السيرة النبوية - أنوار النبي بتاريخ 06/09/2013

السيرة النبوية - أنوار النبي بتاريخ 06/09/2013 - السيرة, سيدنا محمد
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع أنوار النبي المصطفى والحبيب المجتبى نتعلم منه ومن سيرته الشريفة المنيفة دروساً نعيش بها في حياتنا وتبني نفسياتنا معه صلى الله عليه وسلم. فيما بعد غزوة أُحُد أصابت المسلمين مصيبة عظيمة وهيّجت
عليهم. كل أحد من اليهود ومن المشركين وأراد كل واحد أن يقضي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلى الصحابة الكرام وعلى الدعوة الجديدة، ولذلك كانت السنة الرابعة، والتي حدثت في الثالثة من بداياتها، يمكن أن نطلق عليها عام الحزن كما أُطلق على العام الذي فقد فيه النبي صلى الله عليه. وتُوفي عمه الذي كان عوناً له أعني أبا طالب
وزوجته التي كانت عوناً له أعني خديجة عليها السلام. وإذا قلنا خديجة فإن الملائكة وعلى رأسهم جبريل كانوا يرسلون إليها السلام ومن هنا أتى قولنا عليها السلام. إن جبريل يقرئك السلام، قالت: عليك وعليه السلام. وإذا ما بلّغك أحدهم سلام أخيك. فقال إنَّ فلاناً يُقرئك السلام، تقول كما قالت السيدة خديجة عليها السلام: "عليك وعليه السلام" رداً على السلام المُبلَّغ. سُمِّيَ
هذا العام بعام الحزن، وسلَّى الله نبيه بالإسراء والمعراج. ولكن في المدينة عام حزن آخر، وهو ذلك العام الرابع، وهو الذي وقع بعد أُحُد، حيث هاجت الناس واستباحوا رسول الله وجماعته. النبي صلى الله عليه وسلم توقع ذلك، ولذلك قام بغزوة حمراء الأسد، حيث تتبع المشركين حتى دخلوا مكة هاربين وهم المنتصرون، وظل في
حمراء الأسد ثلاثة أيام ثم عاد راجعاً إلى المدينة. فكان في هذا الأمر ما جعل المشركين واليهود يتوجسون خيفة، إذ أدركوا أن هؤلاء المسلمين لا يتصرفون التصرفات العادية المعهودة، وأنهم لا يستسلمون بسرعة. إنها فرصة أولى هذه الفرص، ما يُسمى ببعث أو بعثة أبي سلمة. وأبو سلمة من المسلمين الأبرار المهاجرين إلى الحبشة مرتين، أي ذهب في الهجرة الأولى والهجرة الثانية هو وأم سلمة التي أصبحت فيما بعد أمًّا من أمهات المؤمنين، فتشرفت
وتنورت. أبو سلمة رضي الله تعالى عنه الذي حصل. في هذا الهياج أن طلحة بن خويلد وأخاه سلمة بن خويلد ذهبا إلى قبيلة بني أسد وحرضوهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي جهود دبلوماسية قام بها طلحة وسلمة مع بني أسد من أجل محاربة رسول الله، وهذه
المرة حرب حقيقية، وبنو أسد هؤلاء قريبون نوعًا ما. لن يأخذوا مسافة المشركين ويُتعبوا سيدنا رسول الله. كان لديه جهاز للأمن القومي والمخابرات في المدينة، فأعدوا تقريراً ورفعوه إلى سيدنا رسول الله وقالوا له: "طلحة وسلمة أبناء خويلد يتواصلون الآن مع كل قبائل بني أسد بن خزيمة، وأنهم سيجتمعون وسيهجمون على المدينة، لكنهم يرتبون الأمور. في أي وقت نحن؟" الآن نحن في أول محرم، هذه من أولها أول محرم سنة
أربعة، قالوا في مستهل المحرم - مستهل المحرم يعني بداية ظهور الهلال - يكون أول يعني أول محرم، قرر النبي إرسال بعثة من مائة، من مائة وخمسين فارساً من المهاجرين والأنصار، وهم الذين أُصيبوا في غزوة أُحد، وكان سيدنا رسول الله. عندما ذهب إلى حمراء الأسد قال: "لا يخرج معنا إلا من كان معنا في أُحد" لكي تتقوى نفسيتهم. نحن الذين هُزمنا سنهزم غيرنا. فانظروا إلى الكلام: بنو أسد تريد غزو المدينة والقضاء على محمد من كل جانب، أي سيطوقون المدينة. هذا ما نسميه في العسكرية بالحرب الاستباقية.
أي أنني سمعت أنك ستضربني، فيجب عليّ أن أضربك أولاً، فهذا أفضل إذ ستكون الخسائر كثيرة. حتى الحرب الاستباقية هذه مصممة لتقليل الدماء وتقليل القتل. سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم رُفعت إليه التقارير أن طلحة وسلمة ابني خويلد يجمعان قبيلة بني أسد بن خزيمة، فأرسل إليهم أبا سلمة في مائة وخمسين فارساً. ذهبوا إلى بني أسد، لكن يا فتى أنت وهو، ذاك الذي لا أعرف ماذا. لقد وصلنا، حسناً، قبضوا على بني أسد وحاصروهم. وجد بنو أسد أنهم لن يستطيعوا الصمود، فأخذوا
منهم إبلاً وشاةً، أي إبلاً كثيرة ساقوها وأموالاً كانوا قد أخذوها منذ زمن ظلماً وعدواناً، فأخذوها أيضاً وردّوها. وجاء في اليوم الرابع وهو جالس فذهب مسافراً يوم كان شخص محرم استولى عليهم في يوم أقام وجمع أغراضه هكذا. في اليوم الثالث رجع، وفي اليوم الرابع، الآية: "هذه تكون بنو أسد بجانبنا" ها هي. هذا الذي قلناه: "بنو أسد بجانبنا". رجع أبو سلمة رضي الله تعالى عنه وأرضاه كان. أبو سلمة من أبطال غزوة أحد، قاتل قتالاً
شديداً. وغزوة أحد كانت أين؟ في شهر شوال من السنة الماضية. شوال وذو القعدة وذو الحجة، ثلاثة أشهر. لم يكن هناك تلوث في الجو، ولم تكن موجودة هذه الأشياء. فقد جُرح في معركة أحد، والجرح - كما تقول - لم يتم تنظيفه، فالتهب بسبب عدم النظافة، ولكن لم... لم يكن هناك تلوث في الجو ولا في الأشياء، فكان الجرح يلتئم قليلاً، لكن من المجهود الذي بذله ذهاباً وإياباً والضغط النفسي هذا، حدث أن تفاقم جرحه، أي تقيح عليه، وعندما يتقيح الجرح يصبح مؤلماً وفيه بعض الصديد غير المطهر، فمات. يقول
لك فما لبث إلا أن مات، لبث إلا أن مات يعني مكث نحو خمسة عشر يوماً ومات ورسول الله راضٍ عنه صلى الله عليه وسلم، فهو ممن لحق بالله سبحانه وتعالى في حياة الرسول، فيكون متفقاً بين المسلمين كلهم على جلالته وعظمته وأنه في الجنة إن شاء الله. الله هذا بعث يسمونه ماذا؟ بعث أبي سلم. بعد الفاصل نرى ما الذي حدث أيضاً في العام الرابع للهجرة. وعندما أمر الله المؤمنين بهذا القتال والدفاع عن أنفسهم بعدما هاجت عليهم
العرب ابتداءً من بدر، بل وما قبلها، وانتهاءً بحياة النبي المصطفى والحبيب المجتبى في دنيانا حياً في سيدنا رسول. الله وآله وصحبه ومن والاه، بعث أبي سلمة انتهى بنصر المؤمنين وبتأديب بني أسد وبخيبة سعي طلحة وسلمة
ابني خويلد. ظهر لنا شخص آخر من الحاقدين اسمه خالد بن سفيان. نحن لم ننتهِ بعد من أخينا الذي اسمه طلحة وأخينا الذي اسمه سلمة، فظهر لنا خالد بن من؟ بن سفيان. خالد بن سفيان بدأ يسعى حول المدينة، والمدينة بجانبها قبيلة جهينة وبني أسد. انتهينا من ذكر جهينة، كانت في زمنٍ ماضٍ كما ذكرت لكم معاهدة بين النبي وبين جهينة لكي يُبعدها عن الاشتراك مع المشركين في قبيلة بني بكر، وذلك على مرحلتين أو ثلاث. فبنو بكر هؤلاء كانوا أعداءً لقريش، فكانت قريش يعني ما... لم يكن هناك
ود لكي تحارب مع قريش، فبدأ العرب يفكرون: أليست هذه فرصة؟ فهم مشركون، أليس من الواجب أن ننتهزها فرصة ونقضي على هؤلاء الجماعة ونخلص منهم. تولى خالد بن سفيان كِبْر هذا الأمر وذهب هنا وهناك يجري اتصالاته لكي يضرب محمداً وصحبه عليه الصلاة والسلام. والنبي صلى الله عليه وسلم في... رجل فارس عظيم اسمه عبد الله بن أنيس، قال له: "يا عبد الله، أنت تذهب لترى لنا هذه المشكلة، تذهب لترى لنا
هذه المشكلة، انظر ماذا ستفعل فيها". قال له: "حاضر". أخذ بعضاً من معه سرية وذهب يبحث عن خالد بن سفيان. انتبه أن هذه صحراء. كبيرة، أذهب لأبحث عنه، وأين؟ وغاب ثم عاد يوم خمسة وعشرين، وغاب ثمانية عشر يوماً. غاب كم؟ ثمانية عشر يوماً. ثمانية عشر من خمسة وعشرين يساوي كم؟ سبعة. إذاً هو خرج يوم سبعة محرم. تعرفها هكذا: خرج من المدينة في السابع من محرم، وعاد بعد ثمانية عشر يوماً، أي في الخامس والعشرين من محرم. في السابع من شهر المحرم عاد أبو سلمة بعد أربعة أيام،
ولكي تتصور البلاء الذي كان فيه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فقد هاجوا عليهم. وكل هذا بسبب ماذا؟ بسبب هزيمة أُحد. يعني هزيمة أُحد هذه، انظر لو أن الرماة وقفوا في أماكنهم لما حدث هذا البلاء كله. انظر كيف أن نكد المعصية كبير. في الرابع من محرم، جاء أبو سلمة ودخل البلدة لمدة ثلاثة أيام. ثم خرج عبد الله بن أنيس رضي الله تعالى عنه لأن الشاب خالد بن سفيان كان يسبب قلقاً هنا وهناك. وغاب ثمانية عشر يوماً - يا رب استر. ثم رجع ومعه كيس هكذا. ما هذا الكيس؟ ماذا فيه يا خالد؟ قال له: لن تصدق! حسناً، قل.
حسناً، قال له رأس خالد بن سفيان، ونحن يعني رأس أي عنف وليس فيه قسوة، نعم، ولكن ماذا أفعل؟ الآن أجمعت الأديان وأجمعت المذاهب الأخلاقية أن الدفاع عن الذات جائز باتفاق العقلاء من بني البشر. نحن ندافع عن ذاتنا، نحن لم نعتدِ. هذا رجل سيأتينا بجيوش لا قِبل... لنا عليها قَتْلُ عبد الله بن أنيس رضي الله تعالى عنه وأرضاه. فهذه بعثة أو سرية عبد الله بن أنيس، وهذا كله حدث في المحرم، فما زال
شهر المحرم مستمراً. سيدنا النبي جالس، ودخلنا في شهر صفر. جاء قوم من قبيلتين، واحدة اسمها عَضَل والأخرى اسمها القارة، قائلين: يا رسول قال الله ماذا؟ قال: لدينا أناس مسلمون ويتكاثرون في القبيلة، وكنا نريد شخصاً ترسله معنا لكي يعلمنا، بما أننا أناس طيبون. قال لهم: حسناً، حاضر، سنرسل معكم من يعلمكم القرآن والصلاة
وهكذا. أرسل معهم - ابن هشام يقول سبعة - سبعة دعاة، البخاري يقول عشرة. الإمام البخاري يقول... لا، هؤلاء كانوا عشرة وليسوا سبعة. وعندما ذهبوا، أرسل معهم مَن؟ أرسل معهم في هذه الحملة عاصم بن ثابت ومرثد بن أبي مرثد الغنوي. هؤلاء لم يكونوا هنا، فهؤلاء كانوا في سرية أخرى اسمها سرية الرجيع.
فعلاً كان فيها عاصم بن ثابت، وقيل مرثد بن أبي مرثد الغنوي. يعني مَرْثد رضي الله تعالى عنه وعاصم بن ثابت ومعهم بقية الآية السبعة، أين هذا المكان؟ قالوا هناك في الرجيع، مكان اسمه الرجيع. فلما ذهبوا أين الرجيع؟ الرجيع بين رابغ وجدة، رابغ هذه التي ينزل فيها الحاج المصري عندما نذهب، نقوم ننزل في رابغ، وجدة جنوبها، الرجيع إذن بينهم وبين... بعض فرح جعلهم يسيرون هكذا، فجاءت عليهم القبائل، فوجدوا مائة
رامٍ من الرماة الذين يصيبون بدقة وراءهم، فاحتموا بأنفسهم في تلة كبيرة تُسمى الفدفد ليحتموا بها. قالوا لهم: انزلوا ولكم الأمان، انزلوا ولكم الأمان. فمرثد لم يرضَ أن ينزل وقال: لا والله، لن أنزل. وعاصم لم يرضَ. ينزل وكلهم وجلسوا يقاتلونهم حتى قُتل منهم سبعة. هذا ما يجعل رواية البخاري هي الصحيحة، لأنه قُتل سبعة من سبعة لكنا قد انتهينا، لكن بقي منهم خبيب، وبقي منهم واحد اسمه زيد بن
الدثنة، وبقي منهم رجل آخر لم يُذكر اسمه. ماذا قالوا لهم؟ نقول... أَعْطِيكُمْ الأَمَانَ، وَاللَّهِ لَا نَقْتُلُ مِنْكُمْ رَجُلًا أَبَدًا. فَنَزَلُوا، وَقَدْ بَقِيَ مِنْهُمْ ثَلَاثَةٌ وَالآخَرُونَ مِئَةٌ، فَقَالُوا: نَرَى. فَلَمَّا نَزَلُوا قَيَّدُوهُمْ بِأَوْتَارِ الْقِسِيِّ -أَيْ بِالْحَبْلِ أَوِ الْوَتَرِ الَّذِي لِلْقَوْسِ-. عِنْدَمَا قَيَّدُوهُمْ بِأَوْتَارِ الْقِسِيِّ هَكَذَا، قَالَ أَحَدُهُمْ: وَاللَّهِ لَنْ أَسِيرَ مَعَكُمْ، هَذَا أَوَّلُ الْغَدْرِ، هَذِهِ بِدَايَةُ الْغَدْرِ. فَجَرُّوهُ، فَرَفَضَ، فَقَتَلُوهُ. أخذوا مَن إذاً؟ خُبيباً وأخذوا زيد بن الدثنة. وعندما أخذوهم قتلوه،
وسيدنا خُبيب هو الذي طلب منهم قائلاً: "انتظروا حتى أصلي ركعتين". أما زيد بن الدثنة فهم الذين حاولوا أن يُخرجوا جثته، فجاءت الزنابير عليه. حزن النبي صلى الله عليه وسلم حزناً شديداً، وكان ذلك عام الحزن، لكن انظر... في الفجر قتلوا عشرة بالغدر، ثم يأتون ليعلمونا القرآن. نعم، يعني أيضاً بدأنا في الغدر وبدأنا في الاغتيالات. بعد ذلك، إلى لقاء آخر ننظر فيه ما الذي حدث في السنة الرابعة من الهجرة النبوية الشريفة مما جعل القتال في سبيل الله واجباً للدفاع عن الذات وليس فساداً في الأرض.