الكبائر | مع حديث رسول الله | برنامج مجالس الطيبين موسم 2010 | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون، أيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من حلقات مجالس الطيبين مع حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو... يرشدنا كيف نسير في هذه الحياة الدنيا رسول الله صلى
الله عليه وسلم، أمرنا أن نجتنب الكبائر لأن المكفرات التي تكلمنا عنها وهي كثيرة إنما تغفر ما كان دون الكبائر. وسأل بعضهم: فما الكبائر إذاً؟ وكنا تحدثنا بصورة إجمالية عن أن الكبيرة هي ما كان فيها حد أو ما... كان فيها لعن أو ما توعد الله فيها بالخلود في النار، ولكن أيضًا تكلمنا عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصف بعض الذنوب بأنها من الموبقات أو من أعظم الذنوب أو من الكبائر ونحو ذلك من الصفات التي وردت في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يريد منا الصدق ويريد منا
العفاف ويريد منا طهارة القلب وطهارة البدن ويريد منا أن نكون متمسكين بالخلق القويم فلقد بُعث صلى الله عليه وسلم رحمة مهداة وقال إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اجتنبوا السبع الموبقات إذا فرسول الله في هذا الحديث ينص على أن هناك سبعاً وهي موبقة محبطة للأعمال تدخل الإنسان في غضب الله. يحتاج المرء عندما يفعل هذا ويفعل هذا الذنب إلى الاستغفار، إلى التوبة، إلى أن يعزم على ألا يعود مرة أخرى لهذه الخطايا
الكبيرة الموبقة. "اجتنبوا السبع الموبقات" قالوا: يا رسول الله وما هن؟ التفاعل بين المعلم والمتعلم، والتفاعل يأتي من السؤال. والمتلقي لا ينظر إلى معلمه هكذا وينتظر منه أن يتكلم دون أن يُشعره أنه معه. فترى الصحابة لا يتركون أبداً هذا. "اتقوا السبع الموبقات"، "ما الموبقات هذه يا رسول الله؟" سؤال. قالوا: "يا رسول الله وما هن؟" الحكاية. التي قال: قالوا يا رسول الله وما هن؟ هذه مهمة جداً في العملية التعليمية. ينبغي على الطالب أن يلتفت إلى أستاذه، وأن يتفاعل
معه، وأن يسأل عما لا يفهم وما لا يعرف. قال: الشرك بالله رقم واحد لأن الشرك بالله من المحبطات، والسحر رقم اثنين، الإضرار لا ضرر ولا ضرار. وهذا يضر بالناس وفيه سوء نية وفيه استعانة بالجن. الجن مخلوقون من أجل أن يعبدوا الله، فإذا بهم يُخرَجون من هذا التكليف من أجل أن يسعوا في الأرض فساداً وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق. فقتل النفس على جهتين: إما قتل النفس التي حرم الله وهذا يكون بالباطل، وإما يكون القتل قتلاً بالحق عندما يكون
في مقابل جريمة كالخيانة العظمى. القتل بالحق عندما يكون قصاصاً، "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب". القتل بالحق يكون إذا كان بأمر الله وتحت حكم الله فيكون بالحق. أما القتل إسرافاً في الأرض، وأما قتل الإنسان أخاه بدون حق فهو من... أكبر الكبائر وأكل الربا رقم أربعة، والربا حرّمه الله سبحانه وتعالى، وحرّم كل شيء فيه، حرّم آكله وموكله ووكيله وكاتبه وشاهديه. وأكل مال اليتيم هذه مصيبة كبرى، آكل مال اليتيم لا
يأكل في بطنه إلا ناراً وسيصلون سعيراً. خلاص، هذا أمر لا جدال فيه. اليتيم الضعيف الصغير الذي يحتاج منا. البِرُّ والمحافظةُ والتربيةُ والعطاءُ، لا أن نأخذَ أموالَه ونصرفَها ونأكلَها. وأكلُ مالِ اليتيمِ هو إفسادُ مالِ اليتيمِ وسرقتُه وحرقُه واستعمالُه. أما الأكلُ معَ اليتيمِ فقد أباحَه الشرعُ. أباحَ الشرعُ أن يكونَ اليتيمُ عندي في البيتِ وهو يُساهمُ بما معَه من أموالٍ - إذا كان هذا اليتيمُ غنياً - في مصاريفِ قِدْرُ طعامٍ فيها قليلٌ من اللحم وكنا معاً، لا أُشْعِرُهُ بأنه
خذ أنت يتيم فخذ حاجتك، أنا لا آخذ منك شيئاً، لا تُشْعِرْهُ بهذا، كُلْ معه. حسناً، وقطعة اللحم التي أكلتُها من ماله هذه، أليس هذا أكلاً لمال اليتيم؟ إنني آكل معه لأُدخِلَ السرور عليه. السرور ولكي يعيش في بيئة سوية ولكي يكون في بيئة فيها استقامة وفيها حنان وأمان، ولذلك هذا الذي أفعله مع اليتيم ليس أكلاً لمال اليتيم. أكل مال اليتيم أن أصرف وأحتال، أحتال يعني أدخر لابني بيتاً أو أشتري سيارة بمال اليتيم بحيث أنه عندما يكبر لا يجد أمواله، الحمد لله. أو يجدها، نقصد، إنَّ هذا هو الحرام. أما أن آكل معه فهذا ليس من نوع أكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف في الجهاد
الأكبر حين يقاتل عسكر المسلمين الكفار، وأخونا خاف وجبُن وتولى، خائف على ماذا؟ على حياته؟ قالوا إن هذه من أكبر الكبائر، وكذلك قذف المحصنات المؤمنات. رمي المحصنات الغافلات يقع فيه بعض الناس حيث يتهمون الحرائر المحصنات بالزنا وهن بريئات. ولكن على فكرة، هذا من الموبقات ومن محبطات الأعمال. إياك أن تتعرض لنساء المؤمنين، وإياك أن تتهم واحدة منهن بالفاحشة، إياك سواء بالظن أو بغيره، إياك أن تفعل هذا فهي كبيرة من الكبائر ومصيبة من المصائب هذه السبع الموبقات،
عندنا هنا الشرك، والسحر، والقتل، والربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات. أين السرقة؟ أين عقوق الوالدين؟ أين اليمين الغموس؟ لا تزال هناك أشياء كثيرة، وأين الزنا؟ ولذلك هذا التحذير النبوي ليس معناه الحصر ولكن... ولكن... معناه أن هذه هي السبعة الكبائر العظيمة التي لا مبرر لأي واحدة منها إطلاقاً، وإنما قال رسول الله فيما رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال:
الكبائر، وهنا انظر إلى النص، هناك السبع الموبقات المهلكات الماحقات، يعني إنما في حديث عبد الله بن. عمرو: الكبائر: الإشراك بالله، هذه هي رقم واحد، ثم عقوق الوالدين، أي ظهرت عقوق الوالدين التي لم تكن موجودة في السبع الموبقات، لكن هذه كبائر كما ترى، وقتل النفس، سبقت قتل النفس، واليمين الغموس. ذُكِرَ هنا أربعة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال. لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، يا أصبح الزنا معنا من الأمور. نحن الآن سبعة واثنان أصبحنا تسعة، ولا يسرق السارق حين
يسرق وهو مؤمن. أصبحنا اثني عشر هكذا، ثلاثة أحاديث جعلت لنا اثني عشر كبيرة من الكبائر، وبعد ذلك عن عمرو بن شرحبيل عن عبد الله رضي الله قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب أعظم يا رسول الله عند الله، قال: "أن تجعل لله نداً وهو خلقك" وهذا هو الشرك بالله. قال: قلت له إن ذلك لعظيم. قال: قلت ثم أي؟ قال: "ثم أن تقتل ولدك" الذي هو الوأد هذا الذي كانوا يفعلونه مخافة. أن يطعم معك يا أهل، فصرنا أربعة عشر. قلت: ثم ماذا؟ قال: ثم أن تزني بزوجة جارك، وهذه
خيانة، أن يزني هو مع جارته. وعن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟" ثلاثاً (ثلاث مرات)، قلنا: بلى يا رسول الله. قال رسول الله: "الإشراك بالله وعقوق الوالدين" ومرّ بهذه الأمور، وكان متكئًا فجلس وقال: "ألا وقول الزور وشهادة الزور". أصبحنا أربعة عشر أو خمسة عشر. إلى لقاء آخر، نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة