المتشددون | حـ 12 | حسن البنا فيما أصاب وفيما أخطأ؟ جـ4 | أ.د علي جمعة

المتشددون | حـ 12 | حسن البنا فيما أصاب وفيما أخطأ؟ جـ4 | أ.د علي جمعة - المتشددون
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته مشاهدينا الكرام وأهلاً ومرحباً بكم بتجدد اللقاء في هذه الرحلة الإيمانية الفكرية المتواصلة مع فضيلة العلامة الجليل الأستاذ الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، أرحب بفضيلتكم يا مولانا أهلاً وسهلاً. الحقيقة منهجنا في هذه الحلقات مع العلامة الجليل أن نوضح مفهوم الإسلام المعتدل والمسافة الكبيرة بين هذا المفهوم وبين الادعاءات والترهات التي يحاول البعض ترويجها واعتناقها الآن، مما يعطي انطباعاً وصورةً مغلوطةً عن الإسلام وسماحته واعتداله. حيث في
مجموعة من الحلقات السابقة وصلنا إلى حسن البنا وأخطائه وبداية الأفكار التي يراها كثيرون تكفيرية وهي كذلك. في الحقيقة تحدثنا عن الدين الموازي، وعن أخطاء حسن البنا، وعن محي الدين الخطيب، وكثير من العلماء، وكيف تحول أو تغير حسن البنا، وكانت خطيئته الكبرى أنه كما تفضلت فضيلتك لم يحل هذه الجماعة. قبل أن ننتقل إلى موضوعات أخرى أود أن أتوقف مع فكرة، يعني لو فضيلتك تخبرنا كيف تقتل. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه حسن البنا قُتل بعد سلسلة من الأخطاء التي وقع فيها، وهذه السلسلة يعني أنه أراد أن يعاند
فيها، وهذا شيء غريب جداً، إلا أن حسن البنا لم يوفقه الله سبحانه وتعالى في... عندما اعترف بالخطأ وقال بصراحة: يا ليتني عدت إلى زمن المأثورات. زمن المأثورات هو زمن التربية، زمن المأثورات بدأ ألف وتسعمائة ثمانية وعشرين إلى اثنين وأربعين، يعني أربعة عشر سنة أو خمسة عشر سنة دعوة، أي التربية قديماً دعوة جمعية. بدؤوا يقولون لك: الناس لم تكن تذهب إلى... المساجد كانت حالتها مزرية، تدخل المسجد فتسجد في تراب كثير. صحيح في هذا الوقت، في هذا الوقت ثمانية وعشرين التي ظهرت فيها، معنى ذلك أننا كنا
محتلين بالاستعمار الإنجليزي الذي كان يفسد في الأرض ولا يصلح، منذ اثنين وثمانين، إنها ثمانية عشر سنة، ثمانية عشر. ثمانية وعشرون ستة وأربعون سنة، قل خمسين سنة. نحن بعد الاحتلال الآن لمدة خمسين سنة محتلون. تخيل أنك وُلدت وعشت خمسين سنة في ظل الاحتلال، أجيال كاملة، أي أجيال كاملة. ففي المساجد هُجرت، والناس خلعت - كثير من الناس خاصة النخبة - الجلابية ولبست البدلة، وكان في الريف يقول يا... أبناء أبي فلان كفّروا شخصاً لأنه كفر بجلبابه. قيل: لماذا؟ قال: كيف يلبس الجوارب! فإذا لبس الجوارب فسيلبس حذاءً، وإذا لبس الحذاء فلن
يتوضأ، وإذا لبس ربطة العنق أو الأساور فلن يتوضأ. ولم يعتد الناس بعد كيف يتوضؤون وهم بهذا اللباس مثلما نفعل الآن كل. الناس يتوضؤون وجميع الناس يصبحون هكذا، هل تنتبه كيف؟ لا، في ذلك الوقت لم يكن مع خوف الدين ومع الاحتلال ومع الأحداث العالمية المتتالية ومع انفصال التعليم المدني عن التعليم الديني، ظروف كثيرة كانت تمر بها البلاد، الله يكون في العون، فعندما جاء حسن البنا ونزل أبناؤه والناس متطوعة وتريد لدينها فنزلوا ونظفوا المساجد، فرجع الناس مرة أخرى لصلاة الجماعة. حسنًا، أنت تسير بشكل جيد، فاستمر هكذا. لم يرضَ أن يسير هكذا، وبدأ يفكر في الدولة وفي السياسة وفي النزول للبرلمان.
إذن أصبح بطلًا للجمعية وشكَّل حزبًا. لا، نحن حزب وجمعية، ونحن في نفس الوقت دعوة وسياسة، ونحن في نفس لدينا ظاهر ولدينا باطن، لدينا سلم وهي الدعوة السلمية التي سنظل نقول للناس جميعاً هذا هو ديننا. عشرون سنة وهو يتحدث بهذا الكلام، ومنذ سنة ثمانية وأربعين وهو يقول: "إننا قضينا عشرين سنة وأنتم تعرفون أننا أناس طيبون". نعم، كنتم أناساً طيبين ثم أصبحتم أناساً غير طيبين صحيح. ما الذي... لم يدع كل الناس تنفصل عنه ظاهراً وباطناً، وسأحكي لك قصة قبل أن نتطرق إلى اغتياله، قصة عمر التلمساني. كان عمر التلمساني يعمل محامياً بالفعل، ولدي كتاب في مكتبتي يوضح أنه نشر أوراد الطريقة الخلوتية. عمر التلمساني
المحامي في سنة اثنين وأربعين، كان رجلاً صوفياً على ما يبدو من الإخوان. لا يعرفون ذلك، إذ أنهم اختاروه ليكون مرشدهم في السبعينيات، وقد تحدث البعض عن أنه كان أفضلهم، أو ربما كان الأمر مختلفاً، سنصل إلى ذلك في وقت لاحق. فعمر التلمساني هذا، قابلته مرة واحدة فقط لعشر دقائق في بيته، كان هناك شخص - رحمه الله - يمتلك مكتبة اسمها دار. الأنصار أسعد سيد أحمد. من هو أسعد سيد أحمد هذا؟ إنه خادم حسن البنا، وكان يحب حسن البنا كثيرًا ويقول لي: "أتتصور أنه كان يقول لي: اذهب يا أسعد إلى البيت وقل للحاجة أن تجلب الجلبية". ماذا تفهم من هذا؟ قلت له: "لا أعرف، ماذا تفهم أنت؟" قال: "إنها جلبية زاهداً، نعم، افترض
أنه كان زاهداً، وللعلم محمد بن عبد الله بن تومرت كان زاهداً، وللعلم واصل بن عطاء رأس المعتزلة كان زاهداً، وللعلم ابن الأزرق كان زاهداً، وللعلم كل زعماء الفرق عبر القرون كانوا من الزاهدين، عمر التلمساني ذكر لي أسعد. كتاب اسمه "شهيد المحراب" تأليف عمر التلمساني، وطلب مني أن أتحقق وأخرّج أحاديثه. كنتُ حينذاك شاباً صغيراً، ربما في الحادية والعشرين أو الثانية والعشرين من عمري، فقلت له: "حاضر". كنت أشتري منه كتباً، رحمه الله، وكان يؤجل لي دفع المال لأسدد له بالتقسيط. أسعدك الله، رحمك ورحمنا جميعاً. حسناً، فأحضرتُ في السواك... في السواك سطرين هكذا، فقلتُ له: "لا، هذا لا يصح، وهذه سنة وسنة ثابتة بالأحاديث الصحيحة". فأرجو أن تقول للأستاذ عمر
أن يسحب. قال له: "نذهب إليه". فذهبنا إليه قبل الجمعة، ولأن صلاة الجمعة اقتربت، جلسنا معه عشر دقائق. فقال لي: "انظر، ما اسمك؟" قلت له: "علي". قال: انظر يا علي، افعل ما تريد في الكتاب إلا أولياء الله الصالحين، فاتركهم لي واترك لي علاقتي بهم، هل تفهم كيف؟ قلت له: حسناً، لكنه لا يعرف أننا نتوجه أيضاً مع أولياء الله الصالحين لأننا بالكاد قبلنا الأمر هكذا ومضينا. اليوم بعض الصبية الذين على... يقول التواصل الاجتماعي: ماذا؟ حسناً، لكنه كان من الإخوان، فماذا؟ هل كان كل شيء؟ هل كان هو النبي؟ انظر، هل عمر التلمساني هذا عندما نراه ونتحدث إليه يعني أننا انضممنا إلى الإخوان؟ لا والله، لقد رأينا مصائب من الإخوان ومن كذب الإخوان ومن أحوال الإخوان، وأخرجت له الكتاب. وخرجت
له الأحاديث فهم يعترضون الآن على أنه يقول إن الذي يذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ماذا يفعل؟ يعني يُسلّم عليه فيقوم الرسول يرد عليه السلام. حسناً، هذه هي الأحاديث هكذا والقرآن هكذا وكله هكذا. يعترضون على مرشدهم، ما دلالة هذا الاعتراض؟ إنها تدل على أن هؤلاء تغيّروا وهذا جاء من أين؟ من الظاهر والباطن، من العلن والسر، هكذا نعم، أي خصائص الدين الموازي كما ذكر فضيلتك. الدين الموازي، ففي عهد حسن البنا كان هناك أناسٌ يُسمون السعديين. من هم هؤلاء السعديون؟ هؤلاء أناسٌ خرجوا من الوفد، غضبوا من مصطفى النحاس وقالوا له: أنت هكذا انحرفت بالوفد باشا أحمد باشا ماهر، إبراهيم باشا عبد الهادي، حامد بيتجودة، محمود فهمي النقراشي وآخرون. لقد ذكرنا حزباً اسمه
حزب السعديين. هذا الحزب تمكن واتصل بالقصر الملكي وأصبح منهم رؤساء وزراء، لدرجة أن محمود باشا فهمي النقراشي، محمود فهمي النقراشي، ذهب إلى الأمم المتحدة ليدافع عن مصر، فأرسل مصطفى النحاس رسالة. للأمم المتحدة وهو يقول له فيها دول لا يمثلون مصر، فكانت ورطة كبيرة وقع فيها النحاس باشا، الله يرحم الجميع. الإخوان وقفت مع السعديين، والسعديون أعطوا للإخوان أموالاً، والوفد اكتشف الأموال التي أعطاها السعديون. التحالفات مع السياسيين قديمة جداً، ليست في أربعة وثمانين كما كنا نتخيل. عندما تحالفوا مع الوفد، أو عندما بدأ الإرهاب في الستينات، لا، بل فجأة قتلوا شخصاً اسمه مسلم ذكي الذي كان حكمدار العاصمة صحيح، وبعد ذلك قالوا ليس
نحن من قتله. قتلوا أحمد باشا ماهر، فقال: لا، هذا كان رجلاً معنا في الماضي ومضى، وهو القاتل. فذهبوا وقتلوا أحمد الخزندار وهم وفي نهر الحياة، عبد العزيز كامل يشرح كيف أن حسن البنا، نعم هم الذين قتلوه، وكيف حدث التباس في قضية الخزندار هذه، وقد ذكرنا سابقاً أنهم قاموا بتعيين ما يسمى بمفتي الدم، وقالوا له: "يا عبد الرحمن يا سندي الشيخ سيد سابق، احذر أن تفعل ذلك إلا بمفتي". الدم وبعدها جاء شخص اسمه عبد الرحمن عمار وتحدثنا عنه قبل ذلك وكتب مذكرة بستة عشر مصيبة من مصائبهم في التفجيرات والأشياء وما إلى ذلك، وبناءً على مذكرة عبد الرحمن عمار، أنت تعلم أن مذكرة عبد الرحمن عمار هذه عندما أخرجوها، فإن النقراشي باشا
بموجبها لأنه الرجل صاحب الإدارة وما عرف رئيس الوزراء أن هؤلاء الناس يتلاعبون بإظهار شيء وإبطان شيء آخر، فاكتشف حقيقتهم. قال: "أنا معكم وأدعمكم"، ثم قمتم بقتل أحمد باشا ماهر وقتل أحمد الخزندار، فقام بحل الجماعة. وعندما حل الجماعة، قاموا بقتل النقراشي باشا نفسه. أما رئيس مجلس البرلمان فكان حامد بيك جودة، وكان أحد أقطاب السعديين، أقطاب السعديين وكان رئيس البرلمان، وعلى فكرة حامد بيك جودة هو أول من أنشأ قرية نموذجية على أربعمائة فدان في المنيا لأجل تطوير الريف المصري كله، وذلك في الأربعينات. حامد بيك جودة رجل من الصعيد لا
يقبل على نفسه الضيم. السعديون قُتل منهم أحمد باشا ماهر وقُتل منهم النقراشي باشا. هكذا وقتل في ولايتهم أحمد الخزندار. طيب، كان القاضي أحمد خزندار قاضياً، وكانوا غاضبين غضباً شديداً، ولكن القانون فوق الجميع. حامد بيت جودة يسكن في المعادي، وإبراهيم عبد الهادي يسكن في المعادي أيضاً. حمل بيت جودة هذا زوجته وركبا السيارة، فذهب الإخوان ورموا القنبلة عليها معتقدين أنها سيارة إبراهيم. عبد الهادي السعديون قتل منهم أحمد باشا ماهر وقتل منهم النقراشي
باشا هكذا، وقتل في ولايتهم أحمد الخزندار. طيب كان قاضياً أحمد خزندار، كان قاضياً أغضبني غضباً شديداً ولكن القانون فوق الجميع. حامد بيت جودة ساكن في المعادي، إبراهيم عبد الهادي ساكنون، ساكن في المعادي، حامد بيت جودة زوجته. ركبت السيارة فذهب إخواني ورموا القنابل عليها معتقدين أنها سيارة إبراهيم عبد الهادي، أتلاحظ حضرتك؟ فالسيدة فزعت وأصابها انهيار عصبي. وعندما أصابها الانهيار العصبي، غضب كثيراً حمي بيه الجودة لأن النساء تتعرض للضرب. طبعاً هو رجل صعيدي، فذهب وأحضر أناساً من الصعيد
وقال لهم: "اقتلوا هذا الشاب الذي هو حسن هذه تكون لا الإنجليز قتلوه ولا الإخوان قتلوه لأن هناك قدر من الثأر يعني أو القدر من الثأر صعيدي، شخص صعيدي. حدث بعد ذلك أنهم حاولوا قتل إبراهيم باشا عبد الهادي ثانياً، ولكن فشلت هذه المحاولة ووقعت في منزل حامد بيك جوهر، فذهبوا وضربوا إبراهيم بيك عبد الحد حتى إبراهيم بك وهو عنده تحت يديه البوليس السري وما إلى آخره، رأى حامد بك يُحضّر لمقتل حسن، سكت وهو يعلم أن حامد بك سيقتل حسن لكنه سكت. عندما علمت السرايا أن هناك تدبيراً لأن حسن كانوا يراقبونه أربعاً وعشرين ساعة، من هذه المراقبات
ظهر أن هناك من سيقتله، يا سلام. أتمنى كثيراً يا رب أن يُقتل، فاتهمت القصر واتهمت الداخلية واتهمت المسؤولين وهكذا والإنجليز والإخوان، وهناك أيضاً من يقول لك: "لا، هذه القصة كلها خطأ، فالذي قُتل بالرصاص يا مولانا قُتل بالرصاص، الرجل ضربه الخاص به، وهو جرى وراء الرجل الذي ضربه، والذي ضربه هذا ركب، وكان اسمه جاد". أحمد حسين جاد، فأحمد حسين جاد هذا شاب لا يعرف القراءة ولا الكتابة وقادم من الصعيد، هذا فقط مهمة حامد، جاء يسأل عن البراهين بشأن عبد الله عليه وآله. لا، لحامد بتكليف من حامد جودة، بتكليف من حامد جودة. والقصص يحكيها لنا مشايخنا الذين يعرفون كل هذا والذي سيأتي الآن يقول لي لا، لم
يكن هكذا، لم يكن هكذا، لم يكن هكذا، لكن الذي حصل أن الرجل أشعل المواقف، أشعل المواقف إلى أن قُتل، لأن قتله جاء في الثاني عشر من فبراير، ومقتل النقراشي باشا في الثامن والعشرين من ديسمبر، يعني ليس هناك يناير بينهما، يعني يومان ويأتي يناير وهكذا أحضروا الفتى التالي هذا الأول وحدثت قضية، وهذه القضية نُظرت بعد الثورة، بعدما قامت بعد يوليو في أغسطس سنة اثنين وخمسين، فُتحت القضية مرة أخرى وحُكم على الأولاد الذين ثبت أنهم كانوا في مسرح الجريمة. حينئذٍ قام جمال عبد الناصر بعد ذلك بعمل أشياء كثيرة ليهدئ بال الإخوان، من ضمنها
هو فتح هذه القضية لأننا سنجلب قضية القتل، ومن ضمنها أنه أفرج عن تسعمائة وخمسين شخصاً من الإخوان المسلمين، نعم، وذلك لإشاعة أنه من الهدوء والولاء والثقة، يعني نعم، وكان من ضمن الذين أُفرج عنهم قتلة الخزندار، نعم، كان شاباً طويلاً هكذا، وشاباً قلت لك عنه قبل ذلك. في حلقة سابقة وشاب سمين ويجلسون يمزحون ويهزلون وما إلى ذلك وهم ليس لديهم وعي، المسجد لم يخرج منه تسعمائة وأربعون شخصاً، هذا رقم كبير في هذا التوقيت طبعاً اهدأوا الآن، أتعلمون في اليوم الذي خرج فيه حسن دوح كان هناك شاب منهم مثل هذا اسمه حسن دوح، حسن هذا هو إن شاء الله، عزاكر عنه، كان أصل كل هذا سمعناه
من مشايخنا. كان في ورطة: هل هؤلاء الجماعة على حق أم على باطل؟ هل نسير وراءهم أم لا نسير؟ هل هم صحيحون أم مخطئون؟ وكان مشايخنا يعرفون كل هذا لأنهم لم يكونوا يحبون الأزهر، وكانوا يصفونه بأوصاف سيئة. والأزهر في النهاية هو الذي يملك العلم الذي ستُفسِّر به النصوص والذي ستُفسِّر به الواقع. فالذي يحدث أن هؤلاء الناس صوتهم عالٍ جداً عندما تدخل على وسائل التواصل الاجتماعي، تجدهم يبذلون مجهوداً يفوق الخيال، كتائب إلكترونية، وليس هذا فحسب، بل حتى التجهيز والتقسيم للكتب والمحاصرة الفكرية للناس. الله يكون في عون الناس، لكن نحن مما أنعم الله به علينا أن التقينا
المشايخ الأتقياء الأنقياء، صحيح قوام الليل وصوام النهار، ولسانهم رطب بذكر الله. التقيناهم، عرفنا فيهم العلم والتقوى والدعوة، وعرفنا وشاهدناهم بأعيننا وهم في المجتمع. وأن هذا في الحقيقة، الإخوان المسلمون خدعوا ناساً كثيرين حتى من غير الإخوان عندما وقعوا في الورطة أيضاً والخطأ والخطيئة التي حدثت بتعذيب السجناء، أستأذن
فضيلتك بعد الفاصل لنفهم أين كانت انعكاسات قتل حسن البنا، وهل ظهرت الحقيقة في هذا التوقيت أم لا. فاصل ونعود لاستكمال هذه الرحلة مع فضيلة الدكتور علي جمعة. مقتل حسن البنا هنا مولانا وفكرة أنه عبد الناصر. أفرج لهم عن تسع مائة وأربعين سجيناً في هذا التوقيت منهم قتلة الخازندار. هل كان ذلك في إطار صفقة أو رغبة في تثبيت دعائم الحكم آنذاك؟ وما كانت انعكاسات مقتل حسن البنا على الجماعة في هذا التوقيت؟ يعني طبعاً نحن فيما بين مقتل حسن البنا في الثاني عشر من فبراير. سنة ألف وتسعمئة وتسعة وأربعين، وإفراج عبد الناصر الذي كان فيها قد مضى عليه حوالي أربع أو خمس سنوات. عبد الناصر عندما أفرج عن هؤلاء الناس، أفرج عنهم بغرض تهدئة الحال بين
القوى السياسية الموجودة. القوى السياسية الموجودة هي الأحزاب، والأحزاب لا تعمل إلا لمصالحها، فالإقطاع يريد مصالحه. وفقط ليس لنا علاقة بأي شيء، لا دين ولا دنيا ولا مصر ولا مستقبل ولا أي شيء. الإخوان المسلمون وهؤلاء يلتف حولهم كل التوجهات الدينية والصور والشعب الجديد، فمن يريد أن يهدأ باله لن يستطيع أن يصطلح مع النصف في المائة الذين يمثلهم الاقتراع، لكن يمكن أن يصطلح مع التوجهات اختلاف المسلمين، فأنا أخرج لك هكذا على أساس أنك تفهم رسالة أنني معك صحيح، وتفهم أن هذه بداية جديدة للمجتمع. فكان الرد على ذلك أن حسن دوح في المنيال يلقي خطباً
عصماء يلعن فيها عبد الناصر ويلعن فيها الثوار، بعد هذا الافتراق. طوال الوقت يغرد خارج السرب، يعني طيب. أنتم هكذا في غباء سياسي حقيقي وهكذا تحسبونها خطأً. لا، نحن نريد أن نحكم من وراء ستار، فعُرض هذا الأمر وأُرسل لعبد الناصر أننا نريد أن نحكم من وراء ستار، فقال لهم: لا يصلح هذا، الحكم يجب أن يكون في العلن واضحاً وجلياً. تذكر ما فعله مكتب الإرشاد بمرسي، يا وما فعله حسن الهضيبي مع
عبد الناصر، وبعضهم يدَّعي في أدبيات الإخوان أن عبد الناصر كان منهم. لماذا كان عبد الناصر منهم؟ لكنه لم يكن مثل محمد مرسي. كان مرسي رجلاً واعياً حقاً، وطنياً محباً لبلده، ويضع وطنه قبل هذه الجماعة التي ذهب لزيارتها وقال لهم: "السلام عليكم"، فقالوا: "ما..." إذا أتى أحدهم ليقول إنك لأنك قابلت عشر دقائق عمر التلمساني فأنت من الإخوان، فليس بعيداً أن يقول إن عبد الناصر كان من الإخوان، أو يقول مثلاً إنك بتحقيق علي جمعة شهيد المحراب، أو بتحقيق علي جمعة أو لأنني خرَّجت الأحاديث أكون من الإخوان، فأقول له حسناً. الحمد لله، عبد الناصر لم يكن من الإخوان، عبد الناصر كان وطنياً قدّم الوطن على الجماعة. مرسي لم يفعل هكذا، اصطدم بالحائط. صحيح أننا ننبه الشباب
فقط لحقائق موجودة، وهي يا جماعة: من ثمانية وعشرين إلى اثنين وأربعين كنا نسير بشكل صحيح، من ثمانية وعشرين إلى اثنين وأربعين لم يكن لدينا عنف ولا لدينا سياسة ولا لدينا ظاهر وباطن دين موازٍ ولا لدينا بهذا الشكل دين موازٍ لأننا مثل جمعية، والجمعيات كانت كثيرة: جمعية شبان المسلمين، جمعية الهداية، جمعية السنة المحمدية، جمعية الشرعية، جمعية أي شيء، لكنكم تركتم هذا إلى الدين الموازي الذي من خصائصه أنك أنت... تجمع بين الظاهر والباطن، السلم والعنف، الدعوة والسياسة. ماذا نفهم بأبسط من ذلك؟ وماذا نفهم أن هذا المزيج الذي صنعتموه يشبه عصير
الجوافة والمانجو مع الفراولة يُخلط في الخلاط؟ هذا المزيج الذي صنعتموه علماء الأزهر ضده، وهناك أقفال يا مولانا، أي هناك أقفال على القلوب وعلى... العقول يعني نرجو الله أن تحل لمصلحته دنيا وآخرة ولمصلحة الوطن والعباد والبلاد. فماذا كان الأزهر سيخسر عندما فعل عبد الرحمن عمار ذلك؟ ثم ماذا حدث بعد ذلك؟ جاء الشيخ المراغي وذهب إلى عبد الرحمن بيك عمار. كان شيخ الأزهر في ذلك الوقت، وكان الشيخ هو شيخ الأزهر وابنه المرتضى الذي أصبح بعد ذلك وزير داخلية ذهب إلى عبد الرحمن بيكيه عمار وهنأه، هنأه على ماذا؟ على المذكرة التي كانت سبباً في حل الجماعة التي
كانت سبباً - أي حل الجماعة - في مقتل النقراشي باشا الذي كان سبباً في العدوان على السعديين إبراهيم باشا عبد الهادي الذي أصاب التي مقتل حسن البنا... انظر كيف تتدهور الأمور. لماذا؟ لأن هناك حساباً خاطئاً. زلّ حسن البنا عندما قال لهم: "أفرجوا عنهم"، لكنهم لم يفرجوا عنهم، وقال لهم: "ليسوا بإخوان وليسوا بمسلمين". صحيح أنه فعل ذلك بعد مقتل الخازندار وليس محمود فهمي النقراشي المؤرخ. لا، محمود فهمي النقراشي المؤرخ، ونُشرت بعد مقتل البنا ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين، كتبها بخط يده ونُشرت بعدها، ربما لكي يتهموا الإخوان بأنهم قتلوه. فها هو الزعيم يقول بعد أن يأمرني بأن أذهب وأقتل، يقول: "إنني
لم أخبره، أنا لم أقل"، ويقسم حسناً، فلنقتله إذن. وبالفعل قيل إن الإخوان هم الذين قتلوه. هذا ما حدث. ما سمعناه من مشايخنا أن حامد جهده هو الذي دبر هذا بمعرفة القصر وبمعرفة الحكومة، بل إن محمود عبد المجيد كان ينتظر الشاب بسيارته. من هو محمود عبد المجيد هذا؟ إنه ضابط في المباحث السرية، كان ينتظر بسيارته لكي يأخذه مسرعاً في البوليس السري أو... القلم السري في القلم السري، نعم ولكن الذي دبر والذي احترق قلبه لم يأتِ في القضية. نعم، عندما تطّلع على أدبيات الإخوان تجدهم لا يعرفون هذه القصة، هذه أول مرة يسمعونها أن القاتل هو أحمد حسين جاد بك. لا، هذا معروف، لكن من الذي وراءه؟
نعم، حامد بك. لم يظهر جودة في الصورة انتقاماً، أم على وعي بذلك؟ إنه لم يظهر في الصورة، أي أنهم أيضاً غير مصورين. هل يتم التعامل معنا هكذا يا مولانا؟ لا، هذا جهل، حامد جهده. يذكرون في أدبياتهم أنهم ضربوا سيارته، وللأسف كانت زوجته فيها، وللأسف كان المقصود هو إبراهيم باشا. يقولون في أدبياتهم هكذا، فهم يعرفون حامد جودة ويعرفون أنهم ضربوا زوجته، لكنهم لا يربطون بين حامد جودة وبين هذه القصة. وحتى الأجهزة تقول لك "إن حسين هو الذي ضربه ومحمود هو الذي أخذه وهرب" وهكذا إلى آخره، وتحكم عليهم فعلاً، فيكون الأمر قد انتهى، لكن... ما يحدث وراء الكواليس يُفهمنا أموراً أعمق من ذلك، وهي أن الشعب
هو الذي قتلك، جزاءً من جنس العمل يا مولانا. أي أن الذين قتلوا يجنون ثمار ما زرعوه. حسناً، ولماذا لم تفك الجماعة؟ نعم، ماذا كان سيحدث عند فك الجماعة؟ كان سيحدث أن كل هؤلاء الشباب... المجرمون ليسوا تابعين لي، صحيح أنني مكثت في البيت. لو كنت من أتباع حسن البنا وارتكبت هذا الخطأ، لذهبت روحي على خطيئتي وأصبحت ملازماً لبيتي، لكنه لم يفعل. دعك من هذا يا مولانا، شكراً جزيلاً. سنتحدث إذاً عن الهرم المقلوب كما تحدثنا عن الدين الموازي في الحلقات القادمة. ألا تحب بلدك؟ سنصل إلى سيد قطب واحدة تلو الأخرى. أشكر ضيفي الكريم العلامة الجليل فضيلة الدكتور علي جمعة، وأشكركم على حسن المتابعة. وفي لقاء قادم يتجدد بإذن الله، أو تتجدد هذه الرحلة، وننهل من هذا العلم وهذا التاريخ. مشاهدينا الكرام في برنامج "المتشددون"، دمتم في أمان الله ورعايته، وإلى