امض في طريقك لا تلفت | خطبة جمعة بتاريخ 2006 06 09 | أ.د علي جمعة

امض في طريقك لا تلفت | خطبة جمعة بتاريخ 2006 06 09 | أ.د علي جمعة - خطب الجمعة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ونبيه وصفيه وحبيبه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين، اللهم صل وسلم على سيدنا محمد في الأولين وصل وسلم على سيدنا محمد في الآخرين وصل وسلم
على سيدنا محمد في العالمين وصل وسلم على سيدنا محمد في كل وقت وحين وعلى آله الأبرار الأطهار وأصحابه الأخيار وأتباعه بإحسان إلى يوم يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما أما
بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله وإن خير الهدي هدي سيدنا محمد رسول الله وإن شر الأمور محدثاتها فكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وبعد فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق وأمرنا ربنا سبحانه وتعالى بمكارم الأخلاق وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب جلائل الأخلاق ومكارمها ويكره سفاسفها ودنيئها تركنا على المحجة البيضاء علمنا الأدب مع الله علمنا الأدب
مع النفس علمنا الأدب مع الآخرين والمتأمل في كتاب الله سبحانه وتعالى يرى خلق المحاورة وينهى ربنا سبحانه وتعالى بدرجات كثيرة وفي أنواع شتى عن السخرية بالآخرين ويجعل السخرية نوعا من أنواع الظلم ولا يبيحها إلا كما أباح رد العدوان فرد العدوان ليس من العدوان وإن سميناه عدوانا فمن قبيل تسمية الشيء بجزائه فإن هذا الرد إنما هو كان جزاء للعدوان الذي اعتدى علينا وجزاء
سيئة مثلها، وهذه التي نرد بها السيئة ليست بسيئة وإنما كان الأمر على سبيل إيقاف العدوان وصد الطغيان. ومما نهانا الله سبحانه وتعالى عن السخرية بالآخرين وجعل الله السخرية بالآخرين نوعا من أنواع الظلم وصفة من صفات المجرمين، ولذلك نرى الكاتبين الذين يسخرون من الإسلام وأهله ومن سنة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومن آدابه التي أخرج بها الناس من الظلمات إلى النور نرى أولئك وقد
يكونون من المؤمنين الغافلين الفاسقين وقد يكونون من الكافرين الذين لا يؤمنون لا بالله ولا بوحي ولا بنبي ولا برسول ولا بكتاب نرى أولئك عبر التاريخ يسخرون ونرى المؤمنين الذين التزموا بأخلاق سيد الخلق صلى الله عليه وآله وسلم لا يسخرون، ربنا سبحانه وتعالى يعلم المؤمنين عن طريق سيد المرسلين يقول يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن
يكن خيرا منهن ولا لا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون، نهانا ربنا عن السخرية بالمؤمنين في ذواتهم وفي أفعالهم وفي أفكارهم وفي آرائهم، نهانا ربنا أن يسخر الرجال من الرجال أو النساء من النساء، ونبهنا ربنا سبحانه وتعالى إلى ذلك وأمرنا بالتوبة إن وقعنا فيها كما قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم لسيدنا أبي ذر رضي الله تعالى عنه إنك امرؤ فيك جاهلية عندما سخر من بلال رضي الله تعالى عنهما، يقع الإنسان في ذلك على سبيل العرض وقد يتمكن منه ذلك فيصبح مرضا وسواء أكان على سبيل العرض أو على سبيل المرض فإنه يجب عليه أن يبادر بالتوبة وأن يستغفر ربه وأن يتأسف لمن سخر منه واللمز والغمز ورمي الكلام بالسخرية من المؤمنين ثم من الأحكام الشرعية ثم من سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم إنا كفيناك المستهزئين
الذين يجعلون مع الله إلها آخر فسوف يعلمون أمرنا، ربنا بألا نؤذي أولئك وأن نتركهم جانبا وأن نستمر في طريقنا ويكون هدفنا هو الله وأن يكون الله هو مقصدنا، هو مقصدنا وأن يكون الله سبحانه وتعالى هو غايتنا وأن يكون الله سبحانه وتعالى، لا نعلم ربا سواه ولا نعبد إلا إياه فالحمد لله الذي جعلنا أيها الذين آمنوا خطاب للمؤمنين، خطاب لمن صدق بالله ورسوله ولكنه غفل عن نفسه فسخر من أخيه، فحينئذ يجب عليه أن يبادر بالتوبة، فإن لم يفعل
فقد ارتضى لنفسه أن يكون في دائرة الظالمين، والظلم ظلمات يوم القيامة، وربنا سبحانه وتعالى يتحدث عن أولئك الأفراد الذين يسخرون من المؤمنين حتى في مجتمعات الإسلام فيقول إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون، إذا هناك أفراد من المجرمين وأفراد من المؤمنين. إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون، وإذا مروا بهم يتغامزون، وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين، وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون، وما أرسلوا عليهم حافظين، فاليوم الذين من الكفار
يضحكون على الأرائك ينظرون هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون، ولكن في بيئة وفي زمن يسخر الملأ أهل القرار النخبة من المؤمنين، يضرب لنا الله الأمثال ويقص علينا القصص، وفي قصة نوح يقول ربنا سبحانه وتعالى ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا
نسخر منكم كما تسخرون يعني فيه رد للعدوان ورفع للطغيان ومحاولة للإسكات لكنه ليس من شأن المؤمن أن يبدأ بالسخرية ولم يفعلها إذا هناك سخرية من الملأ ويصنع الفلك وكلما مر به ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم، رد عليهم نوح لكن بأدب راق لا يقصد السخرية منهم في أنفسهم
ولكن يقصد أن ينصر قضية الله سبحانه وتعالى. إذن فهذا ديدنهم منذ القدم، لم يكن في عصر نوح فحسب ولا في عصر النبي فحسب ولا الآن فحسب، هذا عنوان. إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون، عنوان الضحك والسخرية والاستهزاء، عنوان العلاقة بين أولئك الذين يدعون أنفسهم من النخبة فيسخرون من سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بكثير
من الادعاءات، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون. ماذا يعلم أكثر الناس؟ يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون، السخرية ليست من خلق المؤمن. ماذا نفعل؟ فعل المرسلون من قبل تجاه أولئك المقاطعة. إذا عرفت من أحدهم هذا وعرفت أنه تحول من عرض إلى مرض إذا كان مؤمنا، أو من حد المودة إلى حد الإجرام إن كان غير مؤمن، أو من
حد المفاصلة والعدوان إن كان من الملأ فعليك أن تقاطعه، لا تقرأ له، لا تشتري الصحيفة التي يكتب فيها، لا تستمع إلى كلامه لأن كلامه من اللغو. هذه المقاطعة ولأنهم لا يريدون إلا الدنيا هي أشد عليهم من كل شيء، هم يريدون الشهرة، هم يريدون الصدارة، ليست لديهم قضية يدافعون ولذلك فعلموا أنفسكم هذه المقاطعة الاختيارية، نحن نعيش معهم في مجتمع واحد فلنختر ما نشاء وليفعلوا ما يشاءون،
فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، وحينئذ فلا تقعد معهم حتى يخوضوا في حديث غيره، وحينئذ فقاطعهم واعتزلهم، فإنك إن فعلت ذلك كنت حاميا لنفسك قاتلا لغرورهم مربيا لهم مبلغا رسالة ولو على سبيل الترك والتخلي وسر في طريقك، علموا أبناءكم حب رسول الله وأخلاق رسول الله، علموا أبناءكم كيف يصبروا وكيف تتسع
قلوبهم للعالمين وكيف يميزوا بين المسائل والقضايا وأن قضيتنا هي الدعوة إلى الله، سر على بركة الله ولا تلتفت فإن الملتفت لا يصل، ادعوا ربكم. الحمد لله والصلاة والسلام. وأصلي وأسلم على سيدنا رسول
الله وآله وصحبه ومن والاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ونبيه وصفيه وحبيبه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وجاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين، فاللهم يا لا تجعلنا مع القوم المجرمين ولا تجعلنا نضحك كما ضحكوا إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون اللهم اجعلنا نضحك يوم القيامة في جنتك يا أرحم الراحمين ونحن ننظر من الأرائك إلى ما كانوا يفعلون اللهم يا ربنا اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا ويسر أمورنا اللهم يا ربنا اهدنا فيمن وعافنا
فيمن عافيت وتولنا فيمن توليت وبارك لنا فيما أعطيت، اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم، إنك أنت الأعز الأكرم. اللهم يا ربنا يا كريم يا واحد يا أحد يا فرد يا صمد، حرر لنا أرضنا واحم عرضنا. اللهم تقبل الشهداء عندك يا أرحم الراحمين واغفر ذنوبهم واستر عيوبهم. وشفعهم فينا يا رب العالمين، اللهم أرنا الحق حقا واهدنا لاتباعه، وأرنا الباطل باطلا وجنبنا اتباعه، ومكن لنا في الأرض كما مكنت للذين من قبلنا، وأعنا على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولله عاقبة الأمر من قبل ومن بعد يا أرحم الراحمين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وأدخلنا
الجنة مع الأبرار يا عفو يا غفار نور قلوبنا واغفر ذنوبنا واستر عيوبنا واجعل ألسنتنا تلهج بذكرك واحشرنا تحت لواء نبيك يوم القيامة واسقنا من يده الشريفة شربة ماء لا نظمأ بعدها أبدا ثم أدخلنا الجنة من غير حساب ولا سابقة عذاب ولا عتاب ومتعنا بالنظر إلى وجهك الكريم، اللهم يا ربنا فهمنا مرادك من كتابك وأقمنا بالحق وأقم الحق بنا واجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا وجلاء همنا وحزننا واجعله حجة لنا ولا تجعله حجة علينا، علمنا منه ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وكن لنا ولا تكن علينا، ارحم حينا وميتنا وحاضرنا. وغائبنا يا رب العالمين واجعل جمعنا هذا جمعا مرحوما وتفرقنا من بعده تفرقا
معصوما ولا تجعل فينا شقيا ولا محروما وصل اللهم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم في الأولين وفي الآخرين وفي العالمين وفي كل وقت وحين وجازه عنا خير ما جزيت نبيا عن أمته واحشرنا تحت لوائه يوم القيامة وانفعنا به في الدنيا وفي الآخرة واجعله رحمة لنا يا أرحم الراحمين أقيموا الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون