السيرة النبوية - الحلقة العشرون

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع سيدنا صلى الله عليه وسلم وأنواره الجلية مع النبي المصطفى والحبيب المجتبى نعيش معاً هذه اللحظات في سيرته نتبرك بها ونعيش في ظلالها ونسعى لأن نتعلم منها الدروس في قوله وفعله ومواقفه وعلاقاته في بيته، في تجارته، في حياته، في حربه، في سلمه، في هجرته وهجرة أصحابه الكرام، في كل ما هنالك مما يتعلق بذلك الإنسان الكامل؛ لأنه
هو بابنا إلى الله ولا باب سواه. النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الثلاث سنوات الأولى التي يمكن أن نطلق عليها بالدعوة السرية وكانت... الدعوة فيها قائمة على الأفراد وليس على الجهل، وأيضًا كان هناك فترة للوحي، فتأخر الوحي، ثم بعد ذلك نزل الوحي: "والضحى والليل إذا سجى، ما ودعك ربك وما قلى، وللآخرة خير لك من الأولى". لا تتعلق بالدنيا ولا حتى بما فيها من أي شيء، لا تتعلق بالدنيا، اجعل قلبك مع فسلّاه بذلك وطمأن قلبه،
ثم بدأ الوحي بشدة. أصبح في البداية، في الفترة الأولى، نزلت "اقرأ"، نزل "يا أيها المدثر"، نزل "يا أيها المزمل". قُطع منها هكذا، وبعد ذلك فتر الوحي وانقطع، ثم عاد مرة أخرى في نوع من أنواع التسلية لقلب الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وبدء. ما كان هناك وفي هذا الوقت كان انتشار الدعوة يتم سرًا، ولكن ثمانية أشخاص أسلموا في البداية، ثم أربعة وعشرون، وبعد ذلك عشرون شخصًا آخر أو نحو ذلك. فأخذ العدد يزداد في هذه الفترة. بدأ المشركون عندما يستمعون إلى
مثل هذا يقولون إن بعضهم قد اتبع محمدًا، أي ما يتبعونه. ويجري فيه ماذا؟ لا يجري شيء لأن المشرك ليس لديه ديانة أصلاً يدافع عنها، هو كل ما يدافع عنه المصالح، فماذا يعني عندما يجمع حوله بعض العبيد ويقولون إن ربنا واحد؟ حسناً، ربنا واحد فعلاً، لا يجري شيء، دعه يا سيدي الله يحفظك، كان هناك رأي. في قريش رأي آخر يقول: لا، إنه يدعو إلى إله واحد، وبذلك فهو يدعو إلى نبذ الأصنام، وبذلك يدعو إلى ترك الوثنية. فإذا تركنا الوثنية لا تكون بيننا وبين العرب الريادة والعظمة، وكذلك لا تكون مكة بعد ذلك سوقاً للعرب ورحلة
للعرب ترحل إليها، وبذلك لن نجد ما نأكله. آه الأخير، ماذا أصبح الجنيه والدولار في الأخير. اعلموا أن ما تفعلونه هذا، ولكن كونوا واعين، هذا هكذا يهدم حتى يهدمكم أنتم. كانت هناك وجهات نظر، ولذلك لم يكن هناك، ماذا يعني، في هذه السرية، يعني لم يكن هناك صدام كبير. وبعد ذلك نزل قوله تعالى: "وأنذر عشيرتك الأقربين"، فخرج. إلى الصفا ودعاهم بيتاً فجاءوا والتفوا حوله، فقال لهم: إذا أخبرتكم أن جيشاً
