المشيخة العامة للطرق الصوفية | الندوة العلمية الثالثة

بسم الله الرحمن الرحيم في بداية هذا اللقاء الطيب الكريم نرحب بسيادتكم ونعتذر عن التأخير قليلاً. ربما أن هذا اليوم فقدنا عالماً جليلاً وشيخاً فاضلاً تقياً نقياً صوفياً صاحب أدب وقيم
وأخلاق، فكان نعم الأخ ونعم السند. فقدت المشيخة العامة للطرق الصوفية صباح اليوم العالم الجليل الأستاذ الدكتور أحمد محمد. الشوربي شيخ الطريقة الضيفية، ونسأل المولى سبحانه وتعالى أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أهله وأحبابه ومريديه الصبر والسلوان. وأستأذن حضراتكم أن نبدأ هذا اللقاء. إن
العلم ومعرفة الفقه الإسلامي وأدلة الأحكام ومعرفة فقهاء الإسلام أمر هام لكل مسلم، وقد صح عن الحبيب المصطفى صلى الله. عليه وسلم أنه قال من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين. قضايا مهمة ومسائل
فقهية نتحدث فيها جميعاً مع أبنائنا ومع علمائنا. ويسعدنا اليوم أن نكون في رحاب العالم العلامة الفقيه المفسر مفتي الديار المصرية عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة العلمية بالمشيخة الصوفية ورئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب. أستاذنا الفاضل العالم الجليل الأستاذ الدكتور علي جمعة، نفعنا الله سبحانه وتعالى بعلمه، يحدثنا عن قضايا فقهية
ومسائل فقهية مهمة للمجتمع الصوفي. وحفاظاً على الوقت، أستأذن سيادته في إلقاء كلمته، فليتفضل سيادته مشكوراً. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. السلام عليكم. عليكم ورحمة الله وبركاته ونسأل الله سبحانه وتعالى ببركة سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل هذا اللقاء من مجالس العلم التي يكتبها في حسناتنا وميزاننا يوم القيامة وأن يجعله من هذه المجالس التي تحفها الملائكة وتغشاها الرحمة وتتنزل فيها السكينة ويذكرنا الله سبحانه وتعالى في
من عنده في الملأ الأعلى ونسأله سبحانه وتعالى الإخلاص في القول والعمل وأن نجتمع على الخير في الدنيا والآخرة، وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان. فاللهم اجعلنا منهم واجعل قلوبنا تلهج بذكرك سبحانك، ونشهدك ونشهد حملة عرشك أننا نحبك ونحب نبيك، فاللهم احشرنا معه يوم القيامة واسقنا من يده الشريفة. شربة ماء لا نظمأ بعدها أبداً، ثم أدخلنا الجنة من غير حساب ولا سابقة عقاب ولا عتاب. الفقه الإسلامي عرّفه العلماء بأنه العلم
بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية. وكلمة العلم معناها في النهاية الإدراك الجازم، يعني لا تكون عالماً إلا إذا كنت مدركاً إدراكاً جازماً قوياً لا... شكَّ فيه بالشيء الذي أنتَ تعلمه بالأحكام العملية وليس الاعتقادية، فالفقه مختص بالأفعال البشرية. موضوع علم الفقه هو فعل المكلف من حيث الحِل والحرمة: الصلاة، الزكاة، السرقة، القتل.
فنقول على هذا أنه واجب، ونقول على هذا أنه حرام. العلم بالأحكام الشرعية العملية هذا علم مكتسب، وليس هو علم الملائكة ولا. علم الأنبياء الذي نزل به الوحي فهذا لا يُسمى فقهًا، فعلم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هو وحي. لا نُسمي ما كان معه من معرفة وانكشاف للأكوان أنه فقه، بل نقول إنه كان وحيًا، ولذلك لا نعدّه مجتهدًا، لأن الاجتهاد من شأن الفقيه وقعَ كثيرًا. من طلبة العلم في هذا الخطر فيقولون إن النبي قد اجتهد، لا، إن النبي صلى الله عليه وسلم أوحِيَ
إليه، لأن المسألة أن معه طريقًا يستطيع أن يعلم فيه العلم عن طريق يقين وهو الوحي، وطريقًا آخر وهو الاجتهاد. هو ليس عاجزًا عن الاجتهاد، لكنه لا يجتهد، إنما يمُنُّ الله. سبحانه وتعالى عليه بوحي هو يقين بالنسبة له وبالنسبة لأمته من بعده. العلم بالأحكام الشرعية العملية هذا العلم مكتسب، ولذلك خرج علم النبي وخرج علم الملائكة لأنها ليست مكتسبة. المكتسبة من أدلتها التفصيلية وهذا شأن الإمام أبي حنيفة والإمام أحمد والشافعي وسيدنا جعفر الصادق وكل الأئمة المجتهدين إنما
هم. نظروا في الكتاب والسنة واستنبطوا منها الأحكام، ومن هذه الأحكام واجب العزاء. ونحن الآن، وقد فقدنا عَلَماً من أعلامنا، وأخاً من إخواننا، وأستاذاً من أساتذتنا، وشيخاً من طريقتنا، فنحن نتقدم ونؤدي هذا الواجب للدكتور أحمد الشواربي رحمه الله تعالى، فإنه يُذكر فيُشكر على ما قدَّم لهذه البلاد ولهذه المشيخة ولهذه. الجانب المضيء في حياتنا وهو قضية الأخلاق والتصوف رحمهم الله رحمة
واسعة وألحقنا بهم على الإيمان وكمال الإسلام. كان شيخاً للطريق لكنه كان مربياً وكان دالاً على الخير وكان فاعلاً للخير، فهو جمع صفات تُذكر فتُشكر ونذكرها الآن بعد رحيله ولم يعد بيننا وبينه إلا الله، فنذكرها ونترحم عليه ونقول. اللهم اقبله عندك في الصالحين وجازه عنا خيراً ما جازيت ولياً عن أمته وأكرمه كرامة الأنبياء والصديقين والصالحين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً، اللهم آمين. اللهم يا ربنا أحينا مسلمين وأمتنا مسلمين غير خزايا
ولا مفتونين، نسألك النظر إلى وجهك الكريم وهذه نهاية المطاف، فهذه الدنيا على ما اشتملت عليه من كونها. دارٌ للتكليف وللبلاء وللنكد وللكدر، إلا أنها في النهاية هي مزرعة للآخرة. فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يتم علينا بالخير، وأن يلحقنا به على الإيمان وكمال الإسلام، وأن نُرَدَّ إلى الله سبحانه وتعالى فيستر عيوبنا ويغفر ذنوبنا وييسر أمرنا ويدخلنا الجنة من غير حساب ولا سابقة عقاب ولا. عتاب فنحن في حاجةٍ إلى رحمته وليس في حاجةٍ إلى مؤاخذتنا، فاللهم يا ربنا اعفُ عنا بعفوك وارحمنا برحمتك
وارضَ عنا برضاك، وأخرِج من قلوبنا كل ما لا يرضيك، وهيئنا إليك كما ترضى، وانقلنا من دائرة سخطك إلى دائرة رضاك، اللهم آمين. فالفقه الإسلامي أحكامه كثيرة، ولما عدّ العلماء منهم... شارح المنار عند الحنفية المسائل التي تكلم عنها الأئمة وجدها مليوناً ومائة وسبعين ألف مسألة. المسألة جملة مفيدة، "صلاة الظهر أربع ركعات" هذه جملة مفيدة (مسألة).
"صلاة الظهر واجبة" هذه مسألة. "صلاة الظهر تحتاج إلى وضوء قبلها" مسألة. فعدّوا المسائل هكذا فوجدوها مليوناً ومائة وسبعين ألف مسألة فذهبوا مختصرين. الكلام على جبريل كُسِرَ وجعلوها مليوناً ومئتي ألف، لأن هذا العدّ تم في القرن الرابع أو الخامس الهجري، أي منذ ألف سنة، فكانت مليوناً. أصبحنا الآن نقول مئتي ألف لكي نحفظها، فتصبح اثني عشر وأمامها خمسة أصفار؛ مليون ومئتا ألف فرع فقهي نتجت من ماذا؟ نتجت من كلام المجتهدين. كم؟ مجتهد وصل
إلى مرتبة الاجتهاد ووصل إلى ثقة الناس فيه ومراجعة العلماء لكلامه ووجدوا أنه معتمد وأنه يملك أداة قادرة على أن ينظر في الكتاب بآياته وفي السنة بأحاديثها ويستخرج الأحكام الشرعية المرعية المعتبرة، خمسة وثمانون شخصاً أسماؤهم موجودة تحت المدوّنة نجدها في الكتب الكبيرة مثل كتاب المجموع للنووي. كتاب "البيان والتحصيل" لابن رشد مثل كتاب "المغني" لابن قدامة. أسماء يقول لك: "وهذا مذهب الحسن، الحسن البصري يعني"، فنقوم بتدوينه. "وهذا مذهب حمّاد، حمّاد بن سليمان"، فنقوم بتدوينه. في النهاية بلغت هذه
الكتابات خمسة وثمانين شخصاً، فأصبح لدي خمسة وثمانون أسطوانة من الأساطين، أي من الأركان. من الأركان يعني المجتهدين منهم سيدنا الإمام الشافعي والإمام أبو حنيفة والإمام أحمد والإمام مالك والإمام الأوزاعي والإمام الطبري والإمامان الحمدان والسفيانان: سفيان بن عيينة وسفيان الثوري، كلهم بلغوا مرتبة الاجتهاد. كم واحد؟ خمسة وثمانون، وهذا يعني أن الاجتهاد أمر صعب جداً لأنه خمسة وثمانون في ملايين ومملينة. أيضاً يبقى قليلاً خمسة وثمانون شخصاً في ألف وأربعمائة سنة، خمسة وثمانون شخصاً في هذه المساحة الهائلة من طنجة إلى جاكرتا ومن غانا إلى فرغانة، يعني مساحة كبيرة.
نحن اليوم اقتربنا من ملياري شخص، يعني هذان المليارن خرج منهم عبر التاريخ خمسة وثمانون فقط، فهذا يدلك على أن المجتهدُ عزيزٌ عزيزٌ، يَعني أنه نادرٌ نادرٌ، لكن يَدُلُّكَ أيضاً على أنَّ هؤلاء الناس لم يَهرِفُوا بما لا يَعرِفون، لم يَتكلم بما لا يعرف، يعني هذه الحكاية جادَّةٌ، ليست القضيةُ فوضى الفتاوى، وليست فوضى، لا كانوا خائفين، وصَدَرَ هذا ليس عن عِلمٍ فقط، بل عن عِلمٍ وعن تقوى وعن... عملٌ وعن خشية لله سبحانه وتعالى، لكن في النهاية كانوا يمتلكون الأدوات. ما هي
الأدوات؟ كانوا يعرفون كيف يقرؤون القرآن. كيف كان سيدنا الإمام الشافعي يقرأ القرآن؟ عشرين مرة، ثلاثين مرة، يبحث عن دليل، والقرآن عنده كان مثل السطر الواحد هكذا. فقصة السطر الواحد هذه مبالغة، ماذا يعني السطر؟ واحدٌ حتى رأيتُ الشيخ إسماعيل الهمداني، قرأنا عليه في الأزهر الشريف وهو يستمع إلى سورة البقرة من شخص، والثاني يقرأ في سورة الملك، والثالث قادم من السنغال يقرأ في سورة الفرقان، والرابع يُزعج عمَّه ويصحح لهم جميعاً. فعجبتُ حقاً! يعني صاحب القولَين كذاب، وصاحب الثلاثة منافق، أتستطيع أن تدرك هذا الأمر بعقلك؟
كل هذه الأشياء في وقت واحد، وفي يده منشة كان يطرد بها الذباب. وهكذا أي شخص يخطئ، على الفور يتلقى ضربة بسيطة على كتفه، فيقول له: "لا أنت ولا..." لكي يصحح الخطأ الذي وقع فيه. لقد أضمرت في نفسي: ما هذا الرجل؟ أحقاً يستمع إلى الأربعة ويصححهم؟ للأربعة وفي نفس الوقت كان هناك شيء مرسوم في الداخل فيغضب عندما يخطئ أحد ولو خطأً بسيطاً. بعد أن قام ومضوا قال لي: "يا شيخ علي" - كان يناديني "يا شيخ علي، يا شيخ علي" - والله أنا
منذ أن قلت شيئاً وظهرت فيه العناية، وهو جالس بجانبي هكذا. أجلس أشاهد المنظر ثم أقرأ حصتي وأمضي. قال لي لأجل شيء ما: "والله إن القرآن كالسطر الواحد أمامي". وهذه الكلمة التي قيلت لسيدنا الشافعي، وأنا لا أفهمها تماماً. ما معنى "سطر واحد" هكذا؟ هو والله لم أنظر إلى المصحف منذ أكثر من أربعين سنة والقرآن لا يغيب عني. نعم، هذه هي. مواهب ربانية ومنح صمدانية ليس لنا تدخل فيها. نعم، هذا ليس من باب التمكين ولا التمكن ولا أي شيء من هذا القبيل. هذه أمور ربانية، هكذا الله تعالى أقام هؤلاء الناس لكي يحقق
وعده: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون". اختبرني، قلت: من هذا الذي تختبره؟ أنت تقول... لي كالسطر الواحد اختبر ماذا، قال لي: لا، قل لي هكذا في القرآن: كم "عزيز رحيم"، قل لي كم "عزيز حكيم"، قل لي كم "العزيز الحكيم"، وأنا سأقولهم لك هكذا. هو نظر هكذا وقال لي: سأخيب ظنك إن أخطأت. قلت له: ستخيب ظني إن اختبرتني؟ ماذا ستختبر؟ أتختبرني أنا وأنت؟ منتهى القراءة والدراسة وما إلى ذلك، وكانت له تعليقات على الشاطبية، وكانت له تعليقات على كتابات سيدنا الشيخ محمد المتولي الكبير. الشيخ محمد متولي الكبير هذا توفي سنة ألف
وثمانمائة وتسعين، وقد وضع تعليقات على الشاطبية. كانت له تعليقات على التعليقات، أي أنه يقول لك إن الشاطبي ليس دقيقًا جدًا هنا. ما هذا إذن؟ هذا كله لأن هؤلاء أقامهم الله، والشافعي فعلاً كان كالسطر الواحد وغيره وغير الشافعي. السطر الواحد هذه هي أنني رأيتها بعيني، وبعد ذلك مرة ثانية، لا عليكم، سأطيل معكم في هذا الكلام لأن هذا الكلام ينير القلوب والله. والله هكذا داخل من الأزهر من هنا، من هنا وهو جالس. أسند على رواق الأتراك، أي بيني وبينه خمسمائة متر، فأفكر في ذهني: يا رب، أليس هذا الرجل وهو في أعلى تخصص في العالم، فوق
الدكتوراة وفوق كبار هيئة العلماء وفوق ما لا أعرف من المشايخ، أما كان ينبغي أن تمنحه أثراً وتبعث له سيارة، هو أخي الموديل. وهكذا ليس عليه، هو سبحانه، أقول أنا مناجاةً بيني وبين ربي، ووصلت إليه، ووقعت وصنعت الحصة، وبعد ذلك قال لي: "أتعرف ماذا كنت أقول الآن لربنا؟" قلت له: "ماذا تقول؟" قال له: "أقول له: يا رب أدخلني الجنة سجاداً بجاد". قلت له: "ما هذا 'سجاداً بجاد'؟" قال: لي سجاد شيء آخر أي الخاص بالجنة لأننا هنا في الدنيا حصير مصير، حسناً، يماثل الكلام هذا. سجاد بجاد،
لماذا؟ طويل، قهوة بسكر زائد. إذا سيجلس على سجادة فخمة ويمسك الشيشة وهو في الجنة، ألم يقل لهم فيها ما يشتهون والقهوة بسكر زائد، وليس حصيراً مصيراً، قهوة سادة. والله يا شيخ علي، لو رزقني الله بفيلا فخمة، فيلا يعني كما يقولون عنها، وسيارة وما إلى ذلك، ما كنت سأترك وضعي الذي أنا عليه أبداً. نعم، فالله هو الذي جعلني في هذا الوضع، والله يضيق عليه قليلاً ليختبره. هذا الشخص لو أصبح غنياً، لن يأتي إلينا وسيتكبر على الناس ويتجاهلهم. وانتهى الأمر، فقلت له: "هكذا يا مولانا؟"،
فقال لي: "نعم"، فقلت له: "حسناً، ابقَ في مكانك لأنك هكذا أنفع للمسلمين". الناس البارعون الذين كانوا يصبحون أئمة في سن الخامسة والثمانين، هؤلاء درسوا القرآن جيداً، حفظوه جيداً، ودرسوا اللغة العربية على أبدع ما يكون. فكان الإمام الشافعي في سن الخامسة عشرة، وقومه خافوا عليه. أنه يضيع في أجواء الحضارة والمدينة وما شابه ذلك، فأرسلته إلى البادية لكي يتعلم العربية الأصيلة من قبيلة هذيل، فحفظ أشعار الهذليين. في وقتنا الحاضر، كتاب السكري يشرح أشعار الهذليين هذه، تقرأها ولا تفهم منها كلمة واحدة، ولا تعرف ماذا يقول. أما
هو فقد كان يحفظها، والأصمعي يصحح له على سيدنا الإمام الشافعي، أليس كذلك؟ أفهمها وأحفظها وأعرفها، ومن الذي يصحح عليه كبار علماء اللغة؟ هذا هو الإمام الشافعي، لا يُفتي بغير علم ولا يتصدر دون مؤهلات. فإذا كان هؤلاء العلماء قد اجتهدوا بأنفسهم وهم من الأكابر، ولم يخرج من علمهم شيء إلا عن حق وعلم، وعندهم كتب اللغة والسنة بالأسانيد، ويعرفون موضع هذه الأسانيد وموضع الصحيح منها. وأين الحسن وأين الضعيف وأين المطرود وأين الذي كذا وكذا مع ذكاء وافر ومع سعة الاطلاع كان الشافعي هذا
طبيباً لا يعمل بالطب، كان مشتغلاً بالفراسة، كان يقرأ كثيراً في علوم شتى لكنها كلها موظفة لديه للفقه لدرجة أنه أبدع علماً وسمّاه علم أصول الفقه في الرسالة التي بعثها لعبد. عندما أرسل إليه عبد الرحمن بن مهدي في الطلب قائلاً: "أخبرنا كيف تفكر، وما الذي يدور في عقلك، وكيف تتوصل إلى ما تتوصل إليه، لأنك تأتي بأمور غائبة عنا ولا نستطيع الوصول إليها. أرجوك بالنبي أخبرني كيف تفكر". فجلس مع نفسه قرابة سنتين ليراقب. نفسه كيف يفكر عندما يقرأ الآية، وماذا يقرأ، وكيف يحلل،
وكيف يفهم، وكيف يستنبط، فكتب كل هذا الكلام في الرسالة، فأصبحت الرسالة هي كيفية التفكير وأسس الفهم. أنا أريد أن أفهم النص الذي أمامي، كيف أفهمه؟ فبدأ يشرح ما الذي يجعلك تفهم ما أمامك، وكيف تفهم الشيء أو النص الذي تقرأه. تفهمه وتستنبط منه الأحكام التي يقصدها الله، وأيضاً كيف تلحق به. كيف تستطيع أن تربط شيئاً بشيء آخر؟ إنه فن، فشرح لنا كيف يُمارس هذا الفن. هؤلاء الناس كانوا عظماء في الدنيا وعظماء عند الله، هؤلاء فوق هؤلاء. هؤلاء الناس الذين أتحدث عنهم، فقل
لي ماذا تقول؟ أنا وأنت هكذا، "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا". يا رب اهدني أنا وأنت، لكن هؤلاء لا، هذه منحة إلهية ربانية وفوائد وعطايا صمدانية، هذه ليس لها حل. لقد أرسل الله هؤلاء الناس لأمة محمد صلى الله عليه وسلم لأجل ماذا؟ لأجل النبي، لأجل النبي أرسل لها هؤلاء العلماء لكي يعملوا. هكذا ليس لها حل، لا جهاد ولا غير جهاد، هذا لا حول له فيها ولا قوة، والضعف نعم علم لدن فتحه الله. هل أنت الآن بدأت؟ ما الذي يجعلك تفهم؟ هذا علم لدن هذا مفتوح يا إخواننا، هذا شيء فوق الجهاد. ما هو الجهاد؟ جهاد ونحن جالسون، نحن الذين
نجاهد ونحن نحفر في. الصخر لكن هؤلاء الناس كانوا منفتحين ومفتوح عليهم، وقد أزال الله عنهم الحجاب ووفقهم، ولذلك تركوا أثراً طيباً، فتركوا لنا مليوناً ومائتي ألف فرع فقهي. والخمسة والثمانون الذين أحدثكم عنهم كان لهم تلاميذ، لكنهم كانوا تلاميذ واعين قاموا بالمذهب بعد وفاة الرجل، وكان هناك تلاميذ يعني. نص نص مثل حالتنا هكذا، نحن ربع وربع، انتبه فقط أن الناس الذين قاموا بهم هؤلاء وصل إلينا هنا في عصرنا هذا. نحن الآن في عشرين وواحد وعشرين وأنت وأربعمائة واثنين وأربعين، وصل إلينا ثمانية الذين
هم أبو حنيفة وبعده الإمام مالك وبعده الإمام الشافعي وبعده أحمد. أحمد أخيه من ناحية الوفاة وبعده سيدنا الإمام جعفر وسيدنا الإمام زيد بن علي الذي هو عليه من بقي عليه زين العابدين وسيدنا عبد الله بن الرباط والظاهرية داوود الأصبهاني ومذهبه ثمانية وأصلها منها إلى الآن الكتب الخاصة بهم والمصطلحات الخاصة بهم والقواعد الخاصة بهم، فهذا هو الفقه الإسلامي المثمن المثمن نحن. لماذا نعدهم هكذا كي نصبح نحن ذوي وزن قليل يا رب؟ هل
نقول ما هم أهل السنة وما ليسوا أهل السنة؟ يكون نصف بنصف، يكون النصف بالنصف الآن. لا تقل قلت، قل ماذا: نحن معنا ثمانية، نحن فلان وعلان وكذا، فيكون هؤلاء الأربعة فرص الجعفرية، وهؤلاء الأربعة فرص الإباضية، والأربعة يكون... أربعة لواحد يعني أننا غلبنا مثل ذلك. وقديماً في العلمين الذين يقولون هكذا، الشيخ أجاب في السيمنار الذي عمله من رسول الفطر الإسلامي المثاني الذين هم الثمانية. حسناً، وبقية الخمسة والثمانين مذكورون في الكتب، لكن ليس الفقه الخاص بهم مجموعة. لم يلعبوا في كتاب هكذا، لا، مذكور. قالوا للإمام الشافعي الليث بن سعد. قال: كان أعلم من مالك إلا أن أصحابه ضيّعوه.
أصحابه ليسوا من الدرجة الأولى، فلم يقوموا به كما قام هؤلاء الثمانية بالأئمة. تقول إن هناك خمسة وثمانين إماماً مجتهداً صدر عنهم مليون ومائتا ألف فرع فقهي، والمسلمون راضون بذلك. وتقول لي هذا عندنا وهذا عندكم وهذا كذا إلى آخره. لا يوجد. بهالة حتى ظهرت الفتنة التي تتعلق بالناس الذين كانوا يريدون الخروج عن الدولة العثمانية. إنه حرام أن تخرج على الحاكم الشرعي، هذا حرام عندنا في الفقه. ماذا نفعل إذن؟ هل نكفره؟ نحن الآن نضبط البيعة ما دام
مسلماً، وأنت تريد الخروج منه، فلا يوجد لك حل إلا التكفير. كيف سنكفره إذن؟ هذا رجل يبني في مساجد السلطان العثماني، ويحترم القرآن ويتبعه وينشره ويفعل ذلك. ماذا سنفعل به؟ لقد قال والله ماذا نخبركم هكذا بعض المسائل لتكون من حل الخلاف وأثيروا بها ضجة، فنخبرهم بشيء يقارب عشرين مسألة. أنتم تقولون النبي من ذلك، وهذا الشاب يقول من حلف. بغير الله فقد كفر، إذًا أنت مشرك. حسنًا، وأنا مشرك، وماذا بعد؟ تصبح كافرًا. حسنًا، أنا كافر، وماذا بعد؟ يصبح مصيرنا أن نطبق عليك
أي شيء، أليس الحد هو ما سندمرك به؟ حسنًا، وماذا بعد؟ خلاص، أنت الحاكم، أنا الذي أمسك بالحكم. إذًا، ما دمنا سنقتلك، فسنخرج عليك ونقتلك ونطبق شرع الله، إذًا اتخذنا في. الحلف بالنبي، هذه حلوة، حلوة لماذا؟ قال لأنها تصنع ماذا؟ فتنة. هكذا كان محمد بن عبد الوهاب يقول للحلف بالنبي فيها قولان، فيها قولان عند الإمام أحمد. قول منهما يقول: ينعقد اليمين بسيدنا النبي. لماذا ينعقد اليمين؟ لماذا؟ قال لأنه أحد ركني الشهادتين. افترض أن واحداً قال: لا إله إلا الله. لا يدخل الإسلام إلا من يقول محمد رسول الله كما نقول
والله وينعقد اليمين. فعندما تقول والنبي ينعقد اليمين. نعم ينعقد، وماذا يعني ذلك؟ يعني أنك تأثم إذا حنثت فيه، وتجب عليك الكفارة إذا حنثت فيه، تماماً مثل لفظ الجلالة. أليس في ذلك مساواة بين البشر وبين خالقهم؟ لا بالطبع. ليس هناك مساواة. المساواة هنا في التعظيم المؤدي إلى الكفارة، وليست في الذات. فإن فضل الله على البشر وفضل كلامه على كلام البشر كفضل الله على البشر. الرب رب والعبد عبد، وهناك فارق بين المخلوق والخارق. فأحمد كان يقول إنك عندما تحلف بالنبي انعقد اليمين، والشافعي يقول لا، لا ينعقد لأن... الحلف إنما يكون بالله أو باسم من أسمائه، حسناً،
لكن مالك يقول وأحمد يقول بغير ذلك، فيصبح الأمر محل خلاف. المليون ومائتان منهم قدر اتفق عليه الناس جميعاً، سمه الإجماع، ومنه قدر محل خلاف. قامت الدنيا ولم تقعد على هؤلاء الجماعة وعلى أنهم يتكلمون كلاماً يكفّرون به المسلمين وعلى أنهم خوارج. كل هذه الآيات في القرن التاسع عشر، حسناً موافق. ألا تتركوننا وشأننا مع أهل بيتنا وأوليائنا وعقيدتنا ومع هذه المسائل العشر التي نتمحور حولها في الدنيا؟ دعونا وشأننا، لأن جميع جماهير المسلمين مثل الإمام النووي
والإمام ابن حجر والإمام السيوطي والإمام الشافعي والإمام مالك وغيرهم كلهم مثلنا. نحن هكذا، وأنتم ليس هناك أحد إلا واحد كلامه مؤول، كلامه غير واضح، كلامه يقول كلمة وينفي الأخرى. ما الأمر؟ وما زلنا بعد دخول وسائل التواصل الاجتماعي وإلى يومنا هذا نجد نفس الهجمات ونفس الأمور إلى آخره، وتجد أنه علينا واجب كبير أن نكون محضّرين أنفسنا بالدليل لأنه كله. هذا في أدلة سيدنا النبي عندما جاء ليدفن أمه فاطمة بنت سيد، قال: "اللهم إني أسألك بحقي" - أي أنه يتوسل - "وحق النبيين من
قبلي، اغفر لأمي فاطمة". فهي التي ربته، فقد ماتت السيدة فاطمة بنت أبي طالب أم سيدنا علي وأم هانئ، فتربى في بيتها وهو صغير، طفل صغير في هذا السن. عشر سنوات، ثماني سنوات، عشر سنوات، إحدى عشرة سنة، وهي التي تربيه وهي التي تطعمه وتسقيه وما إلى ذلك. فقال هكذا: "اللهم بحقي وحق النبيين من قبله، اغفر لأمي فاطمة". يجب أن يكون المرء مستحضراً لهذا الأمر لكي يقول له: لا، هذا هو التوسل. اللهم... حديث المزني، حديث المزني، حديث المزني. أنه أتى بعد رسول الله بعد ما انتقل إلى الرفيق الأعلى ووقف وتوسل بالنبي لنزول المطر فنزل المطر. حديث
العباس: "اللهم إنا كنا نتوسل بنبيك فهذا عم نبيك نتوسل إليك"، فنزل المطر. حديث عمر وهكذا أدلة كثيرة. يجب على المرء أن يحضر له خمسة أو ستة منها ويقولها لأولادنا لكي. يكونوا فاهمين هذه المسألة، السبحة بدعة؟ لا، ليست بدعة. وقد ألف فيها السيوطي وألف فيها الكندهلوي وألف فيها الفيومي وألف فيها... تذهب إلى دار الكتب تجد رفاً كاملاً عن هذه السبح. وهناك حديث يقال إنه موضوع وهو ليس موضوعاً، ألف فيه ذلك الرجل اللبناني الحبشي مجلدين، نعم المذكر "السبح"، فجمع الأسانيد. خاصته وجلب
عدة إلى آخره أسهل شيء هذا موضوع هذا ضعيف والضعيف ترميه في القمامة، هذا ما العلماء لم يفعلوه هكذا. البخاري عندما ألّف كتاب الأدب المفرد مليء بالأحاديث الضعيفة واستدل بها، وعندما ألّف التاريخ الصغير والأوسط والكبير كانت مليئة بالأحاديث الضعيفة واستدل بها. إنما صحيحه هو الذي لا يوجد فيه حديث ضعيف أبداً. إنما كتبه الثانية رفعوا اليد مليئة بالضعيف واستُدِلَّ به حتى في الفقه، فإذا كانت حكاية رمي الضعيف في القمامة هذه لم يفعلها أحد من الأمة، فقالوا خمسة فعلوها: أبو بكر بن العربي وأبو شامة ومسلم والبخاري وابن حزم، كل هذا كذب، كل هذا كذب، أبو شامة في كتاب "الباعث" فيه ضعيف أبو...
في تفسير ابن العربي بعض الضعيف، وكذلك مؤلفات البخاري فيها بعض الضعيف، ومسلم لم تصلنا جميع كتبه، فلا نستطيع أن نتحدث عنه بشكل كامل. والصحيح صحيح، وهو قد اشترط أن يضع فيه الصحيح فقط. وابن حزم في كتابه "المُحَلَّى" يوجد فيه ضعيف، فمن أين أتوا بهذا الكلام؟ لا شيء من ذلك، إنه يريد التشويش فقط، يريد أن يقول لك كلاماً غير صحيح. لا أصل له، فلا بد أن نستعد بهذه الأمور سواء بالأدلة أو بالمعلومات، وأن ننقلها لأبنائنا بسبب قضية التشويش
والتلبيس والتغبيش. هذه الأمور الجميلة أريدك أن تشجعني عليها. انتبه، فقد حاولت أن أجعلها مائة موضع بدلاً من العشرة، ووصلت إلى ثمانين ثم عجزت ولم أجد المزيد، هل تلاحظ؟ ومن بينها سورة الفاتحة، لكنها في المجمل ثمانون مسألة. وقمت بإعداد شيءٍ اسمه "بيان المختصر"، البيان الذي لا يشغل الأذهان إلا هذا الكتاب. هذا الكتاب مختصر ذكرت فيه المائة مسألة، وتابعت معهم حتى وصلت إلى الجوهر. القضية كلها أننا نذكر الكلام ونأتي بالأدلة
الخاصة به، ونذكر الكلام والأدلة الخاصة به. اسمه "بيان المختصر"، فما حدث أن مفهوم البدع أصبح وطوروه حتى. وصلنا إلى هذه البدع الآن، ليست البدع عند محمد بن عبد الله، محارب البدعة. الآن أي شيء ليس في ذهنه، ليس في ذهنه. تدعو بأي دعاء: "اللهم اجعل الدنيا في أيدينا ولا تجعلها في قلوبنا"، دعاء جميل، يقول لك: "وهذا هو الرد". لا، إنه ليس رداً، لا يوجد. حديث يقول هكذا يكون بدعة، يعني إذا النبي عليه الصلاة والسلام لم يفعلها تكون
بدعة. ولذلك شيخنا الشيخ عبد الله رحمه الله تعالى عبد الله بن الصديق قال في "إتقان الصنعة في تحرير معنى البدعة"، انتبه، "إتقان الصنعة" وهي حرفة تحتاج إلى شخص ماهر، حرفة الآن في تحرير معنى البدعة. وقال: "أنتم تقولون هذه بدعة لأنها متعلقة بالعبادة وما إلى ذلك. حسناً، ما رأيك أن سيدنا علّمنا غير ذلك؟ كيف؟ لأنه فيما أخرجه النسائي بسندٍ صحيح أن النبي عندما انتهى من الصلاة قال: مَن قال ما قال عند الرفع من الركوع؟ فخافوا جميعاً خشية
أن يكونوا أخطأوا، وكانوا يستحيون." من سيدنا رسول الله وسكتوا. قال: "مَن؟" فإنه لم يقل إلا خيراً. "أنا، أنا رسول الله". "نعم، حسناً، هكذا انتهت المسألة". "أنا رسول الله". قال: "ماذا قلت؟" فيصبح النبي لم يطلع على ما يقوله، ولم يقل له، ولا يعرف عنه شيئاً. قال: قلت: "سمع الله لمن حمده، ربنا لك". الحمد لله حمداً طيباً طاهراً مباركاً فيه ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء. لقد رأيت بضعاً وثلاثين ملكاً يتسابقون أيهم يصعد
بها أولاً إلى السماء. أتكون الملائكة غير فاهمة والوهابية هم الذين يفهمون؟ أريد أن أفهم، يعني الملائكة قبل إقرار النبي، فالنبي لا يعلم، هو الذي فوجئ أن... في ثلاثين ملكًا وزيادة يفعلون ذلك لكي يسرعوا لإيصالها إلى السبب الملائكة قبل إقرار النبي. انتبه، فهذا بيت عزيز، وهذا الرجل عندما تكلم بكلام طيب فهو من الدين، إذ إن الدين هو الذي علمنا الكلام الطيب. ليس فيه شرك ولا أي شيء، ويُقبل حتى لو لم يعلمه سيدنا. النبي أو يقره أو يقوله يكون هذا حجة في تحرير معنى البدعة.
تعال، كان سيدنا مريضاً قليلاً غير قادر على القيام، فقال: "مروا أبا بكر للصلاة". الصلاة حان وقتها وهو غير قادر على القيام من الحمى. فالمهم أن أبا بكر دخل للصلاة بأمر سيدنا صلى الله عليه وسلم، فالنبي وجد في نفسه. نشاط قليل، فذهب وقام العباس وعلي معه، آخذيْنه من تحت إبطيه هكذا، الشريفان يوصلانه. فيكون سيدنا، يعني لا في... يعني ماذا؟ قليل من الهمة هكذا، يعني
ماذا؟ غير قادر على المشي وحده. فسبّح الصحابة: "سبحان الله، سبحان الله". يعني انتبه، أبو بكر سبّح، الصحابة وأبو بكر ما كان... يلتفت في صلاته مسبِّحاً، لماذا؟ هل أخطأت في أمور لا وجود لها؟ ألَم يكن يلتفت؟ وبعد ذلك عندما كثر التسبيح، والنبي صار يمشي خطوة خطوة من البيت، فالتفت هكذا، ماذا يعني هذا؟ سيقول لك: نظر إليَّ بعينيه، فعل هكذا. أي أنه استيقظ فوجد سيدنا، فذهب متأخراً على الفور حتى يترك له مكاناً. الإمامة فرسول الله رأى حركة أبي بكر فقال له: "مكانك يا
أبا بكر" يعني ابقَ مكانك. فلم يطاوعه ورجع. "مكانك يا أبا بكر لا تتعبني". رجع حتى وصل النبي إلى مكانه في الإمامة بعدما انتهى. فكان الناس يصلون، النبي يصلي فيصلي أبو بكر بصلاة النبي، والناس تصلي. بصلاة أبي بكر الذين دخلوا معه من البداية، فيقول أبو بكر: "ألم أقل لك ابقَ في مكانك؟ لماذا لم تتراجع؟" فقال له: "ما كان لابن أبي قحافة أن يتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم". كانوا يحبونه إلى هذا الحد، وآباؤهم يحبونه. ماذا يفعلون؟ إنهم يحبونه كما يُحب السكر في الشاي. امتزج حبه في
كيانهم، فهل هنا مخالفة أم ليست مخالفة؟ تحدث العلماء عن الأدب والاتباع، أيهما نُقدِّم: الأدب أم الاتباع؟ وكمثال على ذلك، سيدنا علي في الحديبية، حيث كان سيدنا علي يُجيد الكتابة، فلما جاء سهيل بن عمرو وجلسوا ليكتبوا المعاهدة، قال: "اكتب بسم الله الرحمن الرحيم"، فقال: "ما أنا أعرف". بسم الله الرحمن الرحيم. أنت الذي تقوم بملئها هذه يا محمد، ماذا تريد أن نكتب؟ قال: باسمك اللهم، باسمك اللهم محونا الرحمن الرحيم، ووضعنا باسمك اللهم. هذه معاهدة عليها محمد بن عبد الله رسول الله. قال: لو علمنا أنك رسول الله ما قاتلناك. قال له: احذف يا علي، هذه معاهدة عليها.
قال محمد بن عبد الله له: "والله لا أحذف". قال: "ماذا إذن؟ سيدخل علينا بحماره. ألسنا كذلك؟ لست سأحذف". "احذف يا علي، دعنا ننتهي". وقد فعل سيدنا الرسول ذلك لأمور أخرى أعمق، إذ أراد أن يفك الحصار المفروض من مكة وخيبر اللذين كانا متفقين على القضاء على المدينة، فأراد... يحيط مكة هكذا وبعد ذلك يرجع ليحيط بخيبر هكذا فتنفك الكماشة. أي عمل من الأكابر، لكن سيدنا علي ماذا فعل؟ وقف في هذه المنطقة. لن أغيّر، رسول الله. فأخذها رسول الله وحكّها بريقه الشريف. ومن
هنا بعض الناس يقولون إنه كان يقرأ ويكتب لأن ما الذي عرّفهم بالتي هي. آخر كلمتين هما هاتان: أريد أن أقول أنه ما كان هكذا. كان أمياً، والأمية كانت معجزة في حقه صلى الله عليه وسلم. لم يكن يستطيع القراءة والكتابة، لأنه حمل رسول الله محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو، فيكون الأدب مقدماً على الاتباع، وهكذا يكون تحرير معنى البدعة. هذا يعني أن سيدنا النبي يقول لك: "لا تحتفل بيوم المولد"؟ حسناً، ما رأيك إذاً أن سيدنا النبي كان يحتفل بالمولد كل أسبوع؟ يعني نحن -يا للأسف- نحتفل مرة واحدة وهو كان يحتفل كل يوم اثنين. قال: "هذا يوم وُلدت فيه". ماذا يعني سبب صيامك؟ قال: "هذا يوم وُلدت فيه". أي أنه يحتفل بالاثنين، هو
كل أسبوع اثنين، وخمسين أسبوعاً في السنة، فنكون نحن مقصرين إذا كان يريد أن يفعل ذلك. وبعدين عندما نأتي نحن نقول ماذا طوال السنة؟ اللهم صلِّ وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه. حسناً ما رأيك بأن "صحبه" لم ترد، أتكون بدعة؟ "صحبه" لم ترد. الذي ورد كله خمسة وأربعون صيغة "اللهم صل على محمد وآله"، لكن ماذا نفعل إذا كان صحبه لم يردوا وستعتبرها بدعة؟ إذاً أنت تمكّن للناس الآخرين. هل تدرك هذا السخف؟ والله والله إنه سخف، لكن عندما تذهب إلى الأئمة، فالأئمة لا يوجد هوى يحركهم، الأئمة
لا يوجد هوى يحركهم. الذين يحركهم قواعد وأصول وأسس ومبادئ علمية، ولذلك كلام سادتنا الأئمة هذا يستحق أن يُكتب بالذهب. فيقول لك هكذا، يقول لك يجب أن تقول "وصاحبيه" لأن هناك أناساً ظهروا يشتمون الصحابة، فلكي لا تكون منهم ولتتبرأ من فعلهم هذا. وفعلهم هذا مضاد للكتاب والسنة لأن الله مدحهم ولأن الله أيدهم ولأن... الله أكرمهم بصحبة النبي وهذا كفاية، حيث يقول ابن حجر العسقلاني: "فإنه من نظر إليه النبي على هذا الشأن فضيلة كبيرة"، فالذي لم يرَ النبي مثل عبد الله بن أنس، قومه كتبوه وغيره،
فإنه من نظر إليه النبي أحدث فيهما ما يوجب تعديله، فعندما أقدح في الصحابة فأنا أقدح في... انظر إلى سيدنا النبي، تأمل كيف أن سيدنا النبي كان رفيع الشأن جداً، ينظر إلى الرجل هكذا فيُحدِث فيه ما يستوجب تعديله. فإن من نظر إليه النبي - وهذا كلام ابن حجر العسقلاني - فإن من نظر إليه النبي يحدث في نفسه ما يوجب تعديله. انتهى الأمر، قم، أنا سيدنا الرسول العظيم هذا، أأذهب وأقول لا لصحابته؟ فسقوا وتصرفوا بشكل غير لائق. لا يعرف كيف يربي، أو يعرف التربية بشكل جيد. وأقول عن أزواجه أنهم لا يعرفون كيف يؤثرون فيه، أو لا يعرفون كيف
أن الله سبحانه وتعالى أكرهه. والوارد أن هذه الكلمة لا تعجبني ولا تلك الكلمة. يقول لك هذا مبلغ علم الصحابي هكذا مثلاً، أي أن هناك أدب في التعامل. هؤلاء الناس الأكابر تركونا على المحجة البيضاء كما تركنا سيدنا على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك. لا أريد أن أطيل عليكم لأنكم أناس أكابر، وكان ينبغي أن أسمع منكم لا أن تسمعوا مني، ولكنه آخر الزمان كما هو معروف. دليل على آخر الزمان آخر الزمن أنه يتحدث فيه الرويبضة، وهو أن مثل هذه الحالات، وأنتم صابرون، وأنتم صابرون، يا عزيزي، الله يكون في عونكم. ماذا نفعل؟ حسناً، هم ليسوا كذلك،
بل هم رويبضة، رويبضة رسميون، يعني هم رسمياً رويبضة. حسناً، دعونا نكتفي بهذا القدر اليوم، وإذا كان... في مناقشات أو مثلاً تعليقات أو إضافات، فنتمنى منكم المساهمة في هذا. تفضل يا شيخ عزيز. مولانا، ورد في القصص الشعبي أن الشيخ الفرغل كان يجلس تحت تكية أبي الدهب، وكان له توجه أنه يرى في عيني الرجل من هؤلاء أنه مدمن حشيش، فيقول له. تعالَ إلى قطعة حشيش هنا، خذها
واشربها. فالرجل يفرح لأنه سيأخذها مجاناً ولأنه يتعاطى الحشيش. وعندما دخل ابن حجر العسقلاني ووجد الشيخ الفردال يفعل هكذا، تساءل في نفسه: "أهذا ولي؟ يبيع الحشيش للناس أو يوزع الحشيش للناس؟ تباً لك! فهذا قاضي القضاة وشيخ الإسلام شارح صحيح البخاري فتح الباري". البارد، فلما حدث غضب من الداخل على الشيخ الفارغان، دخل وكان في المغرب حينها، الله أكبر، نسي الفاتحة. هل هذا حافظ الأمة وليس حافظ القرآن؟ إنه حافظ الأمة، إنه حافظ الأحاديث، أكثر
من ستين ألف حديث بأسانيدها، إنه حافظ عشرين ألف ملف للرواة، هذا كان... أعني شيئاً آخر. لا أقول إن جهاده خاصته، ليس "الذين جاهدوا فينا". هذا غير جائز هكذا من حيث الحربية والصمدانية. هذا شيء مختلف، وكل الناس قالوا إنه أعجوبة، فرح متأخر، ومتمسك بمكانه لأنه ليس لديه ركن الفتح. الصمد بعد أن انتهى، التف حوله الترامزة. مالك في قوم السكر في شيء في مرض؟ ما الذي حدث؟ قال: لا أعرف، الفاتحة ليست معه. فقال له واحد من أولئك الأولياء
أيضاً، والسادة الذين هم طلبة العلم، يكون فيهم أولياء هكذا، قال له: هذه دعوة ولي، هل هناك ولي دعا عليك؟ قال له: لا، ليس هناك ولي دعا. عليَّ إنما وأنا داخل، اعترضتُ على الرجل الذي بالخارج، هذا الذي اسمه الشيخ الفرغل، لأنه يوزع حشيشاً. قالوا له: أجل، حسناً، تعال نستمع إليك. فنادوا: يا شيخ الفرغل. فلما جاء الشيخ الفرغل قال له: يعني أنني أخطأت في حقك؟ وما هي هذه القصة؟ أنت سحبت مني الفتحة. قال له: فتشني. قال له: فتشني أنا ها هو أنا فاتح أي شيء وأي شيء الذي أنا سحبته مني،
فتشني. قال له: حسناً، أنا أطلب السماحة. قال له: لا ترجع إليها ثانية واجلس هنا بجانبي لكي تتعلم. فجلس ابن حجر وهو يقول له، يقولها الشيخ فرغل: أنا شيخ الإسلام وأنا أصلي بالناس، لا توجد فاتحة، أنت هكذا. تضر الإسلام ولا تنفعني، فلا تفعل هذه التصرفات. قال له: حسناً، واجلس هنا. اجلسوا. سيأتي الرجل وينظر في عينيه ثم يعطيه الحشيشة ويذهب. فجاء رجل وقال له: يا شيخ، لو كنت قد توقفت عن تعاطي الحشيش، أو ماذا؟ قال له: لماذا؟ قال له: كل من يشرب منها يتقيأ بعد أخذ نَفَس. هكذا تباريت معهم حتى زهدت في الحشيش وتبت إلى الله. قال له: أسمعت يا
شيخ الإسلام لماذا نعطيهم الحشيش؟ وأنا أعطيه الحشيش هذا تماماً مثل المستشفيات التي عندما يذهب إليها الشاب المدمن، تعطيه المخدر وتسحبه من جسمه واحدة تلو الأخرى، لكن هذا في عالم الغيب. قال لي عن الحشيش. أفعل شيئًا مزعجًا يجعل المستمع يشعر بالاشمئزاز، فهذه وسائل علاج حديثة جدًا، ولكن الغاية في النهاية ماذا؟ الإقلاع عن المعصية. فأنا أعلم أن هذه معصية وأريد أن يقلع الناس عنها، وأضحي بسمعتي من أجل المسلمين، فأصبح وليًا. لقد انعكست القصة ولم تعد كما هو مفهوم أن الشيخ المبتذل يبيع. شيءٌ محرمٌ
أو ما شابه ذلك، مثل هذه المسألة حصلت مع الشيخ محمد أمين البغدادي النقشبندي. كان يمشي وكان يجلس دائماً في خلوات الظاهر جشنكير بعد مقام سيدنا الحسين. فبينما هو يمشي ذاهباً إلى المسجد، اعترضه أحد السكارى وهو يترنح، وقال له: "أنا أريد نصف ريال". فقال له: "ما هو؟" وأخرج من جيبه. نقد نصف ريال وأعطاه له، فمرت المرأة الجميلة التي معه وقالت له: "ما هذا يا مولانا؟ ألا ترى أنه سكران؟" فقال: "وماذا في ذلك؟ نعم، هو سكران. إنني أرى أنه سكران منذ ثلاثة أيام، والرجل جاء يبحث عن ذلك الشخص الذي أعطاه هذا المبلغ،
قائلاً إن شكله كان كذا وكذا، ويرتدي كذا وكذا، محاولاً أن يتذكره." وهو في العين السخنة إلى أن قالوا له في ذلك الوقت: هذا الشكل يكون سيدنا الشيخ محمد أمين البغدادي، فاذهب إليه في الظاهر جاشنكير. محمد أمين البغدادي توفي عام ألف وتسعمائة وأربعين، وهذه الحادثة وقعت حوالي عام ألف وتسعمائة وثلاثين تقريباً. دخل المسجد وهو يبحث: "أين الشيخ؟"، فقال له: "ماذا تريد؟" تذكروا أن التلاميذ تذكر هو، هذا الفتى صاحب البريزة قال: "أنا أريد أن أقبّل الشيخ، أقبّل الشيخ". قال له: "أنا، ماذا وضعت في العشرة صاغ؟" قال له: "لم أضع فيها شيئاً يا بني". قال له: "لا، أنا أشرب كل يوم من عندي يمني بأربعة صاغ، فشربت أول يوم
عندك، تقيأت وتعبت كثيراً". وتضايقت في اليوم الثاني، وحدثت نفس القصة، وفي اليوم الثالث أُغمي عليّ في المنتصف - أي الراقصات - وأنا الآن لست تحت تأثير الخمر ولا تحت تأثير المكان. ماذا فعلت في هذا الأمر؟ فقال له: يا بني، لم أفعل شيئاً. فقال له: لا، أنا أريد أن أتبعك لأنك رجل طيب، لا بد أنك دعوت لي أو فعلت شيئاً. هكذا كان هذا الرجل اسمه زهن أفندي، وبعد أن انضم إلى الشيخ واستقامت حاله، جاءه بعد شهرين أو ثلاثة وقال له: "يا سيدنا الشيخ، هل الذي يسير معكم يفتح الله عليه أم يُغلق عليه؟" قالوا له: "لا، بل يفتح عليه". فقال له: "فلماذا يُغلق عليَّ أنا إذن؟" فرد عليه: "كيف ذلك؟" يغلق
عليه كيف؟ قال: كنت يأتيني إيراد ستة جنيهات، واليوم أصبح الإيراد أربعة. ماذا فعلت يا شيخ؟ قال له: لا عليك، فكر قليلاً، كم كنت تعطي الجن؟ قال له: اثنين جنيه. قال له: إذن هذا رزق الجن، هذا رزق الجن وليس رزقك أنت. أنت رزقك أربعة الآن، أربعة بدون إثم، وستة مع اثنين آخرين بالإثم، ماذا تختار؟ قالوا له: الأربعة، بارك الله فيهم. الأربعة جيدة. ودعا له الشيخ، وفي الشهر التالي رجع بستة، لكن يجب أن يتعلم أن هذا ليس رزقه. وأين الذي حُرم من الاثنين؟ أي أن الله
يخلق واحداً آخر ويذهب. له ما هو أيضاً له أرزاق حتى لو كانت حراماً. يقول الإمام القرطبي: ويُطلق على الحرام رزقاً، يعني يرزقه ولكن يرزقه من حرام: رشوة، سرقة، عمل اتصال، أي شيء لكنه حرام. هي سُمّيت رزقاً أيضاً، فهو رزق، والرزق عند أهل السنة يُطلق على الحلال والحرام يومئذٍ طيب. يكون إذًا هذا نفس ما يحدث مع الشيخ الفرغة، حيث أنه أعطاه العشرة. اعترض التلاميذ الصغار قائلين: كيف تعطي شخصًا سكرانًا عشرة؟ ولكن الغرض والنية والنعمة التي تُقدَّر بالنيات كانت هي العلاج وهي الأمر الذي لا يراه الناس، والذي جعلتنا الوهابية بسببه نعيش في الأسباب الظاهرة. شخص سكران أخذ ابن الشخص. يكون حراماً عليك فتمنع خيراً كثيراً، لكنك
لو قطعتها له بنية الشفاء وبنية أن الله يجعل فيها سبباً لقطع المعصية، ستستفيد أنت وسيستفيد هو والمجتمع سيستفيد، وتصبح شيئاً جميلاً. طيب يا شيخ عبد اللطيف، وأنت جالس يا شيخ عبد اللطيف، لا، صحيح، ما في الناحية تلك تعرف.
