الدرس الرابع | شرح متن الزبد | الفقه الشافعي | باب الآنية | أ.د. علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. قال المصنف رحمه الله تعالى ونفعنا الله بعلومه في الدارين آمين: "باب الآنية". يعني هناك تكلم عن النجاسات، في البداية تكلم عن الماء الذي تحصل به الطهارة، ثم بيّن النجاسات التي ينبغي علينا أن نتحرز منها. منها وأن نزيلها وأن نتنزه عنها، ثم بعد ذلك سيتحدث عن الآنية التي ستوجد فيها هذه المياه الطاهرة المطهرة أو الطاهرة فقط أو الطاهرة التي أصابها شيء من النجاسات فتنجست أو التي فيها شيء من النجاسات، ما الذي يباح منها
وما الذي لا يباح في ذاته وهو فارغ الإناء وهو فارغ الأمر؟ ما قصته؟ قال يُباح منها طاهر من خشب أو غيره، لا فضة أو ذهب. إذن كل شيء مباح يكون صفيحاً أو خشباً أو نحاساً أو ألمنيوم أو زجاجاً أو زبرجداً أو فيروزاً أو أي شيء. إناء الفيروز، الكوب المصنوع من الفيروز تشتريه بثمن غالي الطفاية المصنوعة بستة المصنوعة من الفيروز ثمنها ستة وعشرون ألف جنيه عرضت عليّ، لكنني لست راضياً أن
أشتريها. حرام أن يشتري المرء هذا، لكن حلال حلال. ماذا يعني ذلك؟ لنفترض أن شخصاً ملكاً أو من الأغنياء لديه أموال كثيرة جداً، فيشتري هذه الفيروزة. شخص سيحضرها لي هدية هيا إن شاء الله، لو ربنا... رزق لا مانع منه حلال، فماذا يكون بالآنية يُباح منها طاهر. لا يصح أن تصنع من جلد الخنزير شيئاً، أو كلب شيئاً، أو تستخدم الميتة قبل الدباغ كقرورة للماء مثلاً. هذا لا يصح لأنه نجس. فأول شيء هو الطهارة، سواء كان من خشب أو غيره، فقد شملت كل شيء، سواء كان من المعدن. سواء كان الأشجار وما إلى ذلك، لا فضة أو ذهب، فإن ربنا حرّم علي أن
أصنع كوباً من فضة أو كوباً من ذهب وهكذا. مرة أحد مشايخنا وبينما كان يطوف حول الكعبة، فقد سبحته وكانت الحبة رقم سبعة محفورة بطريقة معينة، وهذه السبحة بعد عشر سنوات وجدها في يد. شخص هنا في مصر نظر إليه هكذا وقال له: "هذه السبحة، هل وجدتها في الحرم؟" فقال له: "نعم". قال له: "في الطواف؟" فقال له: "نعم". قال له: "منذ عشر سنوات مضت؟" فقال له: "نعم". قال له: "هذه السبحة خاصتي"، فأعطاها له. إذاً، كم سنة غابت عن الرجل وهو وجدها في الحرم؟ أليس... كان من الممكن أن تكون لشخص
أفغاني أو مغربي، سبحان الله. طيب، بعد عشر سنوات ما الذي يجعل الشيخ يراها؟ الله أعلم. وافترض أن هذا الرجل كان قد باعها، انتهى الأمر، لقد بيعت وانتهى أمرها. فهذه الفتاة تأخذ السوار ويجوز لها استعماله ويجوز لها بيعه ويجوز لها أن تفعل أي شيء، لكن لو جاء... بعد عشر سنوات أخرى، لا نعرف كيف، لا نعرف نحن كيف، وقال لها الله: "هذا السوار، لقد وجدتِه في شارع كذا يوم كذا، في أيام كذا حدث كذا، وكان مثنياً وأنتِ أصلحتِه، أليس كذلك؟" نعم، تقول له: نعم خذها، هل أنت ملكها، خذها، إن شاء الله. لنفترض أنها وجدت صاحبتها". هناك متزوجها متزوج، طيب سبحان الله، الدنيا ضيقة، الدنيا ضيقة، فلا نقول كيف
سيفعل ربنا، سيفعلها. ستذهب فتجد زوجها متزوجاً وفي أمان الله، وضرتها تقول لها والله هذه خاصتي وأنتي كذا وكذا هكذا، تقول لها خذيها طيب، يباح منها طاهر من خشب أو غيره لا فضة أو ذهب. فماذا حرم الشرع؟ أليس أنه حرّم الأشياء الغالية؟ لا، بل نقول إن هذا الفيروز يُستخدم لإطفاء السجائر فيه، والعياذ بالله. أصلاً عندنا السجائر حرام. أأشتري يعني أشتري طفاية؟ هذه الطفاية بستة وعشرين ألف جنيه، نعم حلال؟ حلال. طيب، فلنحضرها من الذهب، كم ستكلف؟ هي هي. تتكلف ألف، حرام؟ حرام، سبحان الله. إذن العبرة ليست بالغلو
