الصدقة الجارية | مجالس الطيبين | أ.د علي جمعة

الصدقة الجارية | مجالس الطيبين | أ.د علي جمعة - مجالس الطيبين
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه أيها الإخوة المشاهدون أيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا وسهلا بكم في حلقة جديدة من حلقات مجالس الطيبين في هذا الشهر المبارك الكريم رتب الشارع الشريف ثوابا دائما متجددا حتى بعد انتقال الإنسان من هذه الحياة إلى الحياة الآخرة بعد موته، وهذا من رحمة ربنا بنا
فتح الأبواب، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، وهذه الثلاثة في الحقيقة كأنها وردت باعتبار أنها أمهات لأبواب كبيرة تشتمل على أعمال حديثا أخرجه البيهقي إذا مات ابن آدم انقطع عمله
إلا من سبعة وبدأ يعدد هذه السبعة بما لا يخرج من مفهوم الصدقة الجارية فتحدث عن حفر البئر وتحدث عن وراثة المصحف وتحدث عن بناء المسجد وكلها يمكن أن تندرج تحت كلمة الصدقة الجارية جمع بعض العلماء هذه الصفات والخصال التي لا تنقطع بعد موت الإنسان من الأحاديث النبوية فوجدوها ثلاث عشرة خصلة لكن كما قلنا إنها يمكن جمعها بصورة إجمالية
في هذه الثلاثة التي معنا انقطع عمله إلا من ثلاث فكانت الأحاديث الأخرى التي فيها زيادة هي شرح لهذا الحديث الأم أو لهذا الحديث الأساس الذي يبين لنا القضية آدم انتقل ومات لكنه كان قد ترك صدقة جارية وسميت صدقة جارية لأن ثوابها ونفعها يجري فنفعها يجري على الناس وهي تلك الفكرة التي نعبر عنها في أدبياتنا المعاصرة بقضية العمل الأهلي أحيانا نسميه العمل الخيري
وأحيانا نسميه المجتمع المدني فالأهلي أو المدني أو الخيري كلها تحمل مفهوما واحدا وهو قيام الناس بما يجب عليهم القيام به تجاه وفي مواجهة إخوانهم من أجل ما نسميه أيضا في الأدبيات الحديثة بالتنمية الشاملة. التنمية الشاملة تريد أن تجعل الإنسان محورا للتطور، ولذلك تهتم باليتيم، وتهتم بأطفال الشوارع، وتهتم بالمعوقين، وتهتم بكبار السن، وتهتم بالحالة الصحية، وتهتم بالتكافل الاجتماعي، وتهتم بقضايا البطالة تهتم، بقضايا الفقر تهتم، بقضايا
الحياة تهتم، بقضايا التعليم، كل هذا يندرج تحت كلمة التنمية الشاملة التي هي الوجه الآخر لقضية الصدقة الجارية أو العمل الأهلي أو العمل الخيري أو المجتمع المدني بأي تعبير كان. عندما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الصدقة الجارية يذكرك بأن هذا النفع الذي يجري ويدوم ويستمر على الناس له أجره عند الله، وأن الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وأنه اتقوا الله ولو بشطر تمرة، وأنه
من تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه كان له عند الله ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله، سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ومنهم الصدقة ومنهم رجل تصدق إذا العمل المدني في غاية الأهمية أنا عندما أقول صدقة جارية أذكرك بالله وبيوم الحساب وبالأجر والثواب وأن هذا الأجر سيستمر حتى بعد أن تنتقل من هذه الحياة الدنيا إلى الحياة الآخرة والثاني عندما يستخدم المجتمع المدني المجتمع
المدني يريد أن يخرجنا من هذا، الجانب الآخر يريد أن يركز فقط على ما نحن فيه. أنا ليس لدي مانع، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب من الناس أن تعمل الخير حتى لو لم تلتفت إلى الآخرة، وكان يقوم ويجعل قيمة لهذه الأعمال. فكان لما دخلت بنت الطائي عليه صلى الله عليه وسلم وعرف أن هذه بنت حاتم الطائي، حاتم الطائي المشهور بالكرم، حاتم الطائي المشهور بالعطاء، حاتم الطائي الذي كان يهتم بالناس. قام وخلع عباءته الشريفة وفردها وأجلسها عليها. هذه الحركة من العرب أو عند العرب كانت
تعني الاهتمام والتكريم والمبالغة في التكريم. وبعد ذلك لما ستراه يحترم هذه السيدة لأن سيدنا رسول الله كأنه قدم احتراما لها فتفضلي اجلسي قالت له يا رسول الله وهو يجلسها يقول له ماذا يقول إن أباك كان يحب مكارم الأخلاق إن أباك كان يحب مكارم الأخلاق فهو يكرمها من أجل أبيها ولأن أباها كان يحب مكارم الأخلاق وهو صلى الله عليه وسلم يحب مكارم الأخلاق إلى هذا الحد حسنا ولكنها تتمادى وتطمع في الخير أكثر
ورسول الله قال إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي ومبلغ عن ربه فتقول له يا رسول الله أهو في الجنة نحن ما لنا وما للجنة الآن هذا نحن هنا في الدنيا الرجل هذا مكارم الأخلاق، مات، أنا سأكرم ابنته لأنه كان يحب مكارم الأخلاق ولأنني أحب مكارم الأخلاق ولأنني أحب العمل المدني، أما هو في الجنة فهذه قضية أخرى، ليس لنا شأن بها، قال لا هو في النار، إنما كان يفعل ذلك لسمعة يسمعها، وكان صلى الله عليه وسلم يقوم بمثل هذا مع مواقف كثيرة منها موقف لابن جدعان عبد الله بن جدعان كان كلما يذكر يتبسم
حتى قالت عائشة يا رسول الله أراك كلما ذكر ابن جدعان تتبسم قال كان عنده قصعة كبيرة يثرد فيها الثريد للحجاج وكان يصعد لهذه القصعة طبق كبير جدا يصعدون له بسلالم يصعد إليها بالسلالم فقالت أهكذا في الجنة يا رسول الله قال لا لم يقل يوما قط رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين هذا هو السبب الخاص بقضية أنه في الجنة ما له علاقة في الجنة ولا في النار المهم أن هذه الحياة الدنيا لا بد فيها إن كنت تريد ثوابا في الآخرة ونفعا في الدنيا القضية الثانية الجارية هي قضية العلم الذي ينتفع به الإنسان عندما يترك كتبه، وهذه في مقام أولاده لأن
النفع سوف يستمر من هذا الكتاب، فنحن حتى اليوم نقرأ تفسير القرطبي وهو كان في القرن السادس الهجري أي منذ حوالي ثمانمائة سنة، وتفسير الرازي المتوفى سنة ستمائة وستة أي أعطه أكثر من ثمانمائة سنة، هذه الكتب النافعة تنفع الناس حتى مع تطاول الزمان. العلم النافع أيضا الذي يكتشف دواء يخفف على الناس الألم. العلم النافع أيضا الذي يكتشف الفيمتو ثانية لكي يتمكن من تصوير أحوال الخلية بعد ذلك ويعرف كيف يصور التفاعلات الكيميائية بعد ذلك، فهذا علم. ينتفع به ولذلك فله الأجر والثواب المستمر كلما كان
هذا العلم مفيدا وكلما استعمل في الإفادة وكلما تطور وبني عليه اكتشاف آخر فثالث فرابع، كل هذه الأشياء تكون في ميزان حسنات صاحبها يوم القيامة وهي مستمرة، هو مات وانتهى عمله ولكن استمر الثواب له، كذلك الولد الصالح الذي يدعو له وهنا مع هذا البند ولد صالح يدعو له انفتحت كل أعمال الخير فالولد يقرأ القرآن ثم يقول يا رب أدعوك أن تصل ثواب هذا ما قرأت الذي أعطيتنيه أهديه مثل أبي فيصل ذلك ويفعل هذا في الحج وفي الصوم وفي الزكاة وفي الصدقة
وفي كذا عن طريق الدعاء الولد الصالح وهل الولد الصالح هو فقط ابني أم من بعدي، لا بل إن العلم له رحم فيمكن أن يدعو لي تلاميذي ويمكن أن يدعو لي أولادي فالولد هنا بمعناه الأعم، إذن بشرى لأهل الإسلام أن أعمالهم تستمر ما دام النفع مستمرا والسلام