المنهج الأزهري والمشروع الإسلامي | ج2 | برنامج مجالس الطبيبن | أ.د علي جمعة

المنهج الأزهري والمشروع الإسلامي | ج2 | برنامج مجالس الطبيبن | أ.د علي جمعة - مجالس الطيبين
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه أيها الإخوة المشاهدون والأخوات المشاهدات في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا ومرحبا بكم في حلقة جديدة من حلقات مجالس الطيبين تحدثنا في حلقة سابقة عن المشروع الإسلامي وعن هذا العنوان الذي ينبهر به كثير من الناس وقلنا إن حقيقة المشروع
الإسلامي هو المنهج الأزهري وعندما ظهر هذا الكلام في النصف الأول من القرن العشرين ظهر بهذا المعنى المشروع الإسلامي يتحدث عن العقيدة وعن الشريعة وعن الأخلاق يتحدث عن عبادة الله وعن عمارة الأرض وعن تزكية النفس المشروع الإسلامي كان هو الاسم الذي أطلق على المنهج الأزهري فلا بد لنا أن نعرف حقيقة المنهج الأزهري حتى نعرف
حقيقة المشروع الإسلامي من ناحية ونعرف كيف انحرف به وانحرف به المنحرفون عن المنهج الأزهري، أتذكر جدلا حدث بين رئيس جامعة الأزهر الأستاذ الدكتور السعدي فرهود رحمه الله تعالى وبين أحد المنتمين إلى الجماعات النقاش يبحث في قضية المشروع الإسلامي وأنه هو المنهج الأزهري حتى قال له الشيخ الدكتور السعدي فرهود رحمه الله يبدو أننا ندعو إلى عقيدة واحدة وإلى
شريعة واحدة وإلى أخلاق واحدة لكن الفرق بيننا وبينكم أننا نريد أن نحكم بالإسلام وأنتم تريدون أن تحكموا بالإسلام نحن نريد أن نحكم أي بغض النظر عن من الذي يتولى الحكم لأن الذي يتولى الحكم يجب عليه أن يكون كفؤا لتولي هذا الحكم، يجب عليه أن يدرك ما معنى الدولة، يجب عليه أن يدرك ما معنى مؤسسات هذه الدولة، يجب عليه أن يدرك معنى القوانين وكيف تسير، يجب عليه أن تكون لديه كفاءة كما نص على ذلك النووي وتحدثنا عنه مرارا والجويني والماوردي وجميع علماء المسلمين، لا بد أن يكون كفؤا لهذه القيادة،
ونحن وإياكم نريد أن نحكم بالإسلام، لكنكم تزيدون على ذلك بأننا نريد أن نحكم بالإسلام، سبحان الله! لقد أصبح الفرق بين المنهج الأزهري والجماعات في هذا المجال هو على ما يبدو حرف نحكم فلا نسعى إلى تحصيل كرسي الحكم أو نحكم يعني الذي بيننا وبينه هو كرسي الحكم هذا هو الذي حدث يعني أشعر الحاكم دائما بأن الذي يريد أن نحكم ليس صادقا وإنما هو يريد أن يستولي على الحكم لأن هناك
نموذجا آخر موجود الذي يريد أن يحكم، ولذلك فهو يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويشعر الحاكم حينئذ بأن لهجته صادقة وأنه لا يريد أن يعزله من الحكم وإنما هو ينصحه بأنه لا بد لنا أن نحكم بالإسلام عقيدة وشريعة وأخلاقا وحياة ومبادئ وهكذا، ولذلك أصبح الفارق بين هذا وذاك: هل أنت تريد أن نحكم بالإسلام أو إنك تريد أن نحكم بالإسلام فتكون قد أدخلت نفسك وذاتك في هذه المسألة وتتحمل عواقب هذا الدخول، هذا هو الالتباس. المنهج
الأزهري يرى أن السياسة على نوعين: سياسة بمعنى رعاية شؤون الأمة، والدين هو الذي يقول لنا كيف نرعى شؤون الأمة ليلا ونهارا في كل تفاصيلها. والسياسة الحزبية التي لها ترتيبات معينة نصل بها في النهاية إلى الحكم، السياسة الحزبية لا يتدخل فيها الدين حتى نحسن الإدارة ونحسن الإرادة. تزوير الانتخابات ليس قاصرا فقط على تزوير الإدارة، أي الإدارة التي تتولى الانتخاب تأتي بصناديق فيها أوراق مملوءة جاهزة لطرف دون طرف، هذا تزوير، وهذا حرام بطبيعة
أن الإدارة سليمة مائة في المائة ولم تفعل شيئا من ذلك يبقى عدم تزوير الإرادة لا يجوز أن تنزل وتعطي الواحد مائة جنيه كي ينتخبك لا يجوز أن تنزل وتخدع واحدا بأنك أنت متدين والله أعلم بك لا يجوز أن تنزل وتخدع واحدا بأن أمامنا متدينا فالآخر هذا فاسق لا فأصبحت قد توليت ما يتولاه الله سبحانه وتعالى كأنك وصفت نفسك بصفات الألوهية، كل هذا ضد الإسلام وضد ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم. أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم في عموم الدين بقاعدة، أخرجها أننا نحكم بالظاهر وأن الله يتولى السرائر، هذه
قاعدة عامة فهمت من كل القرآن ومن كل السنة إذا نحن أمام هل تريد أن نحكم أو هل تريد أن نحكم إذا فما المنهج الأزهري هذا الذي اختطف وسمي بالمشروع الإسلامي من أجل أن يكون واجهة نصل بها إلى السياسة الحزبية التي لا يتدخل فيها الأزهر يأتون إذن بآيات من القرآن ومن الأحاديث أن الدين له دعوة بالسياسة، حسنا، ما نحن نقول إن الدين له دعوة بالسياسة، ما هو كل ذلك جائز، ولكن هل له دعوة بالسياسة الحزبية التي تجعلك رئيسا أو نائبا أو هنا أو هناك، أم
أن له دعوة بمعنى أنه يؤسس لرعاية شؤون الأمة في الداخل والخارج، لم يتخل الأزهر يوما من الأيام عن رعاية شؤون الأمة ولما جاء المصريون ليكتبوا ويصوغوا دستورا معينا سنة ألف وتسعمائة وواحد وعشرين واثنين وعشرين فإنه ساهم فيه اثنان من الأزهر وكان أحد هذين الاثنين من لجنة الثلاثين الإمام محمد بخيت المطيعي مفتي الديار المصرية السابق لأن ولايته انتهت ألف وتسعمائة وعشرين وبدأوا في وضع الدستور في اثنين وعشرين وصدر الدستور دستور ثلاثة وعشرين بدؤوا
في الأعمال التحضيرية أواخر واحد وعشرين لكنهم بدؤوا في وضع الدستور تماما في سنة اثنين وعشرين ثم صدر في ثلاثة وعشرين كان هناك اثنان ممثلان واحد من الأزهر وواحد الشيخ محمد بخيت المطيعي عالم الدنيا المنهج الأزهري منهج الأزهر له سند وله علم والعلم له أركانه يأتي بالعلم المعين وبالعلوم المساعدة حتى أن الأزهر قد درس فيه سبعون علما الشيخ الشبراوي لديه إجازات لسبعين علما كان يدرس في الجامع الأزهر والسند السند يفتقده هؤلاء الناس الجماعات كلها تفتقد السند لكن الأزهر
لا يفتقد السند تذهب تقرأ على الشيخ فيعطيك إسنادا، بالقراءة. تذهب تقرأ على الشيخ فيعطيك حديث الأولوية: الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء. الإسناد أولا توثيق، ثانيا بركة، والبركة هذه معناها الأخلاق، معناها توفيق الله سبحانه وتعالى للإنسان، معناها أن الأمور ليست منفصلة ولا متشتتة، معناها إن الإنسان الكامل لا بد له أن يأخذ المنهج الكامل، ومعنى ذلك أشياء كثيرة جدا. هذا الإسناد الذي لا تجده خارج الأزهر، خارج المنهج الأزهري، لأن كثيرا من هذا الإسناد موجود في المغرب، في القيروان، موجود في الزيتونة، موجود في موريتانيا، موجود في
إندونيسيا، في مشارق الأرض ومغاربها، في مكة. في المدينة في الهند يوجد السند، لكن هذا هو المنهج العلمي الذي نسميه هنا في مصر المنهج الأزهري القائم على السند، وللسند وظيفتان: التوثيق والبركة، كلمة ليست غيبية بقدر ما تعني هذه المنظومة الأخلاقية التي يوفق الله سبحانه وتعالى القائمين بهذه العلوم فيها، والأمر الثاني هو العلوم مع العلوم المساعدة هناك علوم مقاصد وعلوم وسائل، هذا التكوين هو الذي كون العقل الأزهري، ثم إن هذا العقل الأزهري يتحدث بهذا السند وبذلك العلم في مجال العقيدة والشريعة والأخلاق، أي في مجال
عبادة الله وعمارة الأرض وتزكية النفس، أي في العلم والعبادة والدعوة، سبحان الله وهكذا وما زال على مر والسؤال هل أخطأ علماء الأزهر عبر القرون؟ الأزهر ميزته أن له ألف سنة خبرة، ولذلك وثق فيه الناس المسلم وغير المسلم، المصري وغير المصري، جميع الناس، جميع الناس السنة والشيعة، جميع الناس وثقت في الأزهر. لماذا؟ لأنه مبني أولا على العلم، وثانيا على الوسطية، وثالثا على إدراك الواقع إدراكا صحيحا. ورابعا على أنه لم يدخل في نزاع مع الدنيا وأنه يريد أن نحكم بالإسلام، لا أن نحكم بالإسلام،
لا نريد منكم جزاء ولا شكورا. هذا هو الأزهر وهذا هو المشروع الإسلامي الذي كان ينبغي أن يكون وينبغي أن يسود وينبغي أن يتبناه الناس، لا أن تسرق هذه الكلمة وتوجه. إلى غير وجهتها وتصبح اللعبة في مجال السياسة الحزبية ولم يأخذ العز بن عبد السلام أو ابن تيمية أو الدردير الحكم إلى لقاء آخر، أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.