الدرس التاسع والعشرون | شرح متن الزبد | الفقه الشافعي | صلاة الخوف | أ.د. علي جمعة

قال المصنف رحمه الله تعالى ونفعنا الله بعلومه في الدارين آمين: كتاب صلاة الخوف، وهي الصلاة التي تُؤدَّى في الحرب. وهذه الصلوات بهذه الصفة لم يعد لها مكان حيث اختلفت الحرب تماماً عما كانت عليه من لقاء بين جيشين بالخيول والسيوف وأمثال هذا، وأصبحت الحرب الآن بالطائرات والدبابات والمدفعية. الثقيلة وعن بعد أو عن التحام، تغيرت صورة الحرب. ومن أجل ذلك، فإذا أردنا أن نعرف شأن صلاة الخوف، فعلينا أن ندرك معناها، وهو أن الله سبحانه وتعالى أمرنا بالحذر: "خذوا حذركم"، وأجاز لنا التخفيف،
وأمرنا بالجهاد في سبيله. هذه هي الأمور الثلاثة التي يراعيها الفقهاء، حتى قال إسحاق بن راهويه وهو أحد الأئمة الكبار المتبوعين قال: يكفي في صلاة الحرب عند شدة الالتحام شيء من ذكر الله، فتقول مثلاً: "الله أكبر"، يعني دخلت الصلاة وأنت تمشي ومعك البندقية، وتمضي قائلاً: "الحمد لله"، فتكون قد ذكرت الله، ثم "السلام عليكم"، فتكون قد تحللت من الصلاة، وهذه هي صلاة الظهر. يعني يصل الحال إلى هذا. عند شدة الامتحان، ما الذي يُظهره هذا؟ أن الصلاة فرض لا يسقط أبداً. هذا بين الموت، وسواء كنت قاتلاً أم مقتولاً
في الحرب، أيضاً لا تسقط. فإذاً لا يمكن أن تسقط في غير الحرب. فالصلاة عماد الدين وذروة سنامه. نأخذ من هذا الكلام هذا المعنى، وعلى ذلك فصلاة الخوف تُؤدى. كما كانت وبأي طريقة كانت تحمي المسلمين من العدو ولا تمكن العدو منهم، حتى لو استدبر بها القبلة. العدو هكذا، ليس تدبر القبلة وإنكار ما لا يحدث شيء أو حتى كفر فيها الفعل. اركع وأنا ماشٍ إذا كان ممكناً، فعندما أركع وأقول هكذا، هل سيلاحظ أن... في هدفٍ متحرك، اترك الركوع وألغِ ركوعه، واجعل السجود مباشرة، فيصبح ذلك كصلاة الخوف. إنما نحافظ عليها أثناء الحرب بحسب شدة المعركة، حتى
يصل الحال إلى مجرد الذكر: "الله أكبر، الحمد لله، السلام عليكم". هكذا تكون صلاة الظهر، هكذا صليت الظهر. انظر كيف أن الحرب جميلة! نعم عندما... بعض الناس هكذا، الصلاة ثقيلة عليه والعياذ بالله، فأين نذهب به إلى الحرب؟ الله تعالى أعلم.