العطاء | مجالس الطيبين | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون، أيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم ومرحبا في حلقة جديدة من حلقات مجالس الطيبين في رمضان المعظم الكريم، ونحن نسير مع أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر القرآن وقد كان خلقه القرآن كما وصفته السيدة عائشة فإننا نؤكد على خلق العطاء الذي تحلى به رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر أمته أن يتحلوا به في مواقف كثيرة وأحاديث كثيرة كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم شعلة محبة، صافية والحب كما عرفوه عطاء، الحب عطاء ولا بد أن تحب لأخيك ما تحبه لنفسك، ومن هنا جاءت فكرة التكافل الاجتماعي والعطاء، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن من بات شبعان وجاره جائع. بعد أن نسمع هذا وأن النبي صلى الله عليه وسلم ربط بين العطاء وبين العقيدة وجعل ذلك الذي يمتنع بخلا عن العطاء أو استهانة أو عدم التفات أو أنانية أو أنه لا يشعر بآلام الآخرين،
كل ذلك يتعلق أصلا بالإيمان. بعد أن نسمع هذا فإنه يجب علينا أن نتحرك سريعا للقضاء على هذه الظواهر التي تحيط بنا للقضاء على أطفال الشوارع للقضاء على حزام الفقر للقضاء على حد الكفاف والمجاعة أو ما دون حد الكفاف لا بد علينا ونحن نسمع النداء هنا وهناك بحملة العطاء أن نعرف أن هذا أمر يتعلق تعلقا عضويا بالإيمان وأنه جزء لا يتجزأ من الإيمان بنص كلام سيد الخلق صلى الله عليه وسلم هناك حديث
عن أبي قتادة أخرجه مسلم يقول فيه أنه طلب غريما له فتوارى عنه أبو قتادة طلب مدينا أخذ منه دينا فهذا المدين هو المدين في لغة العرب يقال له غريم هذا المدين اختفى توارى عنه يعني اختفى منه لأنه خجل وليس معه الآن ما يسدد به دينا ثم وجده في إحدى المرات وجده فأمسك به فقال المدين إني معسر ليس معي أموال فقال أحقا والله يعني أنشدك
الله يعني حقا والله أنت معسر أحقا والله قال المدين أحقا والله يعني والله أنا معسر وقال أبو قتادة رضي الله تعالى عنه وقد تربى في مدرسة النبوة فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه، ربط الأخلاق بالعقيدة هل تؤمن بيوم القيامة هل تؤمن بالحساب عند الله يوم القيامة فيه كرب شديدة خلقها
الله سبحانه وتعالى وحكم بها من أجل أن يخوفنا في الدنيا وأن يدفعنا إلى فعل الخير، ذلك يخوف الله به عباده "يا عبادي فاتقون". المقصود ليس هو أن نخاف وإنما المقصود هو أن نتحرك وأن نفعل، والعلاقة الأساسية بيننا وبين الله أنه هو الرحمن الرحيم ولكن يجب علينا أن نعمل لله رب العالمين. من أراد أن ينجيه الله من هول يوم القيامة. فلينفس عن معسر أو يضع عنه، يضع عنه يعني عليك ألف وأنا سأتركك خمسمائة، سأتركك ستمائة، سأتركك الألف كلها، ووضع عنه يعني خفف عنه. نفس عن كرب الدنيا فنفس الله عليه
كرب يوم القيامة. لا يذهب هذا العمل سدى بل إنه سيتأثر به الإنسان يوم القيامة عندما يجد هذا العمل الصالح وافعلوا الخير لعلكم تفلحون موجودا يوم القيامة يغطي عيوبه وآثامه وأخطاءه وما وقع فيه في الدنيا من تقصير أو من قصور قضية في غاية الأهمية وهي قضية العطاء لا بد لنا أن نتعود على العطاء النبي صلى الله عليه وسلم يروى عنه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه فيما أخرجه البخاري ومسلم كان أبو هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الساعي على الأرملة والمسكين
كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل الصائم النهار ما هذا الفضل العظيم هل أنت قد أقامك الله سبحانه وتعالى في الجهاد في سبيل الله مع الجيش الذي يدافع عن حماية الأوطان ورفع الطغيان وصد العدوان، لا، لم يوفقني الله سبحانه وتعالى لأن أقوم في هذا المقام الشريف، مقام المجاهدين، مقام العسكريين. لم يكتب علي ربنا سبحانه وتعالى أن أقوم بهذا المقام. هل وفقت لأن تكون قائما بالليل صائما بالنهار؟ أي لم أكن من أولئك وانشغلت بالحياة. الدنيا
لإعمار الأرض وأحاول أن أزكي نفسي فمتى إذن تكون على درجة أولئك الذين قاموا وصاموا وجاهدوا في سبيل الله سبحانه وتعالى؟ العطاء أن ترعى أرملة، أن ترى مسكينا، أن تكفل يتيما، أن تعطي جزءا مما أنعم الله به عليك. نحن نتحدث الآن عن أواسط الناس وليس عن أغنيائهم وأثريائهم. أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو يقول إن في المال حقا سوى الصدقة، يعني سوى الزكاة، يعني هناك حق في المال حتى
لو أنك قد أخرجت الزكاة. إذن فقيمة العطاء يجب أن تكون قيمة عملية، عفوا يجب أن تكون قيمة عملية. النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بأن نتعاون وأن نكون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نسن سنة حسنة في العطاء فمر ووجد فقيرا فلما وجد هذا الفقير تغير وجهه غضبا
واحمر وجهه غضبا وقال وقام ينصح الصحابة بالصدقة حتى جاء رجل بصرتين عظيمتين ثقيلتين أي لا يستطيع حملهما فوضعهما بين يدي النبي، فجلس الصحابة كل منهم يدفع شيئا ولو كان قليلا فابتهج وقال: من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم الدين، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من اتبعها إلى يوم الدين. نريد أن نقتدي ويقتدي بعضنا في الخير نريد أن نفعل هذا ونحن نربطه بالثواب عند الله سبحانه وتعالى وإلى لقاء آخر أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله