الذكر جـ 1 | رب لترضى | الحلقة السادسة عشر | قناة الإرث النبوي | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه أيها الإخوة المشاهدون والأخوات المشاهدات في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا ومرحبا بكم في حلقة جديدة من حلقات رب لترضى معنا مجموعة الشباب التي نلتقي بهم نستمع إلى أسئلتهم وما يجول بخواطرهم حول
التصوف الإسلامي أهلا ومرحبا بكم أيها الشباب هل معكم ومرحبا بكم هل معكم سؤال في هذه الحلقة ومع من معي أسئلة شفاعات تفضل يا بلاد مولانا نحن انتهينا من الحلقات التي مضت شبهات حول التصوف وحول البدعة وما ينسب إليها نحن نريد الآن يعني أن نعيش الطريق وندخل في الذكر إذن يعني حضرتك أنا نريد أن نعيش في الذكر فنريد أن نعرف ما هو الذكر وما هي ذاته وما هي فوائده وماذا سيقول عنا الله سبحانه وتعالى في كتابه أمرنا أن نكون من الذاكرين قال تعالى فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون وقال ألا بذكر الله تطمئن سبحانه وتعالى والذاكرين الله كثيرا والذاكرات، وهكذا وسمى بهذا الذكر أمورا من
ضمن ما سمى بالذكر القرآن الكريم "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" وسمى التوسل بأسمائه الحسنى ذكرا، ربنا أرشدنا فقال "ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها" وسمى هذه الكلمات العشر الطيبات ذكرا، فعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، وهذه الخمسة يقول عنها أهل الله الباقيات الصالحات لأن الباقيات الصالحات تبقى بعد رحيل الساكنين من هذا المكان أو يعني رحيل الإنسان من تلك الأكوان، فهذه
باقيات صالحات وكذلك استغفر الله إنا لله وإنا إليه راجعون حسبنا الله ونعم الوكيل توكلت على الله الصلاة على سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما وهذه بتمامها يقال لها العشرة الطيبة كان سيد درويش قد درس في الأزهر فذهب وسمى مقطوعته العشرة الطيبة أصبحت مثل الكوتشينة، ولكن العشرة الطيبة كان مصطلحا عند أهل الله على هذه العشرة الخمسة الباقيات المعروفة المحفوظة لدينا، وكذلك الخمسة تلك الأخرى التي يتم بها العشر. علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف نذكر ربنا، والذكر في الحقيقة ليس موجودا
في كل الديانات وليس موجودا في كل المذاهب. الأخلاقية وما إلى ذلك، بل في بعضها لأن الذكر في كثير من الأحيان سيكون عبارة عن دعاء مناجاة، يعني ليس لديهم هذا الذكر الذي عند المسلمين والذي يأخذ من جانب المسلمين وقتا ووردا، فالإنسان في الحقيقة ينبغي أن يكون له ورد، وهذا الورد يعني متفق عليه بين المسلمين لدرجة أن الملك عبد العزيز رحمه الله كان لديه ورد يسمى بالورد المصفى المختار، فكان هو مختار هكذا من أذكار السنة ومن كلام الصالحين بحيث إن كل يوم يجب أن يقرأه. الذكر متفق عليه، ولذلك نجد
كل التوجهات وكل المشارب تقر الذكر، فنجد كتبا وردت تجمع الأذكار الواردة وكيفيتها وآدابها وأوقاتها، منها للإمام النووي ومنها التحفة للشيخ الشوكاني ومنها الوابل الصيب لابن تيمية وهكذا وكل هذه الأشياء وغيرها كان للنسائي عمل اليوم والليلة جمع فيه الأذكار الواردة عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نسير على هديه ورأينا في مجموع ذلك الوارد عن سيدنا النبي أنه أرشدنا إلى العدد أرشدنا إلى العدد فقال مثلا أنا عندما جاءه الناس وقالوا يا رسول الله ذهب
أهل الدثور بالأجور الأغنياء أخذوا الأجر كله يجلسون يتصدقون وينفقون والله يعطيهم ونحن لم نعط أموالا لكي نتصدق بها ذهب أهل الدثور أهل الدثور الذين هم الأغنياء أهل الغنى والمال بالأجور نحن إذن ماذا نفعل قال بسيط اجلس هكذا بعد الصلاة شيء خفيف جدا سبح ثلاثا وثلاثين احمد ثلاثا وثلاثين كبر ثلاثا وثلاثين وأكملها بلا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير فيكون هؤلاء تسعا وتسعين حبة ولذلك الثلاثة المسلمون يصنعون السبحة تسعا وتسعين لأجل يذهب عليهم هؤلاء الثلاثة أو تسعة وتسعين لأن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة وأحيانا تجد المسبحة مائة لماذا؟ لأننا
قلنا يختتم بها المائة التي هي لا إله إلا الله فالنبي عليه الصلاة والسلام أرشد الناس لهذا فذهبوا وأحضروا أهل الدثور سمعوا هذا الكلام وهم جالسون معهم إذ لا يوجد سر في الإسلام فأخذوا يقولونه فجاءوا يشتكون مرة أخرى نعم يا رسول الله الكلام الذي نقوله يقوله قال ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء نحن ماذا سنفعل فما هو إلا أن ربنا جعل هذا غنيا وهذا متوسطا وهذا فقيرا وبعد ذلك بوظائف الغنى من العطاء ومن الزكاة ومن الصدقة ومن الأوقاف ومن الأشياء من هذا القبيل فتبقى هذه قضية أمر الله فالذكر متفق عليه وعلى جلالته بين المسلمين وهو مذكور في الكتاب وفي السنة وفي عمل الناس بلا إنكار وكما يقول الإمام النووي الذكر إما أن يكون باللسان وإما
أن يكون بالقلب وإما أن يكون بهما بالاثنين، لكن في الحقيقة نحن وجدنا أشياء في السنة يقول فيها سيدنا النبي "إني ليغان على قلبي فأستغفر الله في اليوم مائة مرة". يغان يعني الغين والغيم، الغيم يعني السحاب والغين السحاب الخفيف، فإن ليغان على قلبه يعني تأتي سحابة كذلك فيستغفر ربنا لأنه سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم كما وصفته الملائكة كانت تنام عيناه ولا ينام قلبه، معلق بالله دائما، ولذلك أبو الحسن الشاذلي صاحب الطريقة لما سمع هذا الحديث والحديث صحيح في صحيح مسلم فاستغربوا كثيرا قال كيف أن
سيدنا النبي بكماله وجماله وجلاله يغان على قلبه فيستغفر الله مائة النبي في المنام وقال له يا علي عين أنوار لا عين أغيار عين أنوار لا عين أغيار وبدأ أهل الله يفسرون هذا الكلام فقالوا إن القلب له بابان باب على الخلق يدبر شؤون الدنيا نجتمع معكم لننظر في مصالحنا نعمر الدنيا طعام وشراب ولباس وعمارة وعمل وقلب على الحق سبحانه فيكون كأنهم صوروا القلب أن له بابين، باب على الخلق وباب على الحق، وعندي
رياح من الأغيار ومن الأنوار. رياح الأغيار هذه من أين تأتي؟ من الخلق. الأغيار هذه يا مولانا التي هي الأغيار غيري، الأغيار الأشياء يعني الكدر، الشهوات، الرغبات، كدر الدنيا، المشاكل يعني المشكلات الخاصة بالخلق وما إلى انتبه كيف أن الأغيار أغيار يعني غير ما عليه الحق، الأغيار هذه آتية من الدنيا، أما التي تأتي من باب الحق فهي الأنوار، إذن يوجد ريح ولكن صنفوا الريح التي تأتي من باب الخلق سنسميها ريح الأغيار، مصطلح اتفاق هكذا لكي
نفهم لكي نصل في النهاية إلى تفسير الحديث، بعد الأغيار وما الأنوار وهم يقولون ذلك لماذا لكي يفهموا أو لكي يعرفوا الفهم العميق وسنرى أنه بدون هذا الفهم ماذا سيترتب بعد الفاصل بسم الله الرحمن الرحيم عدنا من الفاصل وكنا تكلمنا عن قضية رياح الأغيار ورياح الأنوار رياح الأغيار عندما تأتي تجلب مشاكل وتعبا فتأتي لتدخل من باب الخلق فيمكن أن تغلق باب الحق وتغلق باب الحق فيصبح قلبك لا يرى
إلا الدنيا لدرجة أن بعض الناس يكره ذكر الموت وبعض الناس لا يذهب للعزاء حتى لا يتذكر الموت وأمر عظيم عنده أن تذكره بأن هناك موتا وهذا يقلقه كثيرا ومتشبث بالدنيا ولا يعرف سواها ولا يذكر الله إلا قليلا ويذكره بلسانه فقط هكذا وخائف أيضا أن يدخل في هذه المرحلة ويظن أن ذكر الله هذا سيجعله يفرط في الدنيا فيضيع الأموال ويصبح أحمق ساذجا هو يظن هكذا والأمر ليس كذلك الرياح التي تدخل هذه تغلق باب أي باب الحق هذه مشكلة كبيرة لأن نحن مأمورون بأن نفتح البابين، وسيدنا النبي
كان يتأثر كثيرا بالدنيا وبأحوالها، وهذا كان أزهد الزاهدين، هذا مات كما في البخاري ودرعه مرهونة عند يهودي، هذا عليه الصلاة والسلام كان يجعل لأهله حاجة سنة، ما يوجد بالكاد عشرة أيام أو عشرين يوما وحاجة السنة تنتهي لأنه كان كالريح المرسلة وكان أجود الناس ولا يتعلق قلبه بالدنيا ولا بخلافها فما هي إذن ريح الأغيار هذه التي ستغلق الباب لا ليس الأمر كذلك ليس من السحابة هذه التي أتت ما كانت من الأغيار هذه أتت من الباب الآخر من الأنوار من شدة تعلق قلبه بالله فإن الأنوار
والأنس بالله جعله يسد باب الخلق فلما يجلس معنا يصبح ضجرا منا، لما يجلس معنا يصبح مستغربا منا، ما بكم؟ من أنتم؟ سيدنا النبي مكلف بالتبليغ ومكلف بأن يجلس معنا وأن يفهمنا وأن يعلمنا، وحينئذ يستغفر الله إن أغلق باب الخلق، أنت أقمتني لكي أبلغ الناس هؤلاء، افتح لهم، أستغفر الله، هنا هو من حالة وليس من قصور، فقلبه تعلق بالله تعلقا شديدا أدخل أنوارا أغلقت باب الخلق، وحينئذ فإنه
يجب عليه أن يفتحه ومكلف بفتحه، ومن هنا يستغفر الله لكن استغفارا من نوع آخر. ما الحاجة إلى الكلام الذي أقوله؟ نعم هذا فسر أشياء كثيرة هكذا، هذا عظيم. شأن النبي في أنفسنا هذا متسق انتبه إلى هذه النقطة مع بقية الأحاديث التي تقول لتنام عيناه ولا ينام قلبه الحديث صحيح ومع الاستغفار ومع أنه معصوم ومع أنه مغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ومع أن هذا إذا كان سيطرح علي إشكاليات ستطرأ على أذهان القارئين والسامعين
مساحة العالم على مساحة الزمان والمكان بطمأنينة بكلام معقول منطقي، عندما نتصور هذا التصور الذي هو ممكن عقلا أن يكون للقلب بابان: باب على الخلق وباب على الحق، وأن هناك أغيارا وهناك أنوارا. قد يأتي أحد ويقول من أين جئت بهذا الكلام؟ هذا نموذج تفسيري يحل كل شيء، ويرتب كل يؤدي إلى تعظيم شأن النبي صلى الله عليه وسلم ومن حقنا أن نعظمه ومن شأننا أن نعظمه يزيل الوساوس والتناقض والحيرة والشك فلماذا لا أفعله فهذه مسألة مهمة للغاية مهمة للغاية لأن
هذا هو الفرق بيننا وبين الناشئة لا يريدون كل شيء منصوصا عليه لا يريدون نموذجا للتفسير كانوا يعملون ماذا؟ كانوا يعملون نماذج للتفسير وانتبه كيف كانوا يعملون نماذج للتفسير فنجد الإمام الشافعي وهو يفهم الأحكام وهو بعيد عن التصوف وعن كذا إلى آخره يتصور معنى الحدث يعني ماذا؟ أنني عندما ينتقض الوضوء يحصل الحدث وهذا الحدث يجعلني أمتنع عن الصلاة يجعلني ما دمت أنا على حدث يمنع من الطواف يجعلني ممتنعا عن قراءة المصحف أو لمس المصحف أو أشياء مثل هذه كحمل المصحف وكيف عندما أكون جنبا يضاف
إلى هذا موانع أخرى انتبه كيف من ضمنها المكث في المسجد وإذا كان هناك جنابة من نوع الحيض والنفاس عند المرأة فيضاف إلى هذا أنها لا تصوم، ليس أنها لا تصلي ولا تطوف، بل هي لا تصوم كذلك وأنها لا تمكن زوجها منها. هذا زيادة فذهب مسميا هذا الحدث الأصغر وهذا الحدث الأوسط وهذا الحدث الأكبر باعتبار ما منع. هل النبي سماهم كذلك؟ لا لم يسمهم كذلك، النبي قال أكبر وأصغر وقت لا ما فعل ذلك فما الذي يفعله الشافعي هذا نموذج تفسيري لكي يفسر الدين ثم قلنا له ما معنى حدث يا فضيلة الإمام فقال أمر اعتباري قائم بالأعضاء
يمنع من صحة الصلاة حيث لا مرخص قلت له من أين جئت بهذا هذا تخيل الشافعي أن الواحد عندما ينتقض وضوؤه قوم في شيء أخضر هكذا لون أخضر مثلا يعني أي لون فلنجعله أخضر يصبح في الوجه واليدين والرأس والرجلين فعندما تتوضأ هذا الشيء الأخضر يذوب ويذهب مع الماء أما عندما أكون جنبا فيصبح أسود لكن جسمك كله فعندما تنزل تحت الدش لتستحم هذا السواد يزول جئت بالكلام هذا من أين في السنة؟ هذا لا، هذا نموذج تفسيري وعليه بنيت أحكام والأحكام هذه أصبحت من الشريعة أنك إذا نويت الوضوء ووضعت
يدك في المياه التي أمامك وكانت محدودة فالأخضر هذا سينزل فيها ولذلك تصبح ماء مستعملا فلا يصلح أن تستعمله ثانية وهذا كان الكلام هذا موجودا في الكتاب لا ولذلك عندما نأتي لنعرض هذا الكلام على الناس يعني أحيانا يقبلونه لأنه الإمام الشافعي وأحيانا يرفضونه فماذا سيؤدي هذا إليه سيؤدي إلى ضياع أحكام الدين إلى أن أحكام الدين التي عندنا التي نفهمها بوعي وبعمق ستصبح متروكة لأي أحد يقول أي شيء وماذا ينتج من هذا سينتج منه سيخرج أناس سينكرون هذا الفقه كله فماذا سيبقى، لكل واحد رأيه وكل واحد لا يعرف أن يقرأ حتى الفاتحة
يفتي في دين الله فتحدث الفوضى وتسيل الدماء في الطرقات ونقول يا الله من أين تأتي هذه الدماء، إننا لسنا متطرفين بل نحن مغفلون هكذا، الذي سينكر النماذج التفسيرية سيصبح مغفل والنماذج التفسيرية كما أنها موجودة في الأحكام الشرعية كما شرحنا وفي آلاف يبقى نموذج تفسيري وهو هذا الذي بني عليه فقه المذاهب موجودة أيضا في مجال العقيدة وموجودة أيضا في مجال التصوف إذن نحن أمام ما يسمى نريد أن نحفظ النموذج التفسيري والنموذج التفسيري مفهوم من الكتاب والسنة وليس في الكتاب والسنة وهناك فرق بين المنصوص والمفهوم فهذا
مفهوم من الكتاب والسنة ومن هنا رأينا الإمام الشافعي في مجال النموذج التفسيري يقول إنه بعد الظهر لا نستعمل السواك لأن خلوف فم الصائم أحب عند الله من ريح المسك ونجد الشريعة تقول لنا لا تغسلوا الشهيد حتى لا يذهب دمه أهل الله بنفس النموذج التفسيري يقولون لا تشرب ماء بعد الذكر، من أين جاءوا بهذا؟ إن شاء الله لا تشرب ماء بعد الذكر من الأدب لأنه لا يزال لسانك رطبا بذكر الله. فهل اللسان يكون رطبا أم جافا؟ يكون جافا، لكنه عند الله كأنه رطب. الدم قاس لكنه عند الله أحسن من ريح المسك، فالفم في خلوفه له رائحة كريهة لكنه أفضل عند الله من ريح المسك، فتبقى هذه قضية أن
النبي صلى الله عليه وسلم يبين لنا الحقائق والمردود للأفعال المشاهدة عند الله سبحانه وتعالى، وفي الختام نختتم على هذا ولكن في الحلقة القادمة إن شاء الله نكمل الحوار حول هذه المعاني فيما جد لديكم من الأسئلة إلى لقاء آخر، أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله
وبركاته.