يأتي من وراء هذا الجبل يغزو مكة، أكنتم مصدقيّ؟ قالوا: ما جربنا عليك كذباً قط. وفيهم أبو لهب. أكنتم مصدقيّ؟ قال: إني قد أوحى الله إليّ أنه لا إله إلا الله وأني رسول الله إليكم يعني. هل ستصدقونني في خبر من الأخبار وستكذبونني في هذا؟ يعني أنا إذا كنت لم أكذب عليكم، فهل سأكذب على ربنا؟ ما حدث هكذا: فقال أبو لهب وكان شديد العداوة لرسول الله مع حبه له - وهذا أمر غريب - واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه. أبو لهب كان يحبه من أجل مصالحه قال: تعساً لك، تعساً
له. هل جئت بنا من أجل أن تقول هذا؟ وانصرف ساخراً. وكان أهل مكة في بداية هذا الأمر قد بدأوا يخافون وقالوا: هذا كان ساكتاً، لكنه الآن يتكلم، فنريد أن نكون دائماً ضده. بدأ النبي في الاجتماع بالصحابة الكرام في دار. الأرقم بن أبي الأرقم ودار الأرقم كانت عند الصفا من الخلف، أي كانت تقريباً في الشارع الذي بين النزل الملكي وبين الصفا. كانت في هذا المكان وكان بابها من الخلف، فكانت مخفية. كان هناك أزقة توصل إليها، فكان الجالسون في الكعبة لا يرونها لأن بينهم وبينها جبل
الصفا. وهي مدارية وفيها حواري، فاختاروا هذه الدار، وكان الأرقم بن أبي الأرقم قد أسلم. وكان بجانب هذا البيت بيت عبد الله بن جدعان، وكان النبي يحب كرمه، وقد مات كافراً. وبعد ذلك في أحد الأيام، جاء أبو جهل، لعنة الله عليه، والنبي صلى الله عليه وسلم كان جالساً عند الكعبة، على الصفا الكعبة أمامه والنبي جالس على الصف فأغلظ له القول جداً والنبي ساكت، فضربه بعظم في يده على رأسه فشجه
ونزل دم والنبي ساكت. ترى هذا مولاه لعبد الله بن جدعان يشاهد المنظر، أبو جهل جاء وشتمه وقلّ أدبه وضربه ثم انصرف إلى إخوانه بجوار الكعبة، كانوا يذهبون ويستندون. ظهرهم للكعبة ويكونوا في الظل فجاء حمزة فقابلته مولاة عبد الله بن جدعان، لم يذكروا ما اسمها، وأخبرته قائلة إن أبا جهل قد ضرب ابن أخيك فشجَّه. كان حمزة بطلاً من أبطال قريش، وكان هو الثاني طويل القامة هكذا. بحث عن محمد فلم يجده، إذ ذهب محمد ليضمد جراحه هذه. وغسل
الدم وما شابه، ثم ذهب إلى الكعبة فوجد أبا جهل، فضربه بالأداة على رأسه وشجه، وشتمه قائلاً: "يا مجرم يا ابن المجرم، أتضرب ابن أخي وأنا على دينه؟" ضرب أبا جهل، فقالوا له: "كيف؟" وجاء بنو هاشم ليدافعوا عن حمزة، وجاء الآخرون من أجل بني... مخزوم لأجل أبي جهل وبعد ذلك سيتشاجرون، فقال لهم: اتركوه، فلقد
سببته سباً فظيعاً، يعني أنه شعر بخطئه بعد أن تلقى هذه الإهانة في وجهه، والله أعلم. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله. أسلم حمزة حمية في أول اليوم، ثم جلس مع نفسه ففكر. أنا الآن قلت لهم أنني مسلم، خلاص أنا لن أرجع عن إسلامي، لكن هناك ما يمنع من الإسلام. سيدنا حمزة كان الذي يمنعه من الإسلام شرب الخمر، كان يحب الخمر قليلاً، والخمر كانت لم تُحرَّم بعد. ففكر هكذا وقال: والله إن هذا الرجل لم يأتِ لنا إلا بخير، فدخل في الإسلام غيّر قلبه،