أهمية التصوف في العلم: يكفي أن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فضل العالم على العابد كفضلي على أدنى رجل من أصحابي"، وقال أيضاً: "يُؤتى يوم القيامة بالعالم والعابد، فيقفان بين يدي ربنا سبحانه وتعالى، فيُقال للعابد: ادخل الجنة، فقد أديت ما عليك، وادخل الجنة، ثم يُقال..." للعالم: قف حتى تشفعني الناس، انظر منزلة العالم عن العابد. فأول شيء نشكرك، سمحت للإنسان بعباراتك التي سمحت لنا بهذا اللقاء وبهذا الموضوع الذي نرجو من الله تبارك وتعالى أن يكون السبب في نشر العلوم الصوفية. يعني نرجو إن شاء الله أن ينتشر هذا الفيديو في المواقع الصوفية ونحن كل ليأخذ المشايخ هذا
وينشروه في مواقعهم ليُظهروا دور التصوف في العلوم، وليس مجرد أفعال أو احتفالات فقط. نحن عندنا ولله الحمد على رأسنا الدكتور عالة والدكتور محمد أبو هاشم والدكتور محمد عمر هاشم. لدينا أناس عظماء أفاضل. هذا أول شيء، وثاني شيء نوضح ما هو فضل التجمع. إننا يعني أنا قادم من تصليه وشخص آخر قادم من بني هارون وآخر قادم من أقصى الأرض، نحن قادمون من أجل المحبة والمودة بيننا. لذلك علينا أن نتذكر دائماً حديث سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم: "إن لله عباداً ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم النبيون والشهداء لمكانتهم وقربهم من الله عز وجل" وقام. قام عربي وقال: "صفهم لنا يا رسول الله"، فاصفر وجه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: "هم أناس جاءوا من قبائل شتى، من
أماكن متفرقة من جميع أنحاء البلاد، من قبائل مختلفة، لم تكن بينهم أرحام يتواصلون بها، أو دنيا يتبادلونها، لا شيء". في مصالح اقتصادية مثلاً أو أرحام، لا، نحن جميعاً من أماكن متفرقة جئنا للحب، للحب في الله. ربنا سبحانه وتعالى جعل لهم منابر من نور، كراسي من نور فيجلسون عليها، فيجعل الله تبارك وتعالى وجوههم نوراً وثيابهم نوراً. يفزع الناس يوم القيامة ولا يفزعون، حسناً، من هم إذاً؟ إنهم أولياء الله. وأحباءه، فبدقيقتين أحببت أن أقول لهم وأشكر سماحة السيد وأشكر الدكتور علي على هذا الكلام وهذا العلم الواسع، وأيضاً أشكر الدكتور محمد أبو هاشم، وشكراً لحضراتكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سيد أحمد تفضل يا
سيدي. السيد أحمد السادة، نستعرض موضوعاً أنا اخترته هكذا، هو أن السيد مولانا قالوا إن سيدنا معاوية كان سيدنا معاوية سيدنا معاوية كاتب من كتاب الوحي والصحابة كما ذكرنا قبل الآن غير معصومين، وسيدنا معاوية حينما
يختلف مع سيدنا علي فالحق مع علي أينما كان، لا جدال في ذلك. الأحاديث واضحة "تقتلك الفئة الباغية"، فأي شخص أخطأ مثل سيدنا معاوية نقول عنه أنه أخطأ، لكن لا نتجاوز هذا إلى... القدح في الصحابة فيصل الأمر للقدح في سيدنا، أي أن هناك حجابًا يمنعنا من الاقتراب من أبناء النبي، وهم الصحابة، بشكل مباشر وصريح. فماذا نفعل إذن؟ هل ننكر الفعل أم نتحدث عن الفاعل؟ سنقول عن الفاعل إنه سيدنا لأنه رأى النبي وأنا لم أره، ونقول رضي الله. تعالى عنه ونقول ونقول ونقول ونقول إن
هذا الفعل خطأ، والنزاع مع سيدنا الحسن خطأ، وهكذا عندما جاء يزيد وفعل فعلته الخبيثة وقتل سيدنا الحسين شهيداً بهذه الطريقة التي لا يفعلها أحد في العالمين. جيوشاً ليست جيوشاً، لعنة الله عليهم، فكان الإمام أحمد يقول: "العن يزيد ولا تزد، العن يزيد ولا". لماذا تزيد؟ لماذا لا تزيد؟ لعله تجاوز والده. يعني لا تقل لعنة الله عليه وعلى أبيه. ها هي الزيادة. لماذا؟ هل ما فعله معاوية صحيح؟ لا بالطبع. ما فعله معاوية باتفاق أهل السنة خطأ ومردود عليه، ولكن تأدباً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غاية
الأدب نحن... أصل نحب النبي أولاً، والذي بيننا وبين العالَمين هو النبي. الذي بيننا وبين غير المسلمين ماذا؟ هو النبي، آمنا به ولم يؤمنوا به. الذي بيننا وبين الشيعة ماذا؟ هو النبي. الناس الذين حوله هل هم طيبون أم سيئون؟ والذي بيننا وبين الخوارج ماذا؟ هو النبي، وهكذا الذي بيننا وبين... العالمين في الداخل والخارج هو سيدنا النبي. نحن من شدة تعظيمنا للنبي نلتزم بالتأدب والنية التي لدينا ألا نقارب ذلك. نحن عندما جاء قالوا له ما أبو النبي وأم النبي، فذهب سوطي مؤلفًا فيها تسع مؤلفات يقول في النجاة ناجون. حسنًا، لقد تربى في بيت أبي طالب. قال ماذا نأتي ومفتي.
مكة اسنى المطالب في نجاة أبي طالب. لماذا نفعل ذلك؟ نفعل ذلك من أجل النبي صلى الله عليه وسلم. لا لأي غرضٍ آخر وزاد راسخاً أن النبي أكد أنهم أخذوا من كل الصحابة وكبار الصحابة سيدنا أبي بكر وسيدنا عمر وسيدنا عثمان، فتأدبوا بأدب سيدنا رسول الله حيث
إنهم لم يتجرأوا أن يسبوا. أحد من الصحابة ومنهم أبو عولة بن أبي سفيان فكان عهد التصوف، وإنني أطلب من الدكتور ومن حضرتك أن نخصص حلقات لأئمة التصوف مثل سيدي علي أبي الحسن الشاذلي وسيدي أحمد البدوي وسيدي أحمد الرفاعي. فعلى سبيل المثال، سيدي ابن الحسن الشاذلي تعلم الطب والفيزياء. والكيمياء والفلك وكل العلوم، وعندما حفظ القرآن وتعلم ما يفوق خمسمائة ألف حديث عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: "هنا يأتي دور الشيخ". فذهب إلى العراق ليبحث عن القطب، فقال: "لم أجد أتقى أو
من يدلني على القطب الذي هو في أبو الفتح الوسيلة". قال: بُحِثَ عن القطب في العراق وهو عندكم في المغرب، فذهب إلى المغرب وسأل: "من هو؟"، فقيل له: "السيد عبد السلام المشيش"، فذهب إلى سيدي عبد السلام المشيش. كلما يصعد إلى سيدي عبد السلام المشيش أربعمائة وخمسين مترًا، يُقال له: "انزل واغتسل" أو "اذهب واغتسل"، ثم أتينا مرة واثنتين وثلاثًا، ففي المرة الأخيرة جاء في... قلبه أن يغتسل من العلوم، فطريق التصرف هو طريق الفقر إلى الله سبحانه وتعالى. إن هو يغتسل من كل علم ويأتي بشيخه فقيراً، الذي هو هذا يا مولانا، الذي هو الأدب، الأدب مع الشيخ والأدب مع السادة. فما بالك بصحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لا بد أن... نتأدب لحبهم
واتباعهم لسيد الخلق وسيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم، فبالتالي أطلب من حضرتك أن تتفضل علينا بعمل حلقات عن كبار رجال التصوف والأقطاب هؤلاء لبيان سماحة الإسلام والدين الإسلامي المتمثل في التصوف الإسلامي. وشكراً لك، فإذا سمحت لي، لن ينفعني إلا العلم والتقوى والاجتهاد والمشقة والاستنباط والفهم والإلحاق والمنح والعطاء. وقرآن وسنة، إذا من يتصدى للفتوى لا بد أن يمتلك الأدوات. في نهاية هذا اللقاء الطيب باسم السادة المشايخ
الأجلاء نتقدم بخالص الشكر إلى عالمنا الجليل الأستاذ الدكتور علي جمعة، داعين المولى سبحانه وتعالى أن يمتعه بالصحة والعافية وأن ينفع به الأمة الإسلامية. كنت قد اتفقت في المجلس الأعلى مع... فضيلة الشيخ العزازي والشيخ علاء أبو العزايم أن يكون للسادة المشايخ مداخلات وكلمات في تلك الندوات، وبالفعل كنت قد طلبت من أستاذنا الفاضل الأستاذ الدكتور محمد محمود أبو هاشم أن تكون له مداخلة في هذا اللقاء، ولكن أستسمح سيادتك وأستسمح الحاضرين أن نكتفي بهذا القدر
حتى نستطيع أن نشارك في واجب العزاء لفقيد التصوف. في نهاية هذا اللقاء أتقدم إليكم وإلى المنصة بكل الشكر والتقدير. وإلى أن نلتقي، أدعو المولى سبحانه وتعالى أن يحفظكم وأن يحفظ بكم البلاد والعباد. شكراً.