النماذج الأربعة للتعايش | 18 - 10 - 2019 | أ.د علي جمعة | مسجد سلطان - سنغافورة

النماذج الأربعة للتعايش | 18 - 10 - 2019 | أ.د علي جمعة | مسجد سلطان - سنغافورة - ندوات ومحاضرات
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ونبيه وصفيه وحبيبه
وخليله، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين. إلى يوم الدين وعلى آله الأطهار وأصحابه الأخيار وأتباعه الأبرار بإحسان يا رب العالمين. يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق
تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون. يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به. والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله
فقد فاز فوزا عظيما أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله وإن خير الهدي هدي سيدنا محمد رسول الله وإن شر الأمور محدثاتها فكل محدثة في الدين بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار. ترك لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المحجة البيضاء التي ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك. ترك لنا كتاب الله وترك لنا سنته وترك
لنا عترة أهل بيته. وضح لنا سيرته العطرة وترك لنا كيف نتصرف في المواقف المختلفة حيث
ما كان المسلم وحيث ما أراد الله له أن يكون. رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مكث في مكة المكرمة نحو ثلاث عشرة سنة، عشرة سنة وهو يدعو إلى الله في وسط أناس يكرهون الإسلام والمسلمين ويشركون بالله ويعبدون الأوثان. كان إذا دخل صلى الله عليه. وآله وسلم البيت الحرام وجد ثلاثمائة وستين صنماً حول
الكعبة من كل اتجاه، لكنه صلى الله عليه وسلم لم يصطدم مع من حوله لأنه يدعو إلى السلام، ويعلّم المسلمين إلى يوم الدين حينما يأذن الله سبحانه وتعالى أن يعيشوا في وسط غير المسلمين، أن يعيشوا إسلامهم وأن لا يتزحزحوا. عنه وأن يتمسكوا بأحكامه دون أن يصطدموا مع الخلق، فهؤلاء الخلق هم أمة الدعوة، دعوة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم. فهم
الذين نرجو الله سبحانه وتعالى لهم الهداية ولهم الصلاح، ولهم أن يعمروا الأرض كما أمر ربنا سبحانه وتعالى، ولهم أن يزكوا أنفسهم من كل ما يعيب، فالمسلم في مكة وكان مجتمعاً مشركاً بكل المعاني، كانوا يشربون الدم وكانوا يقتلون البنات في المهد وكانوا يظلمون العبيد ويضربون ظهورهم ويكلفونهم بما لا يطيقون، وكانوا يتعاملون بالربا والزنا
والفاحشة والخنا، كانوا قوم سوء، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يلمح فيهم الخير فيقول: "خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام". إذا فقهوا كان يدعو الله سبحانه وتعالى أن يُسلِم عمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام بما كان في كل واحد منهما من المعاني والصفات التي يحبها الله سبحانه وتعالى. فأبو جهل مع جهله فيه صفات يحبها الله، ولذلك دخل
رسول الله الكعبة وصلى بها والأصنام منصوبة، لم يكن يوماً... قط ارفعوا هذه الأصنام أو يصطدم مع من حوله في مجتمعه، وجلس هكذا سنين طويلة. جاءه أحدهم خباب بن الأرت وقال: يا رسول الله ألا تستنصر بنا الوادي، يعني نقاتل المشركين. فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى احمر وجهه الشريف من الغضب وقال: إني رسول الله ولينصرني. الله حتى
تسير الضعينة من مكة إلى الحيرة لا تخاف إلا الله والذئب على غنمها، وإن الرجل ممن كان قبلكم كان يؤتى به فيوضع المنشار بين جلده وعظمه لا يصده ذلك عن دينه شيئاً. رفض أن يصطدم بمن حوله من الناس لأن هذا الدين اسمه دين الإسلام والإسلام من السلام والسلام تحية ربنا سبحانه وتعالى للملائكة ولأهل الجنة، والسلام اسم من أسمائه تعالى، والسلام اسم من أسماء الجنة فهي دار السلام، والسلام
تحية المسلم مع الناس أجمعين، والسلام ختام الصلاة تستقبل به الناس كلهم "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته"، بل تستقبل به الأكوان كلها، فعندما تسلم في الصلاة ولو... كنت وحدك فأنت تُسلِّم على الكون بأن العلاقة التي بينك وبينه السلام. هذا الدين الذي دعا إلى السلام ودعا إلى التعايش مع الناس أجمعين، ضرب لنا فيه مثلاً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مكة كيف نعيش في بلاد حتى لو كان أهلها يكرهون الإسلام
والمسلمين، وضرب لنا. مثالاً آخر في الحبشة حيث ذهب الصحابة الكرام مهاجرين في سبيل الله فتلقتهم دولة لا تكره الإسلام ولا تعمل ضده وتعتبره ديناً، ولذلك تركوا المسلمين يعيشون، حتى إن المسلمين هناك أكثرهم لم يعودوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بعدما هاجر إلى المدينة وأصبحت له دولة. واستقلت بنفسها، وعاشوا حتى إن المسلمين في الحبشة اليوم هم أبناء الصحابة الكرام، عاشوا
هناك ودخلوا جيش النجاشي ودافعوا عن أوطانهم وعرفوا معنى أن يعيش الإسلام في دولة لم تجعل سقف هذه الدولة أحكام الإسلام. ثم هاجر صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة فوجد فيها يهوداً ووجد فيها وثنيين. وَوَجَدَ فِيهَا مُسْلِمِينَ مُهَاجِرِينَ وَمُؤْمِنِينَ مِنَ الْأَنْصَارِ وَوَجَدَ فِيهَا طَائِفَةً عَجِيبَةً مِنَ الْمُنَافِقِينَ فَجَمَعَ كُلَّ هَؤُلَاءِ وَهَذَا التَّنَوُّعَ كُلَّهُ فِي دُسْتُورٍ كَانَ أَوَّلَ دُسْتُورٍ عَرَفَتْهُ الْبَشَرِيَّةُ تَحْتَ اسْمِ صَحِيفَةِ الْمَدِينَةِ
وَفِي صَحِيفَةِ الْمَدِينَةِ أَقَرَّ مَفْهُومَ الْمُوَاطَنَةِ وَأَقَرَّ كَيْفَ يَعِيشُ الْمُخْتَلِفُونَ فِي مُجْتَمَعٍ وَاحِدٍ وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلم على رأسهم كانوا جميعاً مثالاً يُحتذى حتى أن الناس قد دخلت في دين الله أفواجاً وهم في المدينة. صمم المشركون على هلاكهم فجاءوا يعتدون عليهم في بدر وهي بالقرب من المدينة، ثم في أُحد وهو جبل المدينة، ثم في الخندق وكان حول المدينة. فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم، القتال من كل مكان،
أذِن لأصحابه في القتال للدفاع عن أنفسهم، "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين". فكان المسلمون مثالاً يُحتذى حتى جلا اليهود من المدينة وأسلم الناس أجمعون، وانتهت ظاهرة النفاق أو كادت، فخلصت المدينة للمسلمين فضربوا. للعالمين أفضل أنواع التسامح، عباد الله، هذا رسولكم يعلمكم حيثما كنتم. طبقوا الإسلام بسهولة وكونوا دعاة إلى الله. يقول فيها: "بلغوا عني
ولو آية". بحالكم قبل قالكم، فإن أنتم فعلتم ذلك فقد اتبعتم المصطفى والحبيب المجتبى صلى الله عليه وآله وسلم، وإن أنتم تركتم سنته ورأيتم لأنفسكم حولاً وقوة. فإنكم تكونون على خطر عظيم. ادعوا ربكم: اللهم صلِّ وسلم وزد وأنعم وتفضل وبارك لجلالك وكرمك على أزيد عبادك وأشرف عبادك سيدنا ومولانا محمد وعلى
آله وصحبه وسلم، ورضي الله تبارك وتعالى عن كل صحابة رسول الله أجمعين. الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على نبيه المصطفى وعباده المختارين من الأنبياء. والمرسلين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله ونبيه وصفيه وحبيبه صلى الله عليه وآله وسلم. فاللهم صل وسلم