هذه هي المعجزة. لقد أسلم أولاً، أي حمية كانت هذه! ثم دخل الإسلام، وجد نفسه قد دخل الإسلام، فأخذ يبحث عن سيدنا النبي قائلاً: "أحضروا لي محمداً الآن فوراً، أنا أريده"، وهو عمه. فدلوه على دار الأرقم قائلين له: "إنه يجتمع هنا كل يوم"، فذهب فوجد النبي. أصحابه وأشهر إسلامه وقال له، ففرح به النبي كثيراً، فقد كان يحبه وكان أخاه وكان في الرضاعة. قلنا هذا الكلام من قبل، وكان ولكن ماذا حدث عندما أسلم؟ وهذا هو الفتى المشهور في قريش. فأول ما أسلم حمزة، دعا النبي
قائلاً: "اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب أو بأبي عمرو بن هشام، فبعد ثلاثة أيام، ثلاثة أيام فقط. نحن الآن في أي سنة؟ لقد أصبحنا في السنة الخامسة، أصبحنا في السنة الخامسة. سنعود ونستعرض السنة الرابعة والخامسة والسادسة وكل شيء، لكننا الآن نتحدث عن مشهد دار الأرقم بن أبي الأرقم. لقد مكثنا ثلاث سنوات، وبعدها أعلن النبي عند الصفا. أصبح على مرأى منك أيها التاجر، لكن الاجتماعات ما زالت سرية حتى لا يهاجموهم ويحدث صدام وغير ذلك، لكن أصبحت هناك دعوة موجودة،
بينما أربعة وخمسة يعملون على نشرها بين الناس. أسلم حمزة بعد ثلاثة أيام، وأسلم عمر. كان يريد أن يقتل محمداً، فقابله شخص وقال له: "إلى أين أنت أين يا عمرو؟ قال له: ذاهب لأقتل محمداً. قال له: كيف ستقتل محمداً؟ لا تفعل ذلك، لأنك تظن أن بني هاشم سيتركونك تمشي على الأرض برجليك. قال له: نعم، أظنك اتبعته. والله أظنك اتبعته. قال له: أنا اتبعته؟ حسناً، كن ذكياً مع أختك وزوجها اللذين اتبعاه. قال: كيف؟ قال له: كما أقول لك، فاطمة بنت الخطاب وزوجها سعيد بن زيد اتبعوه، وكان
عندهم خباب بن الأرت يعلمهم القرآن. فذهب إليهم سيدنا عمر وأمسك بخناق سعيد زوج أخته، ويقول له إنه صهره، وأراد أن يضربهم. وعندها قالوا له: اجلس الآن ودع عنك تصرفك هذا. فقال لهم: ما الذي معكم؟ قالوا: قال لها: هذه سورة طه، أحضريها لأقرأها. قالت: لا. وكان عمر يقرأ، يعني كان متعلماً للقراءة. قالت له: اذهب وتوضأ، أو اذهب واغتسل، أو سأجد لك طريقة للتطهر. فهزه هذا الكلام، هزه جداً، وبعد ذلك قرأ سورة طه. قال: لا، إن هذا الكلام ليس كلام بشر، ولا ساحر، ولا كاهن، هل تعلمون كلام الكهنة والسحرة والدجالين؟ هذا الكلام دخل قلبي. خباب بن الأرت سمع هذا، فخرج إليه وكان
مختبئاً في الدار بالداخل، خرج وقال له: "يا عمر، لعل الله سبحانه وتعالى قد استجاب لنبيه، فإني سمعته قبل أمس" - وهم في غضون ثلاثة أيام، أي أول أمس أو نحو ذلك. منذ ثلاثة أيام كان يدعو ويقول كذا وكذا، وهي "اللهم أعز الإسلام بعمر أو بأبي جهل"، فأعزه بعمر. وأبو جهل مات في بدر كافراً، قتله عبد الله بن مسعود. سمع عمر ذلك ففرح وقال: "سأذهب إلى النبي، أين هو؟ دلني عليه. كنت ذاهباً لأقتله، والآن ذاهب لأؤمن به والله". يا إخواننا لو عرفتم هكذا تعرفون ما هي هذه المعجزات التي حدثت في هذه الانقلابات الغريبة، بإذن الله هذه معجزات. فذهب إلى دار الأرقم بن أبي الأرقم،
فقام أحدهم وطرق الباب، نظر هكذا من الفتحة أو من الشق الذي بين الألواح، فرأى عمر متقلداً سيفه، دخل وقال لهم: هذا عمر فقال حمزة: "أدخلوه، فإن أراد خيراً بذلناه له، وإن لم يرد خيراً قتلناه بسيفه". اه، فتى هذا هو سيدنا عمر، اثنان وثمانون متراً، يعني إلى ارتفاع سقف البيوت حالياً. فقال لهم: "لا، أنا أقتله بسيفه". فلما دخل سيدنا النبي كان قوياً جداً، جسمه قوي جداً، فلما دخل برز له. قال النبي:
"ألا ترعوي يا ابن الخطاب" وأمسكه من حجزه (أمسكه من وسطه هكذا) ورفعه على يديه هكذا، فقال: "والله أنت لن تنتهي يا ابن الخطاب" وهو مرفوع هكذا، فقال عمر: "أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله"، فأنزله، وكبَّر الناس. انظر كيف تصرف العرب عندما... يمكن أن يقول لك شخص شيئاً، ولكن من الممكن أن يكون يقولها خداعاً. لا، العرب لا يُخدَعون. تصوَّر، انظر إلى عرب الجاهلية، لم يكونوا يخدعون. اليوم، هذه الفئة الناشئة الخارجة تخدع وتقول كلاماً وترمي على كلام آخر وتلعب سياسة وتلعب نجاسة. ما هذا؟ حتى الشهامة غير موجودة، ليس العلم فقط
أيضاً قال له اشهد. جلس وقال: "يا رسول الله، عليَّ ما الاختفاء؟ هيا بنا نخرج معك. نحن معنا الآن سيدنا النبي ومعنا سيدنا حمزة ومعنا سيدنا عمر، ثلاثة هم لو أن ألفاً أمامهم لهزموهم". قالوا له: "تعال نخرج بالناس الذين معنا هؤلاء". وبدأت الدعوة جهرية. إذاً ما هو الجهر هنا؟ بعد ثلاث سنوات بدأنا من وقت الصفا جهراً، ولكننا كنا مختبئين أين؟ في الاجتماعات في دار الأرقم بن أبي الأرقم. وفي السنة الخامسة ظهرت الدعوة، حمزة هنا وعمر هنا وبينهما سيدنا، ومعهم صفان ومشوا حتى الكعبة، ومن أراد أن يأتي إلينا فليأت. فأخذوا ينظرون
إليهم هكذا وهم صامتون. لم يفعلوا شيئاً وذهبوا إلى الكعبة وصلوا هناك. إنه يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً. في وقت إذا لم تستطع شيئاً فدعه وجاوزه إلى ما تستطيعه، وفي وقت آخر لا، بد أن تكون هناك همة وأن يكون هناك عمل وأن يكون هناك مفاصلة. فعندما رأى النبي ذلك، وصلوا إلى الكعبة وصلّوا وما إلى ذلك، وسُرّوا، سمّاه الفاروق لأنه فرّق بين الحق والباطل، أو بين السر والعلن، أو بين الضعف والقوة. سمِّها كما تشاء، فقد سمّاه
الفاروق، وهو أخبر عن نفسه. قالوا: عندما قالوا لك الفاروق، قال: قال لي الفاروق رسول الله يوم خرجنا دار الأرقم بن أبي الأرقم فوصلنا إلى الكعبة فقال: إنك الفاروق لأنه فرّق بين مرحلتين. إذاً هذا هو الحال إجمالاً. ندخل بعد ذلك في السنة الرابعة من الوحي وليس من الهجرة. في السنة الرابعة من الوحي في مكة. فإلى لقاء آخر، نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله. السلام عليكم