الرفق في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم | مجالس الطيبين | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه أيها الإخوة المشاهدون الأحباء والأخوات المشاهدات في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا ومرحبا بكم في حلقة جديدة من حلقات مجالس الطيبين في هذا الشهر الكريم كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قمة في الرقة والرحمة والخلق الحسن في بيته ومع أصحابه ومع العالم أجمعين مؤمنهم وكافرهم من أيدوه ومن خذلوه مع جيرانه ومع أصدقائه وأصحابه ومع الغرباء كان
سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم المثال الكامل والإنسان التام الذي جعله الله لنا أسوة حسنة لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا، عن عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا الحديث الذي سنذكره يبين رقته مع زوجته: "إني لأعلم إذا كنت عني راضية وإذا كنت علي غاضبة"، قلت: يا رسول اللهم من أين تعرف هذا؟ قال: أما إذا كنت عني راضية
فإنك تقولين لا ورب محمد، وإذا كنت غاضبة فإنك تقولين لا ورب إبراهيم. قالت: قلت يا رسول الله أجل، ما أهجر إلا اسمك، يعني أنني أحبك كثيرا في القلب، في القلب، ولا أهجر بلساني إلا اسمك ولكن في ضميري وروحي وعقلي وقلبي أنت باق فيه لا أهجرك أبدا، هذه الرقة يعني أيضا يؤكدها كلام السيدة عائشة أنه صلى الله عليه وسلم كان
في مهنة أهله وأنه ما رفع صوته صلى الله عليه وسلم على أحد من خدمه، ويقول أنس بن مالك وقد أرسلته أمه لخدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صغير عنده عشر سنوات وأمه أم سليم بنت ملحان يقول خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يعنفني قط ولم يشتمني قط وكنت قد أرسلني لقضاء حاجة يريدها فوجدت الصبيان فلعبت معهم فلما تأخرت عليه قال أتعبتني والله
لولا أني أخاف الله لآذيتك بهذا السواك يعني عود لا يتجاوز عشرة سنتيمترات، تخيل لو أننا ضربنا به طفلا على يده فإنه لا يتضرر ولا يتألم لأنه ليس أداة للضرب، ولكن هذا التصادم لهذا العود باليد كأنه سيسبب شيئا من الوجع الخفيف فيعتبرون أن هذا هو العقاب، ولكنه لم يفعل هذا ولم يضربه أصلا. لا بسواك ولا بغيره، لولا أنني أخاف الله لأوجعتك بهذا السواك. هذا الوجع البسيط حتى لم يفعله صلى الله عليه وسلم. قال أنس: فكان هذا أشد
ما وجدته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه لم يسألني عن فعل فعلته لماذا فعلته، ولا عن شيء تركته لماذا تركته. صلى الله عليه وسلم رفيقا مع زوجته، ولكن هذا الرفق ليس تمثيلا، أي أن الإنسان طبعه هكذا. عود رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه على التربية أن يتربوا على هذا، ولذلك هذه الأمور ينبغي في الحقيقة أن يتربى عليها الأطفال، لأن الكبير لو قام بتمثيل هكذا فإنه لا يؤتي السيدة
عائشة وهي تصف كيفية الرقة هذا رقة النبي صلى الله عليه وسلم مع الزوجة تقول كنت أشرب وأنا حائض ثم أناول النبي صلى الله عليه وسلم الإناء فيضع فاه على موضع فيه فيشرب التي هي الحركة التي يفعلونها الآن الشباب في الأفراح يأتون بكأس الشراب وهذا يشرب منها وبعد هي تشرب من المكان الذي شرب منه وهي تشرب وهو يشرب من المكان الذي شربت منه على أساس أن الزوجين بينهما من الاتصال والود والرحمة ما يقتضي