وعدمه، العبرة بأن ربنا قال إن الذهب والفضة حرام فهو حرام، وليس بسبب الغلو. لو وجدنا ماسة كبيرة مائة قيراط أو مائتي قيراط وصنعنا منها كوباً، فهل ستكون حلالاً؟ وقال إن الذهب ليس حلالاً، لماذا؟ الله، هذه هي القضية. الله انظر كل شيء ؟ نعم قالوا كيف يدخل في كل شيء؟ قال له سأقول لك، سأحكي لك حكاية تعبدي. لابد أن أقول لك تعبدي. قبل الواحد ماذا يوجد؟ قال لهم لا يوجد شيء. قال له لا إله إلا الله. ها، لا إله إلا الله وهذا يعني قبل الواحد لا يوجد شيء، هو واحد نعم حسناً. اثنان اثنان ماذا يعني؟ قالوا
واحد وواحد. حسناً، وثلاثة؟ قالوا واحد وواحد وواحد. وأربعة؟ واحد وواحد وواحد وواحد. الله! إن ربنا موجود في كل شيء، يعني لا يكون شيء إلا بالله، كما أنه لا يكون عدد إلا بالواحد. هل هناك حلول واتحاد واختلاط؟ لا، لا. افهم أن ربنا صنع لك. العدد لكي تفهم أنه ما من شيء في ذلك الكون يكون إلا به، كما أنه لا يكون العدد عددًا إلا بالواحد، وفي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد. فيحرم استعماله كمرود الذهب والفضة، لا يصح استعمالهما. حسنًا،
هو المرود إناء؟ قال: حتى لو لم يكن إناءً المرود المصنوع من الفضة التي يستخدمونها مع الكحل هكذا في أعينهم، قطعة صغيرة كعود من الفضة يشبه عود الثقاب لكن من الفضة، ويضعونه في الكحل ثم يضعونه في أعينهم هكذا يتكحلون به، سواء النساء أو الرجال. فيجوز للرجل أن يكتحل لعلاج عينه، لأن الكحل الإثمد هذا جميل جداً. للعينين يجلي البصر، وكان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتحل. يُحرم استعماله سواء مرود الفضة أو مرود الدهب، بالرغم من أنه ليس إناءً. الإناء هو القنينة الزجاجية، الإناء الذي نضع فيه الكحل الذي هو المكحلة، هذا هو
الإناء لأنه يوضع فيه شيء. إذن المرود وكذلك المرود، فنحن نقول على... الاستعمال ليس على الآنية فقط التي فيها عبوة كالكوب والطبق والصندوق، لا، بل كل هذا وأيضاً الأشياء الأخرى لمرأة وجاز من زبرجدي، فأيضاً لا تأتِ لتقول لي: "طيب، المرأة تستعمله لأنه يحل لها لبسه، فتلبس الذهب وتلبس الفضة كما تريد"، لا، هذا لا يحل لها، لا تأكل. في آنية الذهب ولا الفضة ولا تستعملهما، ولا الأدوات. يحل لها فقط الحلي أن تتحلى بالحلي، سواء كانت الحلية هذه من ذهب أو من فضة. أما الزبرجد، فلا،
الزبرجد يمكنك أن تفعل فيه ما تريد، لأننا نحرم ماذا؟ الذهب والفضة فقط، الذهب والفضة فقط، وتحرم الضبة من هذين. مِن هذين اللذين هما الذهب والفضة ما هي الضبَّة؟ الضبَّة هذه عندما يكون هناك شيء، كان قديماً الآنية تُصنع من البلور، من رخام غالٍ، من كهرمان. سبحة الكهرمان تُباع الآن بالجرام، الكهرمان هذا كم ثمن سبحته؟ ستة آلاف جنيه، والكهرمان الأسود يصل ثمنها إلى حوالي عشرين ألف جنيه، الكهرمان الأسود لأنه ما... لا توجد فريزة الآن مثل الماضي
من الكهرمان. حسناً، لدي الآن كوب كبير هكذا أشرب فيه اللبن، مصنوع من الكهرمان. يا سيدي، كم ثمن هذا؟ يجيبه: حوالي ثلاثين إلى خمسين ألف جنيه. لقد تشقق... تشقق. نريد أن نصلح هذا الشق حتى لا يزداد، وحتى لا نخسر كل هذا المبلغ. هذه أشياء ثمينة. هذه تعني الضبة، والضبة هي الدبوس الذي سنثبت به هذا الشرخ، اسمها ضبة. فهمنا ما معنى الضبة. هذه الضبة نريد أن نصنعها من ذهب أو فضة. قال: يحرم صنعها
من ذهب أو فضة مطلقاً. قال: لا، ليس مطلقاً، فهناك أربع صور: ضبة كبيرة وضبة صغيرة للحاجة أو للزينة. الزينة: إذا أردت أن أصنع شيئاً مناسباً هكذا، قطعة يُشرب منها، لكن أنيقة بشكل جميل، مثل إنائي المصنوع من الكهرمان هذا الذي أعتز به، فأريد أن أصنع زينة. أصبح لدي أربعة: كبيرة لحاجة، كبيرة لزينة، صغيرة لحاجة، صغيرة لزينة فإن كانت صغيرة لحاجة، حلّت. الإناء المشروخ، والدبوس صغير، صغيرة لحاجة، حلّت.
