الفكر والذكر بداية الطريق إلى الله | أ.د علي جمعة | حديث الروح

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون، أيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان، أحييكم بتحية الإسلام فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلا ومرحبا بكم في حلقة جديدة من حديث الروح. كنا قد تحدثنا في حلقات سابقة عن الطريق إلى الله سبحانه وتعالى وكيف أنه يبدأ باليقظة التي هي في مقابل الغفلة وكيف أنه يحتاج إلى تهيئة وأن هذه التهيئة
جاء بها الشرع الشريف في قلة الطعام وقلة الكلام وقلة مخالطة الناس مثل الاعتكاف وقلة النوم مثل قيام الليل وأن هذه التهيئة تهيئ الروح التي نتحدث عنها في عنها لأن تترقى في مراقي المعرفة وفي الطريق إلى الله سبحانه وتعالى شبهنا السير إلى الله بطريق فيه مراحل وهذه المراحل جعلها الهروي في منازل السائرين إلى رب العالمين بين إياك نعبد وإياك نستعين إلى عشرة فهناك عشر مراحل أولها اليقظة أن نتنبه إلى حقيقة الدنيا وأنها إلى
زوال وأن الموت يحيط بنا يأخذ الصغير والكبير والطفل والرجل والمرأة والأبيض والأسود لا يدع أحدا فالله سبحانه وتعالى خلق هذه الحياة الدنيا امتحانا وابتلاء واختبارا لنا والدنيا مزرعة الآخرة هذه يقظة ينبغي على كل واحد منا أن يتحلى بها أن يدخل فيها فإذا فعل ذلك فليهيئ نفسه بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبة إذا تهيأ لهذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا رأيتم الرجل قد أوتي صمتا فاعلموا أنه يلقى الحكمة، يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا. إذا اعتكف
في خلوته فإنه في هذه الخلوة يستطيع أن يحاسب نفسه، حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا. وإذا قلل أيضا من النوم وأوجد لنفسه علاقة مع الله في جوف الليل في ساعة مباركة في الثلث الأخير من الليل ينزل ربنا إلى السماء الدنيا جل شأنه فيقول هل من مستغفر فأغفر له هل من سائل فأعطيه هكذا بالرفع في رواية البخاري وفي غير البخاري هل من سائل فأعطيه من مستغفر فاغفر له على السببية، إذا الفكر والذكر بداية الطريق، قال تعالى "الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى
جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض، ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار"، إذا أنا كففت نفسي في الطعام وفي المنام وفي الأنام وفي الكلام فإنني ينبغي أن أشتغل بالذكر والله سبحانه وتعالى علمنا الذكر علمنا أن الدعاء من الذكر ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الدعاء هو العبادة وكان في رواية أخرى يقول الدعاء مخ العبادة وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين إذن فالدعاء هو العبادة وهو مخ العبادة وهو رأس العبادة وهو
معدود من الذكر قال تعالى ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها فعلمنا أن نذكر الله سبحانه وتعالى بصفاته جل جلاله الله الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق البارئ المصور الغفار القهار الوهاب الرزاق الفتاح العليم القابض الباسط الخافض الرافع المعز المذل السميع البصير إلى آخر هذه الأسماء الحسنى، نعيش بعد ذلك في حلقة قادمة إن شاء الله مع أسماء الله الحسنى كطرف من أطراف الذكر، فالذكر منه الدعاء ومنه الذكر المحض ومنه الكلمات العشر الطيبات ومنه قراءة
القرآن ومنه أشياء كثيرة جعلها الله سبحانه وتعالى ذكرا، فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا إلى لقاء آخر، أستودعكم الله وندعو الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا كما أرادنا نبينا صلى الله عليه وسلم حيث نصح فقال: لا يزال لسانك رطبا بذكر الله، لا إله إلا الله خير ما قلت أنا والنبيون من قبلي. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.