المتشددون | حـ 22 | سيد قطب ماله وما عليه جـ 9 | أ.د علي جمعة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مشاهدينا الكرام، أهلاً ومرحباً بكم. يتجدد اللقاء ومعه نجدد التحية. "المتشددون" هذا هو عنوان البرنامج الذي نلتقي تحت حلقاته المتواترة. نتحدث عن الإسلام المعتدل وكيف أنه أبعد ما يكون عن الأفكار المتطرفة وأرباب هذا الفكر المتطرف. نتحدث عن جماعة الإخوان وعن سيد قطب والتحول. الفكري الذي اعتبره الكثيرون هو المرجعية لكل أفكار العنف والتخريب والإرهاب التي خرجت من بعد ذلك وتبنتها
الكثير من الجماعات المتطرفة. ننهل من علم فضيلة العلامة الجليل الأستاذ الدكتور علي جمعة مفتي الديار السابق وعضو هيئة كبار العلماء الذي أرحب به دائماً وأبداً. أرحب بفضيلتك يا مولانا، أهلاً وسهلاً بحضرتك. مرحباً، ماذا يعني أننا تحدثنا كثيراً عن سيد قطب ولكن ما زالت هناك بعض المواضع في التحول الفكري الخاص به؟ جاهلية القرن العشرين، رؤيته إلى المجتمع وتكفيره، هذا التحول وأهم المواضع فيه التي توقفت أمامها فضيلتك، ما يُعد فعلاً بداية للفكر المتطرف الذي اتخذه الإرهابيون ذريعة لتكفير المجتمع والاعتداء عليه أبعد ما يكون عن الإسلام المعتدل يا مولانا. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. عندما ندخل إلى دراسة فكر أحدهم أياً كان، أي شخص في العالم، فإننا نبحث
عن الإطار الفكري الذي كان يعيش فيه، ثم نبحث عن تفاصيل هذا. الفكر ولقد تأكدت من البحث في الإطار من أن سيد قطب كان مسكيناً ضعيف الفكر، ولم يكن عميق الفكر. كان لديه ربط لأفكار بعيدة وإشارات ليست متوائمة بعضها مع بعض، فيتوصل بها إلى نتائج أعجب وأخطر. ولكنه هكذا كان الرجل، وهذا كما قلنا هو ما يحدث للمسجونين عندما يطول بهم السجن خاصة وأن السيد قطب كان مريضاً وكانت لديه ذبحة صدرية وتدهورت حالة أبي إلى أن
أُعفي إعفاءً صحياً، لكن على كل حال هو رجل هش الفكر في كل هذا، وبيّنا ذلك في ملخص واضح وبتفصيل، لكنه يرى أن هناك مؤامرة عالمية على الإسلام والمسلمين، فما الدليل على ذلك الدليل؟ أن هناك مؤامرة أمريكية على الإخوان المسلمين، ما الدليل على ذلك؟ الدليل على ذلك جمعية الفلاح التي أنشأها أحمد حسين الذي قدم من أمريكا، وما دام قدم من أمريكا فيكون عميلاً لها، كما أنه كان يكره الإخوان، وكل من كان يكره الإخوان فهو عميل لأمريكا، وكذلك فؤاد جلال كان يريد أن يحدث فجوة ووقيعة بين الإخوان وبين عبد الناصر، وهذا أدل دليل على أنه كان أمريكي التوجه. وكذلك
حدث عام أربعة وخمسين عندما توجه هنداوي دوير ليعطي المسدس لمحمود عبد اللطيف حتى يطلقه على عبد الناصر. هنداوي من الإخوان، ومحمود عبد اللطيف من الإخوان منذ شبابه وصباه، واعترفوا بكل هذا. ولكنه غير مقتنع ويرى أن شيئاً ما حول هذا، إذاً فهناك تدبير أمريكي ضد الإخوان. ما هذا الهراء! ما هذا! ما هذه السذاجة! لكن هذا هو الذي كتبه بخط يديه في مذكرته التي وصف فيها أحواله، وتأكد له هذا عندما حدثت مذبحة طرة سنة سبعة وخمسين وهو... أن أناساً من الحمقى وهو يصفهم بأنهم حمقى يقاتلون أو يتشاجرون مع عبد الله
ماهر الضابط المتوتر الذي يعاكس فتاة يهودية فتوعدهم وينتهي هذا بتدرج مؤسف إلى مقتل واحد وعشرين من الإخوان امتنعوا عن تنفيذ أوامر السجن في الزنازين. صحيح إذاً فهناك مؤامرة أمريكية. ما هذا؟ ما هذا الهراء للقضاء الإخوان هو عندما يموت واحد وعشرون شخصاً، هل تقضي على حركة أو تقضي على جماعة أو ما شابه ذلك؟ ثم ما علاقة أمريكا بهذه القضية؟ هل أنت يا سيدي يا قطب تريد دائماً إقحام أمريكا في المسألة حتى لا يصبح لأمريكا دخل في أي شيء؟ وأنت عميل أمريكي، من الممكن تأكيد ويقول أنت ذهبت وأقمت في أمريكا وأصبحت عميلاً للـ(سي آي إيه)، ثم عندما عدت تريد أن تُبَرِّئ أمريكا
بكثرة التهم. كلما كان هذا السيناريو الذي سرقه الأمريكان، فالناس بنفس نظرية المؤامرة، بنفس نظرية المؤامرة، لكننا لا نفكر بشكل صحيح. ولكن هكذا كان الرجل فاهماً شيئاً هو أنه كان هشاً. الفكرة المهمة بعد هذه السلسلة من الأحداث وأحداث جمال ربيع عندما عرض عليهم عمل انقلاب من الداخل، إذ إن جمال ربيع وعبد الباسط البنا أخا حسن البنا من عملاء أمريكا ومن علماء السلطة من عملائها، من عملاء السلطة، كل هذا تراكم لديه مع السجن مع المرض وقرر أن يفكر كيف... بدأنا ننحرف. أنت تقول لي متى نحارب؟ بداية الانحراف. انتظر حتى أفكر. سنة اثنتين وستين، كيف كانت تجربتنا كلها هذه؟
كان هناك إعادة تقييم يا مولانا. إعادة التقييم هو أنني فكرت مرة أخرى ووجدت أن المسألة هي كالتالي. ما هي كالتالي يا سيد؟ أن هذه المجتمعات... كلها مجتمعات إنسانية مجتمعات جاهلية وأن الإسلام انتهى وأننا نريد أن نعيد الإسلام مرة أخرى، فينبغي أولاً ألا نفترض أن هناك مجتمعات إسلامية. فكون أنني أقول عن مصر أنها مجتمع إسلامي معناه أنه مجتمع إسلامي مقصر في بعض الأمور، لكنني لا أريد أن أقول ذلك، أنا أريد أقول إنه مجتمع ليس فيه أي رائحة من روائح الإسلام. حسناً، ماذا نفعل يا سيدي؟ أن نبدأ
تعليم الناس مرة أخرى العقيدة. ولكن كيف نعلمهم يا سيدي؟ قال: لابد أن يؤمن بعض الناس بما أقوله هذا، ولو كانوا مائة شخص، ونبدأ من هؤلاء المائة محاولين أن نعيد الإسلام، وبعد ذلك... بخلاف المائة الذين كانوا يُجهّزون أنفسهم لعمليات الانتحار، بخلافهم، نعم بخلافهم، هناك مائة سيُفهِمونهم الإسلام الصحيح لكي ينشروه، لكي يصبح هؤلاء المائة فيما بعد عشرين ألفاً وخمسين ألفاً وستين ألفاً، ثم المجتمع كله. لكن هؤلاء الناس من الممكن أن تقضي عليهم السلطة الغاشمة والمؤامرة الأمريكية، ولذلك يجب أن نُعِدّ مائة. ندربهم على الفدائية، وما معنى الفدائية؟ تعني أن يضحي بنفسه من أجل الجماعة، وذلك
بأن يفعل ماذا؟ بأن يقاوم، وكيف يكون ذلك؟ بالشكل الذي أراه وأشعر به وسأقرؤه لك الآن. وفي الحلقات القادمة، يا مولانا، إن ما يحدث في شوارع مصر الآن، ما يجري في... شوارع مصر الآن، نعم يا سلام! فجّر واضرب برج كهرباء ليسقط على الجسر حتى تغرق المياه الناس. ضع زيتاً على الأرض حتى ننزلق ونتسبب في حوادث. نضع المصالح ونوقف السيارات. توقف السيارات لأجل كذا الذي هو الذي رأيناه منذ ساعة المدرس حتى الآن. هذا هو ما يحدث الذي الوصي عليه. يقول السيد قطب في المياه الخاصة بالفدائيين مائة يكونوا فدائيين وذلك رغم مرور نصف قرن يا مولانا أي خمسين سنة، وهذا موجود في الكتاب، نصف قرن وما زالت
هي نفس الأفكار البالية المتحجرة الهشة، لأن هذه الأفكار لا تُسقط دولة، هذه الأفكار تُعدّ جريمة لأنها مخالفة ومؤذية. للناس وبذلك فإنها أفكار ستنتهي وينتهي أهلها، لكن سيد فكَّر هكذا، فأنا أريد أن نرى الإطار الذي يفكر فيه. بدأ يواجه شيئاً، تفصيلاً، شيئاً من التاريخ أيضاً حتى نُنهيه. إنه لم يجد معه للحديث -يا للأسف- إلا محمد هواش وشخصاً آخر كان اسمه زهدي، لكن زهدي هذا كان حرفياً. فلست أفهم شيئاً. فأمسك محمد هواش، فقال له محمد هواش: "أنا أحبك. هذا الكلام صحيح مائة في المائة، أن هؤلاء الناس في جاهلية، وأننا يجب أن نعيد مرة أخرى". لا تقولوا: "تعال طبق الشريعة". أي شريعة؟ هل
هو مسلم حتى يطبق الشريعة؟ إنه رجل كافر جاهلي، علِّمه أن... هو لا إله إلا الله أولاً. دول الإسلام أولاً، وسترى العجب العُجاب في هذه الحكاية. فكر هكذا: جاءه أناسٌ من القناطر، فظل يعرض عليهم هذا. رجعوا إلى القناطر وقالوا له: "لكنه ليس في مكتب الإرشاد، وليست له شرعية. مَن الذي قال هذا الكلام؟" وبعد ذلك، هذا الكلام فيه تكفير. للمسلمين ونحن جماعتنا كجماعة إخوان مسلمين يا جماعة لا تُكفّر وبدأ الجدال داخل الإخوان المسلمين حتى خرجوا سنة اثنين وستين عندما وجدوا عبد الفتاح إسماعيل ومعه مجموعة يُشكلون تنظيماً آخر، وقال له عبد الفتاح: "أتصدق بالله"، وكان عبد الفتاح معه السنوية التي كان تاجر أرز في...
دمياط في سواحل دمياط، قال له: "أتصدق بالله يا سيدي؟ إن أخي أخبرني أنك أحضرت هؤلاء الأشخاص فعلاً. هؤلاء الجماعة يأكلون العيش بالجبن، أتفهم؟ يا سلام! يأكلون العيش بالجبن، يعني بخُلق الجبان، وأننا يجب علينا أن نفعل هكذا ونفعل هذا". ركب سيد مع ما معه من حراس النواطير على... الذي يخص عبد الفتاح إسماعيل وجعلوه القائد الخاص به، وفي أثناء هذه الرواية التي يرويها سيد عن نفسه، يحاول أن يتبرأ لما فشل لأنه - يا مسكين - لم يصل إلى المائة الذين يريدهم، وذلك لأنهم كانوا يستمعون إليه ويعملون. دعني أقرأ عليك الآن بعض ما كتب وخطه سيد بيده.
امتلأت نفسي اقتناعاً بضرورة وجود حركة إسلامية كحركة الإخوان المسلمين في هذه المنطقة وضرورة عدم توقفها بحال من الأحوال. انظر كيف أن الترتيبات الذهنية الصهيونية والصليبية الاستعمارية تكره هذه الحركة وتريد تدميرها، ومخططاتها الواضحة من كتبها ومن إجراءاتها ومن تقريراتها ومن دسائسها تقوم كلها على أساس إضعاف العقيدة الإسلامية ومحو وإبعاد الإسلام عن أن يكون هو قاعدة التشريع والتوجيه وذلك للوصول إلى تدمير العقائد والأخلاق وبالتالي تدمير المقومات الأساسية للمجتمع في هذه المنطقة وإحداث انهيار يسهل
معه تنفيذ تلك المخططات ووقف نشاط الإخوان حقق الكثير من هذه المخططات وساعد على نشر الأفكار الإلحادية والانحلال الأخلاقي. أوهام فأوهام سيترتب. عليها بعد ذلك وجود داعش. صحيح، لقد كان الكتاب سنة كاملة يا مولانا. هذا الكتاب هو الذي كتبه في تحقيقات سنة خمسة وستين. نشره حافظ وهبة تحت عنوان "لماذا أعدموني"، وحافظ وهبة وهشام ومحمد علي، حافظ وهشام ومحمد علي من الشرق الأوسط، ولذلك هم طبعوه في الشرق الأوسط. كتاب الشرق الأوسط الذي يوزع مع جريدة الشرق الأوسط اللندنية، والكتابة هذه بخط يده، وكل الناس
تعترف أنها بخط يده. الإخوان المسلمون دبروا لهم المذابح في حادث المنشية وحادث ترسا. هو يرى ذلك هكذا، بالرغم من أنه شيء جنوني، شيء جنوني. جمعية الفلاح عن طريق أعضائها القريبين من رجال... الثورة تشحن الجو بالتوتر والمخاوف وتعمل على توسيع الهوة وتعميقها. التعذيب والقتل والتشريد ينال الآلاف من العناصر المتدينة المتماسكة الأخلاق الأمينة المخلصة وبيوتهم وأطفالهم ونسائهم إلى آخر هذه الصورة المفزعة الكئيبة. هذه هي الحصيلة التي تجمعت لدي فيما بين سنة أربعة وخمسين وسنة اثنين وستين. ليس معنى ذلك أنه لم تكن هناك أخطاء إطلاقاً في حركة الإخوان، ولكنها إلى جانب تلك الحصيلة تُعَدّ ضئيلة، بالنسبة لرئيس الجمهورية، ضئيلة
عندما نؤثر في المجتمع وفي أساسياته، ضئيلة. والذي ليس ضئيلاً أن تمس تنظيم الإخوان المسلمين. نستأذن فضيلتك في موطن آخر من مواطن هذا الانحراف، ونقرأ معاً في "لماذا أعدموني" لو بعد هذا التوقف، تفضلوا معنا مشاهدينا الكرام بعد الفاصل. الحديث يطول مع سيد قطب، الحديث عن سيد قطب ومواطن الانحراف في فكره، وما آل إليه هذا الفكر من خروج عشرات الأفكار المتطرفة والجماعات التي أساءت للإسلام إساءات بالغة. أرحب بفضيلتكم مجدداً يا مولانا. مرحباً. يعني "لماذا أعدموني" هذا الكتاب الذي... جمعه حافظ وهبة جمع فيه، لا، هذا بخط يد سيدنا،
بخط يد سيدنا. القضية هي أن هذه المذكرة، نحن قلنا أنه كان يُحقق معه أناس، فمن ضمن الذين كانوا يحققون معه صلاح الدسوقي في سنة أربعة وخمسين. خمسين هذا أولاً، وفي خمسة وستين حقق معه المستشار الله حنو سمير ناجي. فجماعة التحقيق قالوا له: "طبعاً أستاذ سيد، اكتب لنا الكلام الذي تقوله هذا"، لأنهم أدركوا هشاشة فكر الرجل. فجلس وأعطوه ورقاً، فكتب بخط يده إجابة على سؤال ما الذي حصل؟ وما الذي حصل للتاريخ؟ فكتب هذا بخط يده ومن غير إكراه ومن غير تعذيب ومن... غيَّر أيَّ شيء بعد ذلك تسربت هذه المذكرة من داخل المؤسسة الدولية إلى الشرق الأوسط فنشروها تحت عنوان من
عندهم "لماذا أعدموني". تأكدوا من أنه خطه، عرضوه على ذويه وعلى أصحابه وقالوا: "هذا خط سيد"، فأجابوا: "نعم، خطه". "هل هذا أسلوب سيد؟" "نعم، أسلوبه تماماً". هذا الكلام. الذي بداخله شيء يعني مخالف للواقع، قال: لا، حسناً، إذاً إذا كان هذا هو التوثيق أنه خطه وأنه منهجه وأسلوبه وكل شيء في أمانة، بل والأفكار الموجودة في "المعالم" والموجودة في "جاهلية القرن العشرين" والموجودة في "الظلال"، لا يوجد شيء مختلف، فما الذي سيجعلنا... نُنْكِرُهُ فَنَشَرُوا النَّاسُ الَّذِينَ يَقُولُونَ عَنْهُ أَنَّهُ يَعْنِي شَهِيدُ الْحَقِّ وَالْوَجْهِ وَمَا إِلَى ذَلِكَ، نَشَرُوهُ تَحْتَ عُنْوَانِ "لِمَاذَا أَعْدَمُوهُ" لِأَجْلِ أَنْ يَبِيعُوا. حَسَنًا، يَقُولُ سَيِّدٌ رَحِمَهُ اللهُ
تَعَالَى: "وَأَصْبَحَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ لِلْحَرَكَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ أَنَّهُ لَمْ يَعُدْ هُنَاكَ إِسْلَامٌ، وَأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْحَرَكَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ النَّاهِضَةِ أَنْ تُعَلِّمَ النَّاسَ مَرَّةً أُخْرَى الْعَقِيدَةَ". نعيش هكذا كما عِشنا الأربعة عشر سنة التي قُضيَت في مكة، حيث لا توجد أحكام ولا يوجد كذا إلى آخره. إنها واضحة في فهمي تماماً كما أصبحت واضحة في فهم الأخ هواش. إذن هما اثنان فقط على وجه الأرض الذين يؤمنون بهذا الفكر ويقتنعون به، وبقيت مهمة نقلها إلى أفراد حركة على أساسها، وفي سنة اثنتين وستين بدأت الحركة فعلاً. هذه ترتيبات سيد قطب بعد أن كان أخاً مسلماً من جماعة الإخوان المسلمين، أصبح له تنظيم خاص الآن
مكوّن منه ومن حوله فقط. هل أنت منتبه؟ وبدأ يفكر في المائة شخص الذين سيوجهون الدعوة، ثم بعد ذلك المائة الذين سيحملون الذي سيحمل السلاح، كيف انتقلت الأفكار يا مولانا من خلال تسريب هذه المذكرات؟ أو هل استطاعوا أن يجندوا مجموعة من شباب الإخوان في هذا التوقيت لنقل هذه الأفكار المتطرفة أو الإيمان بها؟ بدأت الإجابة التي يجيبك بها: بدأت بحضور أفراد من الإخوان المسجونين، أكثريتهم من سجن القناطر. ونقلتهم من سجن الواحات للعلاج في مستشفى ليمان طرة أو مستشفى سجن مصر كذلك ثم سجن طرة حسب الإمكانيات العلاجية بهما. وإن كان الاتصال بهم يتم في فترات الرياضة في فناء المستشفى وفي كل فرصة متاحة، وإن كان اتصالاً
محدوداً وقصيراً من ناحية الوقت اليومي ومن ناحية مدة بقائهم بالمستشفى أو علاج ينتهي في فترة محدودة ويعودون إلى سجونهم ما عدا أفراداً منهم مكثوا فترات طويلة وسأذكر شأنهم معي تفصيلاً، ولكن قبل ذلك لا بد من تصوير الظروف التي تمت فيها هذه الاتصالات التي حاولت فيها نقل مفهوماتي لهؤلاء القادمين. تبقى إذاً المفهومات الخاطئة التي أرفضها كرجل درس الشريعة. مفهومات الخطأ نُقلت بصورة مشوهة، وهذا جميل لأنه ما من نصف ساعة وأنا أمشي في السجن حتى لا يمرض، يجعلهم يمشون قليلاً هكذا. تريد قوماً يمشون مع بعضهم، وشخص يقول
للآخر "خُلسة" يعني سرقة وهو خائف أن يسمعه أحد من هنا أو لا يسمعه أحد. حسناً، هل هذه أجواء للتدبر هذه أجواء تصلح للدراسة ولنقل الأفكار. هذا ما حصل في جو المؤامرات والعمل السري والقهر النفسي. صحيح أنهم مقهورون نفسياً مساكين. حسناً، أنا إلى ذلك الوقت كنت في محيط الإخوان المسلمين. انظر إلى كبريائه، هو يقول هكذا مجرد أخ مسلم، والحقيقة أن له في نفوسهم قيمته ومكانته الشخصية بوصفه كاتباً إسلامياً، عندما تعلم أنك كاتبٌ ومفكرٌ إسلاميٌ ولست عالماً، فما الذي يدفعك للتدخل هكذا في مجالٍ له خبرته وتجربته في المجالات العامة وله شهرته ومكانته في العالم؟ انظر كيف أنه منتبه لنفسه. يذكرني هذا
بسيدنا الشيخ محمد أمين البغدادي النقشبندي عندما كان يسمع أتباعه يقولون له إنك... أنت يعني وليٌّ يقول أنا تراب ابن تراب، يا سلام! انظر الفرق بين تواضع وشيمة من شيم العلماء، يعني وله شهرته ومكانته في العالم الإسلامي، ولكنه مع ذلك كله ليست له صفحة حركية إدارية في الجماعة تعطيه الحق الشرعي في رسم خطة حركية ولا في توجيه الإخوان إليها لأن... هذا الحق لمكتب الإرشاد وحده ولمن يُكلف بذلك، ولستُ من أعضاء المكتب ولا مُكلفاً منه بشيء. هذا الظرف كان يُحتم عليّ أن أبدأ مع كل شاب وأسير ببطء وحذر من ضرورة فهم العقيدة الإسلامية فهماً صحيحاً قبل البحث عن تفصيلات النظام والتشريع الإسلامي. إذاً نحن أمام رجل
في جماعة إرهابية. ينفصل عنها ليكون جماعة أخرى أشد إرهاباً. صحيح، ما هذا؟ ما هذا؟ لا، هذا خطأ، هذا خطأ. يعني أنا متعجب أن هذه الأمور تُترك ولا تُدرس وتُترك هكذا. دعها لله، التي نسميها في مصر "سبها لله". ما الذي من المفترض أن نفعله يا مولانا؟ يعني أو المؤسس أمام هذه الأفكار نرد عليها بتجرد وتصبح موجودة عندك كشبهات. هناك شبهات أعدّها المستشرقون، وشبهات أعدّها المبشرون، وشبهات أعدّها المنحرفون والخوارج. صحيح أن هذه الشبهات واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة، خمسة، ستة - كل شبهة ما هو أساسها؟ وما محورها؟ وما الرد عليها؟ لقد فعلنا ذلك مع المستشرقين وفعلنا
ذلك. مع المبشرين وظهرت أشياء كثيرة أنا أولاً أن نفعل ذلك مع الثلاثين وأصحاب مع الخوارج في العصر الحالي نعم لأنهم يحملون فكر الخوارج وأوضاع الخوارج كلها وسنرى بالتفصيل الدقيق صحيح في هذه المرة هذا الظرف كان يحتم علي أن أبدأ مع كل شاب وأسير ببطء وحذر حتى لا ينتبهوا في القيادة تفكر في التجنيد من ضرورة فهم العقيدة الإسلامية فهماً صحيحاً قبل البحث عن تفصيلات النظام والتشريع الإسلامي. لا تقولوا لهم طبّقوا الإسلام، طبّقوا الإسلام، كيف يطبقونه إذا كانوا كفاراً؟ إذاً، إذا استمر سيد يحكي حكاياته العجيبة هذه ويبين أنه مضى معهم هذا الزمن وكوّن خمسة
وعشرين واحداً من... الأناطر، وعندما خرج وجد تنظيماً جديداً أمامه فانضم إليه هو والخمسة والعشرون شخصاً، وتشكل تنظيم جديد الذي حاول قلب نظام الحكم، والذي قُبض عليه سنة خمس وستين، وأُعدم عبد الفتاح إسماعيل، وأُعدم محمد هواش، وأُعدم سيد قطب في سنة ست وستين. فأنا بهذا الشكل وصلت إلى رجل فقد إدراكه. النص وفقد إدراك الواقع وفقد الوصل بينهما. هيا بنا في حلقات قادمة نفصّل كيف فقد إدراك النص، كيف فقد إدراك الواقع، كيف فقد الوصل بينه بالتفصيل، ومن كلامه وكتبه. هذه كانت البداية يا مولانا، هذه كانت البداية. نعم، قبل
أن أختتم هذه الحلقة، في عجالة لو أذنت. فضيلتك، على من تقع مسؤولية الرد على هذه الشبهات؟ هل هي هيئة كبار العلماء، أم مجمع البحوث الإسلامية، أم دار الإفتاء المصرية؟ علينا أن نجمع مراكز البحوث. علينا أن نجمع... تعمل الآن على تنقية... أو قد بدأنا، نعم. الدكتور أسامة السيد بدأ في تفنيد هذا في - أظن - الحاكمية والخروج وما إلى ذلك هي العشر كلمات هذه، نريد أن تصبح عشرين كلمة ونرد على الشبهات، هي شبهات أساسية ولذلك ليست كثيرة، ليست كثيرة، فهذا علينا جميعاً. دكتور أسامة الذي هو الأستاذ بجامعة الأزهر هذا أحد تلاميذ فضيلتك، أسامة السيد أسامة الأزهري، نعم أنا التقيتك مع فضيلتك في... كلمة حق وفي كلمة حق صحيح. الكتاب
الذي نزّله منذ قليل اسمه "الحق المبين في الرد على من اعتدى على الدين". أتلاحظ كيف تتبّع سيد؟ ذهب إليه في "الظلال" وذهب إليه في "المعالم" وذهب إليه في كذا إلى آخره وتتبّعه. من الممكن أن ننقل من عند أسامة كيف تم ونواصله. نحن قصرنا في السكوت عن هذا الفكر صحيح. أنا أشكر فضيلتك، وإن شاء الله يعني هذا البرنامج بإذن الله هو للرد على هذه الشبهات، وهذا هو دور كبير، وأنا أشكر فضيلتك على تصديك لهذا الأمر يعني، وهذه شيمة من الكبر. شكراً جزيلاً فضيلتك دكتور علي جمعة وبإذن الله. اللقاء يتواصل معكم وحلقة جديدة من برنامج المتشددون، وما زلنا نقف مع مواطن التحول الفكري أو الانحراف في أفكار سيد قطب، حتى
نلقاكم في حلقة قادمة بإذن الله. نترككم في أمان الله ورعايته، سلام الله عليكم ورحمة الله وبركاته.