كبيرة للزينة حُرِّمت قطعاً، لا يوجد فيها كلام. أما الكبيرة لحاجة، أو الصغيرة للزينة، ففيها خلاف. حسناً، هكذا تكون أربع حالات. أما الصغيرة لحاجة فلا مانع منها، حتى لا نضيق على الرجل الذي سيحضر دبوساً صغيراً بهذا الحجم، مثل دبوس الدباسة، ويثبت به الشق حتى لا ينكسر الإناء. للحاجة، إنها حاجة. صلاح الإناء كبيرة للزينة. سيصنع للإناء يداً من فضة. لا، ليس هكذا. كبيرة للزينة تكون حراماً، صغيرة للحاجة تكون حلالاً. كبيرة للحاجة، صغيرة للزينة فيها خلاف وتحرم الضبة
من هذين بكِبَر عُرفاً مع التزيين. من هذين بكِبَر عُرفاً مع التزيين تكون محرمة إذا كانت كبيرة. مع التزيين إن فُقدا حلت، الكِبَر والزينة فقد صغيرة لحاجة، حلت. وفرضاً يُكرَه كِبَر لماذا؟ لحاجة، صَغُر للزينة، فإذا لم يجتمعا مع بعضهما الكِبَر والزينة. الكِبَر والزينة تحرم، وإذا فقدناهما فإن الصِغَر والحاجة تَحِل، وإذا جاءت واحدة كِبَر وليس معها زينة بل معها حاجة، أو صِغَر وليس معها حاجة بل معها زينة. يكره لأن
الخلاف الخروج من الخلاف مستحب، والشيء الذي يساوي كسره، فإذا افترضنا أنه حدث الشيء، ما هو هذا الشيء؟ الشيء مثل أنه سينكسر، قلنا إنه مشروخ وسينكسر، هذا هو الشيء. ويستحب في الأواني التغطية، وقد ورد في السنة أننا نغطي الآنية كما نفعل في المناطق الريفية، نغطي الزير نغطي وعاء السمن حتى لا يمر فأر أو حيوان آخر ويلقي فيه شيئًا ملوثًا، فيجب علينا من باب النظافة أن نغطي الأواني ولو بعود حُط فوق الآنية ولو بعود حتى نمتثل للسنة. إذا
لم يكن لديك غطاء، فاذهب وأحضر عودًا أو قطعة خشب وضعها فوقها وقل بسم الله. انظر ألتزموا السنة؟ غير راضين أن يفرطوا في السنة وقالوا ولو بعود، أي ولو قطعة خشب صغيرة هكذا، ضعها فقط فوق الإناء. فيقوم ربنا يصد عنه، شدة التمسك بالسنة. بعد ذلك يتكلم عن التحري ويتحرى لاشتباه طاهر بنجس، اشتباه الطاهر بالنجس. يعني أمامي جلبابان، واحد منهما طاهر والآخر نجس، لكننا لا نعرف. أي واحد الطاهر وأي واحد النجس، يكون هذا هو الاشتباه أمامي. طبقان، كل طبق فيه ماء أتوضأ
منه، لكنني لا أعرف أن في أحدهما نجس والآخر طاهر. أيهما الطاهر وأيهما النجس؟ لا أعرف. أشم، أتذوق هكذا لا توجد فائدة. لا أعرف. فيجب علي حينئذ شيء اسمه الاجتهاد، وهذا الاجتهاد يسمونه. التحري والتحري هذا معناه أنني سأبدأ أستنتج من الأدلة. هذه الأدلة تكون يقينية؟ عرفت أنه وقع فيه نقطة نجاسة أو نقطة بول وأنه نجس. عرفت أن الثوب الذي كان لونه أسود أو رمادي بترولي هو الذي أمسك فيه الكلب، وليس الأخضر. لكن هنا لا، هنا اشتبهت. فليس هناك أدلة، فننتقل في التحري من الأمارات
إلى الإمارات. ما هي الأمارات؟ يقول لك هكذا: "الأصل أنني ألبس جمعة وجمعة، فكنا في أي جمعة؟ جمعة الأخضر أم جمعة الأسود؟" هل أنت منتبه؟ والله أنا أضع الشيء الذي أخلعه ناحية يدي اليمنى، والشيء الذي سألبسه على يدي اليسرى. بدأت الكلام. ماذا؟ حسناً، من الممكن أن تضعها ناحية اليسرى وتنسى. من الممكن أن تكون خالفت وارتديت في ذلك اليوم ونسيت أن ترتدي غيره، يعني أشياء ليست أدلة وإنما أمارات. هذا هو التحري. قال لك أيضاً لا تهمل التحري، يعني الأدلة أُغلقت عليك وأنت لا تدري. ها هو واحد. من هذين الثوبين، هذان الجلبابان نجس ماذا
أفعل؟ قال لك: تحرى ماذا يعني تحرَّك؟ يعني فكِّر بأي شيء، بأي وسيلة. حسنًا، تحرَّينا. مال نفسي، انظر مالت، لم أتأكد بل مالت إلى أحدهما، حتى لو كنت ضريرًا أو أعمى، حتى لو كنت كذلك، أيضًا يجب عليك أن تتحرى، ترى ملمسها، تتفحصها. أيضًا مسألة اليمين والشمال هذه، أن ترى كذا إلى آخره ويتحرى لاشتباه طاهر بنجس ولو كان لأعمى قادر. هل أنت منتبه؟ حسنًا، فالاشتباه لا بد أن يكون في متعدد. ماذا يعني في متعدد؟ يعني إناءٌ وإناء، جلبابٌ
وجلباب. لكن افترض أنه جلبابًا واحدًا وأنا لا أعرف أهو الكُمُّ الأيمن أم الكُمُّ الأيسر هو. الذي تنجّس لا يصح التحري هنا خلاص يجب عليك أن ترمي الثوب كله. يجب أن تكون هذه الأشياء متعددة، فإذا لم تكن متعددة بأن كانت شيئاً واحداً فلا ينفع التحري. التحري يجب عليك عندما تكون الأشياء متعددة، أول شيء أن تكون متعددة، هكذا يقول لك لا الكم ما هو الكم؟ كُمّ الجلباب؟ حسناً، ما علاقة كُمّ الجلباب بهذه المسألة؟ لأنه كُمّ الجلباب في جلباب واحد. فما دام كُمّ الجلباب في جلباب واحدة، إذاً لا يوجد تعدد، جلباب واحد فقط. وبالتالي إذا لم يكن هناك تحرٍّ، فالتحري يكون في ماذا؟ في
المتعدد، اثنين، طبقان اثنان، جلبابان هكذا يجب أن يكون اثنين أو أكثر، لكن عندما تكون جلابية واحدة فلا يصح التعدد. والبول يُشترط أن يكون باقياً. لنفترض أن هذا البول غير موجود، انتهى وذهب بعيداً، تبخر، تم تنظيفه، انتهى الأمر. لكن يجب أن يكون موجوداً، فإذا لم يكن موجوداً وقد استُهلك أو فني، حينئذٍ. تحرى وبعد ذلك وميتة وماء ورد وخمر در وتنين ومحرمة، فيشترط
بقاء الأصل وأن يكون لكل من المشتبهين أصل في حل المطلوب، وأن يكون للعلامة مجال يبقى في علامة يمكن أن نعمل، لكن لو سُدت تماماً ولم نعرف كيف نتحرى ماذا نفعل؟ قال: تصب المائين معاً وترميهما كليهما، المياه اليمنى والمياه اليسرى واحدة منهما نجسة والأخرى طاهرة. لا بد أن تتحرى بالعلامة، وإذا لم يكن هناك تحرى ولم تعرف، فاخلط الاثنتين معاً. ماذا فعلت الآن؟ لقد نجّستهما كلتيهما وأصبحت متيقناً. نعم، تخلص منهما وانتهِ من هذه المسألة، ولا بد أن يكون للعلامة مجال، أي لا بد أن يكون هناك مجال للعلامة. العلامة لها مجال طيب
والله تعالى أعلى وأعلم