هذا، هي تقول رضي الله تعالى عنها كنت أشرب وأنا حائض يعني لماذا وأنا حائض يعني لأنه كانت التربية التي تربوا عليها بناء على مذهب يهود المدينة أن الحائض نجسة وأننا لا نقربها وأنها لا تدخل المطبخ لأنه لا يصلح أن نأكل من يد امرأة حائض ولذلك لا نشرب من إنائها ولا تشرب من إنائنا ولا أي شيء نجس فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ليرد للمرأة اعتبارها أم لا وتعطيها له فيريد أن
يشعرها بالثقة يريد صلى الله عليه وسلم أن يزيل من قلبها ما تربى الناس عليه وشاع في الثقافة السائدة في المدينة حينئذ والتي أتت من اليهود أنه أبدا هذا ليس كذلك وحسب، بل أنا سأشرب من المكان الذي تشربين منه فهذه الحركة ليست فقط رفقا بل أيضا تعليم وأيضا تربية للثقة بالنفس وأيضا إزالة للمفاهيم الخاطئة وكذلك هي رفق وتضع لنا شيئا من الآداب التي أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن تكون أدبا لنا ورقيا
لنا النبي صلى الله عليه وسلم عن عائشة أيضا قالت لما كانت ليلة من الليالي قال النبي صلى الله عليه عائشة دعيني أتعبد الليلة لربي أنا أريد اليوم أن أقوم الليل كله أو يعني هذه الليلة مخصصة لعبادة الله قلت والله إني لأحب قربك وأحب ما يسرك قالت فقام فتطهر يعني أنا لست قادرة على فراقك لكن ما دمت تحب ذلك فليكن اذهب واعبد ربك قام
فتطهر ثم قام يصلي قلت فلم يزل يبكي صلى الله عليه وسلم حتى بلل حجره يعني الحجر ابتل من كثرة الدموع قالت ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بلل لحيته قالت ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بلل الأرض فجاء بلال يؤذنه بالصلاة كان بلال يقول الصلاة خير من النوم لكي ينبه سيدنا رسول الله فقط سيدنا رسول الله مستيقظ ويبكي ويناجي ربه سبحانه وتعالى، فلما رآه يبكي سيدنا بلال رأى سيدنا رسول الله يبكي فقال يا رسول الله لماذا تبكي وقد غفر الله لك
ما تقدم وما تأخر، قال أفلا أكون عبدا شكورا لقد نزلت علي الليلة آية ويل لمن قرأها ولم يتفكر إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب، لآيات لأولي الألباب لأن أصحاب العقول السليمة يتفكرون في خلق السماوات وفي خلق الأرض وأن سبحانك ما خلقت هذا باطلا، وهذه الآيات في آخر سورة آل عمران نجد أن الناس الآن قد حرموا منها كثيرا لأن التلوث الضوئي والتلوث
البيئي يمنعان من التأمل في السماء ومن التمتع بالنجوم ومن التدبر في أحوالها ومن الاستدلال من مشاهدتها على قدرة الحكيم سبحانه وتعالى وعلى هذه القدرة الفائقة في بناء السماء بيد الله سبحانه وتعالى. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمزح مع بعض أزواجه، فعن عائشة ما بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قلن للنبي أيتنا أسرع بك لحوقا، أي واحدة منا ستموت بعدك يا رسول الله؟ قال أطولكن يدا، أطولكن يدا، أطولكن يدا. هذه تحتمل أن تكون
طولا حسيا، ويحتمل أن يكون معناها السخية التي يدها سخية، الكريمة التي تعطي الصدقات وما إلى ذلك، فأخذن قصبة يزرعونها يعني جلبوا مقياسا هكذا جلبوا شيئا قصبة لأجل مسطرة أو شيء لأجل أن يروا يد من التي أطول من يد الأخرى حينئذ فكانت سودة أطولهن يدا من ناحية الجسم فعلمنا بعد أن كان طول يدها الصدقة وكانت أسرعنا لحاقا به وكانت تحب الصدقة زينب بنت جحش أم هي التي كانت أول امرأة من زوجاته لحقت
به صلى الله عليه وسلم، كان رفيقا كان حليما كان حسن المعاشرة في بيته، فاللهم صل وسلم عليه وإلى لقاء آخر أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.