صلاةً كاملةً وسلاماً تاماً على نبي تنحل به العقد وتنفرج به الكرب وتقضى به الحوائج وتنال به الرغائب وحسن الخواتيم ويستسقى الغمام بوجهه الكريم وعلى آله وصحبه وسلم يا رب العالمين تسليماً كثيراً. أما بعد، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان المثال الأتم والإنسان الكامل. قال تعالى: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" وقال تعالى: "وإنك لعلى خلق عظيم" وقال تعالى: "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم
الآخر وذكر الله كثيراً، وقال تعالى: قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله، وقال تعالى: وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا، وقال تعالى: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول، فهو الإنسان الكامل الذي إذا ما سرنا على هديه الشريف وسنته المنيفة فإننا نكون في رضا الله وإن خالفناه فالعيب يرجع إلينا والأمر نقول فيه لا حول ولا قوة إلا بالله إنا لله وإنا إليه راجعون فاللهم اغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا
مع الأبرار وأرنا الحق حقاً واهدنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وجنبنا اتباعه واجعل القرآن القرآن الكريم ربيع قلوبنا وجلاء همنا وحزننا ونور أبصارنا وصدورنا، واجعله حجة لنا ولا تجعله حجة علينا، علمنا منه ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا. اللهم انقلنا من دائرة سخطك إلى دائرة رضاك، اللهم افتح علينا فتوح العارفين بك وافتح علينا من خزائن فضلك ورحمتك ما تثبت به الإيمان في قلوبنا. اللهم حبِّبْ إلينا الإيمان وزيِّنه في قلوبنا وكرِّه لنا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين ومن المتقين ومع القوم الصادقين. أعِنَّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. أحيِنا
مسلمين وأمِتْنا مسلمين غير خزايا ولا مفتونين. اللهم كن لنا ولا تكن علينا، فارحم حيَّنا وميتنا وحاضرنا وغائبنا، واجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوماً وتفرُّقَنا. مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقًا مَعْصُومًا وَلَا تَجْعَلْ فِينَا شَقِيًّا وَلَا مَحْرُومًا، اللَّهُمَّ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ اهْدِنَا فِي مَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنَا فِي مَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنَا فِي مَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لَنَا فِيمَا أَعْطَيْتَ، نَسْأَلُكَ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ سَأَلَكَ مِنْهُ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ اسْتَعَاذَكَ مِنْهُ. سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، اللهم يا ربنا استرنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك، واحشرنا في ظل عرشك وتحت لواء
نبيك يوم القيامة، واسقنا من يده الشريفة شربة ماء لا نظمأ بعدها أبداً، ثم أدخلنا الجنة من غير حساب ولا سابقة عقاب ولا عتاب، ومتعنا بالنظر إلى وجهك الكريم. إلى وجهك الكريم آتنا في الدنيا حسنة فاصرف عنا السوء بما شئت وإن شئت وكيف شئت وارزقنا يا رب العالمين علماً نافعاً وقلباً خاشعاً ورزقاً واسعاً وعيناً من خشيتك دامعة ونفساً قانعة وشفاءً من كل داء واهدنا واهد بنا واهد أبناءنا وأهلنا اللهم يا رب العالمين وآتنا في الآخرة حسنة فاصرف ادفع عنا السوء بما شئت واجمعنا على الخير في الدنيا والآخرة، وصلِّ اللهم على
سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون. الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على. الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة،
الله أكبر. الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله