المتشددون | حـ 16 | سيد قطب ماله وما عليه جـ 3 | أ.د علي جمعة

المتشددون | حـ 16 | سيد قطب ماله وما عليه جـ 3 | أ.د علي جمعة - المتشددون
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مشاهدينا الكرام، يتجدد اللقاء وتتجدد الرحلة الإيمانية مع برنامج "المتشددون" وعالمنا الجليل فضيلة العلامة الدكتور علي جمعة، لنتحدث عن الفكر المتشدد وكيف أنه أبعد ما يكون عن الإسلام المعتدل. تحدثنا في حلقات سابقة كمقدمة عن سيد قطب الذي يعتبره الكثير من المؤرخين أنه إمام. المتطرفين أو الفكر المتطرف والتكفير، نستزيد من فضيلة العلامة الجليل أستاذنا الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء. مرحباً فضيلتكم يا مولانا، أهلاً وسهلاً بكم. مرحباً، كانت مقدمة عن سيد قطب في حلقتين سابقتين،
تحدثنا عن كتابه وعن تغيير فكره بعد أن دخل إلى السجن، ثم كان حافظ وهبة تمهيداً. أيضاً وكتاب "لماذا أعدموني اليوم"، إذا سمحت لنا فضيلتك، نود أن نتحدث عن أحوال سيد قطب، أي منذ انضمامه إلى الإخوان. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. سيد قطب في الحقيقة بعدما انضم إلى جماعة الإخوان المسلمين وقد ذكرنا قبل ذلك أنه دخلها في أمريكا نعم، وعندما كان في أمريكا ووجد الناس قد فرحت في سنة تسع وأربعين لأنه ذهب إلى أمريكا سنة ثمان وأربعين من أجل الدراسة وما إلى ذلك، فوجد أن الناس منبهرة بمقتل حسن البنا وفرحة
بذلك، طبعاً الإعلام العالمي ضد حركة الإخوان المسلمين ويصور الإخوان المسلمين على أنهم يريدون أن يعيدوا مرةً أخرى، قضية الخلافة والغرب. لقد جلس الغرب أكثر من مائتي عام من أجل ألا تعود الخلافة الإسلامية مرة أخرى، لأنها ضد مصالحهم وتمثل خطراً عليهم ضد مصالحهم. كيف ولماذا هي ضد مصالحهم؟ إنها ضد مصالحهم لأن الغرب وضع الدولار عنواناً للنجاح وعنواناً للفشل، والدولار هو عبارة عن الحصول على الدولار فأنت ناجح، وإذا لم تستطع الحصول على الدولار فأنت فاشل. هذا فيما بعد ترجمه شخص أمريكي اسمه فريدمان. وفريدمان
هذا حصل على جائزة نوبل عندما جعل هناك مقياساً للقيم بالدولار، واستطاع بنظريته هذه أن يفوز في الاقتصاد. وكان هو وزوجته لهما برنامج يومي تقريباً في التلفزيون الأمريكي إلى أن مات هو وزوجته، ومن هنا فإنه لا بد من الدولار، والدولار لا يتأتى إلا بالبيع والشراء بالإنتاج. فلا بد من تقديس الإنتاج، ويتأتى بالأسواق، فنريد أن نسيطر على أسواق العالم. ولذلك دائماً أي ما سيعاكس هذا النظام فإنه سيكون عدواً له. ما علاقة هذا بالحق والباطل؟ قضية
ثانية: الأمريكيون أو الغرب أو العالم يسير بمقياس آخر غير مقياس موافقة ما جاء به سيدنا صلى الله عليه وسلم أو مخالفته، الذي نعيش به هو: هل سيغضب عني ربي أم سيرضى عني؟ حسناً، فالغرب يريد أسواقاً من أجل منتجاته، صحيح أنه يريد أن يبيع. ربطة العنق ويريد أن يبيع كل منتجاته يعني القميص، لا، إنما أقول ربطة العنق لماذا؟ لأنه سيأتي ليبيعها فيجدنا لا نرتدي ربطة عنق، نلبس قفطان، فيقول: لا، إن ربطة العنق جميلة، وعن طريق الإعلانات وعن طريق الثقافة وعن طريق كذا
نشتري ربطة العنق. إذن هذا لو دخلنا كنموذج للشراء للاستهلاك، فهذه مسألة. يحبها كثيراً ليس لأجل الدين، ليس لأجل الثقافة، ليس لأجل المبادئ، ليس لأجل أي شيء، إنما لأن فيها دولار فقط وانتهى الأمر. بعد ذلك أصبح لدينا نفط، وهذا النفط يشغّل السيارات والمصانع، فأصبحنا مهمين لأجل الدولار، لأننا هكذا أصبح لدينا مواد خام، فسيأخذها منا فقط يريد تأمين احتياجاته. النفط ومن الوجود ليس لأجل أن يدخل الجنة حيث إنه لا يعتقد لا في جنة ولا في نار. ما شأنه بهذا الأمر؟ فالرجل يُظهر سذاجة كبيرة جداً وهو يتحدث عن نفسه أنه أول ما وجد هناك أن الأمريكان سعداء نعم بمقتل حسن البنا. بمقتل حسن البنا قال: ما هذا؟ ما هذا؟ إذاً حسن البنا على حق. هذا
الربط أريد فقط أن ألقي عليه ضوءاً قوياً بأنه ليس هذا عمل العلماء، بل هو عمل أناس بسيطين جداً وتافهين جداً. صحيح هل تنتبه حضرتك وكيف أن سيد قطب كان بسيطاً جداً وكان تافهاً جداً ووضع نفسه في مكان ليس له، ولذلك هل هو صدر نفسه أم مريديه الذين صدّروه يا مولانا؟ يعني لا هو الذي صدّر نفسه، هو منذ زمن وهو يكتب ومنذ زمن هو في مدرسة العقاد ومنذ زمن وهو يناظر الشيخ محمد الغزالي، كانوا هذا يكتب مقالاً، وهذا يكتب مقالاً، ومنذ زمن وجد نفسه يكتب جيداً فظنّ نفسه أديباً، هذه هي الحكاية. يعني ليس هناك أكثر من أنه شخص
أُوتِيَ شيئاً من البلاغة بطريقة معينة، حتى أنه يتحدث عن نفسه ويقول على ما تعودت عليه أربعين سنة، وهو يكتب "لماذا أعدموني"، وهي المذكرة التي رفعها إلى محقق التحقيق الخاص به، وذكرنا قبل ذلك أن الذي كان يحقق معهم هو المستشار سمير ناجي الله تعالى، الحاصل أن صاحبنا سيد قطب وهو في أمريكا أصبح إخوانياً، يعني قال إن الإخوان جيدون. وعندما جاء إلى هنا، كان ذلك طبعاً في سنة خمسين، بعد اغتيال حسن البنا وانتهاء الأمر وما إلى ذلك، في فبراير تسعة وأربعين. وبعد ذلك ذهب وقدَّم نفسه للإخوان المسلمين، ربما من سنة اثنين وخمسين، ومن اثنين وخمسين إلى اثنين وستين. هذه المرحلة الأولى من حياة
قطب التي بدأت تتبلور معه خاصةً مع قضية أربعة وخمسين وما حدث فيها، ولم يكن من المقبوض عليهم في أربعة وخمسين. نعم، كان مقبوضاً عليه وكان في السجن يخرج ويدخل وهكذا، وحدث له إفراج صحي سنة اثنين وستين إلى آخره. لا، في أربعة وخمسين خلاص انضم في سنة اثنين وخمسين وانضم رسمياً وبشكل علني وبكل تفاصيل الانضمام. ففي عام أربعة وخمسين كان من الإخوان المسلمين. وأربعة وخمسين كانت حادثة غريبة جداً عندما تأتي وتسأل الإخوان. لقد التقيت مع مصطفى مشهور وكان ينكر حادثة أربعة وخمسين كما ينكرها الإخوان. الإخوان هؤلاء أناس بسطاء جداً، بسيطون جداً هكذا فقط. البسيط
جداً هذا لا يصلح أن يكون مفكراً صحيحاً، ولذلك تجدهم عندما نشأ المعهد العالمي للفكر الإسلامي، والذي نشأ أيضاً من تحت عباءة الإخوان، كانوا ضده. قالوا: "أأنتم ستفكرون؟"، فقد كان التفكير ممنوعاً، وذلك لأن قياداتهم لا يعرفون كيف يفكرون، وليس لديهم عمق في التفكير، وهذا هو الواقع الذي أوردهم إلى المهالك كما نقول حتى الآن، عندما يُسأل الإخوان لماذا تولّيتم الحكم قبل أن تكونوا مستعدين له في مصر، يقولون إن هذا يُسأل عنه محمد مرسي وأعوانه، أي أنهم يتبرأون من هذا، إضطراب فكر مضطرب سيد قطب كان واحداً من هؤلاء البسطاء، لم يكن عالماً في الشريعة ولا كان عالِم في
الفكر مرة كان الشيخ بن حميد يسألونه: "ما رأيك في ظلال القرآن؟" طبعاً هم، هؤلاء الناس، عندما قرؤوا قرؤوا "ظلال القرآن" الأول قبل التحريف، قبل التحريف عندما أعاد صياغته مرة أخرى في السجن كما تفضلتم. طبعاً قالوا: "إنه جيد ولكنه يخطئ في العقيدة". قالوا له: ما العقيدة التي يخطئ فيها؟ قال إنه يقول على الله. هل انتبهت؟ سيد قطب أديب لا علاقة له بالعقيدة وما إلى ذلك. هؤلاء الجماعة يقولون: لا نصف ربنا باليد، نصفه باليد وبالإصبع وبالقدم لأنها وردت في النصوص، لكن اللسان لم يرد، فلا نقوله. لقد اعتبر بن حميد سيد قطب أنه جاهل. ما هذا التعبير "لسان الله"؟ ليس لدينا في
تراثنا شيء اسمه "كما ورد على لسان الله". انظر إلى هذا الأمر البسيط الذي ليس له أهمية، إنه مجرد تعبير بالطبع، لأنه يقصد بـ "على لسان الله" أي "كما قال الله"، فهو يقصد من جهله لا يميز بين التراكيب الحديثة والتراكيب القديمة، وما هو منسوب إلى الله وما ليس منسوباً إلى الله. ولذلك تجد هذه الحكاية جعلت السلفيين المتمسكين بسلفيتهم لا يحبون سيد قطب هل أنت منتبه؟ نحن... وبالنسبة الناس تستغرب: ألستم فرقة واحدة؟ أم ماذا أنتم بالضبط؟ يُمكن أن يشترك معه في التكفير أو التفسيق أو الشيوع أو نحو ذلك، لكن ليس في الترتيب العلمي أو ما شابه.
ولذلك سيد قطب، فهو ليس عالماً ولا مفكراً ولا أي شيء من هذا القبيل، هو أديب، رجل أديب، وقد حدثت له أزمة من عام اثنين وخمسين إلى اثنين وستين، وذاق فيها المرارة في المعتقلات والتعذيب وأمور مماثلة. التي نعرفها جميعاً هذه حتى لم يكن أديباً متميزاً، يعني يمكن للمرء أن يقول إن كتابته كانت من الدرجة الثالثة، درجة ثالثة، وحتى أعماله "الأطياف الأربعة" أو "المدينة المسحورة" أو غيرها إلى آخره ليست شائعة، لا أحد يعرفها لأنها ليست مثل نجيب محفوظ أو يوسف السباعي. ليس إحسان عبد القدوس حتى ولا يوسف إدريس وغيرهما من الأدباء العظماء مثل توفيق الحكيم وأمثالهم، هم من أثّروا في العالم العربي من طنجة إلى جاكرتا. صحيح، وقد تقول لي: "هل جاكرتا من العالم العربي؟" نعم، لأن كل شخص يتحدث العربية تأثر بهذا الأدب، هل تنتبه لذلك وهو
في إندونيسيا وماليزيا تأثروا بتوفيق الحكيم وتأثروا بطه حسين وتأثروا بأصحاب الرواية، لكنهم لم يتأثروا بسيد قطب. صحيح أن سيد قطب عندما جاء إلى هذا المكان قام بعمل الظلال كما ذكرنا، لكنه بدأ خلال هذه السنوات العشر أن ينحرف، وانحرافه جاء في قضية تكفير المجتمع أو وصفه. المجتمع بأنه جاهل صحيح وأن الناس هو لم يكن يصلي الجمعة في المجتمع الجاهلي كما يقول، لأنه قد كفر المجتمع. فأصبحنا مثلاً في القاهرة دار كفر، وهو كان يسكن في حلوان، أصبحت حلوان هذه دار كفر، ودار الكفر لا يجب فيها على المسلم أن يصلي. يظن ذلك وهو ليس فقيهًا لكي يعرف تفاصيل هذه المسألة كيف تكون، وليس مفكرًا صحيح
لكنه توصل إلى هذه النتيجة أنه لا يصلي لأن هؤلاء كفار. كون التنظيم، وهذا التنظيم دخلت فيه زينب الغزالي ودخل فيه عبد الفتاح إسماعيل ومحمد هواش وحتحوت وجماعة كثيرة جدًا، وهذا التنظيم تم إنشاؤه. دون علم حسن الهضيبي وهنا تثنى، كان حسن الهضيبي المرشد وقتها يا مولانا. كان حسن الهضيبي هو المرشد الثاني بعد حسن البنا، المرشد الثاني، وظل موجوداً المرشد الثاني إلى أن توفي، فجاء بعده عمر التلمساني، وجاء بعد عمر التلمساني حامد أبو النصر، وجاء بعد حامد مصطفى مشهور ثم مأمون الهضيبي ابن حسن الهضيبي ثم عاكف ثم بديع وبعد ذلك عاكف ثم بديع، هذه سلسلة المرشدين
هذه، نستكمل بعد الفاصل إذا أذنتم لنا فضيلتك، نستكمل بعد الفاصل، تابعونا مشاهدينا الكرام، لا يزال في الحديث بقية بعد هذا التوقف السريع، نعود إلى فضيلة العلامة الجليل الدكتور علي جمعة، أرحب بكم مجدداً مشاهدينا الكرام، الحديث متواصل في المتشددون ننهل من علم وتاريخ فضيلة العلامة الجليل الأستاذ الدكتور علي جمعة. سيد قطب شكّل مجموعة من زينب الغزالي وعبد الفتاح مصطفى وحتحوت، وبدأ فكرة إسماعيل ومحمد هواش والحتحوت حتحوت كانت عائلة كبيرة حسان ومعه هكذا، بعضهم مهندسون وبعضهم أطباء وبعضهم غير ذلك إلى آخره، واتسع هذا فالإخوان
لا يعرفوا هذه القصة لأنه كان يعمل سراً. ففريد عبد الخالق حذّره قائلاً: "أنا أشعر أنك تقوم بشيء في الخفاء، وبدأت أمور كهذه تظهر، وهذا سيضر الجماعة كلها". سيد قطب لم يعد له علاقة بالجماعة، بدأ يتحدث من عام اثنين وخمسين إلى اثنين وستين فقط. لأنه بعد اثنين وستين كأنه خالف البيعة يعني أصبح خارجي خارجي بالنسبة لمن؟ للخوارج. فالخوارج على فكرة عندما انحرفوا عن أهل السنة والجماعة وجمهور الأمة تفرقوا بالفعل، فأصبح منهم الخطابية والثعالبة ولا أعرف من غيرهم وهكذا. وعندما جاء بعد ذلك، دعني أخبرك أن شكري مصطفى
هذا بدأ يظهر أفكاره فأفكاره كانت موافقة لخوارج الثعالبة، الثعالبة نعم، فقلنا له: أنت لم تأتِ بجديد، هذه الثعلبية أو الثعالبة هم الذين قالوا هكذا. فقال: أنا لم أسمع عنهم قط، وهو صادق، هذا جاهل، هو جاهل أصلاً، صحيح، فهو ما الأمر إذن؟ هذا يكون توافق أفكار، مشارب، المشرب هذا يؤدي إلى ذلك هذه الأدوات ستؤدي بك إلى هذا، فليس الأمر مجرد أن تخرج وتكتفي بالاقتناع بطائفة الثعالبة من الخوارج وما شابه ذلك، لا، المسألة ليست أنه لم يسمع عنهم ولم يقرأ عنهم وما إلى ذلك، فنقول له: الكلام الذي تقوله يا شكري هو نفس كلام طائفة الثعالبة منذ زمن بعيد في القرون الأولى، هو هو نفسه. شخص يفكر بطريقة خاطئة فهو يصل إلى نفس الفكرة
الخاطئة، لكن الهوى والزعامة والاقتناع بالنفس، وفي النهاية هداية ربنا. ستقول لي: لماذا سيد قطب هكذا؟ هو شأن من شؤون الله، أمر من أمور الله، قضاء من الله فيه. هل الله أضله وانتهى الأمر؟ نعم، لأن الرجل كان مقتنعاً بنفسه كثيراً وكان يظن نفسه أنه مجاهداً في سبيل الله، وأن ليس هناك أحد مسلماً إلا هو - حاشا لله - والفرق بين الأزهري من جهة والإخوان من جهة أخرى، وسيد قطب تحديداً، أنه كما قال لنا مشايخنا بأنه فقد ترتيب الأولويات. فيا أستاذ سيد أنت هكذا ولأنك لم تتعلم فقدت
ترتيب الأولويات، فعملت ما نقوله نحن. عليه الآن الهرم المقلوب صحيح. قلنا لهم ماذا أيضاً؟ قالوا إنه الدين الموازي. ما هو الدين الموازي؟ إنك تريد أن تكوّن جماعة لتصبح هي جماعة المسلمين مع وجود دين الإسلام بجماعته كلها. صحيح أنت فرقة من المسلمين، أنت مجموعة من المسلمين، أنت جماعة من المسلمين، لكنك لست جماعة المسلمين والنقطة الثالثة، النقطة الثالثة أنَّه عندنا الاجتهاد ليس بالآمال، هذا الاجتهاد مكوَّن من الواقع. فأنا حافظ للقرآن والسنة وأعرف كيف أستنبط منهما، ولديَّ قدرة على إدراك الواقع، ولديَّ قدرة ثالثة أو
ركن ثالث لوصل هذا النص المطلق بالواقع المقيَّد النسبي. تتصور أن هذه الثلاثة غير موجودة عند سيد، آمال الذي موجود، لديه ماذا؟ رغبات فليتفضل أحدهم ويخبرني أريدك أن تضع يدي على سبب قولكم عن سيد قطب أنه أنتج نتائج منحرفة عما جاء به سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام. أولاً: الهرم المقلوب، ثانياً: الدين الموازي، ثالثاً: فقد الأركان الثلاثة، ما هي؟ الأركان الثلاثة: النص والواقع والجسر بينهما. النص والواقع، وفيما بينهما جسر. حسناً، نمرة أربعة: العقلية الفارقة. ما هي العقلية
الفارقة هذه؟ كان الله يرحمه سيدنا الشيخ الحسيني الشيخ، وكان الشيخ جاد الرب رمضان، وكان الشيخ محمد أبو النور زهير، وكان الشيخ الدهمة، وكان الشيخ مصطفى شحاتة. هؤلاء هم الذين علَّمونا كان الشيخ عبد الله الصديق الغماري، وسأذكر لك أيضًا مشايخ كثيرين، كانوا يعلموننا ويقولون لنا فرق بين الواقع ونفس الأمر. الواقع ونفس الأمر أليسوا شيئًا واحدًا؟ الواقع هو الظاهر، لكن نفس الأمر هو حقيقته، حقيقة هذا الظاهر. هذه المياه عندنا، مياه في الكوب، هي مياه، سائل لطيف تشربه. هكذا يحدث عندك الري، عندما تأتي لتحلِّله. كنا في المرحلة الإعدادية نتعلم شيئاً
يُسمى الكاثود والأنود، المصعد والمهبط. فنقوم بتحليل المياه بهما، وكان لدينا في معامل المدارس هذا المصعد والمهبط. فكانت المياه تتحول إلى هيدروجين وأكسجين. الهيدروجين يشتعل والأكسجين يساعد على الاشتعال. يا الله، ما هذا؟ يعني ماذا يعني هذا؟ قالَ إنَّ المياهَ هي الواقعُ، سيدنا آدمُ يراها كما هي الآن، أمَّا الكاثود والأنود وهذه الأشياء فهي تُقدِّمُ لك نفسَ الأمر. أن هذا مُكوَّنٌ من نارِ اللهِ الموقدة. المياه نعم، هي هيدروجين وأكسجين صحيح، هذا نفس الأمر. فالواقع شيءٌ تُدركه بحواسك المعتادة، لكن نفس الأمر يكون باطلاً هناك فرق بين الدين والتدين كما أن هناك فرقاً بين العلم والمعلومات.
فالعلم هو منظومة مترابطة معقدة ومركبة ومضبوطة ومنهجية، أما المعلومات فهي أشياء مفردة تذهب وتأخذها من الإنترنت، مجرد قشور. عندما لا يعرف شخص كل هذا، فما النتيجة التي ستظهر؟ إذا لم تكن لديه أدوات للفهم، فسيصبح الأمر مجرد شهوة وهوى ورغبات. لا علاقة لها بهذا الواقع، لو كان يعرف الواقع أو كان يقرأه بشكل صحيح، لما قال ما قاله. لكن عندما رأى أن عشر سنوات من الظلم وقعت عليه تضايق، هؤلاء الظالمون، ماذا يكونون؟ كفاراً؟ حسناً، هؤلاء يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فكيف يكونون كفاراً؟ يا سيدي المحترم، كيف يكونون كفاراً هؤلاء الإخوان المسلمون الذين تربوا في المأثورات خلال السنوات العشر الأولى من عمر حسن البنا، والاثنتي
عشرة أو الثلاث عشرة سنة الأولى من العشرين سنة، قالوا له إنهم كفار كيف؟ عندما دخلوا معه في المأزق بعد عام خمسة وستين، قالوا له كيف يكونون كفاراً وهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، يسيروا على ما كان عليه الأزهر. فقال لهم: "لا، ليسوا كفاراً" لأنه يوجد شيء يُسمى توحيد الألوهية وشيء يُسمى توحيد الربوبية. صحيح، توحيد الربوبية ليس لدينا في الأزهر حكاية ربوبية وألوهية، فالرب هو الإله والإله هو الرب. فإذا بسيد يفرق بينهما عندما رجعنا نذاكر، وهذا ما يفعله الناس. لا تجلس هكذا، نريد أن نعرف، نعم نريد معرفة ما القصة. وجدناه يفرق بين هذه الأمور ويقلده في الهند. أبو الأعلى المودودي في كتابه "المصطلحات الأربعة"، هل كان هناك تواصل بينهم
أم لا؟ كان يوجد تواصل بينهم وكان يقول: "الذي أكتبه في صفحتين يكتبه أخي سيد في سطرين". أبو الأعلى المودودي، هل تلاحظ كيف يتعامل الهنود؟ عندما ذهبوا إلى زكريا الكاندهلوي، شعر زكريا الكاندهلوي أن هناك أمراً خاطئاً. ذهبوا يبحثون عن عبد الله البلياوي حقاً عن حسن البنا، فوجدوه قد رحل وقدّروا ذلك، وقال لهم: "لن تروه بعد ذلك". وقد قُتل فعلاً في عام تسعة وأربعين. هناك شيء قد تغير، ما الذي تغير؟ إنه العنف والصدام وعدم إدراك الواقع. فالناس محتاره: أليس هذا كلام جيد في الدين؟ تفسير موجود اسمه "في ظلال القرآن". نعم، هذا كلام في الدين لكنه ليس جيداً لأنه خطأ. ما هو خطؤه؟ النظارة التي يرتديها سيد قطب تجعله يقرأ
النصوص بشكل خاطئ، فتجعله ينطق خطأً، ويفهم خطأً، ويتواصل ويعبر خطأً. نعم، كيف؟ هذه هي النقطة الأولى. الدين الموازي رقم اثنين، الهرم المقلوب رقم ثلاثة، الأركان الثلاثة المفقودة رقم أربعة، العقلية الفارقة. حضرتك يا سيد قطب ليس عندك هذا، ولذلك ستكتب الآن ما يقوله مشايخ الأزهر. يقولون إننا في مجتمع، المجتمع الذي فيه راقصات، هذا الرقص الشرقي حلال يا مولانا؟ لا، حرام. حسنا وما هذا الذنب الذي ارتكبته الفتاة التي ترقص شرقياً أمام الجمهور وجسدها عارٍ؟ هذا حرام يا مولانا. وماذا
عن الخمر يا مولانا؟ قال له: حرام. قالوا له: وماذا عن أولئك الذين يربون الخنازير يا مولانا؟ قال له: لحم الخنزير حرام أكله على المسلمين. قال له: الذين يربون الخنازير يا مولانا مسيحيون. قال لقد أخذت علينا العهود أن نترك النصارى واليهود في دينهم هكذا، مثل ما هو حلال عندهم يكون حلالاً لهم. فاليهود محرم عندهم الخنزير، لكن الكوشر (الطعام المباح) عندهم مسموح. أما المسيحيون فليس محرماً عندهم الخنزير، وإن كنت أتذكر كلاماً للبابا شنودة أنه لم يأكل خنزيراً قط. وهذه تعتبر ثقافة، فالمرء يترفع عندما يُقدَّم له لحم خنزير. لسنا معتادون أن نأكل الخنزير فنكره رائحته غير الطيبة وأمور أخرى لا أعرفها، لكن لو أكلوا أحداً هل
سيأثم؟ يعني عندهم بالنسبه لهم، في عقيدتهم لا، في عقيدتهم في شرعيتهم لا، لا يأثم. حسنا فماذا يكون يا مولانا؟ يكون لا شيء، يكون هكذا. نحن عندنا هذه القاعدة مؤسسة ولها دليل من الكتاب ومن السنة ومن ومن ومن ومن وفي النهاية أُخِذَت علينا العهود ألا نتعرض للنصارى واليهود، يا سلام! وهذا الكلام هو كلام الشعراني، كلام مشايخنا. حسناً، وماذا عن هذا الفسق والذنوب؟ والمرأة التي تمشي غير محجبة، ما الوضع فيها؟ انصح يا أخي، أعطه النصيحة. صحيح، نعم، يعني ليسوا كفاراً حقيقيين. كيف أنصح وأقول، وقد خرج علينا فعلاً الشيخ سيد سابق والشيخ أحمد حسن الباقوري والشيخ الشرباصي في التلفاز،
وكنت صغيراً في ذلك الوقت، لكنني كنت أسمعه متابعاً جيداً مع أحمد فراج رحمه الله، نور على نور، وهم يقولون للسيدات احتجبن في الستينات، والخمسينات في الستينات، هل انتبهت؟ كيف إذا كيف أتعامل مع الواقع، كيف أصفه؟ لا، سيد قطب مختلف صحيح، وسيد قطب بدأ يدخل في قضايا التكفير تحت وطأة نفسية معينة ولفقده الأدوات. هذا عظيم جداً في الحقيقة. يعني فضيلتك أوضحت لنا شيئاً مهماً جداً، يعني أسباب اختلافه أو انحرافه إن صح التعبير، الهرم المقلوب، الدين الموازي، الأفكار. الثلاثة التي تحدثنا عنها بالإضافة إلى فقدانه العقلية الفارقة، نتوقف ونبدأ رحلة جديدة في الحلقة القادمة إذا أذنت لنا. وبارك الله فضيلة العالم الجليل إن شاء الله. شكراً جزيلاً، شكراً لضيفنا الكريم العلامة الجليل الأستاذ الدكتور علي جمعة، وشكراً لحضراتكم على حسن المتابعة، واللقاء متواصل مع المتشددون مشاهدينا
الكرام. ما زلنا نتحدث عن سيد قطب وأفكاره التي اتخذها المتطرفون مرجعية لهم. دمتم في أمان الله ورعايته، وإلى اللقاء.