المشروع الإسلامي | ج1 | برنامج مجالس الطيبين | أ.د علي جمعة

المشروع الإسلامي | ج1 | برنامج مجالس الطيبين | أ.د علي جمعة - مجالس الطيبين
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. أيها الإخوة المشاهدون، أيتها الأخوات المشاهدات في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا ومرحبا بكم في حلقة جديدة من حلقات مجالس الطيبين. في هذه الحلقة أود أن أحدثكم فيما أسأل عنه كثيرا عن معنى كلمة
المنهج الأزهري ما معنى هذه الكلمة المنهج الأزهري المنهج الأزهري يتمثل في أمرين يحافظ عليهما الأزهر منذ أن أنشئ ومنذ أن فتح مجددا في عهد صلاح الدين الأيوبي لنشر وتدريس علوم أهل السنة والجماعة وإلى يومنا هذا مر عليه العلماء ومر عليه الأولياء الأتقياء هذا المنهج هو في الحقيقة المشروع الإسلامي بعض أهل السياسة أخذوا هذا الكلام من أجل الوصول إلى كراسي في البرلمان، من
أجل الوصول إلى كرسي الحكم، من أجل الوصول إلى منفعة ينتفعون بها، فأخذوا كلمة المشروع الإسلامي. والمشروع الإسلامي في حقيقته هو الأزهر الشريف، إذا أردت أن تدرك معنى المشروع الإسلامي بالتفصيل في إجابته على جميع الأسئلة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والشخصية والدينية والعلمية فهذا هو الذي يقوم به الأزهر الشريف ولكن عندما سقطت الخلافة والخلافة العثمانية سقطت في السادس من مارس سنة ألف وتسعمائة وأربعة وعشرين على يد
كمال أتاتورك الذي جلس يخاطب البرلمان في إسطنبول لمدة تقارب ستة وثلاثين ساعة وهو يخطب حتى أقر البرلمان بإنهاء الخلافة العثمانية وبإنشاء الدولة التركية في صورة الجمهورية التركية الباقية إلى يومنا هذا ونصت تركيا في دستورها على أمر نادر من النصوص في دول العالم لهذا الدستور في الدستور إنها دولة علمانية فهذا تجده في أوروغواي تجده في فرنسا تجده هكذا ولكن كلمة دولة علمانية لم ينص عليها في الدستور كلها عندما
انهارت الخلافة في سنة أربع وعشرين وتسعمائة وألف حدث صدع في العالم الإسلامي وحاول الناس أن يجتمعوا في القاهرة في مؤتمر يسمى بمؤتمر الخلافة حضره أهل المشرق والمغرب يقول الشيخ أحمد بن الصديق الغماري وكان ممن حضره أبي رحمه الله تعالى محمد الغماري وكان من كبار العلماء في المغرب وحضر عدة جلسات لكنه رأى الناس لا يتحدثون بجدية ويفترقون على أمور الدنيا ويتكلمون بما لا يعرفون ولا يعلمون ولذلك ترك بقية الجلسات وأخذ في البحث عن الكتب
العلمية حتى يحملها معه مرة أخرى وهو عائد إلى المغرب فقد فشل هذا المؤتمر وكان أصدر مجلة أصدر منها عدة أعداد بسيطة لدي في مكتبي عددان ولا أعرف إن كان قد صدر الثالث أم لم يصدر، وحدث أيضا أن نشأ في الهند مؤتمر للخلافة مرة ثانية وابتدأت من هذه السنوات بدء ظهور تجمعات وجمعيات وجماعات لأنها ترى العالم الإسلامي
وقد فتت باتفاقية سايكس بيكو وقد بالمحتل الإنجليزي والفرنسي والإيطالي وغير ذلك، بل والهولندي والبلجيكي، وترى أن الإسلام في خطر وأن المسلمين في خطر وأنه يتهددهم بالليل والنهار، حتى يقول الشيخ عبد الوهاب النجار في قصص الأنبياء إننا نسمع عن مشروع يهودي في احتلال الأرض الفلسطينية، وأن هذا لو حدث فإن هذا سيكون كارثة كبيرة وبداية اليوم وكذلك إلى آخره ألف تسعمائة ستة وثلاثين أي قبل كارثة وأزمة ومصيبة
سنة ثمانية وأربعين إلا أن المشروع الإسلامي بدأ الحديث أصبح عن المشروع الإسلامي بعد انهيار الخلافة ويقول لك هل أنت فاهم قضية الإسلام وقضية المسلمين قضية الإسلام والمسلمين يعنون بها في المجمل الوحدة أننا نريد أن نتحد ولذلك رأينا عبد الرزاق باشا السنهوري يشغل نفسه بهذه القضية وهو يحصل على الدكتوراه من السوربون وهناك كتب رسالته في صياغة أخرى لوحدة المسلمين تتفق مع العصر الحديث وتتفق مع تطور
الاتصالات والمواصلات والتقنيات الحديثة فهل يمكن إنشاء شيء يوحد المسلمين كما كانت دولة الخلافة توحدهم وهذا الشيء والنظام يحاول أن يتجاوز مشكلات الدولة المترامية الأطراف لأن الدولة المترامية الأطراف كانت لها مشكلات وكانت تحل هذه المشكلات شيئا فشيئا وبصورة جزئية ولم تكن مترامية الأطراف جدا منذ قرون واسعة كبيرة كان هناك الخلافة الأموية ذهبت إلى الأندلس وأنشأت في العالم أنشأت خليفة آخر غير الخليفة العباسي ولما دخل العثمانيون مصر فإنهم أخذوا الخليفة العباسي
معهم، ولما أخذوه معهم ودخلوا تسعمائة وخمسة وعشرين هجرية، فإنهم تركوه خليفة حتى مات، ثم عين سليم خان الذي دخل مصر نفسه خليفة على العباد، ولكن المغرب لم يكن تابعا لها، والهند لم تكن تابعة للخلافة، وإيران كانت تابعة للدولة الصفوية فلم تكن تابعة للخلافة، فالخلافة غير قادرة على أن تلم شعث الأمة كلها، ولكن فكرة الوحدة عالجها السنهوري باشا وعمل الدكتوراه فيها، والدكتوراه كانت بالفرنسية فترجمت إلى العربية ومؤداها أننا يمكن أن نجتمع فيما يشبه منظمة المؤتمر الإسلامي التي تسمى الآن منظمة
التعاون للدول الإسلامية التي نشأت في الستينيات وكان ولا يزال مقرها جدة. وأصبح لها منظمات منها مجمع الفقه الإسلامي، ومنها البنك الإسلامي للتنمية، ومنها مركز الحضارة الإسلامية، ومنها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) في المغرب وهكذا. فهي تحاول أن تجمع الدول الست والخمسين مرة أخرى. في ظل هذه الأجواء بدأت جماعات كثيرة في النشوء، وكان من أقوى هذه الجماعات جماعة الإخوان مائة وثمانية وعشرون ماذا تريد؟ إنها تريد أن تعيد فكرة الخلافة مرة أخرى. فكرة
الخلافة هذه هي الغاية التي تريد أن توحد المسلمين بطريقة تقليدية وليست بطريقة مبتكرة مثلما فعل عبد الرزاق باشا السنهوري. عبد الرزاق باشا يريد الغاية من الخلافة وهي الوحدة، ولذلك يمكن أن نتحد كالاتحاد الأوروبي كاتحاد. فيدرالي مثلما فعلت الولايات المتحدة بحيث أن كل ولاية تستقل بإدارة نفسها ولكن هناك جيش واحد وهناك عملة واحدة وهناك قانون فيدرالي واحد أو الاتحاد الأوروبي في صورته الحالية يقارب أن يصل إلى ثلاثين دولة يريد أن يجمعها بتأشيرة واحدة وبعملة واحدة وهي اليورو ولكن كل هذا بلغات متعددة ثقافات مختلفة،
كل بلد يعيش في رفاهية أبنائه وتطوير أبنائه، ولكن بمساعدة هذا الاتحاد، اتحادات كهذه، ومن هنا نشأت فكرة الأمم المتحدة للعالم، ونشأت فكرة جامعة الدول العربية للعرب، ونشأت فكرة منظمة المؤتمر الإسلامي التي أصبح اسمها الآن منظمة التعاون الإسلامي، هذه الأفكار أفكار جديدة تريد أن تسلك طريقا الوحدة وحدة المسلمين وليس بأسلوب معين ورأينا بعد ذلك الناس يتخذون الديمقراطية فأنت اتخذت الديمقراطية والديمقراطية ليست عندنا لا في التاريخ ولا في الفقه فلماذا ارتضيتها قال لأنها تحقق مصالحنا حسنا
ماذا يحقق مصالحنا أيضا فلماذا إذن نتطور في مكان ولا نتطور في مكان آخر صعب الإجابة على هذه الأسئلة أنا شخصيا أدعو إلى ما يسمى ما بعد الديمقراطية، وهو كلام طويل نتجاوز فيه الديمقراطية الغربية، نستفيد فيه من الخبرة الإسلامية، ثم نحقق كل ما تصبو إليه البشرية من الحرية، حرية التعبير، حرية الاعتقاد، الفصل بين السلطات، الانتخابات، ولكن تتم بطريقة معينة وبنسب معينة نستفيد فيها من الخبرة الإسلامية. وهكذا تتحول الديمقراطية من عقيدة إلى أدوات، إذا كنا
أمام المنهج الأزهري، فماذا يعني؟ إنه المشروع الإسلامي، المنهج الأزهري هو المشروع الإسلامي، ولذلك فإن هناك عملية قرصنة من أي شخص يدعي أن لديه المشروع الإسلامي على المنهج الأزهري. احتفظوا بهذا حتى نلتقي في حلقة أخرى لنرى أن المنهج الأزهري هو المشروع الإسلامي وأن المشروع الإسلامي بعيدا عن المنهج الأزهري إنما هو نوع من التوهم والتضليل وأنه يجب علينا أن نسمي الأشياء بأسمائها حتى نعود مرة أخرى
إلى حظيرة الدين الحقيقي وإلى الوطنية المصرية الحقيقية، والسلام عليكم ورحمة الله.