، فأمر رجلا من أصحابه يقال له جعيل بن سراقة، قال له: تعال يا جعيل، قف هنا حتى لا يدوس الجيش على الكلبة وأبنائها. رأى كلبة تهر على أولادها وهن حولها يرضعنها، فأمر رجلا من أصحابه يقال له جعيل بن سراقة أن يخلع حذاءها حتى لا يتعرض أحد من الجيش لها ولا لأولادها، خاف على كلبها هي وأولادها، حفاظا على البيئة، كان سيدنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم مر عنده جرو صغير، فالملائكة لم تدخل البيت، فاستأخرهم، فخرج فوجد جبريل عليه السلام قال لماذا لم تأت؟ قال فى بيتك جرو ونحن لا ندخل بيتاً فيه كلب الملائكة هكذا، فالنبي عليه الصلاة والسلام فكر أن هل الكلاب هذه مغضوب عليها أم لا، وأراد أن يقتل كل الكلاب ما دامت مغضوب عليها بهذا الشكل، فأوحى الله إليه عليه الصلاة والسلام أنها أمة من الأمم، فقال: هممت أن أقتل الكلاب فأوحى الله إلي إنها أمة من الأمم، أي احذر أن تحدث خللا بيئيا، وهذا ما نسميه الآن
المحميات الطبيعية، احذر أن تقضي على جنس الكلاب أو تقضي على جنس الفيلة أو تقضي على جنس كذا وكذا فالنبي صلى الله عليه وسلم عندما لم يدخل جبريل علمنا حينئذ أن جبريل لا يدخل لأن في رائحة كريهة فإن جبريل لا يدخل لأنه كانت الملائكة لا تحب الدم، وجبريل لا يدخل لأن هناك صنما في بيت معين ملقى تحت السرير لا يعبد ولا شيء، وجبريل لا يدخل في بيت فيه كلب، وجبريل لا يدخل في بيت فيه نجاسة، جبريل نعم ولكن هذه حياة ولذلك أمة من الأمم وكم أفادت الإنسان حتى ألف ابن المرزبان كتابه الطريف فضل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب على كثير ممن لبس الثياب فبعض
الكلاب الكلب وفي يخدم صاحبه يخدم العميان ويخدم كذا إلى آخره ولذلك كان الإمام مالك يراه طاهرا وأنه يجوز استعماله وإلى لقاء آخر استودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته