السيرة النبوية - الحلقة الرابعة والعشرون

السيرة النبوية - الحلقة الرابعة والعشرون - السيرة, سيدنا محمد
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع أنوار النبي المصطفى والحبيب المجتبى صلى الله عليه وآله وسلم وسيرته العطرة نعيش هذه اللحظات، عسى أن يجعله ربنا يوم القيامة لنا شفيعًا، وبذكره تتنزل الرحمات. في السنة السادسة من الهجرة أسلم حمزة. وأسلم عمر وبدأت حياة جديدة اضطر معها المشركون لأن يزيدوا من حراكهم، فذهبوا إلى أبي طالب ليكف عنهم دعوة
ابن أخيه صلى الله عليه وسلم، لكنهم رأوا أنه لم يفعل شيئاً. فذهب عتبة بن ربيعة يعرض عليه مباشرة المال والجاه والملك والسلطان، فرفض النبي صلى الله عليه وسلم، وعتبة كان ابنُ أبي حذيفة قد أسلم وكان في قلبه ميلٌ للنبي صلى الله عليه وسلم، لكن العصبية والجاهلية حرمته. والوليد بن المغيرة، وقد أسلم خالد بعد غزوة أحد، وأسلم ابنه الوليد قديماً - الوليد بن الوليد - ذهبوا إلى
النبي صلى الله عليه وسلم يجادلونه، ولكنه رفض هذه المداهنة. "وَدُّوا لَوْ أبو طالب بعد حادثة من أبي جهل أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم ساجداً فأراد أن يقتله بحجر وذهب إلى النبي بالحجر ثم إنه ألقى الحجر وولّى الفرار أبو جهل فقالوا ما لك يا أبا الحكم فقال لقد رأيت فحل إبل يكاد يلتهمني ما رأيت أكبر منه قط وما
رأيتُ صلباً أعظم من صلبه، فلما أخبروا النبي صلى الله عليه وسلم بما قال أبو جهل، تبسم وقال: "هذا جبريل، والله لو قاربني لأخذه". سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذه السنة تعرض لهذا الموقف، وتعرض أيضاً لعقبة بن أبي معيط في محاولة قتله مرة، ذكرنا أنه هو. وضع الأوساخ وأحشاء الذبيحة على ظهره. لا، هذه غير هذه. لقد جاء وهو
ساجد بعباءته ولفها على عنقه وجلس يخنقه حتى جاءوا إلى أبي بكر وقالوا: أدرك صاحبك. فخرج بضفائر أربعة - بضفائر أربعة يعني له أربع ضفائر - يجري ويقول حتى لحق بالنبي ودفع عقبة بن أبي معيط. أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله! من الذي يرصد هذه الأحداث وغيرها؟ أبو طالب، أبو طالب الأب الرحيم الحامي لرسول الله، يرصد هذه الأحداث. في هذه السنة أيضاً رُزِقَ النبي بعبد
الله، وكانت خديجة عليها السلام متشوقة لأن تُرزق بالولد بعد القاسم الذي مات، ولأنه وُلِدَ في الإسلام. كذا فسمُّوه الطيب الطاهر، فكانوا ينادونه بالطيب وبالطاهر. وبعض الكتب ظنت أن عبد الله والطيب والطاهر والقاسم من أبناء النبي، لكنه هو عبد الله كانوا ينادونه بالطيب وينادونه بالطاهر؛ لأنه وُلد في الإسلام، ففرحت أيما فرح عليها السلام. ثم مات عبد الله فحزنت
السيدة خديجة، ودخل عليها النبي مرة وكان... قد جاء لها لبن في صدرها للرضاعة لأنها كانت في فترة الرضاعة والولد توفي منذ أسبوعين أو ثلاثة، فوجدت لبناً في صدرها، فلما وجدت لبن الرضاعة بكت وتذكرت ابنها الرضيع، فدخل عليها سيدنا فوجدها تبكي فقال: ما بكِ يا خديجة؟ قالت: تذكرت عبد الله وأنه لم يستوفِ رضعته، يعني... بعض اللبن الذي يرزقنا الله به لنعطيه للطفل لم يكتمل، فقال هو في
الجنة ترضعه مرضعة هناك، وإن أحببتِ أسمعتكِ صوتاً. عليه السلام قالت: لا، آمنتُ بالله ورسوله. هذا هو الإيمان، والله كأنها تراها، ليست محتاجة أن تسمع الصوت لكي تصدقه. هناك أناس تريد هذا الدين. مثل الساحر يعني حسناً أسمعني هكذا يعني أنا أتخيل بعض الناس لو كانوا في عصرنا هذا لقالوا لسيدنا ماذا حسناً أسمعني هكذا يعني كأنه ماذا يريد أن يثبت حالة يريد أن يجمع أرشيفاً ليس مؤمناً هكذا بحيث أنه يرى الجنة
بعينه يرى المرضعة هذه خلاص النبي قال هذا الفرق بيننا وبيننا اليقين في الإيمان، الوصول إلى هذه المرتبة من التصديق الذي لا يشوبه شك ولا ريب. قال: وإن أحببتِ أسمعتُكِ صوته في الجنة. قالت: لا، آمنتُ بالله والرسول. انظر كيف ربطت هذا بذاك. استشعر أبو طالب من أحداث السنة أن هؤلاء الجماعة يريدون قتل سيدنا النبي. أبو جهل والوليد يعمل، وعقبة بن أبي معيط يعمل، وعتبة بن الربيع يعمل، والوليد بن
المغيرة يعمل. فأحس أن هناك أمراً ما، فجمع بني هاشم وبني المطلب وقال: "تعالوا يا أبناء محمد، إذا أُخذ من بيننا فستكون هذه مذلة إلى يوم الدين، وأنا لست موافقاً، وأنا كبيركم لست موافقاً على أن يُؤخذ". هو حر يفعل ما يشاء. بعد الفاصل نكمل ماذا أجاب بنو هاشم
وبنو المطلب على كبيرهم أبي طالب، والله أعلم. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. جمع أبو طالب بني هاشم وهم الأقرب، وبني المطلب أيضاً من بني عبد مناف. وطالبهم بحماية النبي صلى الله عليه وسلم فلبى مسلمهم وكافرهم، هذا يُعلِّمنا أنَّ النبي عندما أعيش في بلاد غير المسلمين ماذا أفعل، لا أخالف القانون. فها هو استعان بالمسلم واستعان بالكافر، واستعان بالقريب واستعان بالبعيد. بعض الناس يصوِّرون الإسلام على أنه يحتاج إلى حياة
خاصة، لا. الإسلام موجود في كل العالم سواء كنت في بلاد الكفر أو في بلاد الشرك أو في بلاد تحارب الإسلام أو في بلاد مع الإسلام أو في بلاد مختلطة، فأنت تستطيع أن تقيم الإسلام لأن سيدنا النبي ترك لنا نموذجاً لكل شيء ومن ضمنها هذا، عاش وحماه بنو طالب بنو. هاشم وبنو المطلب أخذ العهد عليهم أبو طالب، ومضت على هذا الشكل سنة ستة، ودخلنا في سنة سبعة. اجتمع المشركون من قريش وقالوا:
"ماذا سنفعل مع هذا الرجل؟ نصحناه فلم ينتصح، حاولنا قتله فلم نجد فائدة، عذبنا أتباعه فلم نجد فائدة، طاردناهم حتى هاجروا إلى الحبشة فلم نجد فائدة، أثرنا لا فائدة، نصحنا أهله وأبا طالب، وهو لم يرضَ أن يفعل شيئاً. ماذا نفعل في هذا الرجل؟ وفي كل يوم يزداد الناس حوله، ونحن الآن بدأنا نخاف. في أي سنة نحن الآن؟ سنة سبعة. قلنا ماذا؟ قلنا إن هناك ثلاث سنوات، وإن هناك سبع سنوات، وإن هناك ثلاث سنوات ثلاث. سنوات الأولى كانت سراً، بعد ذلك أصبحت الدعوة جهرية، ولكن ما زالت شيئاً فشيئاً، إلى أن دخل عمر وحمزة، فأصبحت هي في سنة ستة من سبعة عشرة.
انتهينا من المرحلة الثانية هكذا من سبعة عشرة. قالوا: حسناً ماذا نفعل بهم الآن؟ قالوا: نحاصرهم ونضعهم في شِعب الجبال، في شِعب الجبال، صحيفة كتبها شخص - سبحان الله - ما هو ربنا الكريم، اسمه بغيض بن عامر. بغيض يعني شيء قبيح، اسمه هكذا سبحان الله. يعني بغيض بن عامر، أي بغيض اسمه هكذا بغيض بن عامر. ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه فشلت يده. سيدنا النبي
كان مستجاب الدعاء. كان عندما يدعو يستجاب مرة في الأذية، وكنا في الصين. ما زلنا في سنة ستة. عتيبة، الولد عتيبة بن أبي لهب، عتيبة بن أبي لهب هذا كان متزوجاً ابنته. عتبة وعتيبة ورقية وأم كلثوم. كان الولد عتيبة هذا متزوجاً أم كلثوم، لأنه متوارث من أبيه بغض النبي أو هذه الثورة. لم يكن الموارد يعرفون ماذا يفعلون في الحقيقة، فقال عتيبة له: "ألن تخلصنا من قصتك هذه؟"، ثم مزق قميص سيدنا النبي، وجاء الخبيث ليبصق على وجه النبي، فلم تصل البصقة، بل سقطت بعيداً،
فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: "ما الذي فعلته؟" أنت الآن مزقت قميصي وبصقت علي أيضاً، سيأكلك كلب من الكلاب، هيا سيأكلك كلب من الكلاب. فعندما قال له رسول الله هذا، يعني سخر منه ومضى وما إلى ذلك، لكن في قلبه أنه سيُقتل بهذه الطريقة. وذهب في رحلة إلى الشام ونزل بالزرقاء، هذه الزرقاء تجدها في الأردن الآن. هو وأصحابه فجاءهم أسد بليل وجاء إليه فذبحه. فلما
رأى الأسد من بعيد هكذا قال: "قتلني محمد وأنا بالشام وهو بمكة". اللّه! إذا كنت تعلم أن محمداً مستجاب الدعاء، وإذا كنت تعلم أن... فهؤلاء الناس كانوا يخافون ولا يستحيون، وقتله الأسد وأكلوه، التهموه. وضعوا الصحيفة، والصحيفة تقول... إن بني هاشم وبني المطلب الذين عقدوا الاتفاق مع أبي طالب ألا نتزوج منهم، ولا نشتري منهم، ولا نبيع لهم، وأن نضطرهم إلى أضيق الطرق، ولا يجلسوا في مجالسنا، ولا يوجد أحد لسانه يعاتب لسانهم، ولا تكلموهم حتى يسلمونا محمدًا، وعرضوا
على أبي طالب قائلين له: حسنًا، نحن لدينا عمارة ابن الوليد بن المغيرة، وعمارة هذا جميل جداً. أتريدون أن تأخذوه وتعطونا محمداً لنقتله؟ سبحان الله، أأنتم مجانين؟ لأنني الآن سآخذ عمارة، وأغذيه، وأنفق عليه، وأعلمه، وأربيه، وأفعل ذلك، وأعطيكم ابني لكي تقتلوه؟ بئس ما ذهبتم إليه. فقال عقبة بن معيط: لا، نحن هكذا قد رضيناك بما فيه. كفى! قالوا لله إنكم مجانين، فإذا كان هؤلاء الناس ليس لديهم عدل، فلا يوجد عدل ولا إنصاف. أيعطيهم ابنه ليربوه؟ وعمارة أيضاً مات من ضمن الذين ماتوا. لقد قلنا بخصوص أولاد الوليد، ما هو الوليد بن الوليد وخالد بن الوليد، هم الذين أسلموا. المهم أنهم كتبوا الوثيقة.
هذه الوثيقة الظالمة الطاغية التي تنص على ألا يقترب أحد من بني المطلب وبني هاشم، وظلت هذه الوثيقة معلقة تحت ستر الكعبة لمدة ثلاث سنوات. خلال هذه السنوات الثلاث وإلى أن تم فكها، فتح الله سبحانه وتعالى الفرج، حيث لاقى المسلمون العناء الشديد من الجوع والعذاب والتضييق والتشويه السمعة، إذ فعلوا هذا كلما ازداد المسلمون تمسكاً بدينهم، خباب
ابن الأرت جاء وقال: "يا رسول الله، والله لقد تعبنا من العذاب ومن هذه الأمور"، فقال: "ألا إني رسول الله ولينصرني الله حتى تسير الظعينة من صنعاء إلى حضرموت لا تخاف إلا الله والذئب على غنمها". وهذا الحديث رُوي بروايات كثيرة من إلى صنعاء من مكة إلى الحيرة، وقد رُوي فيه أنه قال: "استعرض بنا هذا الوالي وخفف عنا العذاب". ورُوي غير ذلك، ورُوي بالظعينة، ورُوي بالمسافر يعني ذكراً وأنثى إلى آخره. روايات كثيرة جداً لهذا الحديث، لكن الحاصل أنهم كتبوا وثيقة ضيقوا فيها على عباد الله، وحرموهم
الحقوق الأساسية، وخالفوا بها. المعقول والمنقول والقيم والأخلاق، ولذلك كانت صحيفة ظالمة ارتدت على أصحابها بالبطلان. والحمد لله رب العالمين. في لقاء آخر نستوفي حال هذه الصحيفة وتلك السنوات الثلاث، وكيف هُدمت هذه الصحيفة. فإلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.