السيرة النبوية - الحلقة الثلاثون

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع أنوار النبي المصطفى والحبيب المجتبى صلى الله عليه وسلم نعيش سوياً هذه اللحظات نتلمس فيها سيرته الشريفة وأخباره المنيفة، حتى نرى كيف كان يعمر الدنيا، وكيف كان يعبد ربه، وكيف كان يعلم الناس. تزكية النفس، وصلنا في كلامنا إلى السنة الحادية عشرة من النبوة، وفي هذه السنة وفي شوال عقد
رسول الله صلى الله عليه وسلم على السيدة عائشة أم المؤمنين بنت الصديق الأكبر سيدنا أبي بكر رضي الله تعالى عنهم أجمعين، وتأخر الدخول بها إلى المدينة، لكنه في سنة إحدى عشرة في في شهر شوال تزوج بالسيدة عائشة، وفي موسم الحج في ذي الحجة جاءه نفر من المدينة وكانوا جميعهم من الخزرج. في الموسم الماضي في السنة العاشرة جاء وأسلم على يديه سويد بن الصامت، وأسلم على يديه إياس بن معاذ، وكان
سبباً في مجيء أبي ذر لأن قبيلة غفار كانت من ضواحي المدينة أو من مضاربها القريبة. من المدينة فتسامعوا بظهور رسول الله فأرسل أبو ذر كما ذكرنا أخاه ثم بعد ذلك جاء بنفسه وأسلم وجاهر بالدعوة ورجع إلى غفار. النسمات الطيبات يسمونها أهل السيرة هكذا، النسمات الطيبات، يعني هناك نسيم آتٍ إلينا من المدينة. هؤلاء النسمات الطيبات مَن هم؟ ستة، كلهم من الخزرج، ولم يكن منهم أحد من الأوس. الأوس أقل والخزرج كثيرون، وكانت قريش تسمي المدنيين بالخزرج سواء كان أوسياً أو خزرجياً، من الأوس أو من الخزرج، فهم لا يعرفون إلا الخزرج؛ لأن الأوس كانت
قبيلة صغيرة نوعاً ما والخزرج هي الأساس والكبيرة، فيسمون المدني من الخزرج، فيقولون: أنت من الخزرجيين، أي أنت من المدينة وهذا يكفي، ليس له تفصيل آخر. دعوة إذاً، هل هو من بني أية أو من قبيلة الأوس أم لا؟ الخزرج والأوس اتحدوا في معركة بُعاث لما هاجموه من خارج المدينة التي توفي فيها سويد بن الصامت رضي الله تعالى عنه وأرضاه. إن النسمات الطيبات، نريد إذاً أن نعيش اليوم مع الستة الذين جاؤوا في الموسم في سنة إحدى عشرة. عشر العقبة الأولى كانت سنة اثني عشر، العقبة الثانية كانت سنة ثلاثة عشر، الهجرة حصلت في سنة أربعة عشر من النبوة. فنحن اليوم في الموسم الخاص بسنة إحدى عشر، جاء من المدينة الناس الطيبات، من هم هؤلاء
الناس الطيبات؟ ستة، واحد منهم اسمه أسعد بن زرارة. أسعد بن زرارة هذا كان سيد. من سادات القوم أسعد بن زرارة منهم، وواحد اسمه عوف بن الحارث بن عفراء. اسمع هذا الاسم واحفظه لأن أخاه سيأتي السنة القادمة. آل عفراء هؤلاء، وعوف وأخوه ابن عفراء مشهورون في الأنصار. بذلك يكون أسعد - نعم اسمه جميل، أسعد - فقد أسعده الله بالإسلام، أسعد بن زرارة وعوف بن. الحارث يعني بالقُصَيْن هكذا ابن عفراء، وابن عفراء تضع فيها الألف لأن عفراء هذه أمه ليست أباه، ابن عفراء ورافع
بن مالك، واحد من الستة كان اسمه ماذا؟ سيدنا رافع بن مالك. النسمات الطيبات: أسعد وعون ورافع، يعني كلها أسماء لها معانٍ، أسعد من السعادة، ورافع من الرفعة. وعون من المعونة سيعين، ها هو سيدنا صلى الله عليه وسلم وقطبة بن عامر. قطبة بن عامر هذا ليس أخاه، ليس أخا عقبة بن عامر. كان فيهم قطبة وعقبة. قطبة من القطب، يعني القطب دائماً يرشد الناس، النجم القطبي، القطب الشمالي وهكذا. وعقبة بن عامر، سيدنا عقبة هذا مدفون هنا، نعم. وفي عائلة كبيرة في مصر اسمها العقبية، ومن
ضمن الأشياء يقولون لك مائة عقبة مائة عقبة، الذي هو عقبة بن عامر هذا. وسيدنا عقبة مدفون بعد الإمام الشافعي، هذا صحابي، وقالوا أنه هو الذي علّم سيدنا الحسين القرآن، هو الذي علّم سيدنا الحسين القرآن. سيدنا الحسين قرأ على عدة أشخاص. وحفظوا القرآن لكن سيدنا عقبة كان واحداً من الذين عَلَّموا سيدنا الحسين القرآن. عقبة بن عامر من النسمات الطيبات، فيكون أسعد ورافع بن مالك وعون وقطبة وعقبة وسادسهم جابر بن عبد الله الأنصاري. دائماً نجده كثيراً في الحديث، روى كثيراً وعن جابر
بن عبد الله الأنصاري وعن. جابر بن - رضي الله تعالى عنهما - وهكذا جابر بن عبد الله الأنصاري. هؤلاء الستة. لو كنا في الدرس وليس في الحلقة هنا لكنت قلت: من يعيدهم يأخذ مائة جنيه، لكننا في الحلقة هنا، لا توجد مئات ولا شيء. إذن: أسعد وعون ورافع بن مالك وعقبة وقطبة على وزن بعض. عقبة وقطبة وجابر بن عبد الله سادسهم، وجعلناه سادسهم لماذا؟ لأنه لن يأتي الموسم القادم، وسيبقى على إيمانه، لكن ثمة أمر منعه أن يأتي سنة اثنتي عشرة. نحن نتحدث الآن في أي وقت؟ في سنة إحدى عشرة، حجة سنة إحدى عشرة. وجاءت النسمات
الطيبات، سيدنا يمشي في منى، ثم وجد هؤلاء يتحدثون. فلحق بهم وقال: "ألا أحدّثكم بحديث؟ نجلس فنستمع". قالوا: "بلى، نقعد نستمع" وكل شيء، وجلسوا كأنهم في سهرة، فعرض عليهم الإسلام وتلا عليهم القرآن، فدخل الإسلام في قلوبهم. أصبحوا مستنيرين هؤلاء، وكانوا كلهم من أين؟ من الخزرج الذين هم الجماعة الكبيرة، وعلى رأسهم أسعد بن زرارة، وفيهم جابر بن عبد الله. الذي أكثر الرواية بعد ذلك بعد رحيل رسول الله والتحاقه بالرفيق الأعلى، جابر بن عبد الله الأنصاري. الستة هؤلاء أسلموا في مكانهم، أي أنهم كانوا جالسين فشرح الله صدورهم فأسلموا
ورجعوا إلى المدينة. فأرسل معهم النبي صلى الله عليه وسلم من يعلمهم أمر دينهم واختار شاباً من السابقين الأولين بالإسلام الذي أسلموا قديماً مع الثمانية الأوائل تماماً، الذي هو مصعب بن عمير رضي الله تعالى عنه. مصعب بن عمير كان حافظاً للقرآن جيداً، ما نزل منه حتى ذلك الوقت، وكان مرافقاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتعلم جيداً الفقه وأشياء كهذه. أخشى أن أقول "وأصول"، فيقال لك: هل كان ذلك موجوداً في عهد النبي؟ أصول نعم منهج التفكير أسس الفهم. كيف كان يربّيهم ليفهموه؟ هو معه أصول أيضًا. نعم، مصعب بن عمير تربية رسول الله
صلى الله عليه وسلم، وقد رأيت كم كان عالمًا سيدنا مصعب. سافر مع الستة إلى المدينة حتى يعلّم الناس الإسلام ويدعو إلى الله بعد قليل. نرى كيف وصل مصعب إلى المدينة وماذا فعل فيها والله أعلم. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. في العام الثاني عشر جاء
وفد مكون من اثني عشر شخصاً، اثنين من الأوس وعشرة من الخزرج. من الخزرج اثنين من الأوس ما هم القليلون وعشرة من الخزرج. السنة التي مضت جاء الرجال الطيبون ستة إلا أنه تخلف منهم جابر، جابر بن عبد الله لم يأتِ، وجاء الخمسة من الرجال الطيبين وفيهم سبعة، وهؤلاء السبعة منهم اثنان من الأوس وخمسة جدد من الخزرج، فيكون مجموع الخزرج الموجودين. عشرة مقابل
اثنين من الأوس: معاذ بن الحارث أخو عون بن الحارث الذي ذكرنا اسمه ابن عفراء. معاذ أخوه، فيكون معنا عون ومعاذ. جاء الخمسة جملةً: أسعد بن زرارة ورافع وعون وقطبي وعقبة، جاؤوا في سنة اثنتي عشرة، ويزيد عليهم معاذ بن الحارث وذكوان بن عبد القيس وعبادة بن عبادة بن الصامت كان من الأولين، كان عابداً وكانت تحصل له كرامات. سيدنا عبادة بن الصامت كان يسمع سلام الملائكة عندما يدخل البيت، يدخل البيت فيسمع الملائكة تقول: السلام عليكم. من السنة أنك
عندما تدخل البيت تقول: السلام عليكم، حتى لو لم يكن فيه أحد. في ملائكة فكان يسمع "وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته" إلى أن اكتوى. حصلت له عملية جراحية فاكتوى لكي يتوقف الدم، فتوقف السلام - الرد على السلام توقف. كان النبي يكره الكي، فترك الكي فرجع السلام. نعم، يعني هذه أشياء. والله عليك، هذا كيف يُكفِّر؟ كيف يُكفِّر يعني؟ إنه ليس... كيف سيكفر وهو يرى عرضاً مستمراً من آيات الله سبحانه وتعالى، وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد أحد. عبادة بن الصامت كان من الاثني عشر هؤلاء، ويليه الحارث
بن عفراء أيضاً، ثم زكوان، ثم عبادة، ومعهم شخص رابع اسمه يزيد بن ثعلبة، سيدنا يزيد بن ثعلبة، والعباس بن عبادة العباس. ابن عبادة، أحدهم يقول لي: "أهذا يكون عبادة بن الصامت؟" لا، هذا عبادة آخر. كان اسم عبادة منتشراً كثيراً. فالعباس بن عبادة بن نضلة. نعم، إذاً ليس عبادة بن الصامت، لأن عبادة كان حينها شاباً لم ينجب بعد أحداً يسميه العباس ويصبح كبيراً ويصبح كذا. إنه العباس بن عبادة. ابن نضلة هذا شخص آخر غير سيدنا عبادة، فيكون لدينا كم شخصاً الآن؟ معاذ وذكوان وعبادة ويزيد
والعباس بن عبادة بن نضلة، هؤلاء خمسة، ومعنا خمسة من الذين سبقوا، فيصبح المجموع عشرة. إذاً بقي اثنان من الأوس: أبو الهيثم بن التيهان، ها هو من الأوس، هذا أبو الهيثم بن التيهان وعويم. بن ساعدة، هؤلاء هم الاثنا عشر. أبو الهيثم بن التيهان كان من أغنياء المدينة ومن كبرائهم، أناس من الطبقة العليا. نعم، وكان عنده مزرعة وفيها فيلا، أي بيت في المزرعة خارج المدينة في الضواحي، يعني مزرعة جميلة، وكانت المزرعة.
إنها مليئة بالنخل والفواكه، يعني شيئاً كهذا، هو وبعض الأغنام يربونها ليأكلوها، وأشياء من هذا القبيل. أخرج الإمام مالك في الموطأ عن ابن التيهان، هذا يجب أن نذكر عنه شيئاً. بعد ذلك ماذا حدث؟ حدث أن سيدنا النبي خرج وهو لم يكن قد أفطر ولا تعشى ولا تغدى. بالأمس جاع فخرج إلى المسجد ليرى مَن يُلقي درساً أو يرى أحداً ما، فوجد أبا بكر وعمر فقال لهما: "ما الذي أخرجكما في هذه الساعة؟" فقالا: "أخرجنا الذي أخرجك يا رسول الله". انظر، يعني هم عبر التاريخ لا يوجد مثل سيدنا أبي بكر الذي أنفق في الإسلام ثمانين قنطاراً من الذهب. لكي تعرفوا
أن الدنيا كانت في أيديهم ولم تكن في قلوبهم، والآن جائع لا يجد ما يأكله ولا يهتم، هي هي مثل هذه. المهم قالوا: هيا بنا إلى ابن التيهان، هيا بنا نذهب إلى ابن التيهان لنأكل عنده ما دام أنا وأنت وهذا نريد أن نأكل، والجوع يعتصر البطن. فذهبوا فلقيتهم زوجته عند الباب الخشبي في البداية هكذا في مزرعة ابن التيهان هنا. قالت: "يا رسول الله، ما هم أغنياء". وشيء آخر، يعني ذهب ليستعذب لنا الماء، ذهب ليشتري لهم مياهاً في
الزجاجات هذه. ها، هم لا يشربون من الصنبور. نعم، حسناً، والبئر التي هنا ماذا؟ هذا للزراعة، لكن الشرب... على أصله يجب أن تكون المياه صافية ونظيفة وعذبة وليس فيها أملاح. اللهِ، هذا ابن التيهان قصة أخرى. حسناً، السلام عليكم، أمرنا لله. قالت: يغضب إذا جاء فعرف أنك أتيت وصاحبك فانصرفت. ادخل واجلس في الحديقة. فدخل هو وعمر وأبو بكر ينتظرون ابن التيهان وما الذي سيحضره من المياه العذبة. التي يدفع فيها أموالاً أكثر. فعندما جاء، قام إلى شاة فذبحها وطهاها. وبينما هو
يطهوها، أحضر لهم بعذق تمر رطب من الآية، من النخلة، ووضعه أمامه. فكان هناك تمر، وتمر من الدرجة الأولى، وهو تمر المدينة الذي كان عنبرياً أو شيئاً مماثلاً. وكانت هناك شاة مذبوحة وأرزاق، نعم أرزاق، وذلك... عند ابن التيهان فأكلوا وكذا إلى آخره، يعني هذا يصور لنا أن هؤلاء الناس كانت الدنيا في أيديهم ولم تكن في قلوبهم، وأنهم كان عندهم أخلاق، وأنه كان عندهم صبر، وأن الذي في أيديهم ليس لهم. سيدنا النبي كان يخزن لمدة سنة، فتنفد في يومين أو ثلاثة، فالذي يأتي يسأله يعطيه. له وتنتهي في يومين
أو ثلاثة التي هي سنة لتسعة أزواج ينتهون في أول السنة أيضاً صلى الله عليه وسلم. إذا اثنا عشر جاؤوا في العقبة وعند العقبة في منى أسلم الاثنين. السبعة كانوا مسلمين فعليين معه سافروا ومعهم مصعب بن عمير رضي الله تعالى عنه وأرضاه يكون في سنة. إحدى عشرة حصلت النسمات الطيبات وهم ستة، هل يستطيع أحد أن يذكرهم مرة أخرى؟ أسعد بن زرارة وعوف ورافع وقطبة وعقبة وجابر. جابر لم يأتِ سنة اثنتي عشرة، والخمسة الذين ذكرناهم جاؤوا،
وانضم إليهم ابن عفراء الثاني معاذ وذكوان وعبادة بن الصامت والعباس بن عبادة بن نضلة وأبو الهيثم بن التيهان. وعويم بن ساعدة وكلاهما من الأوس، نعم، ويزيد ابن ثعلبة لكي يتموا اثني عشر. حسناً، نحن أصبحنا في سنة اثني عشر الآن، وسافروا مع مصعب بن عمير لكي يعلمهم أمر دينهم. وفي هذه السنة ما بين العقبتين، يعني في أوائل أو في وسط ثلاث عشر، حدثت حادثة الإسراء. إلى اللقاء. آخر، نستودعكم الله،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.