العلاقة بين القائد وجنوده | دروس مستفادة من غزوة بدر | مجالس الطيبين | أ.د علي جمعة

العلاقة بين القائد وجنوده | دروس مستفادة من غزوة بدر | مجالس الطيبين | أ.د علي جمعة - سيدنا محمد, مجالس الطيبين
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه أيها الإخوة المشاهدون أيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا ومرحبا بكم في هذه الحلقة من حلقات مجالس الطيبين في هذا الشهر الكريم دروس من بدر الكبرى نعيش معها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحاول أن نتفهم كيف نترجمها إلى واقع المعيش في عصرنا الحاضر، كان النبي صلى
الله عليه وسلم يبني العلاقة بين القائد وبين العسكر وأنها تبنى على الثقة وعلى الولاء وعلى الواجب وعلى الشرف وعلى الشورى بين القائد والجند، ثم بعد ذلك على الالتزام. وطاعة الأوامر وهذا ما لا بد أن يتحقق في كل العصور من أجل الوصول إلى النجاح وإلى النصر وإلى الحماية والرعاية والعناية التي يقوم بها الجيش الوطني لحماية بلاده. لما جاء الخبر أن قريشا تحركت
وأنها ستغزو المدينة، خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى موضع بدر الكبرى. وبدر الآن هذه تعني كأنها على بعد مائة وستين كيلومترا من المدينة المنورة، فهناك انتقال من المدينة جنوبا إلى بدر، هذا الانتقال يستغرق وقتا، كانت المرحلة التي يقضيها الإنسان يومين تقريبا حوالي تسعين كيلومترا، أي الخمسة والأربعين إلى خمسين كيلومترا يقدر أنهم ينجزونها في يوم، فالمائة وستون رجلا معناه
أنهم يريدون ثلاثة أيام نحتاج إلى الهمة لأن هذه ثلاثة أيام سفر، ففتح رسول الله صلى الله عليه وسلم الموضوع مع صحابته: ماذا نفعل؟ فقام أبو بكر فتكلم فأحسن، فقام عمر وتكلم فأحسن، ثم قام المقداد بن عمرو فقال: يا رسول الله امض لما أراك الله فنحن يعني سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أحدا من الأنصار يتكلم لأنهم هم أكثر من معه من الصحابة، أبو بكر وعمر من المهاجرين، ففهم
المقداد هذا فقال: يا رسول الله امض لما أراك الله فنحن معك، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إن هاهنا قاعدون ولكن نقول لك اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى نبلغها. برك الغماد هذا مكان كما تقولون هكذا في الربع الخالي ومكان فيه رمال متحركة ولا يدخله إلا من يهلك فيه الإنسان. لو تخيل
أنه يدخل في بحار الرمال المتحركة فإن معنى ذلك أنه يحتاج إلى جهد ضخم حتى ينجو بحياته لأنها رمال متحركة يغرق الإنسان فيها مثل البحار فتحتاج إلى معرفة وطريقة في السير فيها وكان من طرق العرب في السير في الرمال المتحركة ألا يمشي هكذا في خطوات أو في طرق واضحة ولكنه يمشي خطوة ويقف ويبقى معه حجر يرميه فإذا غاص يكون الذي أمامه كله مثل الماء ويظل يختبر ولذلك إذا كنت سأمشي خمسة وأربعين كيلومترا في يوم فسأمشي ربما نصف كيلومتر في يوم لأنني أتحسس مواطئ أقدامي
فيقول له إنه مجهود كبير جدا الثاني مائة مرة لكن نحن مستعدون له فهذا معناه لو سرنا بنا إلى برك الجهاد لوجدنا حاجة تحتاج إلى شدة وتحتاج إلى قوة لوجدنا معك حتى نبلغها كلاما فيه همة وفيه ولاء وفيه إخلاص وفيه تضحية بالنفس وفداء فالناس هؤلاء لم يخرجوا من أجل أن يظلموا وهكذا أبدا كان الجهاد في الله جهاد واسع لما
رجع النبي مرة من الجهاد قال رجعنا من الجهاد الأكبر إلى الجهاد رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر ألا وهو جهاد النفس أخرجه البيهقي في الزهد جهاد الأكبر لأنه يأخذ العمر كله لكن الغزوة والحرب ستأخذ لها ماذا شهرا أو شهرين أو سنة وانتهى عندما رجعنا من الجهاد الأصغر لم أعد أنا الفتوة الذي أستقوى إلى أهلي وقومي أبدا، لا بد أن أكون أنا الفارس النبيل الذي يعود من الحرب وقد حمى قومه وناسه وقضيته ورؤيته وإيمانه، يعود إلى الناس ليحميهم وينميهم ويصبح فارسا نبيلا، هذا الجهاد الأكبر جهاد النفس، سمي أكبر لأن الزمن
الذي سيأخذه لأن هو سيقيم هناك شهرا، سيقيم هنا طوال العمر، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم الحج جهادا لما سألته عائشة: يا رسول الله حرمنا من الجهاد، ربنا يقول أن من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين، يعني المرأة ليس لها صبر على القتال وعلى الأعمال القتالية هذه. فحرمنا من الجهاد بالرغم من أن سيدات الأنصار حاربن ولكن عموما النساء لا يحاربن لكن هذا وارد أن تحارب المرأة أم عطية وأم سليم بنت ملحان كانت تدافع عن رسول الله في أحد وأبو طلحة زوجها كان يدافع معها وأحاطوا برسول الله صلى الله عليه وسلم
ودعا لهم فالمرأة كانت إذا اشتد الوطيس حاربت السيدات، لكن في العموم لا توجد حرب. فقال لكن الحج لكنه جهاد، فالحج جهاد الصبي والشيخ الهرم والمرأة التي لا تقدر على هذا القتال. من الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر، من الجهاد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من الجهاد مجاهدة النفس، من في سبيل الله القتال في ولذلك مفهوم أذن واسع إذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير يعني القضية هنا قضية رد للطغيان ورد للعدوان وإن
هناك ظلما وقع عليهم الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز، هناك روح التماسك والترابط بين المسلمين في غزوة بدر، قال تعالى في شأن أصحاب بدر ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون، كانوا ثلاثمائة واثني عشر،
كان المشركون أكثر من ألف. ثلاثة أضعاف كثيرة يعني كل ثلاثة يحيطون بواحد، الكثرة تغلب الشجاعة ولكن الله سبحانه وتعالى سلم، ولكن الله أمدهم بمدد من عنده، ولكن الله سبحانه وتعالى ذكر القاعدة الكبيرة التي تؤكد أن الإنسان قبل العدة وأن الإنسان هو الذي يحرك السلاح، كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله. والله مع الصابرين إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون، نعم هذا
هذه سنة الله سبحانه وتعالى في كونه، هذه قواعد يسير عليها الإنسان عبر التاريخ في ذكرى بدر ونحن نحتفل في مثل هذه الأيام بهذه الذكرى التي تجاوزت الزمان في الحقيقة إنها كانت أساسا لما يحدث بعد ذلك، كانت أساسا تبين للناس مفهوم الجهاد والقتال عند المسلمين، تبين للناس الإنسان، تبين للناس أننا أقوياء ولكن بإيماننا وأن هذه القوة تمنعنا من العدوان على الناس، إننا أهل سلام، ديننا اسمه الإسلام، تحيتنا السلام عليكم، نهاية
صلاتنا السلام عليكم. ورحمة الله وبركاته، السلام اسم من أسماء الله نذكره في التسبيح، السلام اسم من أسماء الجنة فهي دار السلام، هو كل شيء في حياتنا لأنه ضد القتال، وهو الأساس الذي نعيش به ونصلي فننهي صلاتنا ونواجه العالم به، ومن هنا أسست بدر كل هذه المعاني، نحن أقوياء لن نقبل الضيم ونحن أيضا غير معتدين على أحد من العالمين، إلى لقاء آخر أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.