المتشددون | حـ 37 | الأوهام العشرة لجماعة الإخوان والتكفيريون جـ3 | أ.د علي جمعة

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته مشاهدينا الكرام وهذه تحية لكم من عند الله طيبة مباركة. ما زلنا من خلال حلقات برنامج المتشددون وعبر شاشة التلفزيون المصري بقنواته المختلفة نبحر مع فضيلة الإمام العلامة الجليل الأستاذ الدكتور علي جمعة في فكر المتشددين وكيف كانت جماعة الإخوان وما خرج من عباءتها. من الجماعات التي انتهجت منهجًا مغايرًا وكان لديها مجموعة من الأوهام تحدثنا عنها في حلقات سابقة، أودت بالبلاد والعباد وموارد تاهت في كثير من المواقع. اليوم اسمحوا لي أن أرحب بداية بفضيلة العلامة الجليل الدكتور علي جمعة وأشكره دائمًا على تربية الدعوة،
وأسأل أيضًا يا مولانا، يعني فضيلتك فصّلت لنا. إن صح التعبير بالتعبير العامي، الأوهام التي يعتنقها أو ينتهجها أصحاب هذا الفكر المتطرف، أود أن أسأل فضيلتك: ما هي حالة الإنكار التي هم فيها؟ وما الأسباب التي أدت بهم إلى حالة الإنكار وإلى حالة الإيمان بهذه الأفكار وإلى غسل العقول بهذا الشكل؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة على سيد رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، نحن كعلماء ومنذ زمن بعيد ومنذ أن نشأت هذه الجماعة بأخطائها في البداية ثم بجرائمها في النهاية، صحيح أننا لسنا مسرورين لأننا نرى أمامنا الإسلام وهو يُذبح بيد أهله
من أجل الإسلام أو بدعوى أن ذلك من أجل الإسلام وهو منه براء وهو منه بريء وهم يعوقون المسائل، فالناس هذه معاقة فكرياً، ونريد أن نبحث في هذه الإعاقة. ما الذي افتقدوه حتى آمنوا بهذه الأوهام؟ هذا الإيمان الذي يتحول بعد ذلك إلى درجة تفجير وتكفير وتدمير لا تعمير. ما الذي يعني... نهاية الأمر مؤسفة إذا فهم. في حالة نفسية معينة أنا أسميها بحالة الإعاقة، ونريد أن نبحر وأن نغوص في هذه الإعاقة حتى نتصور ما هي. ما الفرق
بيني وبينهم؟ أنا بشر وهم بشر، أنا مسلم وهم مسلمون، أنا مصري وهم مصريون. الفرق الذي بيني وبينهم يعني لأجل أن يؤمن بهذا، وأنا لا أؤمن به. لماذا بهذا الكلام الفارغ؟ ولماذا لا أؤمن بالله وحده؟ حقاً هناك شيء بالتأكيد، فقد جلست أتأمل في هذا الأمر فوجدت أن القضية تحتاج إلى تفكير. وعلى فكرة، هم ضد الفكر دائماً، هم ضد الفكر. هم حفظ يسيرون عليه فقط، لا تفكير ولا تدبر، هم منغلقون، نعم منغلقون. إنهم ضد الفكر، منهم من قال: "إن الأصل في التفكر هو الكفر، ففكّر وكفر، فكلاهما يحتويان على الألف والكاف والراء، أي أن التفكير أخو التكفير، فتفكر
وتكفر". قلت له: "أعوذ بالله، أعوذ بالله، إن ربنا أمرنا بهذا الفكر" وهكذا. فنحن نتفكر في أحوالهم. ما الذي وجدته إذن؟ وجدت أن لديهم مشكلة في إدراك النص وهذا من البداية، لم يكن حسن البنا من العلماء، ولم يكن حسن الهضيبي من العلماء، ولم يكن سيد قطب من العلماء، ولم يكن هؤلاء الناس جميعاً - صحيح - لم يكونوا من العلماء، ولا حتى أحمد السكاري الذي أعطى لهم اسم الإخوان المسلمين، وبعد ذلك رُفِدوا من العلم لديهم مشكلة حقيقية في إدراك النص، ونستطيع القول إن أول عائق لديهم هو عدم إدراك النص، وهذا ورثته منهم
الأجيال المتتالية التي أصبحت مائة جماعة الآن. سجل الغربيون حتى أنهم سجلوا مائة جماعة تعمل الآن على الأرض، منهم أجند مصر وغيرها من هذه الجماعات التي تقوم بالتفجير. ويكبر وارثوا منهم عدم إدراك النص. ما هو النص؟ هذا النص رقم واحد مقدس: الكتاب والسنة، ورقم اثنين بشري اجتهادي الذي هو كلام الأئمة. فلا هذا فهموه ولا ذاك فهموه. ما الذي يميز النص المقدس؟ الذي يميز النص المقدس أنه قد تجاوز الجهات الأربعة. ما هي الجهات الأربعة؟ الزمان والمكان وهذا يعني أنه صالح للتطبيق
في كل زمان ومكان. في فهم المسلمين، فهموه زمانياً، وهذه مصيبة سوداء رقم اثنين. النص البشري هو زماني، صحيح أن الشافعي يقول على قدر عصره وما أمامه في عصره، فيجب أن آخذ منه المناهج لأفهم كيف أفكر مثله، أما النص القرآني فإنه يعني... هذا متجاوز للزمان والمكان، لا يُبرأ بخصوص عموم المعنى لا بخصوص السبب. فإذا خلطوه جعلوا المقدس زمانياً وجعلوا الزماني مطلقاً، نعم، ثم هذا المطلق أنكروه لأنهم جعلوا الاجتهاد هذا هو التتالي. ليس الإخوان هؤلاء المائة جزء من
الإسلام، الاجتهاد جزء من الإسلام والتقليد حرام، فأصبح ينتقي قليلاً من هنا وقليلاً. من هنا وقليلاً من هناك، هذه القضية لها مسمى عند العلماء يُعرف بالاختيار الفقهي. افتقدوه إذا كانت هناك مشكلة حقيقية مع النص المقدس، والبشر لديهم مشكلة حقيقية. هل أنت منتبه سيادتك؟ ومن هذا الفهم الخاص بالجماعات والإخوان الخاطئ، ظهر لنا أناس كالمسامير لا يفهمون شيئاً واعتقدوا أن هذا هو. الإسلام فيردون على هذه الأفكار المغلوطة أو هذه الأحوال كذا، ومن ضمن ذلك هم يهاجمون هذا، هاجموا الأزهر للأسف الشديد، أتفهم؟ إذاً
أنتم يا جماعة المائة هؤلاء بما فيهم الإخوان كانوا فتنة للناس وكانوا فتنة لهذا السفيه الذي يجلس يرد على الأزهر فيما لا يعرفه هو أصلاً. وهو ليس منتبهاً أن هناك فرقاً بين النص المقدس والنص البشري، ولا منتبهاً لأدوات فهم هذه الأشياء، ولا للترتيب الذي يتعلمه العلماء في هذا. إنه غير منتبه حقاً، إذاً نستطيع أن نقول إن أول عائق في أذهان هؤلاء الناس هو عدم إدراك النص. نستطيع أن نقول هكذا عنواناً: "عدم الإدراك". النص رقم اثنين: عدم إدراك الواقع. تقول لي: "واقع" يعني ماذا؟ أقول له: الواقع هذا ملكٌ بالنبي. يقول لك: عالم الأشياء، عالم
الأشخاص، عالم الأحداث، عالم الأفكار. يا سلام! الواقع الخاص بنا هكذا مركّب من أربعة تعريفات. كل عالم من هذه العوالم له طريقة في إدراكه والتعامل معه في عالم... هذه الأشياء إدراكها يتم عبر المجهر (الميكروسكوب) والتلسكوب، فالتلسكوب للأجرام الكبيرة والميكروسكوب للأشياء الدقيقة. هذا المجهر يتيح لي معرفة حقائق الأشياء الطبيعية الفيزيائية من عدة جوانب، وأستطيع وضع نظريات عليها، وقد تكون النظريات خاطئة فأصححها وهكذا إلى آخره. وأتمكن من المعرفة، فلدي إقليدس وقواعده، ثم جاء نيوتن ووضع لي الميكانيكا، جاء فأنشأ لي النسبية وأصبح هناك علاقة بيني وبين عالم الأشياء وعالم الأشخاص. كانت
في البداية الشخصية الاعتبارية غير موجودة، والشخصية الطبيعية فقط هي الموجودة. ثم أصبحت هناك شخصية اعتبارية، وأصبح هناك الوقف والمؤسسة والشركة العابرة للقارات، وهذه تختلف عن الشخصية الطبيعية. وبعد ذلك الأحداث الموجودة والتي هي مركبة في هذا وذاك، وبعد ذلك الأفكار، وهذه مسألة متعالية جداً لأنها توصلنا إلى إجابات عن الأسئلة الكلية الثلاثة: من أين أتيت؟ وإلى أين أذهب؟ هكذا، هذا الواقع له علاقات وله إدراكات وله كيفية حتى نستطيع، وهو نسبي متطور مزدهر في بعض الأحيان، متغير في
بعض الأحيان، معرفة المصالح المرعية، ثالث شيء تؤول إليها الأحكام، رابع شيء اللغة العربية، خامس شيء الإجماع. هكذا نتعلم أدوات نحن نعمل بها هم يفتقدونها، يا للأسف! وبهذه الأدوات وفي ظلها نستطيع إيقاع المطلق على النسبي، حتى ولكن وأنا أراعي المقاصد الشرعية وأراعي المصالح المرعية وأراعي المقالات المعتبرة وأراعي أنني لا أخرج عن الإجماع وأن كله. هذا يكون في مظلة اللغة، هو يفتقد كل هذا، يا للأسف حقاً حسناً، كل هذه الأسباب أسقطت للأوهام العشائية حتى
الإنكار الذي هو فيه وصف للواقع كإعاقة. هل انتبهت حضرتك كيف؟ حسناً، يعني هو فعلاً شخص معاق فكرياً يا مولانا. عن أي إعاقة تتحدث؟ يقول لي والله وأنت يعني في الأزهر ماذا تفعل؟ قلت له: تعلمت هكذا، تعلمت كيف أدرك الناس والمقدس غير الباطل، وتعلمت كيف أدرك الواقع، وتعلمت كيف أصل بينهم. يا سلام! النقطة الرابعة أنه قد افتقد المنهج. هذا ماهو؟ هو رؤية كلية ينبثق عنها إجراءات، فالرؤية الكلية التي ينبثق عنها إجراءات نحن نسميها عندنا. أصول الفقه ليس هو ما ليس عنده، فلا توجد لديه أصول الفقه ولا شيء مثله لأنه دخل في غير تخصصه. هذا عمل السياسة والتكتيكات السياسية وليس عمل العلم والدين والمنهج والمنطق الصحيح. هل أنت منتبه يا سيادتك؟ فإذًا نحن أمام نحو عشر فقودات
(أشياء مفقودة)، وقد ذكرنا أربعة منها وهي نستأذنكم بعد الفاصل لنتناول الأسباب الستة المتبقية التي أدت إلى الإعاقة الفكرية التي وصلت بأصحاب هذا الفكر وجماعة الإخوان إلى الإنكار وإلى هذه الحالة السيئة التي يُرثى لها. بعد الفاصل نواصل. مشاهدينا الكرام، أرحب بكم مجدداً في هذا الجزء من حلقة "المتشددون" ونحن نتحدث مع فضيلة الإمام. العلامة الدكتور علي جمعة عن الإعاقة الفكرية التي أوصلت أرباب الأفكار المتطرفة وجماعة الإخوان وأجيالها المتتالية إلى هذه الحالة من الإنكار والأوهام التي تحدثنا عنها في حلقات سابقة. تكلمنا عن أربع إشارات من هذه الحالة، فاجتمعنا على طاولتنا وتحدثنا عن فقد إدراك النص المقدس
والبشري، تكلمنا عن فقد إدراك الواقع أنهم غير قادرين على فهم الواقع. تحدثنا عن فقدان القدرة على الوصل بين المطلق والنسبي الذي يتمثل بعناصره المختلفة: المقاصد والمصالح والمآلات والإجماع واللغة وما إلى ذلك. تحدثنا عن فقدان المنهج الذي هو رؤية تنبثق عنها إجراءات، وهذا ما نسميه أصول الفقه. أصول الفقه هي النقطة الخامسة من معالم أسبابها ومن تمكنها في النفوس بهذه الشراسة ما يمكن أن نجعل له عنوانًا "المشرب العنيف". المشرب العنيف، مشربهم عنيف يا أخي. وهذا المشرب العنيف عندما ندخل لنحلله كي نفهم لماذا مشربك عنيف هكذا، فتجد أنه ابتداءً يكره الحياة. كلام
لو دعونا الناس إليه نقول لهم يا... خلق يا خلق الله تعالوا نحن ندعوكم إلى كراهية الحياة! ما شاء الله! أنت تخيل يعني هل سيجيبني أحد أو سيتبعني أحد؟ لا طبعاً. يا أخي الذي يكره الحياة من عناصر هذا المشرب العنيف حب الصدام، يقدم لك الصدام على أي شيء آخر، أي تفاهم أول شيء الصوت. العلو والخناء والمتاع صدام هكذا، هو لماذا لا يصح أن "الراحمون يرحمهم الرحمن"؟ يتطهرون... لا يصح. بسم الله الرحمن الرحيم، لا يصح يا عائشة أن "الرفق ما دخل في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه". لا يصح
الخلق النبوي. يقول لك العوام لدينا: الإسلام في مصر هكذا بطبعه المصري هكذا، يقول لك النبي تبسم، يا سلام! يقول: اللهم صلِّ على جمال النبي، جميل. حسناً، وما مشكلة هؤلاء؟ مشكلتهم هي المشرب العنيف. ما هو المشرب العنيف؟ هل تفهم؟ هل انتبهت؟ المشرب العنيف هو كراهية الحياة، المشرب العنيف هو حب الصدام، المشرب العنيف هو... غباوة التناول في كل شؤون الحياة أو في كل أمورهم، غباوة التناول تجدهم أغبياء في تناولهم. سيدنا الإمام البخاري مثلاً يقول لك ماذا:
قالت فاطمة عليها السلام، السيدة فاطمة الزهراء بنت سيدنا النبي التي كان النبي يحبها كثيراً بالطبع، أتنتبه؟ ثم يقول عليها السلام، فهي من أهل... البيت، ما هي أصل أهل البيت تعني شيئاً مثل هذا، والبخاري ما هو الشيعي. فتأتي مثلاً عندما يقول شخص "فاطمة عليها السلام"، فيقولون لك: "بالله، أنت شيعي غبي، أنت رافضي". أنا رافضي؟ الرافضي هو الذي رفض أبا بكر وعمر، ويجلس يشتمهم رضي الله تعالى عنهم. الرافضي، أتعرف من هو؟ سيد الأوب صحيح لأنه شكمهم في العدالة الاجتماعية. أنا رافضي، فيأتي ليهاجمك
هكذا بطريقة عنيفة مقززة ويقول لك: أنت رافضي. لا يا أخي، أنت غبي حقاً ولديك غباء في التناول. هذا جزء من المشرب العنيف. جزء من المشرب العنيف أيضاً ضلال التأويل. يظل يلف ويدور ويرفض. الحديث ولو كان صحيحاً، ما دام ضده، ويقبل الحديث الضعيف ولو كان ضعيفاً - يا سلام - ما دام معه، وينشئ من هذا أوهاماً. ما هي هذه فكرتهم: الذي معي والذي ليس معي ضدي. يعني هو هكذا، مشرب غبي. أنا يمكنني أن أقبل الحديث الضعيف عندما أجده أنه يدعو فضائل الأعمال، فضائل الأعمال جميلة، عندما يأتي مثلاً حديث يقول إن الله يحب من أحدكم إذا عمل عملاً أن يتقنه. أتساءل لماذا أرد عليه: "هذا الحديث ضعيف،
ضعيف". قد يكون قولاً مأثوراً لكنه يُؤخذ به في فضائل الأعمال. ولكن يا أخي لماذا هكذا؟ إذا كان المشرب العنيف هذا الذي... هي النقطة الخامسة التي يجب أن نفككها ويجب أن نتعامل معها، ما هي القضية هكذا؟ من ضمنها أيضاً من ضمن هذا الاتجاه العنيف كراهية المنطق، إنه يكره المنطق كثيراً، هل تنتبه؟ لأن المنطق سيؤدي بهم إلى إدراك الواقع، وسيؤدي بهم إلى إدراك المآلات، وسيؤدي بهم إلى الفكر المستقل، هو يتعامل يدعو، يعني بذلك سنفكر، والعياذ بالله تعالى، أنه معاق لا يريد أن يفكر، هو معاق لا يريد أن يفكر. المشرب العنيف ما
زلنا في النصوصية بمعنى حمل النص على ظاهره دون الالتفات إلى سياقه، إلى ما قبله، إلى ما بعده. نحن دائماً في الأزهر نتعامل مع القرآن على أنه كالجملة بعضه وندع بعضه، أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعضه؟ هو يقف عند النص ثم يفهم منه شيئاً لنفسه لا علاقة له لا بالواقع ولا بالدين، لا بالدين ولا بالدنيا، ثم يبني على هذا ما يريد بغض النظر عن كل الاحتمالات والفهوم وما إلى آخره، كما كان جماعة التكفير والهجرة. واحد من المائة هؤلاء يقول لك مثلاً: "والكافرون هم الظالمون". انظر الفرق بينهم وبين عطاء بن أبي رباح
إمام التابعين عندما يقول: "الحمد لله الذي قال: والكافرون هم الظالمون، ولم يقل والظالمون هم الكافرون". هذه تختلف عن تلك، يا سلام! ويقول لك: "لا، هذه هي نفسها". هو عاش مع... نفسه مع أوهامه أن الكافرين هم الظالمون، يعني معناها من ظلم نفسه يصبح كافراً. من منّا لم يخطئ؟ من منّا لم يظلم نفسه؟ يظلم نفسه من منّا. وانظر إلى الفلسفة والحكمة في الحمد لله التي تتعلق بالعطاء. الحمد لله الذي قال: "والكافرون هم الظالمون" ولم يقل: "والظالمون هم الكافرون". لو ورطة يا سلام! لكن هؤلاء لأنهم يريدون أن يكفروا على هواهم صحيح وبمرادهم. يقول لك: هذه مثل هذه، ليست هي على الإطلاق. لا، ليست هي يا أستاذ، هذا
جزء من المشرب العنيف النصوصي. ولو جلسنا هكذا سنجلس كثيراً، لكنني أريد أن أجعل الناس ترى القضية كلها مجتمعة أنهم... فقدوا إدراك النص وأنهم فقدوا إدراك الواقع وأنهم فقدوا الوصل بينهما وأنهم فقدوا المنهج وأنهم أصحاب مشرب عنيف فقدوا الرحمة لأنهم أصحاب المشرب العنيف. هؤلاء هم خمسة من عشرة. الشيء الثاني رقم ستة: فقدوا السند والبركة، فلا تجد واحداً منهم له شيخ تتلمذ عليه أو أستاذ. يعني أو تعالى هذه أستاذ ما يوجد لن تجده وإذا وجدته ستجده مخدوعاً فيهم واحد منتمٍ
إليهم هكذا لأنه يعني مثل يوسف القرضاوي مثل الشيخ الغزالي رحمه الله مثل لا أعرف فلان وعلان وهؤلاء ينكرون تماماً ما نقوله وما نعيبه على جماعات التطرف هم ينكرونه يقول لك لا حتى القرضاوي هذا، هو يقول لك ما دامت سلمية، الله وأنت لا ترى بعينيك ما دامت سلمية الدم والمتفجرات والانتهاء، ينكر أيضاً الواقع ويكذب إلى آخره. فهؤلاء الناس افتقدت السند فافتقدت البركة. أتعرف ما معنى هذا السند؟ أنني سلمت على شخص سلم على شخص سلم على شخص سلم. سلَّم شخصٌ على رسول الله عليه الصلاة والسلام. البركة تأتي هكذا في هذه السلسلة. يحمل هذا العلم من كل خلفٍ عدوله، ففيها بركة. هذه الحلقات فيها بركة. هم قطعوا هذه
البركة. هذا هو الأمر السادس والأمر السابع أنهم افتقدوا العقلية الفارقة. العقلية الفارقة كانت دائماً لدى العلماء عبر القرون. يتمتعون بالعقلية الفارقة، هذه العقلية الفارقة تميز بين الدين والتدين. الدين هذا علم، فيقول لك: خذ بفتواه ولا تعمل بتقواه. أنا عالم دين لكن غيري أفضل مني، أكثر تقوى مني، أكثر التزاماً مني، أي أن قلبه معلق بالله أكثر مني بفوارق، إنما أنا عالم دين مثل الطبيب، أي أنني أقول الذي تعلمته حقاً هو أنهم لا يفرقون بين الدين والتدين. يعتقد أنه عالم كبير لأنه سُجن عشر سنوات،
وليست العبرة بعدد السنوات التي قضاها في السجن وهذا جهاده وهذا ما هنالك. وهناك فرق بين مكتب إرشاد ونائب مرشد ومرشد، كما أن هناك فرقاً بين العلم والمعلومات. الفرق بين القضاء والحياة يكمن في الفروق بين الناس، فبعضهم كان مدركاً لذلك، وآخرون غير مدركين. هؤلاء سبعة وسنكمل في حلقة ثانية. هذا موضوع مهم بالفعل. إن فكرة العقل هذه هي التي أوصلتكم إلى هذه الحالة من الإنكار وهذه الحالة من الوهم. يمكننا أن نفرد لها حلقة أخرى إذا سمحتَ. لنا إن شاء الله. نعم، أنا أشكرك شكراً جزيلاً. شكراً، لا فضل فوق فضيلة العلامة الجليل الإمام الدكتور علي جمعة الذي أشكره دوماً، وأشكر حضراتكم على حسن المتابعة. وإننا نأمل أن ما يُقدَّم من مادة علمية دينية منهجية وهذه الرحلة الفكرية مع فضيلة العلامة الجليل تنير لنا الطريق. حول هذه الأفكار
المغلوطة وتوضح الإسلام الصحيح الذي هو أبعد ما يكون عن أفكار هذه الجماعات المتطرفة. أشكر حضراتكم ونلقاكم دائماً على خير. دمتم في أمن الله ورعايته، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.