الدروس الشاذلية | حـ 34 | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. يسأل سائل: ما قصة المسبعات العشر ولماذا سميت بالخضرية؟ الإمام الخَضِر، وهكذا ضبطه ابن حجر، يعني عندنا خَضِر وخِضْر، فهو ضبطه بالخَضِر بفتح الخاء وكسر الضاد، وليس كما ينطقه العوام، وإن كان فيها وجه. خضر فتقول الخضري الخضري خضري لأنه خضر وسمي
بذلك لأن مقولة تقول أنه كان كلما جلس في مكان مال إلى الاخضرار يعني مال إلى اللون الأخضر واختلف الناس من أهل السنة والجماعة في حياته كحياة عيسى عليه السلام، أهل السنة كلهم متفقون على أن عيسى في السماء الرابعة بجسده العنصري. وأنه ينزل آخر الزمان وأنه لم يمت وتواتر الحديث عن رسول الله في ذلك وجمع الشيخ الكشميري كتاباً وأسماه التصريح في تواتر ما جاء في نزول المسيح وكما
أن الله أحيا أناساً وأنظرهم إلى يوم الدين مثل إبليس اللعين فكذلك في جانب الخير أحيا عيسى ولكنه باقٍ في السماء الرابعة. إلى أن يأذن الله سبحانه وتعالى وأنه وأنه لعلم على الساعة يعني علامة من علامات الساعة أن ينزل عيسى آخر الزمان على المنارة الشرقية بالشام فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويلقي الإسلام بجرانه في الأرض لأن عيسى هو مختلف الأديان اختلف فيه اليهود والنصارى والمسلمون على هذه الأقوال كذبه اليهود وقال
المسلمون أنه نبي واختلط على النصارى، والله حكى عن كثير منهم أنهم يقولون إن عيسى ابن الله، وسبب ذلك تاريخ طويل في هذا المقام. على كل حال، عقيدة المسلمين التوحيد الخالص، فكما عاش أناس من الجن والإنس باقين إلى يوم القيامة يمثلون الشر باتفاق وإجماع كإبليس، فقد عاش أيضاً. من يمثل الخير ومنهم الخضر وقيل إلياس ونحو ذلك من المقالات. اختلف الناس في الخضر حتى أن ابن حجر عدّه في
الصحابة الكرام في كتاب "الإصابة في تمييز الصحابة". عُدَّ الخضر من الصحابة لأنه إذا كان يعيش من زمن موسى إلى يوم القيامة، إذًا فقد عاصر النبي وأتى بأشياء عن الصحابة. الكرام في هذا المجال في كتابه الإصابة ورجح حياته لكن ليس كل العلماء هكذا، بل كثير منهم يقولون أنه انتقل إلى رحمة الله، كما أنه مختلف هل كان ولياً أو كان نبياً. الخضر تُروى عنه هذه المسبعات ورواها عنه بسنده الإمام الغزالي، وهذه المسبعات
أن تقرأ الفاتحة سبع مرات ثم قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ سَبْعَةَ مَرَّاتٍ، وَالمُعَوِّذَةِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ، كُلُّ وَاحِدَةٍ سَبْعَةَ مَرَّاتٍ، فَقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ، فَقُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ، فَآيَةُ الكُرْسِيِّ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَذْكُرُ البَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، وَالحَمْدُ لِلهِ، وَلا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ، وَهَذِهِ هَذِهِ. الخمس كلمات يسمونها الباقيات الصالحات، ثم الصلاة على النبي الإبراهيمية التي نذكرها في التحيات الأخيرة، ثم بعد ذلك تدعو بدعاءين: "اللهم اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات" سبعاً، "اللهم افعل بي وبهم عاجلاً وآجلاً
في الدين والدنيا والآخرة ما أنت له أهل ولا تفعل بنا يا مولانا ما نحن" له أهل إنك غفور حليم إلى آخره، فهذا سبعة وهذا عشر سبعات، فيكون هذا المسبعات العشر أو المسبعات الخضرية. يسأل سائل كما ورد هنا: فلماذا هذا العكس؟ النبي صلى الله عليه وسلم في شأن القرآن قال: كن فيه كالحال المرتحل، يعني لا يدرى قبيله من دبيره، كلما أنهيته بدأته، كلما. أنهيته، بدأته، والترتيب ليس فرضاً لا في القراءة ولا في التلاوة ولا في الصلاة، ولذلك وردت بعض الأحاديث منها خطبة الحاجة قدم فيها بعض الآيات على بعض، بما
يدل على عدم مراعاة الترتيب في التلاوة والتعبد، فيجوز أن تقرأ في الصلاة بشيء من الفرقان في الركعة الأولى ثم تعود. مرةً ثانيةً إلى البقرة في الركعة الثانية وهكذا. بعضهم قال: هذا تنكيس وهو مكروه أو حرام. قالوا: ليس هذا هو التنكيس، ولا هو مكروه ولا هو حرام. التنكيس أن تقرأ الآيات لاختبار الحفظ بالعكس، يعني تقول: "صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، اهدنا الصراط المستقيم"، عكست الآيات. كأنك تقرأ الآيات بالعكس وهذا حرام، أو
أن تقرأها بعكس الكلمات أيضاً. كان من شدة حفظهم يجلسون ويقول له: "أتعرف؟ طيب، هل تستطيع قراءتها بالمعكوس؟" يعني: "الحمد لله رب العالمين". من شدة ارتسامها في ذهنه يقول: "العالمين رب لله الحمد"، ويقرأ على طول هكذا. فهذا تنكيس حرام لا يجوز، ومن فعله فهو... آثمٌ حتى لو كان لاختبار الحفظ فهو آثمٌ، هكذا نص العلماء. أما سورة وسورة فلا علاقة لها بهذا إطلاقاً، ولعل الخضر رضي الله تعالى عنه كأنه يشير لأمته إلى هذه الفائدة التي أقرها العلماء في كتبهم. قال: المسبعات وقتها قبل الشروق
وقبل الغروب، فقال: طيب أنا. قرأت الفاتحة سبعاً وأعوذ بالله سبعاً وأعوذ بالله سبعاً وكذا إلى آخره، وجئت وأنا أقرأ "قل هو الله أحد" أشرقت الشمس أو غربت. كان سيدنا أبو بكر يطيل في الصلاة. نحن نقيس ما نفعله مع ما أتى في الشريعة من فهم الصحابة الكرام، فكان يطيل في الصلاة فيقولون له. خفنا أن تخرج علينا الشمس وأنت تصلي، يعني طال الركعتين حتى كاد الشروق يطلع وهو ما زال يصلي. قال: لو أشرقت
ما وجدتنا غافلين، نحن مشغولون بالعبادة، ماذا سنفعل؟ سواء خرجت الشمس أم لم تخرج فما شأني بذلك. فإذا الذي يقرأ المسبعات وأشرقت عليه الشمس، فليكمل لأنه قد أتى بها في وقتها. وقتها ومن أتى بركعة من الصلاة في وقتها بسجدتين قبل الغروب أو قبل الشروق أو قبل أو قد فقد أدرك الصلاة، ولذلك فحكاية البداية لها أهمية، فإذا بدأت وأنهيت ولو فتحة واحدة وأشرقت، أكمل لأنها هكذا، انتهى الأمر. السؤال الذي بعده يقول: فهل تقضي حسب حالك؟ يعني من أنت؟ أنت غافل
ومتعب، آخر تحدٍ اقضها، اقضها، لماذا؟ أنت لست منشغلاً بشيء، أنت عاطل متوقف عن العمل، فعندما يفوتك وقتها، اقضها في أي وقت، لكن شرطها أن يكون قبل الشروق وقبل الغروب لكي يأتي أثرها هكذا. أما أنت فستؤديها تعوداً وتعبداً، فتقرأها في أي وقت. لست منتظراً تأثيرها ولكي تتعود لأنك ما زلت في بداية الطريق. أما الذي انشغل بالذكر حتى استغرق فيه فلا قضاء في الأذكار. القاعدة هكذا عند أولياء الله الكبار أنه لا قضاء في الأذكار، إذا فاتك وقت الذكر فلا تقضيه، لكن الغافلون والمتدربون والمبتدئون يقضون.
فيقول لك: هذا ليس تناقضاً. لأن اختلاف الحال يزيل التناقض الذي نقول له لا تقضِ، ذلك المستغرق في الذكر، والذي نقول له اقضِ، ذلك المبتدئ الذي ما زال ماذا؟ ندربه، يتدرب ما زال، وهكذا. قال لي: طيب، باقٍ عشر دقائق على الشروق، ولو بدأت بالأساس وبعدين المسبعات، وبعدين تطلع الشروق. لا، ابدأ بالمسبعات لأن لها شرطاً لكن... الأساس ليس له شرط أن تقوله في أي وقت، فتبدأ بالمسبعات حتى تدرك وقتها وأثرها. أحدهم يسأل ويقول في حزب
الشكوى قال سيدي أبو الحسن: "تعجّل مطلبي" أو "تعجيل مطلبي وتنجيز أعتابي". هل يجوز طلب الإسراع في تحقق الدعاء؟ طبعاً نحن نطلب من كريم، وكانوا قديماً يقولون له: "الساعة الساعة العجل". العَجَلة تعني الآن يا رب أن الإجابة أو عدمها قضية أخرى. أنا لا أتضجر إذا لم يستجب لأنني أعلم أنه إما أن يفعل، وإما أن يؤجل، وإما أن يكون هكذا، وإما أن يدخر. نحن ندعو بما نريده، نريده الآن حالاً هكذا. هو قول قول يا رب الآن حالًا نفعل له هكذا، ولكن ارضَ
بما استجاب لك. أحيانًا تأتي معك وتأتي والآن شيء، نعم كريم حلو جميل وأنت جميل أيضًا، وأحيانًا تتأخر المسألة فيكون حكيمًا ورادًا. أنا أرضى بما رضي الله به، فيقول: حسنًا، وما معنى هذا الكلام؟ تعجيل مطلبي يعني في... في الوقت والتو والحاجة وتنجيز تنجيز يعني الحصول يعني افعلوا لي الآن تنجيزًا، يقول لك العدالة المنجزة يعني الآن فورًا، لست أذهب لأرفع القضية وأجلس سنتين، لا أرفع القضية وآخذ حقي فورًا،
فتهدأ النفوس وتسير الأمور بشكل جيد حسنًا، تنجيز تنجيز يعني الآن ناجز ناجز يعني حالًا، اعتابي وهو يقول إذن. يقول هنا ماذا في السؤال وفي رواية عتابي، لا، عتابي ليس عتابي، عتابي تكون قلة أدب لأنك تعاتب ربنا، يعني تعاتب، يعني تقول له: لماذا هكذا يا ربي؟ لا، ليست خاصتنا هذه. عتابي (تقول): لماذا تفعل بك هكذا يا رب؟ يفعل يا أخي بك من الذي أنت تفعله. وما ضربناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون، لكن اعتابي - الاعتاب
هو تقديم العتبة لك، العتبة حتى ترضى - الاعتذار يعني أنجز قبول اعتابي. أنا أقول لك: أنا أعتزل، سبحانك ماذا تريد أن أفعل؟ آه، هذا تسليم ورضا وتوكل وأشياء جميلة كثيرة هكذا ومشاعر جميلة. اعتابي والنبي يقول له ماذا؟ لك العتبة، العتبة التي... ما هو التقديم؟ ليس العتاب تقديم، بل الأعتاب. ما الفرق بين العتاب والأعتاب؟ العتاب هو اللوم. اللهم أدخلنا الجنة من غير عقاب ولا عتاب، من غير أن يقف أحد الملائكة ويقول لي: "على فكرة، أنا ألومك، قصّرت
في كذا وكذا وكذا". أو عقاب، والعقاب يكون على ذنب وغلطة وخطيئة، لكن العتاب... في قصور وتقصير فإذا هي اعتاب، يكون النسخة التي فيها اعتاب هي النسخة الصحيحة، والتي فيها عتاب يكون قد سقطت منها ألف في الكلام. يقول: دار به الهم والاكتئاب، لم يفتح له فسيح تلك الحضارات ومناهل
الصفو والراحات باب. وما الحضارات وما دار، وهكذا هي في رواية وليست دارة، زاد يعني. الهم زاد والاكتئاب زاد، من قَدَّر الدنيا زاد همُّه وزاد اكتئابه. أما الحضارات فهي حضارات الشهود، أي كأنك صرت في الحضرة القدسية الربانية، أي أن قلبك حضر من الذكر فأصبحت في حضرة الملائكة الكرام وكأنهم يعبدون الله، أي كأنه مكان فيه ملائكة وفيه عباد وفيه
أناس في معية الله. في حضرة الله مثل الملائكة الذين وجّه الله إليهم الأمر: اسجدوا لآدم فسجدوا، هم هؤلاء كانوا في الحضرة الربانية الإلهية، وأمام هذه الحضرة سيدنا النبي فيقول: "اللهم صلِّ على صاحب الحضرة الربانية، إنسان عين الوجود والسبب في كل موجود". فسيدنا النبي هو الإمام، فعندما يدخل المرء الحضرة بعد سقوط الحجب. يجد نفسه هكذا في مكان وينظر فيجد ناس كثيرين مثل الحجيج، هؤلاء ملائكة وهؤلاء عباد وهؤلاء أناس وما إلى ذلك. ماذا يفعل؟ ربما يرتبك، ربما يتجمد، ربما يُذهل. حسناً، ماذا أفعل
الآن؟ هل أذكر أم أصلي أم أسكت أم ماذا أفعل؟ فيبحث عن... سيدنا النبي: "إنما الإمام ليؤتم به". فأين إمام الحضرة؟ إنه الله. ماذا يفعل؟ إذا صلى نصلي، وإذا سكت نسكت، وإذا ذكر نذكر، وإذا دعا ندعو. إمام أهل الحضرة يعني أننا من غيره لن نعرف أن نفعل شيئاً، سنضطرب ولا نعرف ماذا نفعل. لا يوجد إمام لنا والناس فوضى، لا قائد لهم، أي لا يوجد. هذا إن لم يكن له الإمام فستكون هناك فوضى دائماً مثل أحداث يناير، أتفهم؟ هذا الرجل مسجون مقيد،
فعسى أن يُفك قيده ويُطلق من سجن حجابه إلى فسيح حضارات الشهود. هكذا نحن محجوبون عن ذلك. أحدهم يقول لي الله ويُظهر لي ابتسامة. التي هي التي ابتسامتها السخيفة، لكنني ما يحدث لي هكذا، حسناً وما شأني بأهلك؟ يعني أنت لا يحدث لك، حسناً أنا أعرف أنك لا يحدث لك، وعلى فكرة لن يحدث، لا تخف، أنت مشغول جداً في الأمر، أنا أتحدث عما حدث له ويأتي ليقول لي افعل. ماذا؟ أنا الآن سقطت الحجب. أصبحت أفهم معنى سقوط الحجب وانكشاف الحضرة لي.
أقول له: حسناً، مبارك. يقول لي: لكنني حائر، ماذا أفعل؟ أقول له: ابحث عن الإمام وكن على حركة الإمام. يقول لي: حسناً، لقد أوضحتها لي هكذا. أنا فعلاً رأيته لكنني لم أعرف أن... يجب عليّ أن أفعل مثله، فقلت: "نحن في الحضرة وما شابه ذلك، ولسنا في الدنيا". فقال لي: "لا يا حبيبي، هو إمام أهل العارفين في الدنيا والآخرة، مسجون مقيد بالحجاب، حُجب سبعين ألف حجاب بيننا وبين هذه المسألة. البناءات من في غفلة وكدر، مهتمون جداً بالأكل والشرب واللباس والملك وهكذا". فما في الحجب موجود فلست أرى
شيئاً، هذه بركة، حسناً، لا يحدث شيء يعني. طيب، لكن الذي رأى إذاً، هنا تكمن المشكلة في الحكاية. الذي رأى هذا، هل هو وهم يعني؟ أم هو جنون؟ أم حالة نفسية؟ أم ماذا بالضبط يعني؟ ليس بحضاري، لا نعرف. نعم، أهل الحجاب لا يعرفون لأنهم لم يروا. حسناً. ما هو سيتكلمون بدون علم، يعني ربنا قال: "ولا تقف ما ليس لك به علم". نحن الذين رأينا نسأله: "حسناً، ماذا نفعل يا مولانا؟" قال: "فعليك بإمام الحضرة القدسية، حضرة الشهود صلى الله عليه وسلم، جائع، عارف، عسى أن يُطعم من ثمرات التقريب، جائع ولكن ليس جائعاً بالمعنى الحرفي". أكل وشرب لا عطشان ولا جائع،
ذكر وأسرار وأنوار وغذاء للروح يريده، فيدعو ربه أن يرزقه من هذا الصنف الجميل جداً، لأن من ذاق عرف ومن عرف اغترف. إنه جائع وعارٍ أيضاً، حسناً، أين سنجد ما نلبسه؟ قال: ويُكسى من حُلَل الأمان، يلبس هكذا بدلة أو جلابية أو عباءة الأمان. كله فلا يأتي الهم رزقاً ولا يأتي الهم صحة ولا يأتي الهم عبادة، حتى لأنك ستوفق إن شاء الله، فربنا سيرزقك وربنا سيسترها معك وربنا سيوفقك ويهديك
إلى العبادة وربنا... وهكذا. يصبح هذا معنى كلام سيدي أبي الحسن أنه يطلب أن يُفك من الحجاب وأن يُطعم ويُكسى. ما معنى يكرع؟ من كأسات القُرب أيضاً، هذه عبارات موجودة عند سيدي أبي الحسن في حزب الشكوى. عندما أذهب إلى النيل وأريد أن أشرب منه، فلدي وسيلتان: أن أحضر كوباً أو إناءً أو أي وعاء وأملأه وأشرب، فأكون قد شربت
بقالة أو بإناء، أي ملأته وشربت. وماذا لو وضعت بطني؟ هكذا على الشاطئ وجعلت فمي يسحب المياه مباشرة من سطح الماء يصبح كرعاً. الكرع هو تناول الماء مباشرة من مصدره دون إناء، يعني دون واسطة. يعني لا توجد واسطة بينك وبين المياه، أنت شربت وكرعت. حسناً، أنا أقف في المياه وذهبت لأشرب بعض الماء، لا يكون هذا كرعاً. يكون ابتلاع لماذا قال يجب أن
تكون بطنك على الأرض؟ لماذا؟ لأنهم كانوا من السفر والمشي الطويل يحدث لهم ظمأ، لو شرب وهو واقف تنزل المياه وتشعل جوفه لأنه شيء لم تدخله المياه مدة طويلة، وفجأة جاءتها المياه فيتعب ويحدث له تميع، ويحدث له رغبة في القيء وبطنه ما ليس فيها شيء، فيبدأ بالصداع ويبدأ كذا... البشرية جربت أنه لكي لا نصاب بهذه المشكلة نشرب، فكان الناس
المسافرون عندما يجدون مصدر المياه يضعون بطونهم ويصبحون أفقيين هكذا، ثم يضعون أفواههم في المياه مباشرة لأمور، أولها أنه يأخذ المياه بالمص بفمه هكذا، وليس بالتجرع. ويتعب ويضيع روحه وصحته، فحينما يأخذها هكذا، ماذا يكون في مقدمة هذه المياه النازلة، ثم في الجانب الثاني، ثم المصة الثالثة، أي جرعة. فأين تكون هذه الجرعة للعطشان؟ وأين تكون هذه الجرعة من غير واسطة؟ إنها جرعة، وحينما نحللها نجد أن فائدتها للعطشان، وفائدتها للإنسان المحتاج.
من الضرر فائدتها أنها مباشرة بلا واسطة، أعطني الكرة فأنا أريد أن أشرب من كؤوس القِرَب، فأريد ماذا؟ واحدة واحدة، وأريد ماذا؟ أن يكون مباشراً، وأريد ماذا؟ أن أشبع، وأريد ماذا؟ ألا يكون هناك ضرر. حسناً، هل كؤوس القِرَب لو شربت منها هكذا دفعة واحدة؟ نعم، هذا تكاثر. المعارف على قلب العارف جربناها فانجننا، إنها شيء يجعل المرء يجن فجأة بدون سبب يدعو للجنون فيجن. ما
نتحدث عنه الآن باللغة العربية هو أن القرص قد تعطل، وأن الفتيل قد احترق، وانتهى الأمر. وهذا ما جعل الناس يسمون الشخص البليد الذي يمشي في الطريق "مجذوباً"، فهو منجذب، وأحياناً في القرية يُسمى "أبله القرية". يكون المبارك خاص بالقرية لأنه ناتج من كثرة ورود المعارف على قلب العارف، فربنا عندما أذهب عقله أكرمه، أي أعطاه شيئًا مقابل شيء. هل هذا حال نقص أم حال كمال؟ حال نقص. يا سعادتي بك وأنت مجذوب، وستقول لي: سأعتزل في الجبل. فخير مال المرء غنيمات يتبعها. بها شعف الجبال ومواضع القطر، يفر بدينه من الفتن. هذا هو الأمثل. لا، هذه حالة
نقص، النبي سمح بها في وقت الفتن. يحميني من الفتن، لكنها حالة نقص. وفي حديث أبي هريرة عند البستي: "ومن خالط الناس وصبر على أذاهم فهو أفضل". إذن هناك حالة وهناك حالة أفضل منها، فأنا أطلب. الكرع من فتحات القربة يعني أن الفتحة تكون مثل الأصل. فتحات القربة هذه كبيرة تشبه نهر النيل، فأستلقي على بطني وأشرب منها مباشرة حتى لا آخذ منها بالكوز، أي بلا واسطة، وسأشرب بتمهل حتى لا يحدث ضرر، فتكون واحدة تلو الأخرى، لأن الله بنى الدنيا بنظام. في ستة أيام واحدة واحدة، إنَّ هذا الدين متين فأوغل فيه برفق. هل تعطي
كأسات القرع من كأسات القرى؟ تشبه بعضها فتصبح بلاءً. وهل يجوز أن نقول: ربي أطلقني من سجن الحجاب؟ طبعاً، ولماذا لا يجوز؟ هل الحجاب كان جميلاً؟ نحن محجوبون بالغفلة، ومن آه ومن علي بما أنت عليه. الأولياء والأحباب نعم يجوز هل يتعرض هذا مع غير ملتفت لا يصل لا لأننا نطلب الله برفع
الحجاب نطلب أن نكون في الحضرات القدسية نطلب أن نكون من مستجابي الدعاء نطلب أن نكون في القرب نطلب أن نكون في الأنوار ليس أننا ملتفتون إليها كل هذه من نعم الله دع بالك الغنى من نِعَم الله، الصحة من نِعَم الله، ولكن إياك أن تلتفت بهذه النعم عن المنعم، بل لا بد عليك من سؤال النعمة وشكرها، وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها. فليس المطلوب عدم التمتع بالمنن والنعم، المطلوب عدم الانشغال بها عن الله. لا يوجد مانع أن أقول: يا رب علمني. وقل رب زدني علماً، لكن العلم حجاب
إذا شغلك عن الله، فإذا أوصلك إلى الله "إنما يخشى الله من عباده العلماء"، ففرق كبير بين أن تطلب حتى تصل بالنعم إلى الله وبين أن تلهيك هذه النعم عن الله. هذا هو الالتفات. ما معنى "نسألك حسن الأدب عند إرخاء الحجاب"؟ الحُجب. هذه عندما تُرخى يكون ما هو أن تعبد الله كأنك تراه، هكذا رفع الحجاب. حسناً، الحجاب موجود، فإن لم تكن تراه فهو يراك. إذاً نسألك يا رب الأدب لا الغفلة التي أيضاً تعني لا توجد مشاهدة ولا يوجد أدب. لا
يا رب، إذا حُرمتُ من المشاهدة وكان قدرك هكذا علمني. الأدب معك حتى ولو مع الحجاب، فعند إرخاء الحجب أكون مؤدباً معك، فإن لم تكن تراه فهو يراك. آه مؤدب! اتقِ الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن.