السيرة النبوية - الحلقة الخامسة عشر

السيرة النبوية - الحلقة الخامسة عشر - السيرة, سيدنا محمد
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه في حلقة جديدة مع أنوار النبي المصطفى والحبيب المجتبى صلى الله عليه وسلم نحييكم بتحية الإسلام فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته عرفنا ما كان من شأن النبي صلى الله عليه وسلم بعدما تزوج السيدة خديجة وأنجب منها أبناءه من الذكور والإناث، فمات الذكور صغاراً وبقيت الإناث: السيدة زينب الكبرى والسيدة
رقية والسيدة أم كلثوم والسيدة فاطمة. وأنجبن له صلى الله عليه وسلم أحفاداً، فتزوجت السيدة زينب وأنجبت أمامه من أبي العاص، وأسلم أبو العاص. وكُتِب كتاب رقية وأم كلثوم على عتبة وعتيبة أولاد أبي. ألهَمَ وحرَّكَ اللهُ قلبَ أبي لهبٍ أن يطلبَ من أبنائِه طلاقَ بناتِ محمدٍ لِما سبقَ في علمِه من كُفرِه وأنه يموتُ هو وأبناؤه على الكفرِ، فطلَّقَ البنتينِ، والحمدُ للهِ ربِّ العالمين، لم
يدخلا بهما. فتزوَّجتْ كلُّ واحدةٍ منهما في إثرِ الأخرى سيدَنا عثمانَ وماتتْ عندَه حتى سُمِّيَ بذي النورينِ وكان. النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لو كان عندي يا عثمان ثالثة لزوجتكها"، يعني لا يتشاءم من الموت ولا يتشاءم أن البنتين ماتتا مع سيدنا عثمان رضي الله تعالى عنه، وأمدّ الله في عمر عثمان حتى أصبح الخليفة الثالث، وأمدّ الله عمره حتى تجاوز الثمانين، ثم إنه قُتل شهيداً بيد. البغاة والرابعة السيدة فاطمة وأنجبت له ابناً حفيداً من سيدنا علي وكان مسلماً، إذاً
فالبنات كلهن أسلمن وأزواجهن كلهم كانوا مسلمين، سيدنا أبو العاص وسيدنا عثمان وسيدنا علي كلهم مسلمون، الحمد لله، والبنات كلهن مسلمات، وفاطمة أنجبت طفلاً وكان ذلك في منتصف رمضان من سنة ثلاثٍ من الهجرة خمسة. في العاشر من رمضان فزارها النبي، وعَرَفَ أنها ولدت، فزار السيدة فاطمة ابنته، فقال: "ما صنع الله بكم؟" يعني بماذا رزقكم، فقالوا: "وُلِد"، فقال: "وماذا أسميتموه؟"، فقال سيدنا علي -
وكان سيدنا علي فارساً حربياً يا رسول الله - كان سيسميه حرباً لأنه بارع في الحرب، عسكري، قال: "حرباً يا رسول الله"، قال... بل هو الحسن، فسيدنا الحسن وُلِدَ في الخامس عشر من رمضان سنة ثلاثة هجرية. نحن اليوم في عام ألف وأربعمائة واثنين وثلاثين، وهو وُلِدَ في أي سنة؟ سنة ثلاثة، فيكون ذلك منذ ألف وأربعمائة وتسعة وعشرين سنة هجرية. سيدنا الحسن توفي سنة تسع وأربعين هجرية، فكان عمره كم؟ سنة ست وأربعين سنة، يعني في عز شبابه،
ولذلك قال سيدا شباب أهل الجنة، لأنه مات شاباً أيضاً، يعني بعد ست سنوات من الكهولة، ما زال في دور الفتوة. ست وأربعون سنة، وبعد حوالي ثلاثة وعشرين شهراً تقريباً ولد سيدنا الحسين، فيصبح بينه وبين أخيه الحسن قرابة سنتين. إلا بضعة أيام يعني إلا شهر أو نحو ذلك وسنرى الآن ولداً يوم الأربعاء ويقول لك خمس ساعات هكذا وساعات هكذا رابع شعبان مولد سيدنا الحسين عليه السلام من رابع شعبان سنة خمسة احسبها إذن اطرحها من الخامس
عشر من رمضان سنة ثلاثة حسناً من الخامس عشر من رمضان سنة ثلاثة من الخامس عشر من رمضان سنة أربع، هذه سنة، ومن الخامس عشر من رمضان حتى الخامس عشر من شعبان سنة خمس، هذه أحد عشر شهراً. إذاً أحد عشر شهراً إلا عشرة أيام، فيكون بينهما أربعة وعشرون شهراً إلا خمسة وعشرين يوماً. خمسة وعشرون يوماً وخمسة عشر يوماً يساوي أربعين يوماً. إلا أربعين يوماً، احسبها. هكذا يكون سيدنا الحسين قد وُلد متى؟ في الخامس من شعبان، ولو قلت الرابع لا يكون خطأ، سنة خمسة، أي بعد سيدنا الحسن بماذا؟ بسنتين، التي مضى عليها إلا قليلاً
هكذا، إلا بعض أيام، يعني بينهما سنتان. احفظ إذن، سيدنا الحسين، سيدنا النبي ذهب يزور ابنته والدته، فدخل، ماذا صنع الله؟ بكم قالوا: ربنا رزقنا ذكراً طيباً. ما اسميته؟ قال له: حرباً. فقال: ما هذا؟ أمصر على ماذا؟ على حرب؟ فقال له: بل هو الحسين. طبعاً، كانوا يحبون سيدنا النبي كثيراً، فلم يعد هناك ما يقال. كلمة "لا"، ولكن... ليس الأمر كذلك. انتهى الأمر، هو الحسين وانتهى الموضوع بعد ذلك. سنة وبضعة أشهر، السيدة فاطمة لُقِّبت بالزهراء وبالبتول إما لأنها لم
يكن لديها حيض ونفاس، أو كان لديها شيء ضئيل جداً. وكثير من الناس يقولون لك إنها لم يكن لديها حيض ونفاس، فهناك نساء هكذا لا ينزل عليهن الحيض، أو يكون نفاسهن مجرد دفعة دم وينتهي، فكانت تحمل بسرعة قليلاً لأنها حملت. في سيدنا الحسين بعد، وسيدنا الحسن لا يزال صغيراً جداً، وكذلك حملت مرة ثانية، فزارهم النبي على العادة. ماذا فعل الله بكم؟ ذكراً، ما اسميتموه؟ قال: حرباً. نفسه يسمي ولداً يكون اسمه هو أبو الحرب. عندما
يسمى حرب، ماذا سيكون اسم سيدنا علي؟ أبو الحرب. كلها يعني فارس الفرسان، هذه هي الفكرة. فقال: بل هو المحسن. ما هو المحسن؟ سيدنا المحسن توفي صغيراً، عاش سنة أو سنتين، ثم مرض وتوفي. سيدنا الحسن وُلد سنة ثلاثة، وسيدنا الحسين وُلد سنة خمسة. سيدنا النبي انتقل متى؟ سنة عشرة. الله! الذي وُلد سنة ثلاثة كان عمره كم سنة وقت ما... توفي النبي صلى الله عليه وسلم، ما رأيك أنه يتذكر شكل النبي ومشيته وصلاته، خاصة أنهم كانوا ملتزمين به جداً. والآخر كان عمره كم سنة؟
سيدنا الحسين خمس سنوات أيضاً. الإنسان يتذكر صوراً كهذه عندما يكون في عمر خمس سنوات، وهؤلاء كان الله قد منحهم الذكاء والفطرة والشفافية، فكم من مرة أبو... يقول بكر: شاهدت النبي صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يحتضن الحسن معه هكذا، ويقول: "إن ابني هذا سيد، يصلح الله به بين فئتين من المؤمنين"، وقد كان سيدنا الحسن رقيق الحاشية، جوادًا طيبًا، يكره الدم. فلما مات
سيدنا علي، قالوا له: سنبايع الحسن بعدك أو الحسين. قالَ انْظُروا فيما تَفْعَلون يعني ليس لي شأنٌ. سيدنا الحسن ومعاوية رضي الله تعالى عنهما تنازعا على الخلافة كما نازعَ معاويةُ أباه، وقد نازع أباه وأقاموا معركةً كبيرةً في صفين وغيرها. سيدنا الحسن مكث قرابة ستة أشهر هكذا، ثم تنازل لمعاوية. وبعد قليل سنسير في رحلة سيدنا الحسن والحسين حتى نلتقي. نظرة على أحفاد النبي المصطفى ثم نعود
مرة أخرى في حلقات أخرى إلى سيرته صلى الله عليه وسلم، فكل ذلك تفرع من زواجه من خديجة والله أعلم. بسم الله الرحمن الرحيم، مع سيرة سيدنا الحسن حينما توفي أبوه رضي الله تعالى عنه بيد مجرم من الخوارج وهو ابن ملجم اللعين. الله سبحانه وتعالى في النار لم يعهد لأحد من بعده عند أهل السنة، نقول هكذا. لم يثبت في التاريخ
أن سيدنا الحسن جلس ستة أشهر وقد بايعه الناس، بايعه أكثر من أربعين ألفاً. كان ذكياً مثل أبيه ومثل جده. كان ذكياً، نظر إلى الأربعين ألفاً الذين حوله وعرف ما هم عليه. لن تأتي منهم نصرة أو مساعدة، يبدو أنهم سيخذلونه ويفرون عند اللقاء. سيدنا الحسين قال له: "اجعل منهم جيشاً وحارب". فقال له: "أنا أدرى بهذا منك، اصبر قليلاً لأن هؤلاء يبدو أنهم سيبيعوننا، وأنا لا أريد أن أريق دماء المسلمين هباءً". وأرسل إلى معاوية شروطاً، فقبل بعضها
ورفض بعضها. وصالحه على ذلك، كان سيدنا الحسن لديه قضية مثل هذه وهي أنه يتزوج كثيراً، حتى قيل إنه تزوج أكثر من تسعين امرأة. وكان في بعض الأحيان كما ورد يتزوج بأربع نساء ويطلق أربعاً. فكان سيدنا علي غير راضٍ عن هذا الأمر، وكان يقول: "يا أهل الكوفة، لا تزوِّجوا الحسن فإنه مزواج مطلاق". وأنا أخشى أن يغضب أقوامٌ علينا عندما يتزوج ابنتك ثم يطلقها، فقد يغضب منه بعض
الناس، لكنّ الناس ردّت على سيدنا علي وقالت: "ليتزوجنّ من يشاء"، أي أنهم هم الذين يريدون أن يتزوج، حتى إن الفكرة كانت أن تنجب البنت منه فيكون لديها ولد من البيت، وهذه مسألة كانت عظيمة جداً، فيا ليت ومع... زوجاته الكثيرات لم ينجبن منه أبدًا، سبحان الله، قدَّر الله هكذا ورزقه الله بأحد عشر ولدًا، بعضهم مات مع عمه الحسين في كربلاء، ولم يبق منهم في النسل إلا زيد الأبلج والحسن المثنى (الحسن بن الحسن)، فسموه الحسن المثنى يعني رقم اثنين، الحسن الثاني. يعني هم
هؤلاء الذين أنجبوا والباقي كله... مات من غير ذرية فأصبح نسل سيدنا الحسن منحصراً في اثنين: الزوايد أبناء زيد، والحسنية أبناء الحسن. زيد وحسن هما فقط من أنجبا من أولاد الحسن، وأحد عشر ابناً ماتوا من غير ذرية، وهذه معجزة لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً: كتاب الله". الله وعترة أهل بيتي. عترة أهل بيتك، أين هم؟ سيموتون جميعاً. كان من الممكن إذا لم يكن ذلك النبي مؤيداً من عند الله أن يموت هؤلاء الأولاد جميعاً دون أن ينجبوا أحداً، أو أن يتزوج أحدهم تسعين امرأة ولا ينجب منهن. انظر
كيف أن الله يجعل من يشاء عقيماً. ماذا كان سيحدث لو حدث ذلك؟ لما كان للنبي نسل. حسناً، ومن الذي جعل للنبي نسلاً من يده؟ هذه معجزة. سيدنا الحسين أنجب أيضاً مجموعة، الذين أنجب منهم فقط علي زين العابدين، وكان معه في كربلاء ومرض فبقي في الخيمة. فلما هُزموا وقُتل سيدنا الحسين، دخلوا فوجدوا طفلاً في... الخيمة فأخذوه وأرجعوه إلى مكة. يبدو أنهم لم يكونوا يعلمون أنه علي زين العابدين. فلما رجع أصبح علي زين العابدين السجاد، كان يسجد لله في كل يوم ألف سجدة. بعضهم يقول
في صلاة، وبعضهم يقول لا ليس في صلاة، بل كان يسجد كثيراً سجوداً منفرداً: سجود تلاوة، وسجود شكر، وسجود دعاء، وكل. هذا وارد فسمي بالسجاد، وكان مشهوراً بالورع والتقوى، وكان إماماً من أئمة المتقين، علي زين العابدين. والحاصل أن سيدنا الحسن فعلاً درأ الله به فتنة بين طائفتين: الطائفة المؤيدة له والطائفة المؤيدة لسيدنا معاوية رضي الله عن الجميع. وبعد ذلك انسحب الحسن وذهب إلى المدينة، ومن النساء اللاتي كان... كان متزوجاً من امرأة اسمها جعدة،
ولسبب غير معلوم، هل السياسة تدخلت فيها؟ أم هل غارت منه لأنه تزوج عليها؟ أم هذا أم ذاك؟ لا نعرف، لا أحد يعلم. ويبدو أنها دست له السم ثلاثة أيام متتالية، في المرة الأولى لم ينجح، وفي المرة الثانية لم ينجح، وفي المرة الثالثة أدرك. أن هذا مسموم وأنه أثَّر فيه، بدأ السم يؤثر فيه، وما هو السم إلا على درجات. فدخل عليه الحسين وهو في فراش الموت - سيدنا الحسن في فراش الموت - والحسين دخل عليه، قائلاً: "ما تشكو يا أخي؟" قال: "يكاد كبدي
يسقط مني، لقد أعطوني السم. ثلاثة أيام ما هو ولي من أولياء." الله الصالحين وربنا يكشف له ما الذي يحدث هكذا. أعطوني، قال، من يا أخي، قال ماذا تريد أن تقاتلهم يا حسين، دعهم لله. فمات شهيداً وهو سيد شهداء أهل الجنة، يكون سيدنا الحسن مات شهيداً لأنه مات مسموماً، وسيدنا الحسين مات شهيداً لأنه مات مظلوماً مقتولاً، فكان كما أخبر الرسول. الله، إنَّهما سيدا شباب أهل الجنة، وسيدنا الحسين سيد الشهداء. طيب،
سيدنا الحسن عندما كان في هذا المرض الذي هو السم - ويُقال كثيراً إن جعدة هي التي دسَّت له السم - استدعى الحسين وقال له: "يا حسين، أنا أرغب أن أُدفن بجوار سيدنا، فاستأذن عائشة"، استأذن عائشة، فهي ما زالت موجودة، عائشة. ماتت سنة سبع وخمسين ونحن ما زلنا في سنة تسع وأربعين، أي أنها ستموت بعد ذلك بثماني سنوات. الحُجرة حُجرتها والكُلفة
عليها. فلما دفنوا سيدنا، ثم دفنوا أبا بكر، كانت جالسة براحتها، فلما دُفن عمر تحجبت. الذي يقول لك إن الأولياء في القبور لا يسمعون ولا يبصرون ولا شيء من هذا، فكيف والسيدة عائشة تحجبت؟ لماذا أنت منتبه للفرق بين المدرستين: مدرسة مغلقة تنغلق على نفسها، ومدرسة تقرأ النصوص فتفهمها على وجهها الصحيح؟ هل سيدنا عمر عندما يجعل الله روحه موجودة ولها اتصال يحدث شيئاً، ما الشرك الذي في ذلك؟ والسيدة عائشة الفقيهة المحدثة عليها السلام، أليست منتبهة لذلك فتحجبت؟ لا بُدَّ أنهم يَرَوْنَ شيئاً ويعرفون شيئاً ويتعلمون شيئاً. فاحتجبَتْ لأن
سيدنا عمر أجنبي عنها. أبوها لا بأس، سيدنا (الرسول) كان زوجها لا بأس. فاستأذنت عائشة لكي أُدفن بجانب سيدنا (الرسول)، فإذا رأيتِها فتنةً رفضت. حدث شيء وما إلى ذلك، ادفنوني في بقيع الغرقد الذي هو البقيع هذا الآن مع. ذهب الحسين إليها وقال لها: "إن الحسن يستأذنك إذا مات أن يُدفن بجانب الرسول". فقالت: "على الرحب والسعة". رحبت ونسيت الخلاف، لأنه عندما توفي سيدنا علي قالت: "ألقت عصاها واستقر بها النوى كما قر عيناً بالإياب المسافر". لقد نسيت تماماً، لكن مروان بن
الحكم كان والياً على المدينة. فأبى مروان بن الحكم - الذي كان في المدينة حينئذ - أن يُدفن الحسن مع سيدنا، فدفنوه في بقيع الغرقد. وإلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.