المتشددون | حـ 14 | سيد قطب ماله وما عليه جـ 1 | أ.د علي جمعة

هذه تحية لكم من عند الله طيبة مباركة مشاهدينا الكرام. لقاؤنا الإيماني الفكري يتواصل في حلقات برنامج "المتشددون" وفضيلة العلامة الأستاذ الدكتور علي جمعة. ننهل من علم فضيلته ونستوضح الكثير من الحقائق، وأرحب به دائماً وأبداً. أرحب بفضيلتكم مولانا، أهلاً وسهلاً بكم. الحقيقة أن مجموعة الحلقات الماضية كانت فيها... إطلالة تاريخية ونحاول حقيقة من خلال هذه الحلقات أن نوضح حقيقة الإسلام المعتدل البعيد عن هؤلاء الذين يختزلون الإسلام في صورة تعبر عنه أسوأ تعبير. تحدثنا في الحلقة الماضية عن الهرم
المقلوب وقبله عن الدين الموازي وعن مقتل حسن البنا، وفضيلتكم وعدتمونا بالحديث عن سيد قطب في مجموعة من الحلقات لو سمحت لي، من الواضح أن هناك غياب لفكرة التوثيق والتاريخ فيما يتعلق بالإخوان ومنهج عملهم. هل تعطينا مجموعة من الأمثلة لمفهوم التوثيق والفرق بين جماعة الإخوان والأزهر الشريف بعلمائه الكبار ورجاله؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أذكرك. في بداية حلقاتنا واجتماعنا في هذا اللقاء المبارك، تحدثت عن المرتضى الزبيدي، والمرتضى الزبيدي كان صاحب مشروع قومي فكري يريد بالمحور الإسلامي أن ينهض من كبوته التي اعترف بها الجميع، والتي اشتد هذا الاعتراف بعد الحملة الفرنسية، وبعدما رأوا
كيف المقارنة بين ما عليه أسلحة المماليك البنادق الخربة وبين. ليس بمستوى التنظيم المتقن الذي يتمتع به الجيش الفرنسي، نعم، حتى أن حسن بن الجبرتي في تاريخه يتحدث عن أنه رأى أشياء عجيبة تحدث، وهي عبارة عن مواد كيميائية توضع بعضها مع بعض فيخرج دخان أزرق ودخان برتقالي ودخان أحمر وهكذا، فقال إنها أمور لا تدركها عقول أمثالنا، لأن الكيمياء وهكذا تطورت كثيراً، والكيمياء عندنا كانوا ما زالوا يبحثون عن كيفية تحويل النحاس إلى ذهب، هذه هي الكيمياء،
ولن يتحول النحاس إلى ذهب إلا بطريقة معينة من الوزن الذري، من الجزيئات إلى آخره. المهم أن الناس التفتت، المرتضى الزبيدي [عام] ألف ومائتين وخمسين، ويريد إحداث نهضة، والنهضة بناها كما قلنا. على ثلاثة: التوثيق والأخلاق ومنظومة الأخلاقية واللغة العربية، اللغة الصحيحة، لأن اللغة والفكر وجهان لعملة واحدة، ولن تستطيع أن تبدع وأن تنطلق إلا بلغتك. ولذلك نرى اليابان في تطورها الصناعي الرهيب الذي سيطرت به على العالم، والصين كذلك يحافظون على لغتهم كما قلنا، ونحن هنا في مصر قبل أن نذهب. يقول اليابانيون لنا إن الجاهل الذي يعرف ست لغات، ذهبنا فوجدنا أنه لا يوجد شخص يعرف أي لغة، إنما اللغة اليابانية فقط، اللغة اليابانية فقط،
