المتشددون | حـ 35 | الأوهام العشرة لجماعة الإخوان والتكفيريون جـ1 | أ.د علي جمعة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مشاهدينا الكرام، وأهلاً ومرحباً بكم. يتجدد اللقاء وحلقة جديدة من برنامج المتشددون، ومعه نجدد التحية ونبحر مع فضيلة العلامة الجليل الإمام الدكتور علي جمعة في أفكار هؤلاء المتشددين الذين أساؤوا إساءة بالغة إلى الدين الإسلامي الذي هو في أصله معتدل وسطي، لكننا نتكلم عن الإسلام الصحيح. إسمحوا لي أن أرحب بقيمة ومقام العالم الجليل الدكتور علي جمعة المفتي السابق وعضو هيئة كبار العلماء. أرحب بفضيلتك يا مولانا، أهلاً وسهلاً بكم. في الحقيقة، نود أن نتحدث اليوم عن مجموعة من المفاهيم التي تفضلت فضيلتك باختيارها، والتي تتعلق بأسباب الرفض لدى جماعة الإخوان والأجيال المتتالية منها بعض معتنقي الأفكار المغلوطة والمتطرفة التي خرجت من عباءة جماعة الإخوان ما
يُسمى بالأوهام، أي التي تقودهم إلى الرفض وتجهيل المجتمع إن صح التعبير. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أنا أخاطب الآن جماهير المسلمين وأخاطب كل العالمين حتى يتفهموا ما الذي يحدث لأن الناس في حيرة، وأخاطب الناس بحقائق الإسلام التي تعلمناها في الأزهر الشريف، والتي تعلمناها في مذهب أهل السنة والجماعة، والتي تعلمناها في كيفية قراءة هذا التراث الذي هو دائماً وعند المشككين كالمتشددين محل نزاع وخصام بينه وبين هذا التراث. أنا أخاطب الآن العالمين بما فيهم المسلمون وأخاطب أيضاً الإخوان
المسلمون الجماعة الإرهابية نعم وما تولد منها في الأجيال المتتالية، وأقول لهم: أخطأتم وأخطأت يا حسن البنا عندما أنشأت جماعة صحيح ونبهك الشيخ الحصافي على ذلك فأبيت وذهبت في غيك وبدأت الانحراف قليلاً ثم ازداد الانحراف. الانحراف القليل هو أنك أسست جمعية تحت اسم يُدعى الإخوان المسلمين من أجل الدعوة إلى الله، ثم بعد ذلك انحرفت بهذا عندما أنشأت الجهاز الخاص بدعوى قتال الإنجليز وما إلى ذلك، ولم تكونوا أنتم وحدكم في الساحة الذين جاهدتم في سبيل الله ولا قاتلتم هؤلاء، فمصر الفتاة فعلت هذا وغيرها، والوفد الشباب
فعل هذا إلى آخره، ثم بعد ذلك انحرفت مرة ثالثة. بأن تقتلوا المسلمين أحمد الخازندار وأنت تعترف أنك قتلته، وبعد ذلك النقراشي باشا، وأنتم تنكرون دائماً الحقائق، فأنكرتم أحمد ماهر، وأنكرتم سليم زكي، وأنكرتم كذا، ما علينا، ولكنكم انحرفتم فقتلتم المسلمين تحت أي دعوى، ومن هنا جاءت قضية التكفير وجاءت نظرية الجيل التالي، صحيح بعد ذلك ظهرت أناس تريد أن تقتل عبد الناصر وتريد أن تفعل ما تفعل ثم ظهر سيد قطب من تحت عباءتكم يكفّر المجتمعات ويكفّر الدنيا كلها ولم يبقَ في الأرض إسلام كما يقول سيد قطب ثم بعد ذلك قلبتم الهرم وأصبح هناك هرم مقلوب تدخلون الدين من
قبيل القتل والعنف وليس من قبيل بسم الله الرحمن الرحيم أو الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى. نعم، وأردتم بذلك أن تقولوا إننا نريد أن نحكم بالإسلام، وليس نريد أن نحكم بالإسلام. أخطأتم يا حسن، وأخطأت يا هضيبي، وأخطأت يا سيد قطب، وانحرفتم عن الجادة، وانحرفتم عن السبيل، حتى أن مشايخ الأزهر نبهوكم في كتاب يسمى "رأي الدين في إخوان الشيطان، وقد سُمِّيتُم إخوان الشيطان لما نُسِبَ إليكم بفعلٍ مُحقَّقٍ لدى القضاء أنكم أفسدتم وأردتم الفساد في الأرض. وها نحن الآن نعيش نفس ما عيَّشتمونا فيه منذ عشرات السنين. نعم، شباب الإخوان عندما يسأل: فيم أخطأنا؟ أخطأتم عندما
أنشأتم جماعة موازية لدين الإسلام، أخطأتم عندما قلبتم الهرم، أخطأتم عندما نشأت أجيال متتالية كل جيل يلعن الذي قبله. بعد ذلك خرجت جماعات تُسمى بجماعات الجهاد والجماعة الإسلامية والجماعة لا أدري ماذا، وأنصار البيت المقدس، وأنصار النصرة، وأنصار فجر الإسلام، وكلها جماعات أصبحنا نتعامل مع نحو أكثر من مائة جماعة. نعم، مائة جماعة، مائة جماعة لها اسم، والناجون من النار والفارون لست أعلم من أي شيء وانفرطت، وكل هذا بعد خروج الإخوان المسلمين من السجن وهم في عناد تام ألا يبين الله سبحانه وتعالى لبصيرتهم أنوار الإسلام وأنوار النبوة صحيح، لكنهم أرادوا
هذه الفتنة بعد ذلك طبيباً يؤلف كتباً كثيرة هكذا. وقال ماذا؟ أن هذا هو الإسلام الذي توصل إليه لأنه هو. عالم ويسمونه مفتي الجماعة الذي هو من يا مولانا؟ سيد إمام مثلاً نعم، الدكتور فضل، وله خمسة أو ستة أسماء. حسناً، أحضروه لنا حتي نقرأه. هل هو دخل الأزهر؟ لا. هل يجب عليه أن يدخل الأزهر؟ ليس من الضروري أن يدخل. إنه عالم كبير والحمد لله، ويظهر في بعض القنوات الفضائية التي تأتي وتقول له: أنت تقصد ماذا إنه يدّعي حرية في الرأي. يأتون بشخص يبيع الأعشاب. الأعشاب جيدة ومفيدة ولها استخداماتها. اللهم اجعل غذاءنا دواءنا. لا مانع من ذلك، لكنها لا تصلح للعلاج الإكلينيكي. هذا يُعتبر
طب الرُّكة وليس الطب الإكلينيكي صحيح. لا يمكن أبداً أن تحل محل عملية القلب المفتوح، لا يمكن والله! هذه مهزلة فكرة الطب القائمة على دليل أو الأخذ بأسباب العلم هكذا ليس هناك مانع من أن نستعمل الأعشاب فيما خلقها الله فيه من فوائد صحية، وليس من علاج لأمراض مقررة في الكتاب فيها كيفية التعامل معها. نعم، الخلط ما بين الأعشاب ولا البندول ولا كذا إلى آخره ولا علم الطاقة وما بين الإكلينيكي خلط يدل على عقلية الخرافة. نعم، هذه الأشياء موجودة ومستعملة على سبيل المثال الفوائد مثل الرقية الشرعية، فهي دعاء صحيح. والدعاء لن نتوقف عنه نحن حتي إذا ذهبنا إلى الطبيب، نذهب إلى الطبيب، والفلاح يلقي البذور ثم يدعو قائلاً: "يا رب"، وأذهب إلى الطبيب وآخذ الدواء وأقول: "يا رب اشفني". لأن الدواء لا يشفيني،
بل الله هو الذي يشفيني عند تناول الدواء. صحيح، هذا كلام مقرر وبسيط. عندما تذهب، حسنا، نحن نتعامل مع مئة جماعة وليس مع سيد إمام فقط، لئلا يظن نفسه أنه فعلاً مفتٍ أو فعلاً عالم، أو أنه هو يقول: "إن كلامي حق ولكن ليس الآن القتال". وكان أحد من منظري الجماعة الإسلامية في وقت لاحق سيد إمام خرج من عباءة الإخوان ثم أصبح أحد من منظري الجماعة الإسلامية والجهاد. هو دخل وخرج وما شابه، وهل يدخل الإخوان أو لا يدخل، كل ذلك نتيجة الفكر المنحرف الأول لإنشاء جماعة. ففكرة إنشاء جماعة هي فكرة منحرفة لأن سيدنا الرسول قال. فإن لم يكن في الأرض خليفة فالهرب الهرب صحيح، فإن لم يكن في الأرض إمام فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن يأتيك الموت وأنت تعض على جذع نخلة. هو أنشأ أوهاماً وأشياء، ما هذه الأوهام؟ لقد عددناها بعد أن قرأنا الكتب وأتعبنا عقولنا
بكلام فارغ كله لأنه ليس على أساس أنه ليس علماً مبنياً مثل الذي تعلمناه في الأزهر. صحيح أنه آية من هنا وحديث من هنا وموقف من هنا وأشياء متداخلة ملتصقة. صحيح ثم استخراج واستنطاق النصوص بما لم تقله وانتزاع النصوص من السياق والسباق واللحاق، فنحن في ورطة. ما هذا! لكن هذا أدى إلى ظهور داعش أدى إلى ظهور فجر الإسلام والنصرة وبيت المقدس. حسناً، بيت المقدس تقاتلوننا نحن لماذا؟ لماذا لا تذهب وتقاتل في بيت المقدس؟ لكنه لن يقاتل في بيت المقدس لأن النهاية ستكون في قبول لتفتيت المنطقة وشأن المنطقة طوال عمرها هكذا، كلما تنهض وترفع رأسها يريدون
أن يضربوها. صحيح القضاء علي هذه المصالح، مصالحهم هكذا. عندما قرأنا هذه الكتب وبدأنا نعرف لماذا أنتم غاضبون؟ لماذا أنتم رافضون للمجتمع؟ لماذا أنتم غاضبون من الحاكم؟ ما الأسباب التي تدعوهم؟ ما الأسباب لأنني أتخيل أن أقول له: حسناً، تعال يا أخانا أنت وهو، يا أصحاب الجماعات، تعالوا سأمكِّنكم من الحكم، ماذا ستفعلون؟ ما هي الأشياء التي أنتم متضايقون منا منا جميعاً، مني أنا كعالم أزهري، منك أنت كمذيع، من الرئيس كرئيس، من القاضي كقاضي، أليس كذلك؟ يعني متضايقون منا كمجتمع. منزعجون من أي شيء؟ وماذا ستفعلون؟ قولوا لي شيئاً ستفعلونه. عندما استنطقنا ما كتبوه وجمعناه، وجدنا أن لديهم أوهاماً
عشرة. لديهم مقررات، يا أخي، أوهام أوهام. والله أوهامٌ وهي هي ذات الأوهام السائدة في كتب الإخوان، شيءٌ غريب جداً اكتشفنا. يوجد تخاطر بينهم وكأن هناك اتفاقاً، أي وكأن هناك اتفاقاً لا يوجد اتفاق ولا شيء، إنه هو نفسه خط الفكر، نعم إنه خط الفكر. ولذلك الإخوان عندما تتطلع علي جماعات العنف يقولون: حسناً، إن لهم حق ما هو لهم حق ويتكلم بصعوبة هكذا في الكلام. حضرتك ما هي هذه الأوهام العشرة التي لديهم؟ يقول لك: رقم واحد، أنتم عملاء الاستعمار. نحن عملاء الاستعمار؟ نعم، نحن من المجتمع كله أو الدولة كلها يا مولانا؟ بكل مكوناتها. يعني نعم، لماذا ترفض ما نحن فيه هذا؟ قال: لأنكم من عملاء الاستعمار. ممكن يعبر عنها مرة أخرى بأنكم تتعاونون مع الاستعمار،
يمكن أن يعبر عنها بصيغة أخرى: أنتم عملاء أمريكا، أو أي شيء آخر. المهم فكرة أننا ننزع الوطنية عن المجتمع كله، أننا عملاء للاستعمار. وعملاء الاستعمار هؤلاء، هل يكونون مسلمين أم كافرين؟ يكونون كافرين. طيب، النقطة الثانية: راضون بإسرائيل ومسرورون منها ومتعاونون معها. نحن راضون بإسرائيل ومتعاونون معها، نعم، ولذلك نحن غاضبون منكم ثالثاً لأنكم غير راضين أن تتحدوا. فمنذ اتفاقية سايكس بيكو سنة ألف وتسعمائة وثمانية عشر والأمور مفككة، ومنذ انهيار الخلافة العثمانية وأنتم غير موحدين. لكن إرادة الله ورسوله أن نكون من طنجة إلى جاكارتا ومن غانا إلى فرغانة يداً واحدة. واحدة أو دولة واحدة فأنتم لستم كذلك. النقطة التي تليها أنكم
تنهبون الثروات يوجد نخبة لديكم تنهب الثروات. النقطة التي تليها الخامسة أنه لا توجد عدالة اجتماعية، إنعدام العدالة الاجتماعية النقطة رقم ستة هي أنكم تحكمون بغير ما أنزل الله، نعم فيها إتهام صريح "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون". إتهام صريح .نقطة سبعة أنه ليس لديكم ولاء وبراء، كان يجب أن يكون لدينا ولاء وبراء، ولاء للإسلام وبراء من الكفر. وهذا الولاء والبراء يقتضي أن نكون مثل البرص. أتعلم لماذا تنفخ أيها البرص؟ قال: لكي يكرهني الناس. فلا بد عليك يا أخي أن تكون لديك عزة. وتكره الناس فيك عزة وتكره الناس انظر إلى هذه اللفظة،
هذا النقيض يعني، نعم، وتكره الناس فيك وأنت تتعامل مع المسيحي فتذله هكذا وتتعامل معه بعنف وقسوة لأنه عبد الصليب، وهكذا. الإسلام ليس كذلك، هراء، هراء، حماقة في كلام يشوه صورة ما لا يُشوّه، شوّهوا صورة الإسلام في العالم. المهم سنتكلم في هذا بالتفصيل، النقطة التي تليها أصبحت ثمانية: قضية الجهاد، أنتم لا تجاهدون في سبيل الله. النقطة التي تليها: أنتم لا تدعون ولا تعملون للخلافة، لأن الجهاد والخلافة مرتبطان ببعضهما. وبناءً عليه فإننا لدينا حقائق، الحقائق التي هي النقطة العاشرة، ما هي هذه الحقائق؟ أن جميعكم كفره أو نصفكم أو بعضنا أو
سنكفر بالمجموع لكننا لن نكفر بالفرد، وأن هناك دارين: دار إسلام ودار كفر، وأننا يجب أن نسعى إلى النصرة والتمكين، وأنه لا بد من الحاكمية وما إلى ذلك. من أين أتتنا هذه الأفكار؟ إنها من الحكم بغير ما أنزل الله قانونياً واجتماعياً، هذه رؤية. شاملة وعامة إذا سمحت لنا فضيلتك أن نتوقف بشيء من التفصيل، سنسميها بيننا الأوهام العشرة. حسناً، سنتحدث عنها بالتفصيل، ونستأذن فضيلتك في فاصل سريع نعود بعده للحديث عن هذه الأوهام العشرة التي اتخذها منهاجاً جماعة الإخوان، أو اتخذتها منهاجاً جماعة الإخوان والجماعات المتطرفة. بعد الفاصل نواصل لقاءنا والمتشددون
مع فضيلة العلامة الجليل الدكتور علي جمعة. أرحب بكم مجددا مشاهدينا الكرام اللقاء يتواصل مجددا في المتشددون مع فضيلة العلامة الجليل الدكتور علي جمعة عن الأوهام العشرة التي يتخذها المتطرفون منهاجاً. أرحب بفضيلتك مجدداً يا مولانا، أكرمك الله. أهلاً وسهلاً. هل سنتحدث عن الحقائق أم سنفصل هذه الأوهام وكيف اتخذها الإخوان وغيرهم منهاجاً؟ لا إننا أول شيء نحاول أن نتفاهم هكذا مع بعضنا بصوت عالٍ على هذه الأوهام، نعم، هذا هو الموجود في كتبهم عظيم. سيأتي إليّ الآن أحدهم ويقول لي: "لا، لكن هذه الكلمة لم أذكرها، لم تخطر على بالي". نعم، لم تخطر على بالك الأبعد، لكنها خطرت على بال أبعد آخر، لا يقولها فريق، لكن فريق آخر. أنا أرد على المئة أنا أرد على كل المخالفين
لصحيح الإسلام، أنا أرد على أولئك الذين جعلوا أنفسهم عائقاً وحائط سد وحجاباً بين الخلق والخالق. نعم، هؤلاء صدوا عن سبيل الله بغير علم، هذه بلوة، ولذلك أنا أرد على الجميع، لا أرد على واحد دون واحد، لأنك ستجد واحداً عنده ثلاثة من هؤلاء، واحد لديه سبعة، وآخر لديه كذا، صحيح، لكن مجموعهم عندما درسنا مشكلاتهم التي صدرت من غير تخصص، من غير علوم أصلية، من غير علوم مساعدة، من غير مصطلحات، من غير مراجع، فهم النص مختلفاً تماماً عما تعلمناه عندما تعلمنا أدوات فهم النصوص. هذا هو الذي أدى إلى الفكر المنحرف الذي نرد عليه الآن، ولذلك أول شيء سنوضح كيف أنها
أوهام. لماذا سميناها أوهامًا؟ قد يسألني أحدهم هكذا قائلًا: وكيف تكون أوهامًا؟ اليس صحيحا عملاء للاستعمار وعلماء السلطة؟ ما معنى علماء السلطة؟ حسنًا، تعال معي. كان أحد الإخوان المسلمين في إحدى المؤتمرات في الكويت، وبعد ذلك قال "ما هو علماء السلطة"، قلت له تعال معي عندما يكون للسلطة علماء تصبح سلطة تقية حقًا. عندما تلجأ السلطة إلى أهل العلم من الدين، فإنها تصبح سلطة تقية وليست سلطة فاسدة بالفعل. هذا أولًا، وثانيًا، لديك مثلًا مؤسسة مثل دار الإفتاء المصرية، متى بدأت ككلمة دار؟ دار الإفتاء
المصرية أيام إبراهيم باشا ابن محمد علي، عندما رجع من اسطنبول، سأله شيخ الإسلام هناك: "كيف حال أولاد المرحوم المهدي العباسي أمين المهدي العباسي؟" فقال له: "والله لا أعرف، فالمهدي العباسي كان يتولى حساباتي ويمسك أموالي، وعندما توفي لم أتواصل مع أولاده قال له: "حسنًا، اذهب إذا كان أحد منهم يعمل بالعلم فعيّنه مفتيًا". يا سلام! فذهب فوجد أن الدائرة الخاصة به صادرت أموال والده أمين المهدي العباس لأنهم قالوا له: "تحت الحساب". قال لهم: "حسنًا، وما هو موقفه؟" قالوا: "موقفه أن هؤلاء الناس سددت هذه الديون، وهؤلاء
الناس لها أموالها. قال: "حسناً، أولاً ردوا عليه الأموال، وثانياً ابحثوا لي عن أولاده". قالوا: "لديه ولدان، أحدهما يدرس عند الشيخ الخليلي في الأزهر حالياً". قال: "أحضروه لي". فذهبوا وقبضوا عليه وأحضروه، والولد لا يعلم شيئاً، يا حرام، كان عمره عشرين سنة. إنه محمد أمين المهدي العباسي، وعينه مفتياً وهو في العشرين من عمره. سنة فكان تقياً فخاف من المسؤولية فأحضر أمناء الفتوى معه الشيخ الخليلي الذي كان يدرّس عليه في ذلك الوقت، وبدأ هذا المكان يُسمى دار الإفتاء المصرية. ومنذ ذلك الحين إلى يومنا هذا، أصدرت دار الإفتاء حتى توليت أنا منصب الإفتاء صحيح مائة وعشرين ألف فتوى، مائة وعشرين ألف فتوى منذ ألف وثمانمائة.
وخمسين لألفين وثلاثة، لا ألفين وثلاثة، نعم مع تولي فضيلتك، نعم، نعم. بعد ذلك ولأجل البريد الإلكتروني وأشياء مشابهة، أصبحنا نصدر نصف مليون فتوى في السنة ما شاء الله. فليس لنا شأن بهذه الفترة الإلكترونية، دعنا في الفترة اليدوية مائة وعشرين ألفاً، فذهبت إلى المائة وعشرين ألفاً وأفرغتهم. ورقمتها وصححتها وصورتها وحفظت التصوير في أماكن مختلفة بحيث أنه إذا دُمِّر العالم - يا سلام - يبقى لنا تراثنا صحيحاً، هذا هكذا وهذا أنا، وأحضرت ستة أشخاص ليعملوا دكتوراه في هذه الإفتاءات في هذه المائة والعشرين ألفاً، وقلت لهم: إذا سمحتم أخبروني أين وقف دار الإفتاء مع الحاكم على حساب الدين. مثلاً على حساب الدين
أو الدنيا أو البلد، نعم نعم، فلم يجدوا ستة باحثين دكتوراه عملوا رسائل دكتوراه، وناوا رسائل الدكتوراه وناقشت في بعضها عظيم لم يجدوا، وواحد منهم كان من الإخوان المسلمين من الستة من الستة وكتب وكتب أن هذه الفتوى خاطئة، خلاص هذه الفتوى خاطئة، لكنه لم يستطع أن يقول إنها مع الدولة، مع السلطة، هذه الفتوى لا أعرف ماذا خالف فيها، هذه الفتوى ماذا فعل فيها؟ حسناً، أتفهم ذلك، لكن لم يستطيع أن يقول إنها مع السلطة، نعم مع الحاكم. هو يقول إن المفتي الفلاني مخطئ، من الوارد أن اختيار المفتي الفلاني لا يعجبه، صحيح. وعلى فكرة كل الذي لم يعجبه ذاك، فقد كان هو المخطئ فيه
لأنه لم يدرك الواقع الذي أفتى فيه هذا. هذه الفتوى مخالفة للفتوى تلك. نعم، الزمن يتغير، ولا بد أن تتغير الفتوى وهكذا. شخص واحد فقط هو الذي قال هكذا، لكنه لم يجرؤ على أن يقول إن أي فتوى موجودة من المائة والعشرين ألف فتوى. ثم بعد ذلك من ملايين الفتاوى التي حدثت في العشر سنوات هذه أو في الخمسة عشر سنة هذه لا يستطيع أحد أن يقول هذا الكلام، فالإخواني الذي في الكويت قال إن الفتاوى تقف مع السلطة، قلت له مثل ماذا إن شاء الله، قال لي فاروق ادّعى أنه هو مِن أهلِ البيتِ فاروق ادَّعى أنَّه مِن أهلِ البيتِ، فالشيخُ الببلاوي قالَ له: "نعم، حقاً أنتَ مِن أهلِ البيتِ". قلتُ: قُلْ إنَّ هذا الشيخَ الببلاويَّ لم يتولَّ الإفتاءَ، وافترضْ أنَّ واحداً مِن المشايخِ قالَ للمَلِكِ:
"واللهِ إنَّكَ تبدو مِن أهلِ البيت يا شيخُ، ما الأمر؟ يجامله بِكلمةٍ. يقول له شيئاً، ما علاقة هذا الكلام بالفتوى؟ نحن نتحدث عن مؤسسة، أين مؤسسة الأزهر التي خالفت دينها ووقفت مع الحاكم؟ أين مؤسسة الإفتاء التي خالفت دينها ووقفت مع الحاكم على حساب الدين أو على حساب مصلحة البلاد والعباد؟ لم يحدث ذلك. قال لي: فتوى البنوك. قلت له: هذه البنوك. هذه حلال مائة في المائة، لكن على فكرة، عمر الحاكم ما سألنا هل البنوك حلال أم لا، عمره ما سألنا. الذين يسألوننا هم الأفراد، الناس تقول لنا: ألحقوا، هل أضع أموالي في البنوك أم لا؟ صحيح، لماذا يا أخي أضع في البنوك؟ لأنه لا ربا في الأموال، ولو راجت رواج النقدين ومن أول ما تخلينا عن قاعدة الذهب والفضة أصبح باتفاق البنوك حلال باتفاق، باتفاق العلماء الأربعة. آه، أنتم لستم دارين عن أنفسكم شيئاً! إذاً
نحن نتكلم عن أوهام حقيقية، وهذا الوهم مكرر كم مرة يا علماء السلطة؟ يا علماء السلطة، شيء مقزز حقاً وشيء لا يتصوره عقل عاقل! هي حربٌ رخيصةٌ يا مولانا وكذبٌ مخالفٌ للواقع. عبد الناصر عندما يأتي ليقوم بثورةٍ ويطرد الإنجليز، يُصبح مع الاستعمار! عندما يدخل في حرب ثمانية وأربعين، ثم ستة وخمسين، ثم سبعة وستين، ثم الاستنزاف، ثم ثلاثة وسبعين، والسادات يُصبح عميلاً لإسرائيل! نحن مستمرين في الجهاد ضد إسرائيل هذه التي وراءها الولايات المتحدة التي لديها جسر جوي من السلاح أخذ ينزل بالدبابة يا للعجب وهي ما زالت عليها الشحم الأمريكي حقاً، وداخلة
جسر جوي، نعم جسر جوي. نحن قصرنا في شيء ما، انهزمنا نعم، هُزمنا نعم، احتُلت أرضنا نعم، وتحملنا نعم. أنتم الآن ستفعلون إن شاء الله لو أمسكتم بالحكم وأمسكتم بالجيش وأمسكتم بالأمور، سيخربونها. كما حدث والله العظيم ستُفسدونها وستصدون عن سبيل الله كما أن فضيلتك دائماً تستشهد بمقولة فضيلة الشيخ الشعراوي يعني: "إن تمكنوا لأفسدوا الدين والدنيا معاً". إذاً نحن لسنا مع الاستعمار وكل - يا أخي - نحن معروف أننا ضد الاستعمار وضد نهب الثروات ومع الكفاح المسلح إذا وُجِد الاحتلال ولسنا مع إسرائيل وبعد ذلك يقول: "أنتم لا تسعون إلى الوحدة". لا يا أخي، فنحن قد اتحدنا مع سوريا بالفعل ثم فشل الاتحاد، واتحدنا مع
ليبيا ثم فشل، واتحدنا مع السودان ثم فشل أيضاً. لذلك ما زال قصر الاتحادية يحمل اسم "الاتحادية" منذ مرحلة الاتحاد مع ليبيا والسودان. كنا نتعامل معهم هكذا صحيح، لكن توجد أسباب عديدة غير ذلك يا متوهم. ألسنا أناساً فاسقين ولذلك لسنا متحدين؟ عندما ذهب عبد الرزاق باشا السنهوري وحصل على الدكتوراه الخاصة به في كيفية جمع المسلمين بعد أن انهيار الخلافة الذي يكفرونه، كُتبت الرسالة باللغة الفرنسية ثم ترجمتها ابنته إلى العربية وطُبعت وهي موجودة. في الأسواق تصوَّر شيئاً مثل منظمة التعاون الإسلامي التي كان اسمها منظمة المؤتمر الإسلامي، أنها تجمعنا في شيء يشبه الاتحاد الأوروبي، شيء مثل الدفاع المشترك والسوق المشتركة وما إلى ذلك. وقد حاولنا، وكان أحمد حمد
رحمه الله - مؤلف القانون العربي الموحد، القانون المدني الموحد، القانون التجاري الموحد، لأن أحد عوائق عدم الوحدة هي قضية عدم اتساق القوانين بعضها مع بعض من طنجة إلى جاكارتا ومن غانا إلى فرغانة. لقد فوجئت أن القانون المدني المصري هو عين القانون المدني الأفغاني، إذاً فحكاية عدم الوحدة أو أننا نسعى إليها أو نصل إليها بانفصال، ولذلك ماذا ستفعلون إن شاء الله؟ ستقاتلون الدول العربية وتجعلونها دمًا في دم في دم حتى خراب البلاد والعباد والأرض والدنيا، أم ما هي القصة؟ هذه ثلاثة أوهام وأريد أن أكمل معك يا أستاذ فضيلتك في بقية الأوهام، وكيف أن هؤلاء الناس
يخدعون أنفسهم. على فكرة هم يعيشون الوهم، نعم هم ليسوا كاذبين، بل هم يعيشون الوهم. في حالة إنكار وفي حالة رفض للمجتمع، كما يفعل الشباب الصغير الذي يدخل بسيارات مفخخة وعمليات انتحارية، هو لا يدرك مدى فداحة ما يرتكب. إذاً، هذه مجموعة من الأوهام التي انتهجتها جماعة الإخوان والجماعات المتطرفة. سنتواصل في حلقة قادمة بإذن الله مع فضيلة الإمام العلامة الدكتور علي جمعة في مجموعة أخرى من هذه الأوهام ثم نواصل رحلتنا لنرد بالحقائق بشكل علمي ومنهجي. أشكر حضراتكم وأشكر ضيفي الكريم فضيلة العالم الجليل الدكتور
علي جمعة، وحتى نلقاكم في حلقة أخرى من برنامج المتشددون نترككم دائما في أمان الله ورعايته إلي اللقاء.