الزهد في الدنيا | أ.د علي جمعة | حديث الروح

الزهد في الدنيا | أ.د علي جمعة | حديث الروح - تصوف, حديث الروح
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون، أيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلا ومرحبا بكم في حلقة جديدة من حلقات أحاديث الأربعين النووية. اليوم نتحدث عن معنى جليل افتقده كثير من الناس. وهو الزهد في الدنيا والتقلل منها، فعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال: كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر السبيل. وكان ابن عمر يقول: إذا
أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك ومن من حياتك إلى موتك رواه البخاري كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل هذه نصيحة رسول الله صلى الله عليه وسلم لشاب من فتيان الصحابة عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أسلم صغيرا وفي غزوة بدر لم يبلغ مبلغ الرجال حتى يأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى كان
ابن عمر لم يتجاوز العشرين وعلى ذلك وإذا تجاوزها فقد تجاوزها بشيء قليل وعلى ذلك نرى ابن عمر شابا يافعا والنبي صلى الله عليه وسلم ينصحه هذه النصيحة كن في الدنيا كأنك غريب هذا من عرف حقيقة الدنيا وأنها إلى فناء وأنها لم تبق لأحد وكما كانوا يقولون إن الأجفان ليس لها جيوب، كيف تصل إلى هذا؟ تصل إلى هذا ببرنامج للمحاسبة. ورد عن أبيه عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فيما يسمى بمحاسبة الأنفاس، فكان عمر لا يخرج منه نفس ويأمل أن يعود، ولا يدخل نفس وينتظر أن يخرج،
أي يراقب نفسه. مع ربه على مستوى الأنفاس، هذه مسألة صعبة وعمر وصل إليها بالتدريب ولم يصل إليها فجأة. هنا وسع هذه الأنفاس ابنه عبد الله حتى تكون أيسر في التدريب وفي التربية، فقال: إذا أصبحت فلا تنتظر أن تمسي، وإذا أمسيت فلا تنتظر أن تصبح. فأصبحت المحاسبة كأنها بنصف اليوم. بدلا من الأنفاس التي علمنا إياها عمر أبوه رضي الله تعالى عنه وأرضاه، محاسبة الأنفاس أو هذه المحاسبة والمراقبة في النهاية تذكرك
بالله وتذكرك بحقيقة الدنيا، تذكرك بما يريد كثير من الناس أن ينسوه وهو حقيقة الموت. إذا ذكرت أمامهم الموت فإنهم يغيرون الحديث، لا يريدون الكلام عن الموت لأن الموت معناه أنه سوف يطلعك على حقيقة الدنيا وأن الدنيا إلى زوال وأنه لا يبقى بعدها إلا الباقيات الصالحات والباقيات الصالحات لسان ذاكر وقلب خاشع وبدن عابد الباقيات الصالحات أن تعبد الله وأن تعمر الكون وأن تزكي النفس الباقيات الصالحات هي التي ستبقى بعد الرحيل من هذه الدنيا ومن أحوالها رواه
البخاري فهو حديث صحيح وإن كان عن طريق بعض رواه الإمام البخاري إلى لقاء آخر أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته