الحياء | أ. د علي جمعة | برنامج حديث الروح

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه أيها الإخوة المشاهدون أيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومع الحديث العشرين من الأحاديث الأربعين النووية وهذا الحديث تحت عنوان الحياء والنبي صلى الله عليه وسلم كان يقول الحياء خير كله فهذا الدين مبني على الحياء، مع الله، الحياء مع الناس، الحياء مع النفس. الحياء أمر يختلف اختلافا كبيرا عن الخجل
مثلا، الحياء شعور في العلاقة بينك وبين من تحب، فالحياء مبني أساسا على الحب، والذي ليس عنده حياء لا يبالي بأحد وهو مستهتر بكل أحد، والذي ليس له حياء ليس عنده حب، والحب مبني على جذور من الرحمة، ولذلك فإن من ليس عنده حب لا تجد في قلبه سبحان الله الرحمة. وهنا وفي هذا الحديث وهو يتكلم عن الحياء يرويه أبو مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري رضي الله تعالى عنه وأرضاه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم إن مما أدرك الناس من كلام النبوة
الأولى إذا لم تستح فافعل ما شئت رواه البخاري، النبي صلى الله عليه وسلم يقول لنا كلاما يبدو أنه قد شاع في أوساط الناس في قريش وهم يتحدثون ويقولون إذا لم تستح فاصنع ما شئت، والنبي صلى الله عليه وسلم ينبه الناس الصحابة الكرام والأمة من بعدهم أن هذا الكلام الجميل المتين إنما هو من كلام النبوة الأولى بمعنى أن كل نبي جاء قال لقومه وأمرهم وحثهم على الحياء أمرهم بالحياء وحثهم عليه حتى شاع في أوساط
الأنبياء ومن ثقافة الأنبياء ومن تعاليم الأنبياء إذا لم تستح فاصنع ما شئت وهذا هو سبب تمسك الأنبياء بطلب الحياء، ضابط يمنعك من أن تفعل ما شئت متى شئت دون نظر إلى الزمان، دون نظر إلى المكان، دون نظر إلى الأشخاص، دون نظر إلى الأحوال، وبذلك يكون الإنسان منا أحمق، ليس هناك حمق فوق هذا، فليس كل موقف يقال فيه كل شيء إلا إذا كان غير مبال ومستهتر بجميع الناس، ولذلك يجب علينا أن نضع لأنفسنا ضابطا ورابطا، وهذا الضبط والربط يتأتى من
الحياة. كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها لا إله إلا الله - القضية الكبرى للكون - وأدناها إماطة الأذى عن طريق الناس"، ثم لا يدعنا حتى يقول والحياء شعبة من شعب الإيمان أعلى الإيمان لا إله إلا الله وأدنى شعبة من شعب الإيمان أن تزيل الأذى لا أن ترمي الأذى في طريق الناس ولكنه ينبه على مفتاح هذا المفتاح في منتهى الغرابة لأنه تبنى عليه أمور هو يبنى على الحب الذي يبنى على الرحمة ويخرج منه ضبط وربط للسلوك، ولذلك هذا هو تفسير الحديث الذي معنا،
حيث يقول إن مما أدرك الناس، أهل قريش وأهل العرب من كلام النبوة، يعني النبوة الأولى التي ورثناها عن الأنبياء، حتى دون أن يشعر الناس أن هذا من كلام النبوة: "إذا لم تستح فاصنع ما شئت"، وهنا نرى إن بعض أعراف الناس طيبة ومتوافقة مع كلام النبوة، فليس كل مجتمع تقع فيه المعصية ويحدث فيه كفر أو شرك بالله قد تخلى عن كل جميل أبدا، فهناك أشياء جميلة، ولذلك كان الجاهليون المشركون الوثنيون يطوفون بالبيت العتيق ويسعون بين الصفا والمروة وما زال عندهم بعض
مكارم الأخلاق، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى ابنة حاتم قال إن أباك كان يحب مكارم الأخلاق أهو في الجنة يا رسول الله لا ولكن كان يحب مكارم الأخلاق ويكره سفاسفها وهكذا الرسول وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب المطعم بن عدي ويقول لو كان المطعم حيا وكلمني في هؤلاء النتني أسرة بدر لو لوهبتهم إليه ليس كل مجتمع خالص في الشر أبدا، ونحن عندما نأتي يكون لدينا إنصاف وتمييز بين هذا وذاك. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته