المتشددون | حـ 5 | عبد الرزاق باشا السنهوري والنهضة | أ.د علي جمعة

هذه تحيةٌ لكم من عند الله طيبة مباركة، مشاهدينا الكرام أرحب بكم في مستهل هذا اللقاء والرحلة الإيمانية التي نتواصل فيها في ملمح تاريخي ومحاولة ننهل من علم ضيفنا الكريم فيها لبيان مفهوم كيف يفكر المتشددون وما الذي أوصلهم إلى هذا المآل انطلاقاً من مفهوم الدين أو الإسلام الصحيح ننهل. دائماً من علم العلامة الجليل ضيفنا الكريم فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة الذي أرحب به أيما ترحيب. أرحب بفضيلتك يا مولانا، أهلاً وسهلاً بكم. لقد وصلنا في الحقيقة
إلى عبد الرزاق باشا السنهوري الذي وضع قانوناً مدنياً لا أروع منه، حيث ظل تقريباً اثنتي عشرة سنة يعمل في هذا القانون أي يعني يخرجوا منه أو يضعوا أيديهم على سلبيات تقريباً فيه، إلا اللهم سلبية حسن الهضيبي. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. حسن الهضيبي ذهب إلى البرلمان وعرض عليهم أنه يعني ضد فكرة أن يضع أحد من الناس سواء كان... واحداً أو سواءً كان لجنة قانونية لأنه هذا يعني يخالف اجتهاد القاضي أو يخالف ما عليه الفقه الإسلامي أو شيء من هذا القبيل، أي أنه يعترض على التقنين. ومن هنا وجدنا وفجأة وفي غياب كثير من قيادات الإخوان أن حسن الهضيبي أصبح هو المرشح لخلافة حسن البنا بالرغم أن أحداً... لم يعرفه،
يا سلام! وهذه هي الأزمة التي حدثت بين الشيخ الغزالي وسيد سابق وأحمد بقوري وغيرهم. كلهم خرجوا، هؤلاء المشايخ كلهم خرجوا لأنهم فوجئوا بشخص ليس منهم، لأن حسن البنا عندما كان الشيخ الغزالي يأتي إلى المجلة يجلسه بجانبه، وهو في عمر العشرين سنة تقريباً. الشيخ الغزالي مولود سنة... سبعة عشر ألف وتسع مئة وسبعة عشر، فنحن نتحدث عن شاب في سنة أربعين مثلاً، عمره ثلاثة وعشرون سنة. وفي سنة سبعة وأربعين كان عمره ثلاثين سنة. هذا الشاب لأنه حسن، مولود سنة ستة، فستة من سبعة عشر يعني أحد عشر سنة. كثيرة هذه الأحد عشر سنة، تجعله أستاذاً لأجل جيل تلو جيل، كان حسن البنا والغزالي موجودين معهم ويرون الأحداث ويشاهدون كل شيء وما
إلى ذلك. فكيف يمكن أن من يخالفني لا يكون الغزالي مثلاً؟ لماذا لا يكون أحمد حسن البقوري، أو لا يكون عبد العزيز كامل، أو لا يكون سيد سابق وغيره؟ فهناك أشخاص آخرون أيضاً، ولكن... فجأة أصبح حسن الهدي لماذا؟ من أجل هذا الموقف فكرة منغلقة؟ لا، هذا ليس فكراً منغلقاً أو مغلقاً، هذا فكر معين هكذا لكي - يعني - لا أقع في توصيفه. هو فكر يناسب دعوة الإخوان إلى أننا لسنا على الحق وأنهم الذين على الحق، وأنه ينبغي عليهم أن يتولوا الحكم كذا إلى آخره كما صنعوا عبد الرزاق باشا السنهوري، كان رجلاً مسلماً، فلما جُمعت أشعاره التي كان يكتب بعضها هكذا في أمور متفرقة، وُجد أنها كلها إسلامية.
عبد الرزاق باشا السنهوري لم يغب عنه همّ المسلمين بضياع الخلافة وهو في السوربون، ولكن بطريقة واقعية، بطريقة عصرية، يريد أن يطبق الإسلام عبد الرزاق باشا السنهوري كتب وتأمل ثم قال: "على فكرة، نحن نحتاج أن نعمل كثيراً، إننا نحتاج أن نُعلّم الشرعيين الاجتهاد، كيف نعلمهم الاجتهاد؟ لأننا نحتاج إلى جيش من المجتهدين حتى نطور القانون الذي وضعته". يا سلام! أتريد يا عبد الرزاق باشا أن تطور هذا؟ قال طبعاً أختلف بأسباب، هذا في خطوة ثانية وفي خطوة ثالثة، فهذا
القانون يجب أن يتطور، والمتطور هذا يجب أن يتطور، ولكي ننشئ هذه الصنعة يجب أن ننشئ صانعها. يا سلام! نوعية الجيل من المتعلمين، من المتعلمين، فوجد من فهمه، وجد عبد الرحمن باشا عزام. طبعاً من هو عبد الرحمن هذا أمين عام الجامعة الأول، أمين عام الجامعة العربية. الجامعة العربية اتفق معه أن ينشئ معهداً وأسماه معهد الدراسات العربية حتى لا يغضب أحد. معهد الدراسات العربية يُدرَّس فيه نظريات القانون العالمية المنظمة للفكر، وتُدرَّس فيه الشريعة، وتُدرَّس فيه اللغة العربية التي هي أداة للفهم حتى يتخرج من طلابه أو...
بعد طلبه أي عندما أُعلِّم مائة ويخرج لي منهم أربعة هم الذين أريدهم، أو بعد طلبه معه للدراسات العربية أي من يقوم بواجب الوقت ويكون مؤهلاً لصياغة القوانين. وقد نشأ هذا المعهد فعلاً ودرّس فيه الأكابر: عبد المنعم الصادة ومحمد عبد الله وعبد الله العربي والأكابر أساطير القانون. والشريعة محمد أبو زهرة وعلي الخفيف، الأكابر درسوا في فرج السلموري. فرج السلموري غير عبد الرزاق، هذا أخي درس فيه الأكابر في معهد الدراسات العربية. هذا ابتغاء ماذا؟ ابتغاء إخراج مجتهد يفهم العصر
ويفهم ويطور القانون الذي وضعه عبد الرزاق السنهوري من خلال ماذا؟ من خلال الشريعة الإسلامية هؤلاء. الكفار مثل عبد الرزاق باشا الذي يفعل ذلك، الذي يُصنع المجتهد، الذي يريد أن يصنع، الذي يأمل، هؤلاء كفار. عيبٌ هذا الكلام الفارغ جداً. انظر إلى الأعمال. ما رأيك يا سيدي الفاضل أن مكتبة معهد الدراسات العربية في جاردن سيتي بجوار دار الحكمة في شارع القصر العيني من أكبر المرجع الذي لا نجده في دار الكتب ما زال موجوداً مع الدراسات العربية. هذا يا دكتور مولانا، أتتصور أنه ما زال موجوداً؟ أنا أول مرة أسمع عنه من فضيلتك في الحقيقة. نعم، وهو تابع لجامعة الدول العربية، تابع لجامعة الدول العربية، نعم تابع لجامعة الدول العربية، ولكن الزخم الذي كان السيد
السنهوري المستشار السنهوري توفي عام ألف وتسعمائة وسبعين، وبعد ذلك بدأنا وانشغلنا بالحرب وانشغلنا بأمور أخرى، والفتنة التي حدثت في سحب الجامعة العربية إلى تونس. التداعيات منذ السبعينيات وحتى الآن شغلت الناس عن فكر عبد الرحمن باشا عزام وعن فكر عبد الرزاق باشا السنهوري في إنشاء أو... إيجاد بيئة على الأقل يمكن لشخص مجتهد أن يُخرج الفكرة، فكرة الفاهم بعمق، فكرة الفاهم القادر على صياغة القوانين بما لا يخرج عن الشريعة الإسلامية. وسنرى تداعيات هذا في كثير جداً من التجليات حتى نرد على هذا الفكر السطحي والذي يتبناه الآن أمثال القرضاوي وغير القرضاوي وهذه الأمور، يعني نحن لدينا قانون مدني مستوحى من الشريعة الإسلامية وضعه
عبد الرزاق السنهوري. استمروا في البرلمان يراجعونه حتى سبتمبر ألف وتسعمائة تسعة وأربعين. ثلاث سنوات تقريباً، أو سنتين يعني من عام ثمانية وأربعين، أي حوالي أربعة عشر أو خمسة عشر شهراً، نعم، وأصدروه في سبتمبر سنة ألف وتسعمائة تسعة وأربعين. عظيم، الذي يهمني في ذلك أمران: الأمر الأول أن عبد الرزاق باشا السنهوري نص على أن هذا هو الخطوة الأولى. عظيم، إذاً في تطوير له، وعلى فكرة هذا التطوير لم يتم حتى الآن. وحتى الآن فما الذي تم؟ هذه الخطوة الأولى التي تمت أنه بعد إهانة النظام هنا لعبد. ذهب الرزاق باشا السنهوري إلى البلاد العربية وإلى العراق، ووضع لهم القانون هناك، وقال: "هذا القانون هو الذي كنت أتمنى لو تطور
في مصر"، فأصبح القانون المدني العراقي هو الخطوة الثانية. ثم جاء الجماعة من الأردن، سيدنا الشيخ عبد العزيز الخياط رحمه الله تعالى شيخنا. أريد أن أضع القانون المدني هناك، مَن أبو القانون المدني؟ السنهوري. فذهبوا يستدعونه: "يا سيد السنهوري، تعال رجعنا". فذهب ووجد المخطط وقال: "هذه الخطوة الثانية". هو لم يشترك في صياغة القانون الأردني. القانون المدني الأردني وصفه عبد الرزاق باشا السنهوري بأنه الخطوة التي تلي العراق. كافر! وهو يقرأ طبعاً. عندما تقرأ القانون المدني الأردني تجد أنه أقرب كثيرًا إلى الفقه الإسلامي، فإذًا، الرجل، مثلاً السوريون أخذوا قانوننا وطبقوه
كما هو، وهي الخطوة الأولى. أفغانستان ترجمت القانون كما هو، فعندما أتوا في أفغانستان بعد حركات طالبان وغير طالبان وهذا الكلام، رجعوا وقالوا الله هو. من أين يأتينا هذا القانون؟ من مصر، من يد الأزهر. أتنتبه؟ لقد ترجموه إلى العربية فوجدوه هو قانوننا، وترجموه من الأفغان إلى العربية فوجدوه قانوننا، فقالوا لنا: هيا بنا الآن. قالوا لنا: على فكرة، نحن الآن هذا هو هذا، باللفظ والكلمة وما إلى ذلك. ثم طلبوا منا: قدموا ما لديكم وابتدأت عصراً جديداً في العلاقة بين مصر وأفغانستان سنة ألفين وسبعة، يا سلام. عبد الرزاق باشا السنهوري كان مسلماً وأراد الإسلام ولم يخرج عنه، وهكذا في ذات الوقت. النقطة الثانية، أنا أقول لك هذه النقطة الأولى انتهينا منها،
لنأتِ الآن إلى النقطة الثانية. نحن نتحدث عن سنة ألف وتسعمائة تسعة في سبتمبر عام ثمانية وأربعين، قام أحد مشايخنا واسمه عبد الله بن حسن التيدي. ما شأن هذا الشيخ؟ هذا الشيخ أزهري محترم، جيد، طيب، في أمان الله. هذا الشيخ حصل على دراساته أو الدكتوراه الخاصة به من باريس، من السوربون. حسناً، أنت حصلت عليها من السوربون أو من أي مكان ومن بغيته، طيب، وبعد ذلك يا سيدي الشيخ عبدالله قال: "أنا لي وجهة نظر أخرى غير وجهات النظر الموجودة"، ما هي؟ فألّف كتاباً في أربعة مجلدات اسمه "المقارنات التشريعية". هذا الكتاب سمعنا اسمه من قبل، "المقارنات
التشريعية" الذي ألفه مخلوف المنياوي الذي كان في مجلدين، دربا باشا، نعم، الذي... لقد وضعناه في الشيء وأخرجناه من... هذه مقارنات تشريعية طُبعت في مطبعة عيسى الحلبي سنة ألف وتسعمائة وثمانية وأربعين. كان حينها توجد مكتبة مفتوحة اسمها عيسى الحلبي طبعت له هذا الكتاب في أربعة مجلدات وهو لا يدري عن مجهود الشيخ مخلوف المينياوي، فأخذ الاسم هكذا مصادفة. نسمة مقارنات أربع مجلدات. أستأذن فضيلتك بالتفصيل، نتحدث عن المقارنات والشيخ السيد عبد الله التيدي ومجهوده بعد هذا الفاصل، إن أذنت لنا مولانا إن شاء الله. تفضل. ابقوا معنا، الحديث يتواصل. الحقيقة تاريخ مهم يتعلق بالفكر والفقه الإسلامي وبيان صحيح الدين بعد أن
ألّف المتشددون، العلامة الجليل للأستاذ الدكتور علي نتحدث عن المقارنات التشريعية التي عمل عليها الشيخ السيد عبد الله التيدي إن صح التعبير، ولم يكن يعلم أن هناك مجهوداً للشيخ مخلوف المنياوي كما تحدث فضيلتكم في وقت سابق، فسمى كتابه بنفس اسم كتاب مخلوف المنياوي دون أن يشير إليه ودون أن يطلع عليه، وفي الحقيقة أن كتاب الشيخ مخلوف المنياوي كان موجوداً في أضابير دار الكتب ولم يلتفت إليه أحد، نعم وكان بخط اليد. وعبد الله بن
حسين التيدي لم يطّلع عليه إطلاقاً. عبد الله بن حسين التيدي قام بمجهود شخصي منه في مقارنة الفقه المالكي بالقانون الفرنسي، وعمل جداول وعمل أشياء، مجهود ضخم جداً قام به الشيخ رحمه الله الشيخ عبد الله جعل اثنين من العلماء الكبار يكتبون له تقريظاً لكتابه، من هم؟ هذا التقريظ في آخر الكتاب وليس في أوله. سيدنا الشيخ محمد أبو النور زهير، هذا شيخي في أصول الفقه، يا سلام! نعم، وكنا نقول له: يا مولانا، أنت عندما تتعرق، فإنك تتعرق أصولاً، حتى لابد أنه كان هناك أصول أخذت عنه العلم وكنت تجلسون إليه يا مولانا، وقرأت عليه المذكرات وأجازني بها، وحتى في طبعة أنا ذكرت أنه أجازني بإقرائها وتدريسها بعد أن قرأت عليه كلمة وقرأنا عليه منهج
البيضاوي. هذا سيدنا الشيخ من؟ محمد أبو النور زهير، والشيخ الثاني عبد السميع إمام. رحم الله الجميع. الشيخ عبد السميع إمام كان قد اختار جوار الحرم المكي، فسافر هناك وأقام في الحرم المكي مدرساً وأستاذاً للعلوم. هذان الاثنان قدما تقريراً لمن؟ لعبد الله بن حنفي. ماذا يقول؟ انظر الفرق بين الأزاهرة المعترضين. أزاهرة يعترضون ولكن بأدب، أي أنه يوجد خلاف في الواقع. علمٌ نختلف عليه يقول: "أنا لا يعجبني أنك تقنن، يا من تقنن. لم يذكروا السنهوري. لا يعجبني أنكم تقننون هكذا. لماذا لا تأخذون من الفقه مباشرة؟" هذه وجهة نظر عالِم. إن أراد قلبُه أن يقول هكذا، فليقل
وجهة نظره. وربما تكون هي الأصح، وربما تكون هي الأنفع للناس. كل شخص له وجهة نظر، لم يُفسّقوه، لم يُكفّروه، لم يحتقروه، لم يشتموه، لم يسبّوه، وإنما قالوا: يا إخواننا، نحن سمعنا أن هناك أمراً يُدبّر الآن بصياغة القوانين وسوف تُضيّق واسعاً، هذا الفقه شيء واسع. وجهة نظر السنهوري أن القاضي لا يتحمل هذا الاتساع، فيجب أن أعينه بمحددات ويجب... يكون هذا التحديد من عند الجهة التشريعية التي بيدها السلطان الذي هو اختيار الفكر وخلفية القاضي لأنه كان قاضياً، فهذا كان غالباً على تأليفه الثاني. نعم، يتمنى ويرغب، كلامه جميل، ونحن نقوله وندرسه ونسمعه، لكن بالطرق
الأدبية والطرق العلمية والطرق التي فيها البحث عما ينفع الناس. بالطرق التي ندرك فيها الواقع الصحيح وليس الخيالات، حسناً، فسيدي الشيخ عبد الله التيدي رحمه الله تعالى اعترض على الزنهوري، إنما الاعتراض المناسب الذي يصدر من مَنْ؟ من العالم الأزهري. ما الفرق إذاً بين المتشدد؟ ها هو المتشدد يعترض، والشيخ عبد الله تيدي مع عبد السميع أمامها مع أبي النور يعترض الأزهريون عليهم لكن الطريقة مختلفة. هذا يقول لك: "ومن لم يحكم بما أنزل الله"، وأنت تحكم، وما هذا الكذب؟ والآخر يقول له: "أنا أرى رؤية غير رؤيتك، لا توجد مشكلة، مرحباً بالاجتهاد"، وهذه أربع مجلدات بذلت فيها
الجهد لأبين لك تفوق الفقه المالكي على التشريع الفرنسي، حسناً، قُل. مرحباً ومرحباً، وقد نتبناك في يوم من الأيام. أتنتبه، هل تمت الاستفادة من هذه المجلدات مولانا؟ يعني اختفت هذه المجلدات بعدما صدرت بقليل، يا سبحان الله! وظللنا لا نراها ابتداءً من سنة اثنين وخمسين مثلاً، انتهت الكتب. يبدو أن عيسى الحلبي لما طبعها طبع نسخاً محدودة لأننا كنا... أي أنني رجل مهتم بالكتب ومهتم بمتابعتها. فقدت المجلدين الثاني والثالث من هذه المجموعة، أما الأول والرابع فلم أفقدهما. فقدت المجلد الأول من المجموعة المكونة
من المجلد الأول إلى الرابع بعد حوالي خمسة وعشرين عاماً، هل تفهم ما أقول؟ فبادرت قائلاً: لا، هذا الكتاب لا يعرفه أحد، وقلما يطلع عليه طبعنا المجلدين الخاصين بمخلوف المنياوي، وأصبحنا طابعين الأربعة مجلدات الخاصة بعبد الله التدي، وأصبحنا طابعين الأربعة مجلدات الخاصة بقدري باشا والعدل والإنصاف، فيكون ذلك اثني عشر وثلاثة عشر، وبعد ذلك معرفة الإنسان فيكون أربعة عشر، وهكذا. هذه مجموعة سرية للغاية يا مولانا. لماذا؟ لأنها تقول إن هؤلاء الناس مسلمون وأن وجهات نظر نختلف ونتفق، لكن هناك مجهودات علمية لا بد أن تتم. هؤلاء آباؤنا، الشيخ عبد الله الطيلي وهذا هو الشيخ محمد أبو النور سهير،
هؤلاء الشيوخ هم آبائي وهم في جيل أبي حقاً، فينبغي علينا أن نحترمهم، أو ربما هم أكبر من أبي حقاً، فيجب علينا أن نتأدب مع ومع علمائنا ومع من بذلوا لمصر كل هذا الفكر الإسلامي والفكر الإسلامي والقانون، فحضرتك هاتان النقطتان اللتان كنت أرغب في إضافتهما لعبد الرزاق باشا السنهوري: النقطة الأولى أنه قال إن هذا القانون المصري هو الخطوة الأولى، وقال إن العراقي هو الخطوة الثانية، وقال إن الأردني هو الخطوة. الثالثة: وأن من اعترض، بعلم، اعترض بأدب، اعترض ببناء وليس بهدم، وهذه قراءة من خلال: أنت أيها المتشدد تريد أن تميل إلى كلام الشيخ عبد الله الطيب، حسناً، ولكنك لا تفهم شيئاً
أصلاً. تريد أن تميل إلى الشيخ عبد الله الطيب الذي لم تسمع عنه طوال عمرك ولم تقرأ لكن قُلْ إنَّ هناك رأيًا غير هذا الرأي، فهذا رأيٌ وذاك رأي، وهذه طريقة وتلك طريقة، وليس أننا نحكم بغير ما أنزل الله. من قال هذه الخرافة؟ الذي قال هذه الخرافة هم هذه الجماعات. مرةً في عهد الخديوي إسماعيل، أرادوا أن ينشئوا مدرسة للحقوق، فأنشأوا مدرسة الحقوق ووضعوا لها منهجًا. فمن ضمن المنهج دراسة أصول الفقه ودراسة الشريعة الإسلامية وتاريخ التشريع، لا أعرف ماذا، وما إلى ذلك. ثم يقول أحدهم في كتابه أشياء فاضحة. وكما ترى فإنهم درسوا أصول الفقه والشريعة الإسلامية ذراً للرماد في العيون. يا سلام الله! حسناً، أنا قرأت قراءة ثانية، هؤلاء
الناس لم يخرجوا. عن الإسلام بل أرادوا خطابًا جديدًا للإسلام، ولذلك فإنهم أنشؤوا كليات الحقوق وأنشؤوا كليات الشريعة والقانون. تاريخ
طويل لإقامة أركان الدين، للأذان، للصلاة، لرمضان، للحج. من قال لكم هذا الخطاب السياسي؟ مرة في خطاب سياسي لعبد الناصر وللسادات ولحسني مبارك ولأي شخص، هذا الخطاب السياسي كان شيئًا مثل مجلس. أعلى الشؤون الإسلامية أو ما يشبه هيئة الاستعلامات
يُصدرون خطابات دينية، فهناك خطابات دينية لعبد الناصر وهناك خطابات دينية للسادات وهناك خطابات دينية، وكلها تُثبت أنهم مع الإسلام. وعندما تقرأ هذه الخطابات تتساءل: هل هذا شيخ إسلام أم ماذا؟ الخطابات التي يتحدث فيها عبد الناصر أو غيره، لماذا تُكفِّرون الناس؟ أنتم لا تقرؤون بشكل صحيح. حسناً، النبي عليه الصلاة والسلام قال لكم: "ما أقاموا فيكم الصلاة". هؤلاء الناس لم يكونوا يصلون صلاة الجمعة، بل صلوا للجمعة اليتيمة، ويصلون الأعياد، ويصلون كذا إلى آخره. هؤلاء الناس منعوكم من الصلاة، وأغلقوا المساجد، ثم يأتي مثلاً أمر تنظيمي بأن يُغلق المسجد من العشاء الصنابير لا تُسرق، فيقول لك: "إنهم يغلقون المساجد". أنتم كاذبون، أنتم أناس كاذبون، وتوبوا من الكذب، لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: "أيكذب المؤمن؟" قال: "لا"، أخرجه
مالك في الموطأ. لا، المؤمن لا يكذب، لا يكذب. قد يكون المؤمن جباناً، أو بخيلاً، أو زانياً، أو سارقاً، نعم، إلا الكذب، إلا الله فأنا الآن الذي انتهينا منه من عبد الرزاق السنهوري سنتحدث بعد ذلك إن شاء الله عن محمد عبده وجمال الدين وجمال الدين الأفغاني. أشكر فضيلتك على هذه الإطلالة الرائعة بدءًا من عبد القادر البغدادي في حلقات سابقة وصولاً إلى عبد الرزاق السنهوري والشيخ السيد حسين التيدي من. صحيح يا عبد الله حسين عبد الله حسين التيدي، لقد أوضحت فضيلتك من خلال هذه الإطلالة وهذا الملمح التاريخي أنه كان دائماً هناك محاولات جادة لعلماء كبار في مجال القانون والشريعة لإعداد قانون يطابق تماماً الشريعة الإسلامية، وليس كما يقول هؤلاء المتشددون أننا لا نحكم بما أنزل
الله. شكراً لك، فضيلتكم يا مولانا أهلاً وسهلاً، نشكركم على حسن المتابعة. مشاهدينا الكرام، الرحلة متواصلة وسنكون في السياق التاريخي أيضاً، وهو أمر مهم لأنه في الحقيقة ما يقوم به مولانا العلامة الجليل فضيلة الدكتور علي جمعة في بيان مفهوم الإسلام الصحيح والفرق بينه وبين فكر هؤلاء المتشددين أمر نحن في أمس الحاجة الأيام في لقاء قادم نواصل الحديث بإذن الله والمتشددون إلى لقاء