والترجمة فورية لمنتجات العقل البشري في كل مكان، وبهذه اللغة اليابانية بدؤوا يفكرون، بدؤوا يطورون، بدؤوا يصنعون، بدؤوا يتمكنون، صحيح أن جماعة الصين، في الصين كان لدينا قبل أحداث الثورة ستة وثلاثون ملياراً، وكنا نبسط ستة وثلاثين ملياراً إلى أربعة تريليونات، أربعة تريليونات تعادل أربعة آلاف مليار، ليست ستة وثلاثين. انظر من ستة وثلاثين إلى أربعة آلاف، يبدو شكله كأنه يقول أربعين إلى أربعة آلاف مليار. هل تدرك كيف؟ فمن واحد إلى مائة تقدمت الأمم هل تلاحظ أنه كان من المفترض أن نكون نحن أكثر منها، لكن هذا لم يحدث؟ حسناً، من المفترض أن يكون ثلاثة عشر مرة، لكن هذا
مائة مرة. إذاً هناك أناس يريدون الإتقان، وأناس يريدون العمل. كل هذا الكلام بدايته أن تنطلق، وانطلاقك هو اللغة. انظر كيف أن الكلام كلام تقي. علماء الكلام وعلماء الاجتماع يعرفون كيف يبدو الإنسان، ويعرفون الإبداع، ويعرفون كيف هو الاجتماع البشري. أما المشروع الوهمي الذي قدمه لنا الرئيس المعزول والرئيس المخلوع والرئيس كذا محمد مرسي، وقال إنه مشروع النهضة، ثم تبين أنه لا توجد نهضة. مشروع النهضة الحقيقي كان مع المرتضى الزبيدي، مائة ألف، مائتان وخمسة جاءت الفرنسية إلينا سنة ألف ومائتين وثلاثة عشر في التوثيق، ولذلك بدأ يوثق الروايات ويعلم الناس كيف يوثقون. مرتضى الزبيدي - وهذا شيء لم نذكره
- أراد أن يعلم الناس التوثيق الصحيح، فجمعهم لدرس في صحيح البخاري. جمع من؟ لم يجمع العلماء بل جمع العوام. يا سلام! سيقرئهم البخاري بالأسانيد. هذا العام بالكاد يقرأ ويكتب بصعوبة. قال: لا، يجب أن أنظف عقله وأجعله يفكر التفكير المستقيم. فذهب ووجد إسناد البخاري وقام بعمل ما يسمونه الآن "التصنيف" (Classification). هل أنت منتبه سيادتك؟ قال: كم حديث في البخاري إسناده ثلاثة أشخاص ثقات؟ أشخاصٌ عن سين عن صاد عن عين
فلقد وجد واحداً وعشرين حديثاً، وكأنهم بجانب بعضهم، وما هذه الثلاثيات؟ لأن السند فيه ثلاثة أشخاص فقط. حسناً، وأين الرباعيات؟ السند الذي فيه أربعة، رحمة الله عليهم وحدهم. وأين الخماسيات؟ وأين السداسيات؟ وأين السباعيات؟ وما هو أكثر شيء في البخاري؟ ما هي التساعيات؟ صنّف كل ذلك ليكون ثلاثياً، رباعياً، خماسياً، سداسياً، سباعياً، ثمانياً، تساعياً، صنّف. وقال لهم تعالوا إلى الأحاديث الواحد والعشرين هذه بأسانيدها، فيها كم سند؟ فيها كم من الثلاثيات؟ فوجدوا سبعة أسانيد. قال لهم: حسناً، احفظوا السبعة أسانيد. وحفّظهم السبعة أسانيد. عندما تقول: مالك
عن نافع عن نافع عن ابن عمر، خلاص عرف أنه مالك عن نافع عن ابن عمر. قال له: "أتعرف الحديث الأول هذا؟ مالك عن نافع عن ابن عمر في ثلاثة أحاديث، أتعرف الثاني هذا في الحديثين؟ ذاك في كذا". فذهب البخاري وحفَّظهم الثلاثيات، حفظهم بنفسه عشرين حديثاً في مجلس واحد. ثلاثة أربعة خمسة ستة، الناس حفظت، والناس لم تعد تنفر أو تشمئز من السند ومن العنعنة، وتحول ذلك إلى نوع من أنواع الشهوة، أنه يريد أن يعرف من الذي في السند لكي يرى أصحيح هو أم لا، لكي يرتاح عقله. الشيخ مات، الشيخ المرتضى مات بعدما علمهم الثلاثيات ودخل في توفي رحمه الله تعالى، لكن
المدرسة وفكرتها وما ستوصلنا إليه أمر مهم. أنا رجل قرأت كثيراً في السياسة - وإن كنت لست سياسياً - وقرأت كثيراً في علم الاجتماع، وأعرف أن داعش وغيرها والإخوان والكلام الفارغ كله ناتج عن عدم التوثيق. أنا لا شأن لي بأمور كثيرة جداً، لكن غياب حتى ولو ادعت الإسلام ولو ادعت أنها تعمل بالليل والنهار لوجه الله وأنه لا فساد في وسطهم، كل هذا الكلام مصيبة لأنه مخالف للحقيقة. ما هي الحقيقة؟ أنهم لا يوثقون، لا يوجد توثيق عندهم. هل أنت منتبه يا سيدنا؟ ولذلك عندما يأتي شخص ولا يوثق،
نتركه ونقول له: لا، وثق الكلام الذي تقوله هذا غير موثق يا أخي. عندما كان العقاد في سنة ألف وتسعمائة سبعة وأربعين سعدياً، ولما رأى الإخوان يعتدون على أحمد ماهر وعلى سليم زكي وعلى فلان وعلان وكذا، وهؤلاء سعديون، كتب مقالاً في جريدة "الأساس" التي كانت جريدة السعديين. ممتع كبير وقال هو كان واسع الاطلاع على العقاد وكان أنيس منصور - رحمهم الله جميعاً - يذهب ليسأله عن جماعة اليهود والماسونية وهذه الأمور، وكان واسع الاطلاع في هذا المجال. وعندما ألَّف عبقرية محمد وألَّف عبقرية المسيح، اتصل به اليهود وقالوا له: "اعمل لنا
عبقرية موسى ونحن نُحضر لك شاهدتها، كان يحب الكتب ما شاء الله. رفض لأجل الحالة الصهيونية التي تتمسك هنا وهناك وتضرب. لم يكتب عن سيدنا، فسيدنا موسى لم يكتب عنه "عبقرية موسى" لماذا؟ لأجل الحالة الخاصة باليهود والحالة الموجودة، فذهب وكتب مقالة بسعة اطلاعي هذه يتحدث فيها عن أن حسن. البنا مغربي وأنه يبدو كأنه يهودي من أصل يهودي. الناس نسيت كلام العقاد وأصبحت تتناقل هذا، لكن بالرغم من هذا، فإننا لا نعتمد على هذا. صحيح أنه بعد ذلك في عهد الرئيس عبد الناصر وصدامه مع الإخوان، بحثوا
عن هذه القضية فوجدوا قصة. في ماذا؟ في شيء بحثوا عنه، كيف قاموا بالذهاب للاطلاع على التوثيق، ولذلك عندما أجد أناساً يوثّقون أقول سبحان الله، هذا هو أسلوبنا. وعندما أجد أناساً مثل الألمان يتقنون منهجية العلم، أقول هذا هو الإتقان الذي نبحث عنه. وعندما أجد أناساً رحماء، أقول هذه هي الرحمة التي نعتز بها. فالحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق بها. على أي أساس أن هذا الشاب جاء من أين وذهب إلى أين؟ فإذا به لم يجدوا إطلاقاً في المحفوظات المصرية أي كلمة عن عائلة البنا. وجدوا كلمات عن عائلة الساعاتي، عن عائلة الساعاتي الذي هو عبد الرحمن الساعاتي. هو أبوه اسمه الساعاتي وليس البنا، فذهب وأخذ
من هذا عباس محمود ما معنى "ماسون" باللغة الإنجليزية؟ قال إنه يكون ماسونياً. هل لاحظت الربط؟ قال إنه يكون ماسونياً، والماسونية حركة يهودية. وعائلة الساعات التي هاجرت من المغرب إلى مصر هي إحدى العائلات التي كانت يهودية ودخلت الإسلام في عهد محمد بن عبد الله بن طومه الذي ادعى المهدية وأنشأ دولة المرابطين. سفرُ ثلاثِ عائلاتٍ كبيرة، كلُّهم يعملون بالساعات، وكلُّهم اسمُهم الساعاتي، من المغرب إلى مصر بعدما أسلموا. هناك في المغرب، وأسلموا منذ ذلك الوقت، لكنَّ أصولَهم كانت يهودية. فذهبوا وبحثوا في أمر محمد بن عبد الله بن تومرت، وهو الذي أسلم الناس في عهده،
فوجدوا أنهم أسلموا لأسباب سياسية. في يوم من أيام محاكم التفتيش هكذا في الأندلس، نعم لكن ما في القلب في القلب، أي أن ما في القلب يظل في القلب. حسناً، وأين العائلتان الأخريان؟ قالوا إنهما اختفتا، لا وجود لهما في التاريخ إلا هذه العائلة التي سمت نفسها فيما بعد البنا. وكل هذا موجود معنا ولكن متأكدون مائة في المائة من التوثيق. إذًا، الفارق بين الأزهر والإخوان وبين الإخوان... التوثيق الحديث يطول يا مولانا. لو أذنت لنا بفاصل قصير ونعود بعده، تفضل لاستيضاح كثير من مفاهيم التوثيق. حضرتك يا مولانا عرفتنا بنقطة مهمة جدًا تاريخية أثارت أزمة كبيرة، لكن ليس حولها معلومات كافية. نستوضح أكثر بعد هذا اللقاء أو بعد هذا الفصل. انتظرونا
مشاهدينا الكرام. أرحب بكم مجدداً مشاهدينا الكرام، حلقة اليوم من "المتشددون" مستمرة وأرحب مجدداً بفضيلة مولانا العلامة الدكتور علي جمعة. الحقيقة يعني بالنسبة لي أمور تستحق أن أتوقف أمامها مولانا، يعني لأننا كنا نسمع هذا الكلام لكن ليس هناك... رواية دقيقة أو توثيق كما تفضلت فضيلتك، لقد ذهبنا ولم نجد شيئاً في المحفوظات عن حسن البنا، وعن عائلة البنا، لكننا وجدنا عن الساعاتي، وجدنا عن الساعاتي. ما قصة هؤلاء الساعاتي؟ وجدنا أن بن تومرت في المغرب هناك دخلت [سلالته] في ثلاث عائلات اسمهم الساعاتي، دخلوا. الإسلام ربما خوفاً من بطشه وليس علاقةً، لا، هذا اتفاق سياسي بالتفصيل موجود. حسناً، أين الساعة؟ من هم هؤلاء؟ أي ساعاتي فيهم؟
الثلاثة، كانوا يهوداً. حسناً، يهودي وأسلم، لا توجد مشكلة، لا توجد مشكلة. إذاً، وأنا في الأزهر، الذي أقوم به هو عملية التوثيق وليس عملية التلفيق. هل هناك فرق بين التوثيق والتلفيق؟ عندما تدخل على الإنترنت على مواقع الإخوان تجد تلفيقاً لا يكتشفه إلا الخبير. يحذفون كلاماً ويضعون كلاماً بجوار كلام آخر لكي يصبح مردود الكلمة مختلفاً. يا أخي، لديهم صبر على الضلالة ولديهم أموال لأنها كتائب إلكترونية حقاً. الله يكون في عون الناس حقاً. يوم القيامة سنرى أشياء أخرى كثيرة. فحضرتك، خمسة
وستين أو ستة وستين جريمة من جرائم إصابات الإخوان المسلمين نشرتها المؤسسة القومية للنشر، الدار التي أصبحت فيما بعد الهيئة المصرية العامة للكتاب. ماذا حدث في هذه القصة؟ حدث شيء يُظهر لي هذه العقلية وكيف تختلف عن عقلية أنه جاء في السجن ومقبوض حينها على حسن الوضيبي، الله يرحم الجميع. حسن الوضيبي هذا مَن يكون؟ هذا مستشار، كان قاضياً. اعترض على عبد الرزاق
السنهوري. فضيلتك حكيت لنا القصة التي اعترض فيها على القانون، فقالوا له: "حسناً، والله لقد وجدناك، اكتب لنا إذاً الاعتراضات". فأجاب قائلاً: "لا، أنا معترض على الفكرة نفسها". الاعتراضات، ويبدو أن هذا هو الذي رشحه أن يكون خليفة لحسن البنا، حيث أن كل مكتب الإرشاد تقريباً لا يعرفه. نعم، فالمهم أن حسن الهضيبي بعد ذلك وقع في محاكم الثورة سنة أربعة وخمسين، والمحاكمات مطبوعة، طبعتها دار الاستعلامات. فصالح سالم يسأله قائلاً له: "يا أستاذ حسن، لما القوانين هذه قالت لزينب: "أنت تحكم بها كيف؟" فبدأ يقول: "لا، إن القانون المدني كله متفق مع الشريعة الإسلامية إلا مادة واحدة فقط، وهي أنه يأخذ خمسة في
المائة على القرض إذا تأخر عنه". قالوا: "حسناً، وماذا كنت تفعل بها؟ أنت والقانون المدني كله، انظر واعترف عندما أرى". أعترفُ أن كل القانون المدني موافقٌ للشريعة الأولى وهو هناك في البرلمان سنة ثمانية وأربعين، ليس معترفاً. هو ضد هذه الفكرة الساذجة والبسيطة. هذه هي عقلية الإخوان. أما عمق الدولة وإدارتها وتنظيمها وقانونها فهذا هو ما عليه علماء الأزهر الحقيقيون والمنهج الأزهري، وليس شخصاً أزهرياً يعني مجرد متخرج من الأزهر. لقد رأينا مثل الرجل يوسف القرضاوي وغيره فحضرتك لا، هذا هو المنهج، فقال له: أنا كنت أحكم
بكل شيء إلا هذه المادة. قال له: ماذا كنت تفعل فيها؟ قال له: كنت أحاول أن أصلح بينهم ليسامح بعضهم بعضاً. انظر إلى هذه السذاجة، السلام ليصلحوا بعضهم. طيب افترض. قال له: في أنَّها يجب أن تُصدِّق حُكمَك، أي قال له: "أحوِّلها مرةً أخرى". قال له: "حسناً، أنت بهذا تُحوِّل له الكفر أو الحرام أو ما شابه"، فسكتَ ولم يستطع الإجابة. حسن الهضيبي رحمه الله، كان في السجن الحربي، فجاءه شخصٌ ليأخذ منه حديثاً صحفياً، وبعد ذلك قال له: "أنتم ماذا تريدون ماذا؟ أنتم قتلتم أولادي وزوجتي! فماذا تريدون مني؟ فقال له: نحن قتلنا أولادك وزوجتك؟! زوجتك وأولادك
موجودون في ميدان الجامعة هناك، موجودون يعني أحياء. قال لهم: لا، أنتم قتلتموهم والله العظيم قتلتموهم. فقال له: أتحلف بالله العظيم أننا قتلنا زوجتك وأولادك؟ يا رجل، اخجل وعيب عليك! حسناً. ثم ذهب. مدير السجن أمسك الهاتف وقال له: اعطِني رقم منزلكم. واتصل به، فردّت السيدة زوجته. قال له: يا سيدي. قال لها: يا سيدتي، نحن هنا في السجن الحربي ومعي المستشار، سيتحدث إلى حضرتك. تفضل معي المستشار، زوجتك أيضاً. فكلّمها حسن وضيبي قائلاً: هل أنتم بخير؟ قالت له: نعم، نحن بخير. قال
الأولاد بخير وتكلم معه هكذا ووضع السماعة وقد اغرورقت عيناه بالدموع، يعني فرح أن زوجته وأولاده لم يُقتلوا. قال له: "من أين أتيت بهذا الكلام؟" قال: "حدثني ثقة، ثقة". طيب بالله عليك، بعد ما عرفت أن هذا منهج عندهم، كل شيء نقوله يقول لك: "تقوله بتطرف"، يقول لك: "لا". حدثني عنه شخص ثقة، أي ثقة! الأخ الكبير أو الرئيس الخاص به، فيوسف القرضاوي. أنا سمعته وهو يخطب يتحدث هكذا ويقول: "هذه سلمية، هذه سلمية". هم قالوا له هكذا. من الذي قال لك أنها سلمية؟ الذي قال له أنها سلمية هو الثقة، الخاصة بهم، الذي قال لحسن الهضيبي وجعله قُتِلَتْ وأنّ أولاده قُتِلوا وكأنه أمرٌ مُسَلَّمٌ به لم يتحقق منه ولم يوثقه ولم تتغير
العقلية. الثقة يا إخواننا ليست هكذا التي تعلمناها في التوثيق، ليست هكذا يا سيد حسن، صحيح؟ فقال له: حسناً، وماذا ستفعل في اليمين الذي أقسمته الآن بأننا قتلنا ونحن لم نقتل؟ ماذا تفعل؟ ماذا في هذا؟ قال له: كفّر عن يمينك، تكفّر عن يمينك. وأنا أتحدث عن مسألة فقهية، حكم فقهي أنك أخطأت، فتبين بعد ذلك أنه خطأ، فتكفّر. ولا أتحدث عن العقلية التي فقدت التوثيق. هذا هو الفرق الذي بين الأزهر وبينهم. صحيح، الفرق الذي بين الأزهر وبينهم أن الأزهر من أهل لا لستُ من أهل العلم، فعندما وقع الحدث الأخير ووقفنا مع بلادنا وجيش بلادنا، صحيح أن
جماعة القرضاوي ألّفوا كتاباً يردون فيه على مفتي الديار وشيخ الأزهر. حسناً يا قرضاوي، ماذا قال؟ أنت تقول يا جمعة أن مصر مسلم؟ نعم مصر مسلم يا غبي. نعم، مصر مسلم بالطبع، فماذا إذن؟ مصر ماذا تخفي؟ الله! يعني الدستور أنها مسلمة، والقوانين أنها مسلمة. تعال، هناك مادتان ليستا مسلمتين إطلاقاً تتعلقان بزنا المرأة المتزوجة وأنه لا يجوز تحريك الدعوى إلا لزوجها. حسناً، انظر إلى شيء في القانون، انظر إلى الفرق بين عقلية الدولة وبين عقلية الجماعة الهشة. لا يا... متعجرفون، نحن لدينا شيء
يا عزيزي يُسمى المحكمة الدستورية العليا، ولدينا طريقة لرفع الأمر إليها لمراجعة القوانين التي نرى أنها تتعارض مع الدستور. افترض يا قرضاوي أن هذه المادة كما تتوهم أنت أو يتوهم غيرك أنها مُعارضة للشريعة، حسناً، نذهب إلى الدستورية العليا إلى حضرة المستشار الجليل عدلي منصور ونقول برئاسته ونقول له المحكمة الدستورية ابحثي لنا فيه، قال: هي فعلاً معرضة أم لا؟ انظر كيف شكل الدولة، وانظر كيف شكل جماعات الهوى. وأنا أقول للإخوان المسلمين بالمناسبة، هذا الفرق يا جماعة هو الذي سيجعلكم تصطدمون بالحائط. أريد أن أحكي حكاية حكيم، إن
التاريخ يعطينا كثيراً، كان... لدينا مصري اسمه إبراهيم الهلباوي، وكان محامياً كبيراً جداً، فقد كان لسانه فصيحاً بليغاً، ولم يدخل قضية إلا وكسبها، وكان يأخذ في القضية ثلاثمائة جنيه. وكان الناس عندما يذهبون إليه يقولون: "إن لسان البهيمة يأكله ويؤذيه"، فيرد عليهم: "بعشرة قروش فضة مثلاً"، وهي قيمة مرتفعة. كثيراً ما يقولون: لماذا كان لسان الهلباوي؟ لقد كان اللسان هو الهلباوي، وانظر كيف وصلت محبة الناس للهلباوي إلى هذا الحد. لم يكن لدينا نيابة في مصر، فكنا نأخذ المحامين، أول واحد، ونجعله مدعياً. فوقعت المسألة مع الهلباوي، فأصبح واقفاً ضد وطنه في الدنيا قليلاً. ضاع الهلباوي وذهب الهلباوي، ونحن
للناس الذين ضد مصر، ونقول للناس الذين ضد البلد وضد هذا البلد المسلم الشريف، نقول لهم: الشعب سيسحقكم، لأنه شعب صاحب حضارة تمتد لسبعة آلاف سنة، وصاحب ديانة منذ مجيء الإسلام حتى الآن. شكراً لك يا مولانا، لا فضيلتكم، شكراً جزيلاً. حقيقةً، يعني فكرة التوثيق وأهميتها كمنهج علمي. ما ميَّز الأزهر عبر التاريخ وعبر القرون لا يمكن مقارنته بجماعة هشة كما أوضح فضيلة العلامة الجديدة الدكتور علي جمعة. إذاً الحديث يتواصل والرحلة متواصلة في موضوع المتشددين، ولقاء قادم بإذن الله. حتى ذلك الحين نترككم في أمان الله ورعايته وإلى