المتشددون | حـ 8 | الشيخ أحمد زروق والنهضة من خلال سفينة النجا لمن إلى الله إلتجا | أ.د علي جمعة

الظاهرة البينة وبين الغلو والتطرف الذي نشاهده في هذه الأيام في المحتوى التاريخي الذي كنا نعيش وسنبقى فيه إلى بعض الوقت مع فضيلة العلامة الجليل الأستاذ الدكتور علي جمعة الذي أرحب به دائماً. أبداً أرحب بفضيلتكم يا مولانا أهلاً وسهلاً بكم. الإمام محمد عبده وجمال الدين الأفغاني ثم قبل ذلك البغدادي والمرتدى الزبيدي وصلنا إلى الطريقة الزروقية أو الشيخ زروق يعني الشيخ أحمد زروق. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. كان من تلاميذ الشيخ أبي الحسن الشاذلي. أبو الحسن الشاذلي تتلمذ له كثير من الناس منهم المرسي أبو. العباس أحمد بن عطاء الله السكندري تتلمذ على المرسي أبي العباس، وهناك من تتلمذ عليه إلى أن وصلنا إلى الشيخ زروق الذي توفي سنة ثمانمائة وتسعة وتسعين من الهجرة النبوية.
سيدي أبو الحسن الشاذلي توفي سنة ستمائة وستة وخمسين. المهم أن له وظيفة جمع فيها أذكار السنة فسميت بالوظيفة. الزروقية وبعضهم يسميها سفينة النجاة إلى سفينة النجاة لمن إلى الله التجأ. يسمونها هكذا سفينة النجاة لأنك عندما تداوم على هذه الأذكار التي وردت في السنة الشريفة المشرفة يومياً بطريقة معينة مرة في الصباح ومرة في المساء، فإنك تكون من أصحاب القلوب الضارعة التي التجأت إلى الله سبحانه وتعالى الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار. هذه الطريقة أو هذه
الوظيفة الزروقية شرحها عبد الرحمن الساعاتي أبو حسن الساعاتي حسن بن محمد بن عبد الرحمن الساعاتي، وهو الشارح الوحيد لها على فكرة، وقد طُبع الشرح بشكل أخذ الطريقة من الشيخ محمد بن عبد الوهاب الحصافي رضي الله تعالى عنه، وعندما بلغ اثنتين وعشرين سنة رأى أن الأحوال تغيرت؛ فالإنجليز موجودون، واليهود جالسون يهددون بالاستيلاء على فلسطين منذ زمن. ففي سنة ثمانية وعشرين، وهي السنة التي حاول فيها اليهود الاستيلاء على حائط البراق الذي يسمونه حائط. مكة وهي أكذوبة ولكن حائط البراق الذي ربط عنده النبي عليه الصلاة والسلام دابته في الإسراء، ولذلك اجتمعت
لجان إنجليزية وقضائية وعربية وحكمت للمسلمين بأحقيتهم في حائط البراق ومنعت اليهود إلا أن يستفيدوا منه للعبادة إذا أرادوا أن يدّعوا تقديسهم له. كانت الدنيا مشتعلة في ذلك الوقت فذهب سيدنا الشيخ كما يصف حسن البنا عن نفسه في مذكرات الدعوة والداعية التي طُبعت بعده عام ألف تسعمائة وخمسين، وقال له: "إننا نريد أن نعمل جماعة". الرجل لأنه أزهري فهم كلمة "الجماعة" على أنها فرقة، وليس أنك ستنتمي إلى الجماعة. والسؤال هو: هل أنت جماعة من المسلمين أم جماعة المسلمين حقاً؟ وهو السؤال الذي
وجهه الغزالي محمد الغزالي السقا مع زميله الشيخ سيد سابق لأحد أفراد الإخوان بعد ذلك بعشر أو ثلاثين سنة وقال له فيها: "أنا أريد أن أفهم، هل أنتم جماعة المسلمين أم جماعة من المسلمين؟" فقال له: "لا، نحن جماعة المسلمين". فكره الشيخ محمد الغزالي الإخوان كراهية شديدة. جدًا لماذا؟ لأنه كان يريد أن يؤكد على أن هذه الدعوة إنما هي دعوة تقدم المجتمع على الدولة وأنها دعوة تجعلنا فاعلين مثلما يقوم شخص بإنشاء مؤسسة خيرية، مؤسسة كهذه. أم أنتم جماعة المسلمين فالذي لم ينضم إليكم ليس مسلمًا؟ كلام حسن البنا في البداية ليس هكذا، كلام حسن البنا. إننا جماعة من المسلمين، وأن هناك أخوة عامة وأخوة خاصة وما إلى ذلك، كلام حسن
البنا متسق مع رشيد رضا في أن المجتمع قبل الدولة، وهذا متسق مع محمد عبده. ولذلك، من اتساق حسن البنا مع رشيد رضا، استمر سنة كاملة بعد وفاة رشيد رضا في إصدار مجلة المنار، سنة المجلة في حقيقة الأمر، بعض الناس لا يعرفون هذه المعلومة: مجلة المنار توقفت عند وفاة الشيخ رشيد رضا، ثم استمرت بعدها. من كان يصدرها؟ حسن البنا. حسناً، بنفس المنهج ونفس الفكرة، لا يوجد فرق. يعني عندما تقرأ، لا تعرف أن الرجل قد توفي، وهو المؤسس الذي هو رشيد رضا رحمه رضع أهو عرفناه وتلميذ الحصافي فذهب إلى الشيخ يوسف الدجوي فالشيخ يوسف الدجوي قال له أنا أقول لك شيئاً أفضل مما ستفعله.
قال له ما هو؟ قال له خذ بعض الفوسفوس هذا، كان الفوسفوس معناه في ذلك الوقت الفوسدو. خذ بعض الفوسفوس إزازة. قال له أنا معي ثلاثة صاغ في... أحضري ويمكنني أن أذهب لأشتري بعض الفوس فوس، الأمر ليس هكذا، نحن نريد أن نقاوم الإنجليز. وبدأ الرجل يفهم منه أن هذه المسألة مسألة وطنية. قال له: حسناً، وأنا معك. أنت لا تريد أن تُشكِّل جماعة، أي تصبح فرقة، أنت تريد أن تخدم الوطن. فقال له: حسناً، إذاً. مثل أي جمعية، أي جمعية الهداية، جمعية الهدى، توجد جمعيات كثيرة في المؤسسات، موجودة ويعملون فيها كمجتمع مدني. فقال له: حسناً، كان الشيخ يوسف الدجوي يكره مَن؟ رشيد رضا. وله كتاب اسمه "صواعق من نار على صاحب المنار"، وهو كتاب صغير هكذا،
"صواعق من نار" يطلق عليه النار. على صاحب المنار يهاجم في رشيد رضا، يهاجم في رشيد رضا، ففي هذه الجلسة قال له: "حسناً، ما هي المجلات التي تقف معنا؟" قالوا: "والله، مجلة كذا، ومجلة الإسلام الخاصة بمحمد عبد الرحمن، ومجلة المنار". اكتبها، قال: فأكبرت الشيخة: "يا سلام!" لأنه قال له أن رشيد رضا في هذه المسألة. معنا الله، رشيد رضا يدافع عن مصر ويدافع عن الإسلام ويدافع عن المسلمين ويدافع عن العرب ويدافع عن الوطن العربي ضد الاحتلال وضد الإنجليز. لا يوجد لدد في الخصومة هنا، لا يوجد مَن قال إن الرجل يكره رشيد رضا وأن بينهم نزاعاً، لكن عندما يأتي إلى هذه القضية، لا، إنه معنا موضوعي، وفي الثانية قال فكبَّرت الرجل حقًا. إذًا كل هذه دلائل على أنه يسير معنا. هو المجتمع قبل الدولة مثل
محمد عبده، مثل رشيد رضا، وكان من تلاميذ الحصافي. ذهب إلى الحصافي الذي كان يرى بنور الله، يا سلام! فقال له: أنا أنوي أن أعمل... قال له: "يا بني، هذا ليس خطتنا وليست طريقتنا، وهذا يسبب فتنة". ذهب مع حسن وكتب، وكان لنا طريق وكان له طريق، وأصبح كل منا في طريقه. حسناً، الشيخ الحصافي أصبح في طريق ذكر الله وتربية الناس، أما أنت فسرت في ماذا؟ أصبح الأمر معقداً حقاً، وذهب هو يتتلمذ. أيضاً لأنه فتح صدره لكل المسلمين، فهذه صوفيا، ها هو قد فتح صدره أيضاً للشيخ الأستاذ محب الدين الخطيب، وهذا له توجه وهابي سلفي مختلف مع الحصافي. محب
الدين الخطيب وجدناه أنه متبنٍّ لحسن البنا، وينصحه ويؤيده ويدفعه إلى آخره. ذهب إلى من أيضاً ليفعل للشيخ محمود خطاب السبكي. الشيخ محمود خطاب السبكي رضي عنه وقال له حسناً، وأخذ يرسل له بعض أفراد الجمعية الشرعية ليدرسوا، لأن حسن البنا رجل خطيب ورجل مفهوم وما إلى ذلك. ولما ذهب إلى الشيخ الحصافي، قال له الشيخ الحصافي: "لا يا بني، إن ما تفعله هذا فتنة". يا سلام، كلهم قالوا له: "قُدُماً". دعوة ودام لخدمة الوطن ودام بهذا الشكل. مرحباً سيادتك، أصبح يرى بنور الله القصة كلها. قال له: "يا ابني هذه فتنة، استشعر الخطر". آه، إن ما تفعله هذا فتنة. قال له:
"لا ليست فتنة، وسأسير على هذا النهج". سار على هذا الأساس حتى سنة اثنتين وأربعين وثلاثة وأربعين. يكون من ثمانية وعشرين إلى ثلاثة وأربعين، بدأ أربعة عشر سنة بعدما انتهى من المنار، يطلق جريدة الدعوة عشماوي، ويطلق جريدة الإخوان المسلمين، ويصبح لهم منبر إعلامي أو وسائل إعلام. وحب الدين يأتي بتمويل خارجي قادم من تركيا، ورجل واضح السلفية لا يخفي ذلك، ويصدر مجلتين. الفتح ومجلة الزهراء يُخرجهما من مطبعة تُسمى المطبعة السلفية، يدافع فيهما عنه ووجد ما يراه نظره
في الدعوة الوهابية أو الدعوة السلفية. حسناً، رأيٌ من الآراء، لا ضير. ظل يسير مع حسن، وفجأة وجدنا محب الدين الخطيب انقلب على حسن البنا. خير، أنت أستاذه ومؤيده وكذا، قال: لا. لقد بدأ يتغير، ما هذا؟ ما أصبح عليه هذا التغير؟ يجب أن نرى أن حسن البنا بدءاً من سنة اثنين وأربعين تحول من المجتمع قبل الدولة إلى الدولة قبل المجتمع، نعم، وهذا تغير خطير يا مولانا، نعم، خلاص أصبح بأساس الفكر. قال لي: حسناً، أستأذن فضيلتك، بعد الفاصل نستكمل هذه. المهمة هذا التغير الذي حدث بفكرة حسن البنا سنة اثنين وأربعين من المجتمع قبل الدولة إلى
الدولة قبل المجتمع. انتظرونا بعد الفاصل. مشاهدينا الكرام، مجددًا أرحب بكم مشاهدينا الكرام، والحديث يتواصل في هذه الحلقة عن التغير الذي حدث في فكر حسن البنا تحديدًا سنة اثنين وأربعين. ضيفنا الكريم العلامة الجليل. فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة، إذا انفصل عنه أو اتخذ منه موقفاً الشيخ محب الدين الخطيب سنة اثنتين وأربعين لتغيرٍ في أفكار حسن البنا في هذا التوقيت، ما الذي حدث؟ الذي حدث أن حسن البنا ذهب للحج وقابل في المسجد النبوي مجموعة من إخواننا الشيعة. هل كان هذا مرتباً أم صدفة يا مولانا، لا، هذه صدفة، هذه صدفة. حتى الآن صدفة، حتى الآن كان صدفة. الناس يسمعون أنه داعية، يسمعون كذا، وكان له رحلة ربما كل سنتين، ربما كل سنة، أنا لا
أعرف، لكنهم... سأحكي لك حكايات عن هذا التغير لأن هذا مهم جداً بالطبع، قبل الشيعة، إخوان، الشيعة عندهم الدولة، اضطرب المجتمع، نعم خلاص، هذا منها قليلًا. تذكر الكلام الذي قلته عن جمال الدين الأفغاني وأن بعض الناس يقولون إنه ليس شيعيًا، ولكنه عندما قُتل ناصر شاه، أو هو لم يقتله، بل أحد أتباعه، لأنه عندما قتله قال له: "خذها". من جمال الدين الفتى الذي قتل ناصر الدين شاه الذي هو الشيعي الصفوي وغير ذلك إلى آخره قال خذها من جمال الدين. حسناً، ألا يمكن أن يكون جمال الدين أيضاً شيعياً وينقلب على الشيعة مثلما فعل الشاه؟ فالشاه كان شيعياً والخميني انقلب عليه، يعني ما الذي يمنع ذلك؟ المهم أن فكر جمال بعد ذلك أن هؤلاء الناس يرون
أن الدولة تسبق المجتمع. فما حدث أنه ذهب ورصدت المراصد لقاءه مع مجموعة من الإيرانيين وأسماؤهم موجودة. تغير خطابه وبدأ يعمل في السياسة. عاد إلى مصر فسأل عزيز المصري كيف تكون الدولة قبل المجتمع، فقالوا: لا بد من النظام الخاص، فبدأ في إنشاء النظام الخاص ليس ضرورياً. أصبحت السنين ممكن أن تقول لك ستة وأربعين، ها هو يعد. أنا أريد أن أرى ما الذي حدث، لست أريد أن أعمل تاريخاً، أنا لست مؤرخاً، وإنما أنا قارئ للتاريخ. فجاء وعمل هكذا في هذه السنة،
ذهب ووجد الشيعة تأثر بهم، رجع وسأل عزيز مصر، أشار له بعمل الآية الجهاز الخاص لأنه في الظاهر نقاتل اليهود الذين سيأتون في سنة ثمانية وأربعين ونقاتل الإنجليز، وهذه مسائل وطنية تدغدغ مشاعر أي شخص ومشاعري أنا شخصياً. الله، سنقاتل المحتل. ما هو الكفاح المسلح في جنيف الأول وجنيف الثاني؟ يتيح لي يا أخي أن أقاتل المحتل. كلام معقول المعنى، ثم إنه كلنا معه صحيح، ولكن هذا النظام الخاص الملعون انحرف عنه إلى قضايا التطرف الآن، ولذلك عندما يأتي نقول إن التطرف والدم وما إلى ذلك بدأ في الأربعينيات والسنة الألف، تلقون أننا في... أننا في... أننا في... أننا في... أننا في... أننا
في... أناس من إخواننا لا، هذا بدأ عام ثمانية وستين. وما معنى ثمانية وستين؟ يعني كأنهم ماذا هؤلاء؟ لم يفعلوا شيئاً؟ لا، هم الذين فعلوا وهم الذين أوجدوا فكرة أن الدولة قبل المجتمع، وأننا نشارك في السياسة. فذهبنا ووجدناها في هذه الفترة ما بين واحد وأربعين وتسعة وأربعين التي مات فيها بعض الناس. أحداث كلها تؤكد أن الرجل قد اختلف وبدأ من المقصورات التي تحدثنا عنها، وتغيرت الحال إلى أن أصبح التدريب على السلاح ومعسكرات حلوان وما إلى ذلك. هذا تغير جذري في الحقيقة، من النقيض إلى النقيض. كان هناك شخص له غرض آخر تماماً من إخواننا الشيعة. اسمه السيد الصدوق القمي والسيد محمد الصدوق القمي جاء
وقال: يا جماعة نحن نريد - لا هو بعد ابنه مصري، ابنه مصري موجود إلى الآن - فقال: نحن نريد فقط، أي نريد أن نحل المشاكل والتوتر التاريخي الذي بين السنة والشيعة لأن هذا سيؤدي إلى صدام، وقد كان بعد ذلك، دار التقريب، وهذه الدار انضم إليها الشيخ شلتوت وانضم إليها محمد المدني وانضم إليها الشيخ منصور رجب وانضم إليها أحمد حسن البقوري وانضم إليها الشيخ عبد الله المشد وكلهم، وعبد العزيز عيسى، كلهم تولوا مناصب بعد ذلك، لكنهم عندما انضموا إليها في الأساس كانت لديهم فكرة التقريب بين المذاهب لا يزال شباب كان أكبرهم وأستاذهم شلتوت. كان شلتوت تلميذ محمد عبده، وعندما توفي في اثنين وستين أو نحو ذلك، توفي
عن عمر يزيد على الثمانين. فهو معاصر لمحمد عبده خمسة وعشرين سنة ما شاء الله على الأقل، فقد رأى محمد عبده مدرساً وهكذا، لكن إخواننا الآخرين. لا المواليد ستة وسبعة واثني عشر وما إلى ذلك لم يدركوا محمد عبد العزيز عيسى. لم يدرك محمد عبده منصور رجب وإن كان قد توفي صغيراً. عبد الله المشد أيضاً كان رئيس لجنة الفتوى بعد ذلك عضو المجمع وما إلى ذلك. يعني كلهم دار التقريب هذه لم يسعد بها محب خطيب لم يَسُرَّ، لم يَسُرَّ لأنه يُكَفِّر الشيعة، نعم، هو الذي يُكَفِّر الشيعة ويقول ليس هناك مشترك بيني وبين الشيعة لكي تُقيموا دار تقريب، وأنهم سيسيطرون عليكم. إلى هذا الحد يا مولانا؟ نعم. فعندما ذهب حسن البنا مع هذا التوجه - انتبه - غضب منه بشدة،
وأعلن لأن حكاية... الدولة قبل المجتمع أم المجتمع قبل الدولة؟ ليست هي القضية التي جعلت محب الدين الخطيب يغضب غضباً شديداً، بل إن الذي أغضبه غضباً شديداً هو قضية دار التقريب، وقال: "لقد ضللت الطريق"، وخاصم محب الدين الخطيب حسن البنا. رأى حسن البنا أن هذا المذهب الجديد الذي هو خاص بالتقريب. هذا الذي وافق عليه مشايخ الأزهر، لكنهم وافقوا عليه تحت ظلال المجتمع قبل الدولة. ما حاله تحت ظلال الدولة قبل المجتمع وهو أميل إلى الشيعة حينئذٍ؟ فوافق حسن البنا على هذا، واستشعر محب الدين خطيب هذا الأمر فرفضه وعمل به، وتحول حسن البنا إلى مبدأ الدولة قبل المجتمع، فبدأ ينزل فاستدعاه مصطفى
النحاس وقال له: "ما هذا الذي تفعله يا بني؟ أأنت داعية؟ أأنت جمعية دينية أم سياسي؟ هذا مبكر جداً في الحقيقة. تعال واعمل هكذا، وتعال إلينا". بدأ يمارس السياسة. وما معنى ممارسته للسياسة هذه؟ كان هناك بعض الناس، مجموعة من الناس هكذا، كانوا مع سعد زغلول، وعندما جاء غير النحاس سياسته أو هكذا ظنوا، فبدأوا ينحرفون عنه ويشكلون أحزاباً جديدة. فمحمد باشا محمود أسس الأحرار الدستوريين، ومجموعة أخرى منهم إبراهيم باشا عبد الهادي ومنهم حامد بيك جودة ومنهم أحمد باشا ماهر ومنهم محمود فهمي النقراشي أسسوا السعديين نسبةً إلى سعد، كأنهم يعودون
بالوفد إلى مفهوم. ومنهج سعد مفهوم، ومنهج سعد فابتدأ السعديون يلاعبون الإخوان المسلمين، والإخوان المسلمون تلاعب السعديين. الإخوان المسلمون طبعاً هم متهمون، يعني تكون واضحة جلية، وإن أنكروا سيظلون ينكرون هكذا إلى يوم الدين ويكذبون، لأن الإخوان المسلمين في الحقيقة هذا رسول ما عليه الجماعة الصهيونية والشيوعية وما إلى ذلك، وهذا من حقهم أنت هكذا تمارس السياسة، وأنت تقول أنا أنت رجل داعية، وأنت بهذا ستستغل الدين في السياسة. صحيح أنني لا مانع لدي من أن تفكر وأن تمارس السياسة بقواعد السياسة. ادرس ما تريد دراسته وقلّد من تريد تقليده. ولذلك كثير من الناس الآن يخرج ليقول لك إن الإخوان هؤلاء ماسونيون، صحيح، والبعض حتى يعني يتهم حسن البنا بهذا وبأنه
يهودي ماسوني وما إلى ذلك. أنت تعلم أول ما نتهم من هذا القبيل عباس العقاد. نعم، هذا في وقت مبكر جداً أيضاً، وعمل في جريدة كان اسمها جريدة الأساس. في سنة ألف وتسعمائة وسبعة وأربعين نشرت جريدة الأساس. مقال للعقاد يتهم فيه البنا بأنه مسؤول، لماذا؟ ما الذي يجعل البنا والعقاد هذا، وهو مطلع اطلاعاً واسعاً باللغات الإنجليزية والفرنسية والعربية، وكان آية من آيات الله في هذا، يفعل هكذا في مشابهات؟ حسناً، هذه المشابهات من أين أتت؟ أتت من أن أصحابنا بدأوا يلعبون السياسة، دعنا مرة هكذا في... سأُحضِر مقالة عباس محمود العقاد التي أرجو ألا أُثقِل عليك بها. المقالة في الأساس من سنة ألف وتسعمائة وسبعة وأربعين، وهذا شيء مذهل، فهذا يعني أن الرجل لم
يمت بعد ولا شيء، وما زال موجوداً، لكن لماذا؟ لأنه أحسن لعب السياسة فنزل إلى الساحة. مَن الذي يلعب السياسة معه؟ فعباس محمود العقاد كان يلعب السياسة، فهو كاتب وأديب ومفكر وسياسي. المهم أن حسن البنا من ضمن هذه المقالة يقول ماذا؟ يقول مثلاً إن الماسونية نسبة إلى الفكرة التي نشروها. نشروها. الماسونية إلى ماسون تعني البناء، لا هذا ليس معناها في الإنجليزية، بنى مثل مسا، آه عفريت حابس العقاب ذهب وأحضر، قالوا الله هذا أنت، هذا أنت، أصل اسمك عليه علامة استفهام، مثلاً
أنت حسن البنا، والبنا مغربي، ومعروف أنهم عائلة مغربية جاءت وكذا إلى آخره ونزلت في. كفر الشيخ هذا، طيب، عائلة البنا تلك التي هناك يمكن أن تكون عائلة يهودي ليس لنا تدخل به، هذا ما أقصده، حتى لا تفهم خطأً. أنا لن أهتم بكل هذا الكلام لأن كل هذا الكلام غير موضوعي. أنا أريد الكلام الموضوعي الذي هو أنك قدمت الدولة على... المجتمع: أنت رجل من أتقياء الناس وأنقيائهم، لكنك أخطأت خطأً كبيراً جداً يا حسن البنا بإنشائك للجماعة، ويجب عليك أن تحلها، ويجب عليكم يا جماعة يا أبناء البنا أن تحلوها. فأنا أقصد بالكلام غير الموضوعي هو هذا الكلام حتى لو قاله العباس العقاد أو قاله غيره، فلن نأخذ به، فلماذا لكي أفسر
كلمة "غير الموضوعي"، لكنني في الموضوعي: ماذا تفعل أنت؟ أنت تُنشئ جماعة، وهذه الجماعة ماذا تُسمي نفسها؟ جماعة المسلمين أم جماعة من المسلمين؟ أولاً قال لنا "جماعة من المسلمين"، ثم قال أتباعه بعد ذلك "نحن جماعة المسلمين". حسناً، ماذا تريدون؟ أتريدون الدولة قبل المجتمع أم المجتمع قبل الدولة؟ عندما تجلس مع الناس المعاصرين يقولون لك نريد الاثنين. حسناً، لا يمكن أن تسير في هذا الاتجاه أو ذاك الاتجاه، ولكن كيف يمكن الجمع بين الاثنين؟ أنا أقول الدولة والمجتمع، نعم، بل تحتاج الدولة لكي تغير المجتمع. هذا هو الخلاف الذي بيني وبينك. نحن نريد أن نحكم بالإسلام وهو يريد. أن يحكم هو بالإسلام ولكن أنت تريد أن تحكم بالإسلام، هو لا يحكم بالإسلام. هو قال ثم عندما تُبتلى بالقيادة لن تستطيع أن تحكم بالإسلام وستجلس تخلط الأمور، وهذه قضية
ثانية متعلقة بالهرم المقلوب، لكن دعنا في القضية الأولى. أنا لا أوافق على أن تنشئ جماعة على أساس أنني مع أنتم تسألون يا خالق ما الفرق بيني وبين الإخوان؟ الفرق أنني الشيخ الحصافي الذي قال له: "يا بني هذه فتنة، يا بني انسحب، يا بني وإن لم يكن في الأرض خليفة"، لأنه طالع ثمانية وعشرين. ماذا تعني ثمانية وعشرين هذه؟ أربعة وعشرين في السادس من مارس سنة أربع. وفي عام ألف وتسعمائة وأربعة وعشرين انتهت الخلافة الإسلامية وذهب آخر خليفة كان اسمه رشاد. ولم يحدث شيء على وجه الأرض منذ عهد أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وحتى السادس من مارس سنة ألف وتسعمائة وأربعة وعشرين أن بحثنا عن الخليفة فلم نجده. لم يحدث هذا إلا في عندما
اجتاح المغول بغداد، هرب الخليفة العباسي إلى القاهرة، فبقي في الطريق أسبوعاً أو نحو ذلك، ولم يكن هناك خليفة، ثم ظهر في القاهرة فبايعه الناس، وظل على هذه الحال إلى أن دخل سليم خان سنة تسعمائة وخمسة وعشرين، فصنع معه سليم خان ما صنع، احتضنه وربت عليه وأخذه معه إلى اسطنبول وظل خليفة هناك إلى أن وافته المنية. فأعلن سليم خان الخلافة. وأخذت بالك سيادتك، يعني الخلافة لم تنقضِ أبداً. طيب، أولاً، عندما مات في الرابع من مارس سنة ألف وتسعمائة وأربعة وعشرين، ولا توجد خلافة حالياً، ماذا سيفعل المسلم؟ هذا هو السؤال الذي يجب أن نجيب عليه. يذهب... يعمل مؤتمراً، يجتمع لكي يعيد
الخلافة مرة أخرى، يؤسس منظمات، يقوم بأعمال إرهابية. نريد الآن أن نرى ماذا يفعل بناءً على الشرع الشريف. الشرع الشريف يقول: "فإن لم يكن في الأرض إمام فاعتزل تلك الفرق كلها"، يقول: "فإن لم يكن" يعني الخليفة الذي هو في رواية أحمد "فالهرب الهرب". إذًا هكذا في سنة خمسة وعشرين، الملك فؤاد عندما وجد الأمر هكذا قال: حسناً، فلأكن خليفة ونستدرك الأمر الذي فات ونفعل مثل العباسيين. في هذا الأسبوع جمع الناس في مؤتمر الخلافة هنا، وفشل المؤتمر فشلاً ذريعاً، ولم يرضوا أن يجعلوا فؤاد خليفة ولا غيره. وفي سنة ستة وعشرين عقدوا مؤتمراً ثانياً فعلَها الإنجليز وليس نحن، كان وراءهم الإنجليز، لماذا؟ لأنهم قالوا:
إذا عادت الخلافة مرة أخرى ستصبح خطراً، فلنبتعد عن الخلافة. فماذا نفعل؟ قلنا: سنفعل ذلك نحن ويكون هذا الخليفة تابعاً لنا، لكنها لم تنجح وفشلت. حسناً، فشلنا وفشلنا ماذا نفعل؟ نقول يجب أن نخالف سيدنا لكي نغيظ الإنجليز ونغيظ الحاشية لله الأزهري يقول: "لا، أنا لن أخالف سيدنا". هو يقول الله. هذا أنت هكذا مكنته. الأزهري أول ما يتعلم "لا حول ولا قوة إلا بالله"، فيتبرأ من الحول والقوة. أنت تقول: "لا، هذا أنا لي حول وقوة". لا يا حبيبي، ليس لك حول ولا قوة ولن تستطيع أن الشيء الذي سيرسل الخليفة هو الله، والذي سيعيد الخلافة هو الله، من غير حول منا ولا قوة، وهذا ما تقوله كل الأحاديث. أنت تريد أن تستحضر المستقبل في الحاضر،
وهذا لن يكون لأنك لست إلهاً ولست نبياً حتى. وسنفصل معنى كلامنا هذا بالتفصيل معك إن شاء الله. هذا ونحن لدينا الهرم المقلوب والدين الموازي ومقال عباس العقاد، يعني في الحقيقة فضيلتك أثرت شهيتنا لمجموعة من الحلقات المقبلة لنقترب أكثر من هذا الفكر وكيفية نشوئه. شكراً جزيلاً فضيلة العلامة الجديدة، شكراً سبحة الدكتور علي جمعة، وأشكر حضراتكم على حسن المتابعة، وانتظرونا في لقاء قادم من المتشددون. حلقات الحياة ساخنة وأفكار تستحق أن نتوقف أمامها كثيراً مشاهدينا الكرام، دمتم في أمان الله ورعايته، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.