الرحمة | محاضرة بتاريخ 2009-03 -01 | أ.د علي جمعة

الرحمة | محاضرة بتاريخ 2009-03 -01 | أ.د علي جمعة - ندوات ومحاضرات
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه أحييكم بتحية الإسلام وتحية الإسلام السلام فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ولا بد أن أشكر هذه الدعوة الكريمة للالتقاء بكم في هذه الليلة التي نرجو الله سبحانه وتعالى أن يرقق قلوبنا لذكره وأن يوقر فيها حبة وحب الناس شكرا للأستاذ هاني عزيز وللأستاذ سمير ثمري على هذه الدعوة التي كنت حريصا على تلبيتها لولا
أن اختلافا في تنسيق المواعيد حدث وكان من المفروض أن نلتقي أمس ولكن قدر الله وما شاء فعل كنت أود أن نجتمع اليوم على أن نضع أمام أنظارنا منظارا نرى به العالم من حولنا بل ونرى به أنفسنا نرى به علاقتنا مع ربنا وعلاقتنا بعضنا مع بعض وعلاقتنا مع هذا الكون الذي يحيط بنا هذه النظارة التي نريد أن نقرأ بها الواقع ونقرأ بها النصوص ونقرأ بها الآداب والفنون
ونقرأ بها السياسة والاقتصاد ونقرأ بها حياتنا كلها هي الرحمة أجد خيرا من الرحمة نتحدث عنها وقد بدأ الله بها كلامه وهو يبلغه للعالمين فأول كلمة نجدها وأول كلمة تنزل بسم الله الرحمن الرحيم وهو أمر يحتاج إلى التأمل وإلى تحويل هذه الرحمة إلى منهج حياة إلى برنامج يومي نعيشه فتطمئن له قلوبنا إلى منهج حقيقي نقاوم به مشارب التشدد ومشرب الانحراف ومشرب الفساد الذي
قد يعمي عين بعض الناس، نريد أن نتحدث عن الرحمة والله سبحانه وتعالى يقول بسم الله الرحمن الرحيم وهي آية من أول سورة وهي الفاتحة وهي آية أيضا في كل سورة، كان الصحابة الكرام لا يضعون في القرآن أبدا ما ليس منه ولكننا وجدناهم قد وضعوا بسم الله الرحمن الرحيم في كل سورة، إذن هذا أمر لا يفوتنا. هكذا الله جل جلاله وصف نفسه بصفات كثيرة في
القرآن، هذه الصفات وصلت إلى أكثر من مائة وخمسين صفة، مائة واثنتين وخمسين صفة وصف الله بها نفسه في كتابه. بعض هذه الصفات هي صفات جمال وبعضها صفات جمال، فلو تأملنا في أنه وصف نفسه بأنه الأول الآخر الظاهر الباطن السميع البصير الحكيم العادل، ولو تأملنا أنه وصف نفسه بأنه المحيي المميت، لشعرنا بالكمال، وأنه سبحانه وتعالى أهل للكمال، وأنه سبحانه وتعالى ليس كشأننا، بل هو رب
هذا الكون، وعندما نرى أنه وصف نفسه بأنه عظيم شديد المحال وبأنه منتقم وبأنه جبار وجدنا هذه الصفات فيها جلال وهذا الجلال لم يواجهنا الله سبحانه وتعالى به فلم يقل مثلا بسم الله الرحمن الجبار أو بسم الله الرحمن المنتقم ولم يقل مثلا بسم الله الرحمن ويسكت ولم يقل مثلا بسم الله المنتقم الجبار ولو قال لفسرناه أنه يريد أن يخيف عباده من أجل أن يلتزم بالطريق القويم لكنه دائما وأبدا يبدأ فيقول بسم الله الرحمن
الرحيم لم يقل في الفاتحة بسم الله الرحمن الرحيم وفي السورة التي بعدها في سورة البقرة بسم الله الرحمن الرحيم المنتقم وفي التي بعدها بسم الله المنتقم الجبار لم يقل وإنما قال من البداية القرآن إلى آخره بسم الله الرحمن الرحيم هذا يلفت انتباهنا إلى هذه الحقيقة السامية وهو أن العلاقة التي بيننا وبينه هي رحمة في رحمة أولها رحمة وآخرها رحمة بدايتها رحمة ونهايتها رحمة وعلى حد قول القائل تخلقوا بأخلاق الله يعني أن الله سبحانه وتعالى له صفات وأن هذه الصفات ينبغي على الإنسان أن يكون حكيما فيحاول أن يكون كذلك فنتخلق
بصفات الجمال ونتعلق بصفات الجلال لأنه لا يجوز لأحد منا أن يكون متكبرا، لا يجوز لأحدنا أن يكون متعاظما، لا يجوز لأحدنا أن يكون جبارا ولا منتقما حتى من أعدائه، بل ينبغي عليه أن يكون رحيما رؤوفا عفوا غفورا. وهكذا من صفات الجمال، فصفات الجمال للتخلق وصفات الجلال للتعلق. يا رب أنقذني من أعدائي، أنقذني من نفسي، أنقذني من مغريات الدنيا التي قد تجعلني أحيد عن الصراط المستقيم. أتعلق به سبحانه وتعالى فهو القوي وهو العظيم وهو ذو الجلال والإكرام.
الرحمة نجد أن الله سبحانه وتعالى وصف بها نبيه. فقال وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين، ليس للمسلمين ولا للسابقين ولا لله، هذا للعالمين. وهذا كلام يجعلنا نفهم حقيقة الدين، وأن حقيقة الدين ما دامت الرسالة قد بدأت بهذا وأكدت عليه وجعلته البداية والنهاية ووصفت حامل هذه الرسالة بها، فهي هذه حقيقة الدين. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما أنا رحمة مهداة، يعني أن الله أهدى هذه الرحمة للبشرية، إذن لا بد لنا أن نضع على أعيننا
نظارة مكونة من عدستين: الرحمن الرحيم، ما الذي نفعله بهذه النظارة؟ أول شيء وقد افتقد كثير من الناس هذا: قراءة النصوص، فعندما أقرأ النصوص لا بد أن أقرأها بنظارة الرحمن الرحيم وليست بنظرة المنتقم الجبار ولا بنظرة المتكبر الشديد، يمكن للنص أي نص ويمكن في اللغة لأي لغة أن نفهم النص بوجوه مختلفة في اللغة حقيقة ومجازا، في اللغة اشتراك، في اللغة ترادف، في اللغة أساليب فيها
تقديم وتأخير وحذف ما يعلم جائز فيها إضافة وهكذا فإذا ما قرأنا أمكن أن نؤول النص فهل نؤوله في اتجاه الرحمة أم أن نؤوله في اتجاه منهج التشدد والعنف، هذه مشكلة كبيرة نراها الآن قد تغلغلت في مجتمعنا وتغلغلت في العالم كله وأصبح هناك ما يحلو لنا أن نسميهم بالمتطرفين وكثيرون في الغرب يسمونهم اليمين المتطرف، لكنه منهج واحد وهو أنه نزع نظرة
الرحمة في قراءته لكل شيء، وأول هذا الشيء النص الذي يقدسه ويحترمه ويدخل إليه ويريد أن يجعله مرجعا له. فنحن ندعو الناس أجمعين إلى أن يستعينوا بالرحمة في فهم النصوص. قابلة للفهم، النصوص إذا ما سلكنا بها مسلك الرحمة لا نجد بينها وبين نصوص أخرى أي تعارض. نجد بينها وبين الواقع أي تعارض، لا نجد بينها وبين المصالح أي تعارض، لا نجد بينها وبين فطرة الإنسان أي تعارض.
في حين أننا لو سلكنا بها مسلك التشدد ومشرب العنف فإننا نجدها سرعان ما اصطدمت بالواقع، سرعان ما اصطدمت بالمصالح، المصالح الشخصية ومصالح الناس الآخرين. والنبي صلى الله عليه وسلم في هذا يقول لا ضرر ولا ضرار لا تضر نفسك ولا تضر غيرك اصطدمت بالمال الشيء له مستقبل تصطدم مع هذا المستقبل تصطدم بحائط سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا تصطدم مع فطرة الإنسان تصطدم مع استقرار الناس العجب العجاب أن كثيرا من الناس عندما
يرون المتشددين يفسرون النصوص بتشددهم وعنفهم فإنهم ينكرون النصوص وكأنها هي السبب في البلاء والحال غير ذلك، النصوص بريئة لأنه يمكن أن تقرأ بالرحمة وإذا ما قرئت بالرحمة كان المعيب هو القارئ وليس المقروء وعندما يؤكدون أن المقروء هو الخطأ فإنهم يعطون مبررا إضافيا للمتطرفين كي يتطرفوا وللمتشددين أن يتشددوا يقولون لهم نعم مقدسكم صحيح وهو عنيف في ذاته وهو الأصل وبذلك ينقسم العالم إلى فصائل ويزداد
النزاع بين الناس في حين أننا لو عرفنا أن نعالجهم بأن نكسوهم نظرة الرحمة التي ترونها بأعينكم وتتغاضون عنها في البداية وفي النهاية وفي الوسط وفي الصفة وفي كل شيء فإننا قد نصل إلى قلوبهم ويكون تعاملنا معهم أيضا حتى بالرحمة بالرغم من أنهم أعلنوا عدم الرحمة، نحن نريد الرحمة حتى بأولئك الذين لم يريدوا لأنفسهم ولا للناس الرحمة، نحن نريد الرحمة والتوبة والرجوع لكل العاصين ولكل المجرمين، فليس من حقي إلا أن أتمنى لهم الخير وليس من
حقي وأنا أدعو الرحمة أن نستثنيهم بالرغم من أنهم من المجرمين وبأنهم من المتشددين وأنهم من المتطرفين إلا أنه لا بد لقلوبنا أن تشتمل على رحمة تشمل الجميع، عجيب شأن هذه الرحمة. حديث يسمى بحديث الأولوية، الحديث الأولوي حديث مروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أول حديث يذكره الشيخ في الدرس لأبنائه وهو يعلمهم فسمي بحديث الأولوية لأنه أول حديث لو فتحنا البخاري لرأينا حديثا في صدره حديثا مهما إنما
الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى إخلاص النية وتحرير النية أمر مهم جدا يقول الإمام السيوطي والنية تدخل في سبعين كتابا من كتب الفقه الصلاة فيها نية الوضوء فيه نية الزكاة فيها نية، العبادة كلها فيها نية، البيع فيه نية، الزواج فيه نية، والأصل في الزواج التأبيد، هذا كلام الفقهاء، هذا نص من كتب الفقهاء المسلمين، والأصل في الزواج التأبيد، أي لا يصح الزواج المؤقت، والزواج المؤقت الذي قال به بعض الناس أبطله الفقهاء، قالوا هذا زواج
باطل أن يتزوج ويقول متزوج لمدة شهر مثلا، ما لا ينفع، فالزواج أصله التأبيد، أما الطلاق حتى لو كان تجربة شخصية فهو مأساة، الشر بعيد والرحمة في حديث الأولوية، أول حديث هو حديث الرحمة، ماذا يقول حديث الرحمة؟ يقول: الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى، ارحموا من في الأرض يرحمكم من
في السماء خمس مرات الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء الميم الخاصة بـ يرحمكم ورد فيها قراءتان قراءة بالسكون وقراءة عليها ضم يرحمكم والسكون والضم يغير المعنى لأنه عندما تكون ساكنة معناه أنه ربط الجملة الثانية بالجملة الأولى يعني أن ترحموا من الأرض فسوف
يرحمكم من في السماء، وإذا لم ترحموا من في الأرض فلن يرحمكم من في السماء. كان هذا سببا لهذا عندما يكون ساكنا يقولون عليه جواب الأمر. ارحموا يرحمكم جواب للأمر ارحموا هذا أمر، نفذ الأمر يكون فيه سكون هنا لأن جواب الأمر ساكن مثل الشرط بالضبط لأنه هذا سبب ذلك في حين يرحمكم تصبح جملة جديدة لا علاقة لها ومعنى الكلام ارحموا من في الأرض يا رب ارحمهم يا رب لكي يرحموا الذين في الأرض فهي يسمونها جملة استئنافية أي جديدة جملة دعائية كأنه يدعو لهم
يا رب ارحمهم يا رب لا علاقة له بعد ذلك إذا كان أي استجابوا فرحموا من في الأرض أم لم يستجيبوا فلم يرحموه، فهو يدعو لهم دعاء مستقلا يرحمكم من في السماء أي يا رب ارحمهم يا رب، عندما تأتي قراءتان في النصوص فلنأخذ بالهما بالاثنتين ما دام لا يوجد تناقض، إنما هذه في المعاني هذه جميلة وهذه جميلة السببية يبقى معناها أنها تدفعك إلى عمل الرحمة واستجابة الدعاء، هذا معناه أنني سأدعو لك سأدعو لك سواء كنت رحيما أم كنت غير رحيم. إذن الرحمة
بهذا الشكل تحتاج إلى مجموعة من القيم حتى نصل إلى الرحمة. حاولت الأمم المتحدة أن تبحث عن القيم المشتركة بين البشر من أجل أن تدخل في مناهج التعليم من أجل أن تتحول إلى برامج للتدريب من أجل أن تتحول إلى مواقف يعيشها المعلم مع أبنائه فعملوا شيئا ترجمناه بالعربية باسم القيم النشطة والقيم النشطة توصلوا في اليونسكو إلى إحدى عشرة قيمة إحدى عشرة قيمة هذه أولها
الاحترام احترام الغير احترام النفس احترام العالم وهكذا منها الصدق منها والشفافية منها والثقة بالنفس منها والرحمة، إذن فالرحمة لا تعمل وحدها، الرحمة تعمل في منظومة القيم، إذا أردنا أن نصل إلى رحمة فعلية فلا بد أن نحيط هذه الرحمة بمجموعة من القيم، ومن ضمن هذه الأبحاث والتعمق فيها جاء بحث أن الرحمة
هي جوهر الحب ويمكن صياغتها بصياغة أخرى وهي أن الحب هو جوهر الرحمة وهنا فإن الرحمة والحب يكادان يكونان وجهين لعملة واحدة جوهر الرحمة الحب من غير حب لن نفعل شيئا لا توجد فائدة وكذلك الحب من غير رحمة لا توجد فائدة أيضا فلا بد لنا أن نعيش الرحمة ما هو الفرق بين أن نحن نفهم الرحمة وهناك
فرق في أن نعتقد في الرحمة وهناك فرق ونصدق أن الرحمة مهمة وهناك فرق بين أن نعمل الرحمة وهناك فرق في أن نعيش الرحمة والمراد هو أن نحول الرحمة إلى خلق معيش نعيشه ومعنى هذا أن الرحمة ليست مجرد شعور بالرقة أو الرأفة وليست مجرد شعور بالضعف أو الاستكانة وليست محض شعور بالألم لحال الآخرين هي تجاوزت الشعور الذي يشتمل على كل ما ذكرناه فهو كل ذلك
لكن أبدا لا تقف الرحمة عند الشعور، الرحمة ينبغي أن تكون فكرا في العقل، الرحمة ينبغي أن تكون سلوكا في الأداء، الرحمة ينبغي أن تكون شعورا في القلب في بعض اللغات الأجنبية الرحمة فيها ظلال الضعف والرقة، لا بد لنا عندما نتحدث عن الرحمة كخلق أن نخرج من هذا الإطار، من إطار الشعور، من إطار الذل، من إطار التألم، من إطار الرقة والرأفة، وهي كل ذلك، لكن لا بد أن تخرج إلى العمل وتخرج وتعلو
إلى العقل فتؤثر في فكرة وفي سلوكه كما أنها في شعوره عندما نتحدث عن دوائر أوسع حول الرحمة، ينبغي أن نفهمها في رؤية عامة للكون فأجد ربنا ينبهنا إلى أن هذا الجماد الذي حولنا من حجر وشجر وقمر ومدر وكل شيء إنما هو يسبح بحمد الله، نتصور أن هذا السقف وهذا العمود وهذه الأرض وهذا المكبر الصوتي إنما هو يسبح وإن من شيء إلا يسبح
بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم السماء فيها تفاعل فما بكت عليهم السماء والأرض فالسماء تبكي والأرض تبكي ولكنها للمفسدين لا تبكي على المفسدين قل ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين على السماء والأرض إنا عرضنا الأمانة على والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا، الإنسان تحمل الأمانة ثم أكثر الناس لا يريدون أن يؤدوا أمانة الله سبحانه وتعالى في العالمين، إذن الرؤية الكلية أن الجماد يسبح ومن هنا فهل
يمكن لشخص يعتقد أن هذه الكائنات التي حوله تسبح كما هو يسبح وتسجد لله كما هو يسجد ألا يؤذيها، طيب ما هذا هو مدخل للبيئة وللتعامل معها وأن مبدأ الرحمة ينبغي أن يظهر في برامجنا مع هذه البيئة التي نفسدها بأيدينا، هذه البيئة التي يقول ربنا فيها وهو يتحدث عن الضروري للإنسان وحياته الأكل والشرب: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين وصارت مبدأ عاما وقاعدة كلية إنه لا يحب المسرفين ويأتي
النبي في التطبيق فينهى عن السرف في الماء حتى ولو كان أحدنا يتوضأ من نهر جار أيضا لأن السرف عادة فيريد أن يربي الإنسان بمنتهى البساطة والمسلمون يجعلون الوضوء شرطا من صحة الصلاة فإذا بهم في هذا الشرط يعني لا تصح الصلاة إلا به وبالرغم من ذلك ممنوع الإسراف في الماء كنا نشاهد مشايخنا وهم يتوضؤون على الصنبور يغلقونه إذا ما انتقلوا من عضو إلى عضو توفيرا للماء فالمياه ليست كثيرة هذا مبدأ هذا شعور هذا الماء لا بد أن يستعمل فيما هو له لا أن يهدر هكذا بلا معنى هذا
إنسان والرحمة هي أن يتعامل الإنسان مع الأكوان باعتباره إنسانا لا بد أن يكون إنسانا وهو يتعامل مع الجماد أن يكون إنسانا وهو يتعامل مع النبات وببساطة يعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر فإذا به كان يقف على جذع نخلة يخطب وبعد ذلك جاءه المنبر فسمع الصحابة كان هذا الجذع على سبيل المعجزة يهتز ويبكي سمعوا له أنينا فإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يترك الخطبة وهذه الخطبة ركن من أركان الصلاة مكان ركعتين من
صلاة الظهر أي لا بد أن يؤديها لكنه ينزل ويحتضن لكي يعلمنا الحب وأن الحب عندما يحب أحد الجذع ويرق لبكائه فماذا سيفعل مع الإنسان إذ لن يستطيع أن يعتدي عليه فلما ضمه إلى صدره الشريف سكت فقالوا ماذا قلت له يا رسول الله قال قلت له ألا ترضى أن تكون معي في الجنة جزءا لا يؤبه له فيدعو له أن يدخل الجنة فليدخل الجنة ماذا يفعل يعلمنا الحديث كيف نتعامل مع الكائنات ويقول دخلت امرأة النار في هرة قطة حبستها لا
هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض امرأة تدخل النار في هرة ودخلت امرأة في حديث آخر الجنة في كلب وجدته عطشان فسقته فغفر لها الله لها وأدخلها الجنة، ما هذا الكلام يا رسول الله، هل لنا في البهائم أجر؟ ما هذه إلا بهائم، قال بلى إن في كل ذات كبد رطبة أجرا، أي شيء له كبد رطبة ففيه أجر، ويقول إذا أراد أن يقتل حشرة مؤذية أو إذا قتلتم فأحسنوا القتلة، لا تعذبوا الفأر. وأنتم تصطادونه إلى هذا الحد يعلمنا الرقة
والرحمة ونحن نتعامل مع الأشياء مع الحيوان فما بالك بالإنسان الذي هو يقول الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء إذا ضمن هذا مع حديث النية وإذا ذكرنا الله كثيرا حتى يكون في حياتنا وإلا ينزع ربنا من حياتنا عرفنا أن أساس وجودنا هو حب الله وحب الجار، وإذا بنينا حياتنا على حب الله وحب الجار وإخلاص النية والذكر لله اطمأنت قلوبنا وصلحت أحوالنا. شكرا لكم.