الواقع - درجات المعرفة #26 | د. علي جمعة

أهلاً بكم، اليوم نستكمل مع فضيلة الدكتور الحديث حول الطرق التي يمكن من خلالها للإنسان أو للشخص المسلم تحديداً أن يعيش حياة طيبة. وإحدى هذه الأدوات أو الوسائل هي إدراك الواقع، مفهوم الواقع، كيف يرى المسلم الواقع ويتعامل معه باختلاف هذا الواقع وباختلاف ظروفه. اليوم نتحدث في هذه المسألة. المهمة لنا جميعًا
مع فضيلة الإمام العالم الجليل الأستاذ الدكتور علي جمعة. أهلًا بفضيلتك، أهلًا وسهلًا بكم مولانا. أولًا، كيف نعرف الواقع؟ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. الواقع له تعريف من الناحية الفلسفية، وله تعريف أيضًا آخر من الناحية الاجتماعية والذي يهمنا كثيراً هو الناحية الاجتماعية، أما من ناحية الفلسفة فإن الواقع هو المدرك بالحواس السليمة على ما هو عليه، وهذا معناه أن إدراكنا لما حولنا من عالم ثابت من لدن آدم إلى يومنا هذا، فالجميع منا يرى ويسمع ويتذوق ويلمس ويشم، وهذه هي
الحواس الخمس تدرك الماء، وتدرك الهواء، وتدرك النار المحرقة، وتدرك الشمس المشرقة، وتدرك الشجرة المورقة، وهكذا. وإدراكنا للماء هو كإدراك سيدنا آدم أول الخلق له، وهذا يسمى عند الفلاسفة بالظاهر أو بالواقع. لكن هناك شيء آخر وهو نفس الأمر وهو حقيقة هذه الأشياء، فإذا كنا نرى بأعين رؤوسنا أن الشمس تتحرك في السماء فإن حقيقة ذلك أنها ثابتة ونحن الكرة الأرضية التي تدور حول نفسها، أو إذا كنا نرى الماء سائلاً لطيفاً أكثر ما جعل الله الحاجة
إليه ويسبب الري عند شربه، فإننا نعلم من التحليل الكيميائي أنه مكون من نار الله موقدة، غاز يشتعل والآخر يساعد على الاشتعال، ولكننا تعاملنا معه إنما نقف عند حد الواقع، أما هذا التحليل فنحتاج حتى نفصل الغازين وحتى نعرف هذه الحقيقة إلى أدوات وأجهزة، ليس بمقدور الإنسان أن يمسك بالماء ويحلله إلى طرفين. فالواقع ثابت، الواقع هو إدراك ما حولنا بطريقة ثابتة وبطريقة ظاهرة، أما نفس الأمر فهي حقائق قد نتوصل إليها بواسطة... المجهر التلسكوب والميكروسكوب، فإذا طوينا صفحة الفلسفة هذه ورجعنا إلى علماء الحضارة والأنثروبولوجيا وعلماء من
يتكلمون في العلوم الاجتماعية والإنسانية، فإن الواقع عندهم مكون من عوالم. هذه العوالم يفصلونها من أجل الدراسة الدقيقة وحتى يعلموا ما بينها من علاقات، ويقولون عادة أن الواقع مكون من أربعة عوالم، بعضهم يجعلها خمسة بعضهم يجعلها ثلاثة لكن في الجملة يقولون إنها أربعة عوالم: عالم الأشياء، وعالم الأشخاص، وعالم الأحداث، وعالم الأفكار. ويزيد بعضهم عالم النظم، وبعضهم يجعل كل هذه الأربعة هي النظم التي تكتنف النظام، فلا يكون النظام قسماً خامساً بل يكون حقيقة الواقع أنه يسير بنظام معين سياسياً واقتصادياً
واجتماعياً. وكذا إلى آخره، فإذا سرنا وراء هذا المفهوم وهذا التعريف الذي لا بأس به في إدراك ما حولنا، ورجعنا مثلاً إلى المسلمين وإلى فقههم وإلى عقائدهم وإلى تراثهم، سنجد أنهم عندما تكلموا عن الفتوى تكلموا عن إدراك هذا الحال الذي نعيش فيه وكوّنوه من أننا نعيش معه. زماناً ومكاناً وأشخاصاً وأحوالاً، يعني جعلوها مربعة أيضاً في هذا المجال، وقالوا إن الفتوى تتغير بتغير هذه الأربعة، وأنه يجب على المفتي أن يدرك النص الشريف أو النص المقدس، والنص أيضاً الموروث من نتاج البشر، ويجب
عليه أن يدرك ما حوله من هذا الواقع، حتى أنهم سمّوا الفتاوى بالوقائع نسبةً. إلى الواقع واسمع الفتاوى بالنوازل نسبة إلى النازلة أي نزلنا من علياء النص إلى حقيقة الواقع المعيش الذي حولنا المحيط بنا، فالوقائع والنوازل وهكذا إلى آخره هي أسماء لإيقاع النص الشريف على الواقع النسبي المتغير المتدهور في بعض الأحوال، المتطور في بعض الأحوال، المختلف في أحوال كثيرة إلى آخره، فينبغي. على المفتي أن يدرك النص وأن يدرك الواقعة وأن يدرك وتكون عنده ملكة وليس فقط محض الإدراك كيفية الوصل بينهما، وضابط ذلك أن يعلمه ويدرك وأن
تكون عنده ملكة للضبط في إنزال المطلق على النسبي، في إنزال النص على الواقع، في مراعاة هذا المعنى. النص المطلق يتحمل كل الوقائع وهذا. هو إعجازه وهذا هو الذي جعله محجة بيضاء وهذا هو الذي جعله حجة على العالمين وهذا هو الذي جعله معجزاً في ذاته وهذا الذي جعله معجزة الرسالة أنه صالح لكل الوقائع ويحقق بها مرادنا وما مرادنا. ندرسه في كيفية الوصل بين هذا الواقع وبين هذا النص الشريف فإذا ما ذهبنا إلى هذه الوصلة فوجدنا أنها تحقق المقاصد الشرعية والمصالح المرعية للبشر، وتراعي الإجماع، ولا تخرج عن اللغة العربية، وتحقق المآلات التي
ينبغي أن نراعيها عندما نفتي فتوى معينة أو عندما نوقع حكماً معيناً في الواقع. إذاً فلا بد من فهم النص، ولا بد من فهم الواقع، ولا بد من... مراعاة هذه المكونات للجسر فيما بين النص والواقع هو المكتوب في كتبنا عند الإمام القرافي، هذا هو المكتوب عندما يؤلف كتابه "الأحكام"، يعني الأحكام المجردة والفتاوى التي جعلت الواقع جزءاً منها، أو كتابه الماتع الآخر "الفروق"، فيفرق بين أمور كلها نظرها على تغيرات
الواقع وتشابكات الوقت، ومن هنا كنا في... حاجة إلى قبول ما ذهب إليه الدارسون الاجتماعيون في تحليل هذا الواقع إلى تلك العوالم. هيا بنا إذن نخوض في تفاصيل هذه العوالم التي يذكرها مالك بن نبي في كتبه وهو يتحدث عن الحضارة نقلاً عن غيره. فعالم الأشياء، عالم الأشياء الحقيقة أنه كان عالماً يمكننا أن نقول إنه شبه كانت تتم بعشرات الآلاف من السنين في حياة البشر عندما انتقل البشر من الاستعمال اليدوي مع الكون إلى الاستعمال الحجري، حيث صنع سكيناً
من حجر، أو صنع له أداة يستطيع أن يكسر بها الجوز أو اللوز حتى يأكل ثمرته، فيسمونه العصر الحجري. وقد وجدنا آثاراً في الكهوف وفي الوديان. وفي العالم خلال هذا العصر الذي لم تظهر فيه بعد المعادن كالنحاس والحديد والبرونز والذهب والفضة، كل هذه المعادن لم تبرز بعد، لكن الإنسان كان وحيداً خالي اليدين، ولكنه بعد ذلك استعمل حتى الحجر، ثم انتقل إلى التعدين، وهنا دخلت قضية النار التي استطاعت أن تذيب الأحجار وأن تحولها. إلى معادن وهذه المعادن
بدأنا في استعمالها في هذا العصر الحجري لأجل أن ننتقل فيه إلى العصر المعدني، وهذا الانتقال يستغرق عشرات الآلاف من السنين. ولكن إذا تأملنا في الأشياء التي كانت متاحة عندما يأتي أحد من الفراعنة فيخترع العجلة الحربية ويستطيع أن يطرد الهكسوس بها مثل أحمس وغيره. هذه نقلة نوعية، أي أنها تُحدث نقلة نوعية وثورة علمية تنقل الأفكار من جيل إلى جيل. طوال عمرنا نسير وتسير البشرية في بنائها على الهندسة الإقليدية نسبة إلى إقليدس، لكن بعد ذلك حصلت ثورة معرفية عندما جاء نيوتن بقوانين
الميكانيكا وبأن كل فعل له رد فعل مساوٍ له في المقدار له في الاتجاه جاء نيوتن من أجل أن يكتشف الجاذبية، جاء نيوتن من أجل أن يخرج من الرياضيات الفيثاغورية أو الإقليدية إلى عالم آخر. ديكارت عندما بدأ في معرفة المحاور الديكارتية، المحور السيني والصادي أو إكس وواي وما إلى ذلك، فأدخل بعداً ثالثاً في النسبية للرياضيات، وكانت نقلة نوعية تبقى. إلى أنه يظهر مدرسة آينشتاين النسبية التي تدخل الزمن في العناصر الثلاثة الموجودة حولنا فتصبح هناك ثورات وثورات حسناً، أستأذن فضيلتك معنا بعد الفاصل. بعد هذا التعريف لمفهوم الواقع وإدراك الواقع، ما
هي الطريقة التي يمكن من خلالها للمسلم في هذه الفترة التي نعيش فيها أن يفهم الواقع ويتماشى معه خاصة بعد أن رأينا عدداً ليس بالقليل للأسف من المسلمين ينفصل عن هذا الواقع انفصالاً تاماً ويشذ في الطريق إما في أقصى اليمين أو في أقصى اليسار. بعد الفاصل إن شاء الله ابقوا معنا. أهلاً بكم مرة أخرى مولانا. المسلم أو بعض المسلمين في هذه الفترة ربما تختلط أمامهم. الأوراق ويصعب عليهم إدراك الواقع فنراهم يسيرون في بعض الاتجاهات أو ينجذبون ويكون سهلاً اكتسابهم إلى اتجاهات ما نتيجة لعدم إدراكهم للواقع الذي يعيشون فيه وواقع الأمة وواقع الحياة في هذه الفترة. أولاً
مولانا، ما هي الأسباب التي أدت بهم إلى هذا الحال؟ ثم كيف نقي أنفسنا ونقي الشباب المسلم؟ من هذا الأمر كما قلت لك أن التطور كان يتم ببطء عبر آلاف السنين وقد يكون عشرات السنين أو مئات السنين ولم يكن يتم فجأة، لكن إذا ما نظرنا إلى الحالة التي كان يتعامل معها سيدنا عمر في عالم الأشياء نجد مثلاً كيف كان يلبس ثياباً من أي شيء هذه كانت مصنوعة على النول فهي مصنوعة على النول من اليابان حتى طنجة، كل الأرض ليس لديها إله يصنع الملابس إلا هذا. يعني قمة التطور أن يكون لديه قماش وأن
يكون لديه خياط يصنع له شيئًا أو يفصل له شيئًا. هذا الكلام يجعله إذا ما أراد. أن يسافر ويستعمل إما الإبل وإما الحصان وإما غير ذلك، واستعماله للإبل والحصان استعماله مع كائنات حية تحتاج إلى الشرب والأكل وتحتاج إلى الراحة وتحتاج إلى تعامل مع الحياة. كان تعاملهم مع الكون هكذا، متعاملين مع الكون، كانوا يربون طيوراً ويربون حيوانات في أماكن معينة، وكانت هذه الحيوانات تريد أن ما هو يتعامل كما نتعامل اليوم مع السيارة التي لا تريد أن تأكل ولا تشتكي ولا حتى تئن كما قال عنترة بن شداد "فزور من
وقع القناة بلبانه وشكا إلي بعبرة" أي أن الفرس شكا إليه. هذا الشعور تطورنا فيه وأصبح منذ سنة ألف وثمانمائة. وثلاثين ابتدأ الإنسان يغيّر حياته. أهل الحضارة يحسبون القرون بعلامات فارقة، يعني ليس أن القرن بدأ ألف وثمانمائة، بل يقول لك مثلاً إنه بدأ ألف وسبعمائة وستين. ألف وسبعمائة وستون هي الثورة الصناعية الكبرى التي دخلت فيها الآلة في إنجلترا. وفي ألف وثمانمائة وثلاثين حدثت ثورة. ثانيةً وهي دخول الحديد في السفينة، وهنا تغير وجه العالم. السفينة التي كانت مصنوعة من الخشب
ويمكن أن أضربها بالمنجنيق فتشتعل، أصبحت مصنوعة بالحديد، ولذلك عندما أضربها لا تشتعل ولا تغرق. ومن هنا أصبح الأسطول الإنجليزي غازياً للعالم، قادراً على أن يغزو ويذهب من الشرق إلى الغرب، وتصبح هذه الإمبراطورية. التي لا تغيب عنها الشمس، كل هذا لأن الحديد دخل في السفينة، فتُعَدُّ هذه علامة فارقة. يوم أن دخل الحديد في السفينة حدثت تغيرات اجتماعية وفكرية ودينية في العالم. حدثت قبل ذلك أشياء مع مارتن لوثر مع البروتستانت مثلاً، لكن في هذه السنة أغلقت الكنيسة الكاثوليكية محاكم التفتيش في هذه في عام ألف وثمانمائة
وثلاثين، توفيت آخر امرأة من السكان الأصليين في عصر المستعمر الأبيض لأستراليا، وهذا يعطيني دلالات معنوية: ما معنى الاستعمار؟ ما معنى السكان الأصليين؟ ما معنى الحقوق الموروثة؟ ما معنى الحقوق المكتسبة؟ ومعانٍ أخرى لم تكن موجودة من قبل، حيث إن إبادة الشعوب لم تكن في الخطة. البشر من قبل أصبح بعد ذلك هناك خطة إبادة الشعوب. وُزعت البطانيات المسمومة على الهنود الحمر في أمريكا من أجل القضاء عليهم، وسُمّمت موارد المياه. هذا كلامهم هم منشور كله. سُمّمت موارد المياه من أجل القضاء عليهم. حتى اليوم، السكان الأصليون للأمريكتين لا يتجاوز عددهم نصف مليون، وقد أبقوا عليهم تُصوِّر أفلام هوليود
مفهوم القضاء على البشرية بهذه البشاعة، وهو مفهوم لم يكن موجوداً من قبل. لم تكن طريقة الإبادة هذه موجودة. فعندما احتل نبوخذ نصر القدس، أخذ اليهود معه إلى أماكنهم، أي - كما تلاحظ - لم يُهلكهم. أما هذا الفكر المدمر، والمغلف فيما بعد بحقوق الإنسان وحقوق النساء لم يعن هذا كلامًا جديدًا على البشرية، ولكن عليه علامة موت آخر امرأة من تسمانيا في أستراليا كآخر سكان أصليين. في عام ألف وثمانمائة وثلاثين بدأت تنهال على البشرية الاختراعات. أديسون
مخترع ألف ومائة اختراع من بينهم المصباح، ومن بينهم قوة البخار، ومن بينهم أشياء كثيرة جدًا. فرانكلين ابتكر الصاعقة تتطور الأمور تطوراً فظيعاً حقاً. كانت هناك علامة فارقة قبل ذلك مع المطبعة، لكنها لم تكن بهذا الشكل. في عام ألف وثمانمائة وثلاثين، انظر إلى العلامات التي تجعلنا نتوقف. عام ألف وثمانمائة واثنين يُعد نقطة فارقة في تاريخ البشرية، حيث ظهرت أول صحيفة للفضائح في الولايات المتحدة الأمريكية، وإذ بها وبدأ الناس يبحثون عن فضائح الآخرين، وأغلب هذه الفضائح كذب أو سب وقذف،
أو في معظمها كشف لما كان ينبغي أن يظل مستوراً، وهو ما نسميه في ديننا "يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا". وهذه الفاحشة في الذين آمنوا هي سبب نجاح الصحيفة وقوة انتشارها. صدرت الصحيفة رقم اثنين في الفضائح سنة ألف وثمانمائة وواحد وثلاثين، أي بعد سنة واحدة. كل هذا الكلام مسطور ومعروف ويُدرس. هذه الصحيفة كانت تُطبع على ورق أصفر، فأطلقنا عليها "الصحافة الصفراء". الصحافة الصفراء تعني صحافة الكذب، صحافة الفضائح، صحافة فتش المستور، صحافة إشاعة الفاحشة، وهكذا كل... هذه علامات تجعل أننا داخلون
على جو وداخلون على وقت مختلف عن الأوقات السابقة. ألف وتسعمائة وثلاثين انتهى البشر من اختراعاتهم في هذه الفترة، اخترعوا الطائرة، واخترعوا السيارة، واخترعوا قطار السكة الحديد، واخترعوا التلفاز، واخترعوا الراديو، واخترعوا التصوير، واخترعوا السينما، واخترعوا كل شيء، كل شيء، واخترعوا الهاتف، واخترعوا حسناً. نُنهيها في هذا الكلام في أي شيء اكتشفوا واخترعوا الاتصالات والمواصلات والتقنيات الحديثة التي تجعل الإنسان لا يعيش أمسه في يومه ولا يعيش يومه في غده، ومن هنا جاءت حقيقة جديدة وهي أننا أصبحنا في الجوار. ماذا يعني الجوار؟ يعني
أصبحت الأرض بدلاً من أن يأتيني الخبر من إنجلترا بعد أصبح حدوثه فوراً عبر التلغراف والتلكس والهاتف. صرنا نعيش سوياً، نعيش في الجوار، أي نعيش معاً. وأخذت هذه المعيشة تزداد باستمرار دون توقف، إلى أن جاء الهاتف المحمول من عام ألف وتسعمائة وثلاثين إلى يومنا هذا. ونحن مستمرون في التطور بشكل كبير إلى أن ظهرت الكاميرا المحمولة وأصبح هناك بث الحادي عشر من سبتمبر، هل تراها سيادتك هنا، والأمريكيون لم يستيقظوا بعد ولا يعرفون ما الذي يحدث، وأنت هنا تعرف ما الذي
يحدث، وأصبحنا هنا في الجوار نعم، وأصبحنا نعيش مفهوم "جلوبال فيلدج" أو القرية العالمية الواحدة، وهذا غيّر من العلاقات الاجتماعية، غيّر من الوقائع، غيّر من المصالح، غيّر من أشياء كثيرة جداً سنراها. وبعد ذلك تقول لي لماذا لم يدرك بعض المسلمين هذا التغير أو لماذا يبتعدون عن الواقع في هذه الفترة؟ في عام ألف وثمانمائة وثلاثين أدرك الغرب أن ثمة شيئاً يتغير وأن الواقع من غير وحي يحتاج إلى دراسة، فأنشأ مجموعة كبيرة انفصلت عن الفلسفة تسمى بمجموعة الإنسانية والاجتماعية نحن لم نفعل هكذا وهذا كان أول سبب لأن المسلم يخرج مستغرباً
هذا الواقع فيريد أن ينسحب. طيب أستأذن حضرتك يا مولانا أن نستكمل هذا الحديث المهم وهو أن نعدد باقي الأسباب حول انفصال العقلية المسلمة عن عالمها المحيط بها في العصر الحالي في بعض المواقف طبعاً و... يمكن أن نعمم إطلاقاً يعني، ولكن سنقرأ هذا بأمر الله مع فضيلتك في حلقة قادمة إن شاء الله. أشكرك مولانا، شكراً إن شاء الله، شكراً لحضرتك، شكراً
للمشاهدة.